رقم العضوية : 41971
تاريخ التسجيل : 06Jun2009
المشاركات : 3,465
النوع : ذكر
الاقامة : heliopolis
السيارة: ......
السيارة[2]: sieena
دراجة بخارية: no
الحالة :
لا يختلف اثنان علي أن ما حدث في مصر فاق كل التوقعات, وكان أكبر من أكبر حلم وأمل حتي هؤلاء الأكثر تفاؤلا من غيرهم .. تلك الشعلة التي تجعل المرء يعتز بنفسه ووطنه تكالبت عليها الظروف حتي كانت تنتهي, وها هي تعود لتتوهج مرة أخري وسط هذه الحماسة والرغبة في بناء بلد نعشقه.
يلح سؤال علي كل أم.. كيف أربي أبنائي.. وكيف أسهم في خلق جيل يلفظ الديكتاتورية ويستحقه بلدنا الجديد؟
في غرفة المعيشة الدافئة جلست الأم تراقب طفليها وهما يلعبان في تلك الساعات القليلة قبل أن يخلدا إلي النوم بعد سماع قصة قصيرة بكلمات مطمئنة من والدتهما تماما, كما يحدث كل يوم.
ظلت الأم تنظر إليهما وتتأمل.. ودار بخلدها سؤال ظل يطرح نفسه: ماذا أحكي لطفلي الليلة؟
هل أخاطبهما كما هو معتاد كل يوم أم أن ما يحدث علي أرض بلادي يحتاج إلي خطاب مختلف وهل يجب أن تختلف القيم والمبادئ التي كنت أحاول كل يوم غرسها فيهما من خلال حكاياتي.. أم أن اليوم وأمس وغدا سواء؟.
ليست تلك الأم حالة استثنائية عن غيرها من الأمهات المصريات.. فالعديد منهن أدركن بفطرة نقية وبتلك الغريزة التي وضعها الله.. في كل أم لحماية أبنائها وبذل الجهد لإعدادهم لكي يشبوا قادرين علي التفرد والنجاح والتميز, كثير من الأمهات أدركن أن عالم الأمس الذي نشأن هن فيه يختلف كثيرا عن ذلك المستقبل المشرق الذي سينشأ فيه الأبناء, ويتشكل وجدانهم, وأدركن أيضا أن مهمتهن كأمهات لا يعقل أن تقتصر علي العطف والحنان والحب وتوفير الأمن والغذاء والكساء,
وسائر ما كان متعارفا عليه من قبل, وإنما يجب أن تتضمن إعداد هذا الجيل القادم لكي يصبح جزءا متناسقا متناغما في هارمونية واضحة مع بلاد ديمقراطية عادلة عطرة, يعملون فيها ويبذلون الجهد الوطني والاجتماعي في صفحة جديدة تضمن أن من يبذل الجهد, يلمس النتائج .. وأن العمل لا يضيع هباء أو هدرا بعد انحسار الفساد والمحسوبية وأشباههما.
التربية أصبحت تستلزم إعداد نشء جديد يعي قيمة العمل الاجتماعي والوطني, ويفهم ماهية المشاركة السياسية وكيف يجمع المواطن بين أمور كانت تعد من قبل أضدادا وذلك قبل أن يختلف الحال منها السياسة من جانب والصدق والعدل من جانب آخر.. كيف يتعلم قول قبول الآخر والإنصات..
وكيف يصبح مواطنا يعرف قيمة الديمقراطية الحقيقية ويطبقها.
ـ تساؤلات عديدة تجيب عليها ا.عزة تهامي الخبيرة في علم التربية والمستشارة بجمعية وطنية لتنمية وتطوير دور الأيتام والتي سردت العناصر الأساسية والخطوط العريضة لكل أم أو ولي أمر حريص علي أن ينشأ طفله بفطرة سليمة تنبذ الفكر الديكتاتوري وتبرز الطاقات الايجابية, وفي هذا الصدد تعددها كالتالي:
1 ـ القدرة علي الاستماع والإنصات: للأسف كثيرا ما نغفل عندما نتعامل مع رأي الطفل بسطحية وعدم اهتمام وانصات جيد, أننا نغرس بداخله ذات الصفة السيئة, وأننا نعلمه ألا يستمع إلي من أمامه.. الإنصات مهم للغاية والإنصات هنا معناه أن يشغل الإنسان نفسه أثناء حديث من أمامه باستيعاب ما يقول بدلا من التفكير وذلك الوقت في الطريقة المثلي لدحض حجته وإظهاره في صورة المخطيء, فرأي المرء صواب يحتمل الخطأ ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب, وانتهي عهد حوار الطرشان.
2 ـ الاعتراف بالخطأ علي الملأ : من أهم الوسائل التي يمكن أن تزرع داخل أبناءنا الديمقراطية وقبول الآخر هي إظهار تلك المرونة النفسية لدي الكبار أمام الصغار فيما يتعلق بالآراء, وكتدريب عملي يجب أن تحرض الأم والأب خلال النقاش أن يتم ذلك علانية أمام الأبناء, وأن يظهر أي طرف منها كل حين وآخر فهمه وقبوله للخطأ من جانبه.. فالقدوة هنا مربط الفرس.
3ـ الشوري وتبادل الآراء: صحيح أن الأب والأم لهما اختصاصهما ومسئوليات فيما يتعلق باتخاذ القرارات للأسرة, إلا أنه من المفيد للغاية في هذا الصدد أن يتم تعويد الأبناء علي المشاركة في نقاشات تتعلق بقرارات الأسرة شكل عام, كاختيار مدرسة جديدة أو الانتقال من منزل لآخر, وأخذ آرائهم في الاعتبار ..
فمن الأخطاء الشائعة لدينا الخلط ما بين الحسم والاستبداد .. فالحسم مطلوب وهو الإصرار الهادئ علي تنفيذ قواعد تراعي مصلحة الجميع, وليس أحدا دون الآخر والحسم براء من الصوت العالي أو العنف .. أما الاستبداد فهو الإصرار علي وجهة نظرواحدة بدون مشاركة في الرأي, مهما بدا لولي الأمر أن رأيه هو الأصوب.
ويجب هنا الإشارة إلي أن الخطأ ليس في كلمة لا .. علي طول الخط, وإنما أيضا في حالة التدليل المفرط والاستجابة لمطلب الأبناء علي طول الخط بدون مناقشة موضوعية ووضع المص لحة العامة في الاعتبار.
4 ـ تربية الطفل علي الرقائق: يجب الاهتمام بإشراك الطفل في أنشطة تتضمن مساعدته المحتاجين والاهتمام بالضعاف وكبار السن وغيرهم من الفئات المهمشة أو الأكثر احتياجا, فهذا من شأنه كسر خصال التكبر والتعالي, وهما من أهم ركائز الديكتاتورية, احكي لطفلك قصصا من التراث والواقع لترقيق القلب ولإشعاره بأن الظلم له نهاية وأن المغنم الحقيقي هو في الاهتمام بالغير وإدراك الأمور بنظرة أوسع.
5 ـ المشاركة في العمل العام: من المهم تعليم الطفل منذ الصغر أهمية الاندماج في العمل الجماعي, ومن هنا يرتبط بمجتمعه ويتعلم التعاطف مع الآخرين ويتفهم قيمة ومعني العمل الجماعي لا الفردي وربما يكون في ثورة 25 يناير نموذج يدلل علي هذا الأمر,
حيث لم تكن لتحدث تلك التغيرات الضخمة بجهد فرد أو مجموعة قليلة وإنما كانت العبرة بتحرك جماعي أحدث التأثير المطلوب وحقق النتيجة الكبري, ولكن يجب التركيز علي أن الطفل هنا يستوعب الأفكار لا بذكرها فحسب وإنما برؤيتها مطبقة, ومن هنا يجب أن تمثل الأم والأب نموذجا مرئيا للطفل في مسألة العمل الاجتماعي.
6 ـ زرع الصدق والعدل: يكاد يكون من المستحيل أن تجتمع الديمقراطية مع الكذب والظلم, ومن هنا لكي يتذوق الإنسان حلاوة مذاق الديمقراطية يجب أن ينشأ مع قيم الصدق والعدالة والطفل يتشرب هذه الصفات من خلال رؤيتها تطبق في والديه.. فالقدوة هنا لا غني عنها.. المعاملة مع الأطفال يجب أن تكون بعدل لا مساواة.. فيجب التفريق بين المفهومين العدل هو العطاء بمقدار متساو لكل الأطراف.. أما المساواة العمياء, فهي لا تراعي اختلاف احتياجات كل طفل بحسب شخصيته واهتماماته وميوله.
وعلي الأم ألا تدع أي موقف يتصرف فيه الطفل وبعدم عدالة حتي أثناء لعبه مع أقرانه بدون أن تلفت نظره إلي أهمية هذه القيمة بعد تصويب خطأه.
7 ـ علمية تحمل المسئولية: جزء لا يتجزأ من الشخصية الإيجابية, ومن بناء النشء في مراحله الأولي هو مسألة فهم حقوقه وواجباته وتحمل المسئولية, والديمقراطية عمودها الفقري هو أن يعي المرء أن مسئولية الأم تقتضي عدم الاستئثار بالرأي من ناحية, وإتقان وإنجاز القرار بعد اتخاذه بشكل سليم وديمقراطي.
من المفيد في هذا الصدد أن تعلم الأم طفلها المسئولية عن طريق تدريب عملي بأن توكل إليه تدبير مصاريف المنزل ليوم علي سبيل المثال, أو أن تتفق مع الوالد علي أن يرتب الطفل الرحلة التي ستقوم بها الأسرة سواء كان من الناحية المادية أو الترتيب لجدول الرحلة ذاته, وذلك بالطبع بشكل تدريجي وتمهيدي حق لا نحمل الطفل ما لا يستطيع تحمله فيصاب بالإحباط أو عدم الثقة في نفسه.
8 ـ ذكريه بتاريخ بلده الجميل: تاريخ بلدنا بحر لا ينتهي ومادة سخية إلي أبعد الحدود فيما يتعلق بقصص البطولة والتضحية والإيثار وحب الوطن.
حكاية قصص التاريخ هذه بشكل مبسط تعلم الطفل تاريخ بلده والقيم في الوقت ذاته وتضمن رابطا من الوطنية لا ينقطع, ويدخل في هذا الإطار أن يتم اصطحاب الأطفال منذ طفولتهم المبكرة للأماكن التاريخية البارزة والأثرية حتي ولو لم يكن الأمر جذابا لهم في تلك المرحلة, فيمكن أن يعقب كل زيارة الذهاب إلي أماكن ترفيهية تروق الطفل كدور الملاهي والنوادي وغيرها, لأن الطفل يستقي إحساسه بأهمية المكان من إصرار وتمسك الكبير بزيارته وإكباره لقيمته وذلك كله يجد مكانة في عقل الطفل الباطن ويستقر في وجدانه عندما يكبر.
آن الأوان لكي نجتهد في أن يتعرف ابناؤنا علي أجمل وأرقي ما في بلادنا من آثار ومساجد وكنائس ومختلف خيارات السياحة الداخلية, وأن يجتهد كل مسئول عن طفل في أن يجعل التجربة أو الزيارة ممتعة وشيقة بإعداده مسبقا للمكان عن طريق القصص والحكايات.
يا رب لك الحمد ، يارب نسألك من فضلك ،يا واحد يا احد يا حنان يا منان
المفضلات