نبحث اليوم عن دليل الإدانة لما حدث في السودان من جرم في حق المصريين من قبل الجزائريين، فيديو يصور البلطجة الجزائرية أو صورة علي أمل تقوية موقفنا لدي الفيفا .. و الحقيقة أن الموضوع سهل و واضح و لكنه معقد في نفس الوقت .. فما حدث لم يكن نتيجة طوبة ألقيت علي الأتوبيس الجزائري بالقاهرة أو إشاعات جريدة الشروق الجزائرية و لكنها سلسلة من الأحداث علي مدار وقت طويل كانت السبب في كارثة خرج منها الجميع -و يا للمفارقة!- رابحاَ !

فالفريق الجزائري قد تأهل لكأس العالم، الحكومة الجزائرية نفذت مخططها، إتحاد الكرة المصري وجد أن الجميع قد نسي أنه من أختار السودان للمباراة الفاصلة و الجميع نسي سبوبة ال 2500 جنيه لحضور المباراة و نسي بعث ممثلين الأدوار الثالثة و مغنيين هاربون من التجنيد و مغنيين أغاني هابطة علي أنهم رموز مصر !

حتي أن الحكومة المصرية و الشعب المصري قد خرجا رابحين من الكارثة ..القيادة المصرية في وقت قد إضمحلت فيه شعبيتها و مصداقيتها قد جعلت الجميع يصفق لها و يقف وراءها بل أن هناك من يشجع التوريث مقدماَ من الأن بسبب هذه المباراة ! علاء مبارك أصبح صاحب الشعبية الكبري في مصر بسبب أحداث ما بعد المباراة و الرئيس مبارك في وقت نعاني فيه من كوارث إقتصادية و موت الناس في طوابير العيش يجد مصر كلها تصفق له وهو يعطي للمنتخب مكافأة هزيمة 6 مليون جنيه !

اما الشعب المصري فقد وجد من يصب عليه جام غضبه لما يعانيه من أوضاع صعبة و معاناة و هوان يعيش فيه منذ سنوات ليست بقليلة بعد أن فشل في مواجهة من هم سبب تعاسته الحقيقيين .. فقد أصبح الإتجاه أن الجزائر هي سر عدم سعادة المواطن المصري ! و أن الإنتقام من الجزائريين سيعيد لنا كرامتنا المسلوبة -من قبل المباراة- و سيحقق لنا "التنفيس" للضغط النفسي الذي نعيشه .. كارثة السودان حققت المعادلة الصعبة و أخرجت الجميع رابحاَ !

ليس من العدل أن نلوم الجزائر علي معاملتنا علي أننا ناس "هفأ" في وقت أصبح ذلك شيئاَ واضحاَ وضوح الشمس للجميع .. سواء كان ذلك طبيعة الجزائريين أم لا .. ليس من المنطق أن ندعي الريادة و الزعامة في وقت أصبح المصري عبد لنظام "الكفيل" في الخليج .. معايرتنا بأننا شحاتين لم تأتي من فراغ .. و سببها هم المصريون الذين رضوا لمصر ذلك .. هؤلاء هم أهانوا مصر في السودان .

المصري الذي لا يبالي بحقوق المصريين في مقابل رضاء الأمير الفلاني و الأميرة الفلانية .. مدير فندق موفينبيك الذي ترك الأمير ترك و كلابه من فصيلة pitbull الشرسة الممنوعة من الإقتناء كحيوانات أليفة في بعض الدول لتشوه وجوه الأطفال المصريين في الفندق و مع ذلك يظهر في التليفزيون ليدافع عنه لأنه يحجز دور كامل بالفندق .

المصري الذي يجد أن تكسير الأتوبيس المصري في السودان إرهاباَ ولا يجد أن المواطن المصري الذي ظهر علي شاشة العاشرة مساء ليلة مباراة 14 نوفمبر و هو يبكي لأن سيارته قد تدمرت بفعل المشجعين المصريين أثناء إحتفالهم بالهدف وهو مصاب بشلل و قد إشتري سيارة مجهزة طبياَ بتحويشة عمره قد تعرض للإرهاب .. لماذا لم يتابع الناس هذه الأحداث ؟!

المصري صاحب سبوبة إنشاء شاشات كبيرة إعلانية لشركة ما في مكان ركن السيارات بجانب الإستاد مما تسبب في تدمير سيارة هذا الرجل المسكين و غيره.

المصري الذي يعمل ضابطاَ فيعذب الناس في الأقسام و يسلبهم كرامتهم و يبلطج علي الناس خارج القسم بدلاَ من إعادة الحقوق لأصحابها .

المصري الذي يقود سيارته بجنون غير مبالي بغيره و يتسبب بحادث كبير يكون سبب في فقد أحد العائلات لعائلها أو لطفلها الوحيد .. و تحويل طرقنا إلي كيلومترات يملؤها هواء ملوث برائحة الموت و يجعلنا ننام و نفيق كل يوم علي حادث كبير علي الدائري و غيره تدمرت فيه أكثر من 10 سيارات .

المصري الذي يقول "أصلهم أكيد هيجيبوا جمال بعد مبارك" .. "أصلهم هيغلوا البنزين" .. "أصلهم قافلين صلاح سالم" و يتحدث دائماَ بصيغة المبني للمجهول عن أناس فضائيون غير معروفين في أيديهم التحكم في كل شئ و يلغي عن نفسه أي دور قد يقوم به و كأنه غير موجود و يلغي رأي يجب أن يكون لديه أو قد يكون مطلوب منه في الأساس !

المصري الذي يفتخر بأصوله التركية و الأوروبية و كأن إنك تبقي مصري pure دي حاجة عيب !

المصري الذي يضطهد المنتجات المصرية بدون سابق تجربة و يشجع المنتجات الأجنبية علي أنها صناعة الناس اللي فاهمة!

هؤلاء هم من أهانوا مصر في السودان .

إذا أردت أن تجد دليل علي أن المصري قد سلبت كرامته في السودان لا تبحث عن فيديوهات أو صور .. فقط أنزل للشارع المصري في أي وقت و تعمق في معاملات الناس و وجوهم .

و لذلك .. نحن لا نحاسب الجزائريين علي ما فعلوه في البعثة المصرية .. نحن نحاسب الجزائريين علي أوضاعنا العامة المتدنية في هذه الفترة من الزمن .

تحياتي

محمود مصطفي كمال - مواطن مصري