“الخيال؟.. إنه أكثر أهمية من العلم”
[img3]http://img191.imageshack.us/img191/4602/26260256434650692684213.jpg[/img3]
تلك العبارة أعلاه قالها (آلبرت آينشتاين).. الرجل الذي يتفق الكثيرون على أنه كان العقل الأبرز الذي أثّر في القرن العشرن.
ماذا قصد (أينشتاين).. صاحب نظريات النسبية، وأحد أعلام العصر الذريّ، والرجل الذي أعاد كتابة فصول العلم بكلمته تلك؟ هل تكشفت له بعد سنوات من البحث والجهد الفكري المضني في صياغة نص نظرياته – ناهيك عن صيغها الرياضية- تكشفت له عبثية العلم مثلاً؟ وهل قدّم في آخر عمره نصيحة للأجيال القادمة بـ (التأمل) والغرق في عالم التخيل لأن ذلك كله أعظم جدوى مما نحسبه (علماً)؟!
*_*_*_*_*_*_*_*_*_*
هذه المرة سنشرئب بأعناقنا أكثر.. سنتجاوز المدى القريب ونتطلع لتقنيات وأفكار (موغلة) في المستقبل.. حتى الآن.
المصطلحات التي نتناولها فيما يلي تمثل تيمات ثابتة في كل بحث مستقبلي.. وخيالي الطابع كذلك! ولأنها بطبعها ماتزال غير واقعية.. فنحن هنا لن نستعرض منتجاتها بزعم قرب عرضها في الأسواق! نحن بالكاد سنشرح أهم مفرداتها.. ثم سندعو بأن يمتد بنا العمر. لنشهد بواكير تطبيقاتها.. على النحو الذي شهد به جيل مضى أول مظاهر عصر التقنية الذي يغمرنا نحن اليوم.. والتي لم تبدُ لهم حينها سوى محض خيال!
السفر عبر الزمن:
*_*_*_*_*_*
عملياً.. يمكنك فعلاً أن تلقي نظرة عابرة على الماضي السحيق. كل ما عليك هو أن ترفع رأسك وتتأمل السماء في الليل. فالنجمة التي تبعد عن كوكب الأرض 500 سنة ضوئية مثلاً قد استغرق الضوء الصادر منها 500 سنة بمقياسنا الأرضي كي يرتحل عبر الفضاء ويصل لأعيننا. وبمعنى آخر فنحن نرى النجوم كما كانت عليه بالضبط قبل مئات أو آلاف أو ربما ملايين السنين – بحسب بعدها عن كوكبنا-.. وليس كما تبدو في الآن واللحظة!
لكن الحديث عن (السفر عبر الزمن) يتجاوز هذا التطبيق المجازي. الأمر في الغالب يتناول الانتقال الفيزيائي بالجسم عبر خط الزمن إما تقدماً نحو المستقبل أو تراجعاً للماضي. فهل الفكرة مجرد عبث فكري؟ أم أن هناك أسساً علمية لثمة حلم؟
من الناحية النظرية، يبدو الترحال عبر الزمن منطقياً تماماً! الفكرة في حد ذاتها قديمة وقد خلّدها في الذاكرة الشعبية أحد أساطين الخيال العلمي: (هربرت ج. ويلز) في روايته (آلة الزمن) منذ 1895. لكن الموثوقية العلمية للفكرة مبنية على نظريات (آلبرت آينشتاين) في النسبية إضافة لقوانين فيزياء الكم (Quantum Physics) وتفسيرها لطبيعة الكون.
نظرية النسبية الخاصة مثلاً تقول بوجود بعد رابع هو الزمان إضافة للطول والعرض والارتفاع. وهي تقول أيضاً بتباطؤ الزمن طردياً خلال أبعاد هذا الزمان – المكان (أو الزمكان) كلما اقتربت سرعة الانتقال عبر الفضاء من سرعة الضوء (نسبية الزمان مقارنة بالسرعة)، وهو ما تمثله له (مفارقة التوأم – Twin Paradox) الشهيرة والتي تنص على أننا لو أبقينا أحد توأمين على كوكب الأرض في حين أرسلنا الثاني في رحلة فضائية لعدة سنوات بسرعة الضوء، فإن التوأم المسافر سيعود ليجد نفسه أصغر سناً من شقيقه!
نظرية النسبية العامة،بدورها، ترتكز على فكرة ثورية أخرى هي (آبار الجاذبية – Gravity Wells) لتبرر تفسيرها لإمكانية للسفر عبر الزمان. هذه الآبار هي ببساطة عبارة عن توترات أو اختلالات في الزمكان تحدثها الأجسام ذات الكتل الهائلة (كالكواكب). والنظرية تقول بأن عقارب الساعة ستتباطأ داخل أحد آبار الجاذبية هذه مقارنة بالحال خارجها.
محاولات إثبات إمكانية الانتقال عبر خط الزمان تتوالى من منظور الفيزياء الكمية كذلك. فهذا العلم النظري الذي جاء ليستبدل قوانين (نيوتن) العتيدة ونظريات الكهرومغناطيسية يفسر كل ما في الكون وفقاً للمقياس الدون ذرّي. ولسنا هنا في مجال تفسير هذه النظريات المعقدة، لكننا نشير إلى وجود تصور لحالة اسمها (اللخبطة الكميّة – Quantum Entanglement) بحيث لايمكن تفسير الوضع الفيزيائي لجسم ما بدون الاستعانة بوضع جسم آخر مختلف. ثمة حال تتيح وفق التفسير الكميّ للكون الانتقال عبر الزمان إذا توفرت –بالطبع- سرعة الانتقال الضوئية عبر أبعاد المكان الثلاث الأخرى. هناك تصور كميّ آخر اسمه (الوتر الكميّ – Quantum String). وتنص نظرية الوتر على أن الوحدة الأساسية لبناء المكونات الذريّة من إلكترونات وبروتونات ونيترونات وكواركات هي عبارة عن إوتار حلقية من الطاقة تعيش حالة عدم استقرار دائمة وفق تواترات مختلفة هي المسؤولة عن خصائص الأجسام من وزن وكثافة وطاقة. هذه النظرية تقدم أيضاً تفسيراً لا بأس به لاحتمال اختراق حاجز الوقت عطفاً على الاختلالات في الأوتار الكمية للجزيئات!
بطبيعة الحال، تلقى فكرة الارتحال عبر الزمن رفضاً كبيراً من المتلقي العادي. وحتى بين جمهور العلماء تبقى مفارقات ومعضلات كثيرة معلّقة على فرض إمكانية تحقق هذا الأمر أساساً. هناك (مفارقة الجدّ): كيف سيكون حال أحدهم في (الحاضر) فيما لو سافر لـ (الماضي) وقام بقتل جدّه؟! ثُم، ألا يتنافى السفر للماضي والالتقاء بالناس مع حقيقة كون بعضهم ميتاً في الأصل؟ وهل يمكن أن يلتقي أحدنا بنفسه في محطة زمانية أخرى؟
من النظرية وإلى النظرية يثبت العلماء وجهات نظر متباينة. هناك نظرية (الحاضر – Presentist) القائلة بأن مادة الكون هي (الآن) وحسب وبالتالي فلا يوجد شيء مادي في قاموس الفيزياء اسمه (مستقبل). علماء آخرون أثبتوا أن أبسط قوانين الفيزياء الكميَة تضمن للمسافرين عبر الزمن استحالة تغيير الماضي نظراً للطبيعة الموجية للجسم في الحالة الكمية. إذ ستقسم الأجسام ذاتها لمكونات موجية متعددة سيأخذ كل منها مساراً معيناً عبر الزمكان. وحين يصل الجسم لنقطة تتداخل فيها المكونات الموجية معاً ثانية ويحصل هذا التداخل على نحو إيجابي لأن النظرية الكمية تنص على أن الموجات لا تتجمع على نحو مدمر أبداً. وهو ما يناقض ببساطة فرضية انتقال الموجات عبر الزمان!
طبيعة (الزمن) الفيزيائية المغرقة في الغموض والمراوغة تمثل إذاً المعضلة الأولى لمحاولة تنفيذ فكرة السفر عبر العصور.. دعك عن مجرد فهم أسسها. والواقع أن هذه الفكرة تندرج تحت فرع عام من الفيزياء النظرية له أدبياته وعوالمه الخاصة والتي يفسر بعضها بعضاً ويفتح كل منها بدوره أبواباً لتساؤلات لا تنتهي. مثل نظريات ثقوب الفضاء السوداء والديدانية (Worm Holes)، والعوالم المتوازية (Parallel Universes) والانتقال الآني (Teleportation) الذي سنتناوله هنا أيضاً.
السُبات الاصطناعي:
*_*_*_*_*_*_*_*
هاكم ثلاث (سيناريوهات) مختلفة. الأول مُثّل في فيلم (Demolition Man) حين تم تجميد البطل المشاغب خمسين سنة قبل أن يتم إخراجه من الثلاجة وهو في كامل شبابه ومهارته ليحارب مجرماً لا قبل للسلطات به. السيناريو الثاني تمثله أسطورة الرحلة بين أجواز الفضاء التي تستغرق مئات السنين. البطل هذه المرة هو رائد فضاء مجمّد طوال الوقت يتم إيقاظه كي يشرف على عملية الهبوط على الكوكب الجديد واستكشافه. وأخيراً هناك قصة المريض الثري الذي لايريد أن يموت. هو يرضى بأن يتم حفظ جسده في قالب ثلجي إلى أن يكتشف العلم دواءاً لدائه العضال.
هل يمكن أن يتم تجميد إنسان ما لسنوات وسنوات ومن ثم إعادة الدفء والحياة لجسمه ليعاود العيش وكأن شيئاً لم يكن؟ الواقع يثبت قصصاً لأشخاص وحيوانات سقطوا في بحيرات متجمدة ولم يتم إنقاذاهم قبل ساعات، فيما وضعهم الماء المتجمد في حالة (إحياء معلّق) تباطأت معه عمليات الهدم والبناء داخل الخلايا ووظائف المخ كذلك إلى حد استغنت فيه هذه الخلايا عن إمدادات الأكسجين.. بدون أن تموت.. حتى تم إنعاشها!
المبدأ العلمي وراء هذه الفكرة ينتمي لعلم الـ (Cryobiology) المهتم بحالة المادة الحيّة تحت درجات الحرارة المنخفضة. ويقابل هذا العلم تخصص هندسي هو الـ (Cryogenics) المسؤول عن دراسة فيزياء الحالة الباردة. أما التقنيات المعنية بتبريد أجسام البشر والحيوانات ووضعها في حالة سبات بغرض إيقاظها لاحقاً في تسمى بتقنيات الـ (Cryonics). وكما يظهر فاللاحقة (Cryo) تعني (البرودة).
فكرة تجميد الإنسان ومن ثم إحيائه ليست وليدة التقنية الحديثة بل لقد اقتراحها منذ 1773 (بنيامين فرانلكين) السياسي والمخترع الأميركي الشهير وأول وزير خارجية في تاريخ الولايات المتحدة. كما أن المبدأ ذاته مطبق على نحو واسع في حالات طبية عديدة من قبيل إعادة النبض لضحايا النوبات القلبية والتبريد المؤقت أثناء إجراء عمليات الأعصاب والأوعية الدموية في المخ. هناك أيضاً الأجنّة البشرية التي يتم تجميدها في عيادات الإخصاب قبل أن يزال عنها التبريد لتزرع في أرحام أمهاتها وتنمو كأي كائن بشري سليم بإذن الله.
لكن تجميد الجسم البشري على نحو كامل ليس على هذا القدر من النجاح. وفيما يشير مناصروا هذه الفكرة لميزتها الذهبية المتمثلة في حفظ خلايا المخ والتي يعتقد أنها تحوي كامل شخصية الإنسان وذاكرته، مما يعني أن الإنسان المجمد سوف لن يخسر ذاته بعد السبات الطويل، إلا أن الجميع يتفق على أن المعضلة الأساسية التي نعجز بمستوانا الحالي من العلم والتقنية عن مواجهتها هي في إعادة الجسد المجمد للحياة.
عملية التجميد في حد ذاتها ليست صعبة. في الولايات المتحدة يمنع القانون ممارسة العملية قبل ثبوت الوفاة السريرية (توقف نبض القلب مع استمرار نشاط المخ والوظائف الحيوية). وفي هذه الحالة يتم إمداد المخ بالأوكسجين والدم في حين يحاط باقي الجسد بالثلج ويحقن بمادة (الهيبارين) لمنع تجلط الدم به. تتم بعد ذلك إزالة المياه من خلايا الجسم واستبدالها بخليط من (الجليسيرول) المانع للتجمد. والغرض من هذه الخطوة هو تفادي تجمد الماء في الخلايا وبالتالي تكسرها. يبرّد الجسم بعد ذلك في درجة حرارة 130 مئوية تحت الصفر ويوضع داخل حاوية وفي خزان معدني مليء بالنتروجين السائل عند درجة حرارة 196 مئوية تحت الصفر.
عملية (الإحياء) ستعتمد بالتأكيد على إعادة إنعاش عضلة القلب كما يحصل في المستشفيات يومياً. لكن التحدي الأكبر هو في إعادة أنسجة الجسم وأعضاؤه الداخلية لدرجة الحرارة الطبيعية وهو ما تعترضه حالياً موانع شتى. فهناك أنسجة كثيرة في الجسم لايعرف الأطباء إلى الآن كيف سيعيدونها كما كانت. كما أن عملية التبريد الرهيبة ستؤدي بالتأكيد لتكوّن بللورات بين خلايا المخ مثلاً وهذه لا سبيل لإزالتها عبر التدفئة التدريجية بدون تكسرها أو تكون تجمعات مائية بينها.
الحلول المقترحة لتجاوز مشاكل الإحياء هي الأخرى حلول مستقبلية لا تزال تشكل مجالات أبحاث معمقة تمثلها تقنيات الهندسة النسيجية (Tissue Engineering) القائمة على تخليق النسيج الحي في المختبرات واستبداله بالأنسجة التي تضررت بالتبريد. هناك أيضاً آمال كبيرة معقودة على تقنيات النانو (Nano Technology) التي تعد بآليات وروبوتات ذات أحجام دون ذرية يسع الملايين منها التغلغل داخل الجسم المجمّد ومعالجة الأضرار في كل خلية على حدة بدون تعريض الجسم لأي تدخل خارجي.
المدهش في هذه القضية ليس النجاح الذي يصادف العلماء في تجميدهم لبعض الكائنات الولية أو الحيوانات، ولكن في إقدام عشرات البشر على تجميد أجسادهم بالفعل بواسطة عدد من الشركات التي تقدم هذه الخدمة على نحو صريح منذ السبعينات الميلادية مع وعد بإعادتهم للحياة فيما إذا توصل العلم لطريقة آمنة لذلك.. وهو ما يتوقع حصوله بحلول العام 2040!
وتشير التقديرات لوجود نحو مائة من هؤلاء المجمدين الذين ينتظرون علاجاً لمرض ما.. وفتحاً علمياً يضمن يقظة هادئة بعد غفوة اصطناعية طويلة تحمل وَهم الخلود.
الانتقال الآني:
*_*_*_*_*_*_*
مشهد آخر خلّدته قصص الخيال العلمي وشاشات السينما، مشهد العالِم (آندريه ديلامبر) في أول تجربة لجهاز الانتقال الآني الذي اخترعه. (آندريه) يدخل لإحدى كبينتيّ الانتقال المنصوبتين في مختبره ويغلق الباب على نفسه من دون أن ينتبه للذبابة التي تسللت معه. يضغط الزر لتبدأ ذرات جسمه بالتفكك وتختفي قبل أن يعاد تشكيلها داخل الكبينة الأخرى على الطرف الآخر من المختبر. المشكلة أن ذرات (آندريه) قد اختلطت بذرّات الذبابة لذا فهو سيظهر بجسم إنسان.. لكن برأس وأطراف حشرة!
هذا التصور الكابوسي الوارد في قصة (الذبابة) لـ (جورج لانجلان) عام 1957 لايزال حاضراً لليوم والعلماء يدورون في حلقة مفرغة حول كيفية تحقيق حلم الانتقال الآني أو اللحظي بين أي نقطتين في الفضاء.
الترجمة الحرفية لعبارة (Teleportation) تعني (النقل عن بُعد). والمقصود هنا أن يتم نقل الجسد البشري بدون الاعتماد على وسيلة مواصلات متحركة. الفكرة التي ما فتئ الكتاب والمخرجون يستخدمونها هي في تفكيك ذرات الجسد في نقطة ما، ومن ثم إعادة تركيبها على النحو الأصلي في نقطة أخرى!
لاشك بأن المعضلة الأولى التي يواجهها المعنيون بهذه الأبحاث هي في حجم الذاكرة اللازم لتخزين موقع وحالة كل ذرة وكل (كوارك) في الجسم البشري لتتم إعادة تجميعها لاحقاً وفي كيفية تخزين هذه البيانات، والذرات ونقلها عبر الفضاء؟
التحديات الأخلاقية والفلسفية لا تقل كماً وأهمية.. هل سيضمن التفكيك وإعادة التركيب استمرارية الحياة في الجسد؟ ماذا سيحل بالروح أثناء الفناء الوقتي للجسد؟ وبين الكينونتين هل يعد الإخفاء.. ولو لبرهة بمثابة القتل وسلب الحياة؟ ومن يضمن أن تبقى الذاكرات والخبرات والأفكار حتى لو نجح تركيب الخلايا الأيدي والأرجل والأحشاء؟
فيزياء الكمّ تتدخل هنا مرة أخرى لترسم إطاراً نظرياً للفكرة. فصنع (نسخة) أخرى للجسم يقتضي إعادة صياغة حالته الكمية والتي لا يمكن توقعها أساساً وفقاً لروح الفكرة الكمية. ولأن الفيزياء الكمية ترفض مبدأ التفكيك التدميري كما تقدم مع (آلة الزمن) أعلاه، فإن كل عملية انتقال آني تُعلل هنا على أساس أنها مجرد تخليق لنسخ أخرى من الحالة الأصلية!
واحدة من أكثر تقنيات الانتقال الآنية (التخيلية) شيوعاً تعتمد على العبور من خلال الثقوب السوداء أو عبر الفضاء المختصر المعروف أيضاً باسم ثقب الدودة (Worm Hole). وهذه المصطلحات تعبر كلها عن حالات خلل في الفضاء تنهار فيها قوانين الفيزياء والوقت. مما يعني إمكانية إيجاد طريق مختصرة عبر الفضاء، أو حتى عبر الوقت من خلال المرور داخل حدى هذه النقاط السحرية. وغني عن الذكر أن الثقوب السوداء تملأ الكون من حولنا ويتم رصد المزيد منها من حين لآخر.
هناك تطبيقات أخرى للنقل الآني الكمي بالذات تتجاوز نقل الأجسام الحية عبر الفضاء لتغطي كامل طيف المادة والمعلومة. بالنسبة للفيزيائيين في الكون بأسره ليس سوى آلة حاسبة أو كومبيوتراً. لأن لكل ذرة في الكون حالة معينة قابلة للتغيير وذاكرة لهذه الحالة. وبالتالي فإن القدرة على التعامل مع ذرات الكون من منظور كمي تعني استغلاله بالكامل كأكبر حاسوب موجود على الإطلاق. التطبيقات المقترحة تشمل الطب التخيلي الذي يتم فيه تغيير الحالة الآنية لصالح أخرى أفضل، وحتى السفر نحو المستقبل عبر تخليق نسخ أخرى والاحتفاظ بها ثم إظهارها عبر فترات زمنية أطول.
في صيف 2002 نجح فريق من العلماء في نقل شعاع ليزر على نحو كمي آني. بمعنى أن الفريق نجح وفقاً لنظريات (اللخبطة الكميّة – Quantum Entanglement) المذكورة أعلاه في (نسخ) فوتونات أو جزيئات الشعاع الضوئية ومن ثم قام بتقليدها على هيئة جزئيات أخرى وإعادة تكوينها عبر موضع آخر من الفضاء. وهو ما عُد فتحاً علمياً وإثباتاً مباشراً لبعض أفكار (آينشتاين). وبالرغم من أن نجاح هذه التجربة مرتبط بشكل مباشر بعلميّ (المعلوماتية الكمية) و (الحوسبة الكمية).. إلا أنها تمثل كذلك أملاً أمام الحالمين بيوم تكون فيه أجهزة للانتقال اللحظي بين بقاع هذا أو الكوكب.. أو ما بعده.
المفضلات