جيزة ....عباس العقاد ... مسطرد
غلبتني النزعة الأكاديمية في الملاحظة .. وحاولت كثيراً أن أفهم الأسباب الداعية إلى اتخاذ نغمة موسيقية معينة ، أو تكرار جرسي واحد أو إشارة يدوية تدل على هدف الميكروباص .. ذلك الكيان المثير للجدل دائماً ، وفي ظل هذه المحاولة تأكدت أن ثمة بواعث تدفع التباعين إلى انتهاج تيمة معينة في النداء على مقاصدهم ، واسمحولي أن أورد بعض الأمثلة على هذا :
في الإسكندرية تجد هناك إشارة يدوية يستعملها كل من التباع أو السائق والراكب المنتظر في الشارع للدلالة على المكان المقصود ، وهي ثلاث إشارات تقريباً هم
إشارة بكلمل كف اليد إلى الداخل وأخرى إلى الخارج والثالثة إشارة بالسبابة منفرداً مع الاتجاه للأسفل والتحريك الرأسي .
وأقرب هذه الإشارات في القاهرة تتمثل في عدة مسارات محددة :
هي إشارة جيزة جيزة جيزة جيزاااااع وهي كف اليد ذوي الأصابع الثلاثة المرفوعة إلى الداخل عدا الخنصر والسبابة والتي تتأرجح يميناً ويساراً بسرعة كبيرة ، ويستخدمها الراكب والتباع .
إشارة سابع سابع اسسسسابع وهي علامة النصر
إشارة رابعة ويستخدم معها إشارة رقم 4
إشارة التامن ويستخدم معها علامة النصر المقلوبة
إشارة العاشر ويقبض فيها الكف مرتين يعني خمسة زائد خمسة
أما إشارة الطوالي فهي تستخدم دائماً للإشارة إلى رمسيس .
وفي رمسيس ذاته تنحصر هذه الإشارة في الاتجاه إلى مدينة السلام
أما مدينة السلام من أي مكان آخر فقد استخدمت إشارة التحية ولكنها اندثرت بعد برهة .
أما الإشارات الصوتية فيحكمها عدة قوانين منها التكرار والتركيز على حروف محددة ، كذلك تحكمها تعبيرات تحترم البعد الديني .
فقلما تجد ميكروباصاً ينادي على السيدة عائشة دون التلفظ بلقب السيدة ، فيقول دائماً جيزة السيدة عيشة السيدة عيشة .
ويلاحظ التكرار الدائم للمكان المقصود غالباً بأربعة مرات يتم التركيز بالضغط على حروف الكلمة الأخيرة . فتجدهم يقولون :
جيزة جيزة جيزة جيزاااع
أو اسلام اسسسلام اسسلام اسسسلاااااا بدون الميم في النهاية
أو عتبة عتبة عتبة عتبة بدون تركيز على أي كلمة
أو بتركيز متصاعد رمسيس رممسيسس رمممسسسيس رمسسسييسسس
أما المسارات ذات الاسم الطويل والمركب فتجدهم يركزون على إحدى الكلمات بالتبادل مع الكلمة الكبيرة مثل :
مساكن عين شمس مساكن مساكن
أما المسارات المركبة من عدة اتجاهات فتجدهم يركزون على تبادل الكلمات بوقع محدد
عتبة رمسيس رمسيس ... رمسيس عتبة رمسيس .
أو وايلي مسطرو مسطرو .. ( اي مسطرد ) وأحياناً تتحرف كما سيأتي بعد
ولا يهم أن تكون هذه المسارات متتابعة من حيث الاتجاه بل يمكن تبديلها حسب الجرس فتسمعهم يقولون
سلام شيراتون موقف العاشر
الدويقة الجبل الجبل
جراج عرب جراش
وأحياناً تفيد حروف الكلمة في الإيقاع والجرس
فتجدهم يقولون :
ععععباسية عععباس الععععقاد وععععاشر بالتركيز على العين
وأحياناً سسسادس سسسابع اسسسابع
أما عن تحريف الكلمات فحدث ولا حرج ، فقد تتحرف الكلمة تماماً أثناء الحديث أو عند التوقف على منتصفها
فتجدهم يقولون :
هرم هرم عرم عراااا
زهراء زعراء زعران زعران
بولاق بولاع بولاعبو لاعبو
لوا لوا لوا لوااااع
أو جيزا جيزا جيزاع جيزاااع
مؤسسة مظلات مؤسسسة مؤسسسة ظلات .. سسسة سسسة سسسة ظلات ظلات
عبود عبور عبور عبووووع
وايلي مسطرد منصرد منصروو
الجبل اججبل الهبل
حلوان حلوان حلوان حلواااا
مرج مرج مرجم ارجم ارجم ارجم
بينما تلاحظ ملاحظة هامة جداً في النهاية ،، وهي أن المدن الجديدة أقل المسارات معاناة من هذا الكلام كله ، وهو ما يؤكد أن هذه السيفونيات (بدون ميم ) تستغرق وقتاً طويلاً من الابتكار ثم التجريب ثم التبني وفقاً لنظرية تبني المستحدثات .
فباستثناء مدينة العبور التي يتحول فيها اللفظ من عبور عبور عبورع ارعب ارعب
فتجد أن أغلب هذه التجمعات الجديدة لا تعاني بدءاً من المقطم .. مؤطم مؤطم
ومروراً بأكتوبر ( جامعة مصر وزايد ، جامعة وحصري وليلة القدر ) ( سادس سادس ) ( جامعة ومعهد )
والشروق ( درة ، درة درة (أحياناً تتحول إلى هرة بضم الهاء ) ، مدينة مدينة ، شباب شباب ، طريق عالطريق معهد .
والقاهرة الجديدة ( أول أول ، خامس خامس ، معهدمعهد )
إنها دولة الميكروباص بحق
عذراً للإطالة
تقبلوا خالص مودتي