مقالات أخرى لنفس الكاتب متعلقة بالأزمة المفتعلة بين مصر والجزائر
حلوة بلادي
قلت عقب ماتش 14 نوفمبر إنني شعرت بالارتياح والتعاطف مع علاء مبارك، كنت أول من يكتب جملة مدح إنسانية جداً في حق هذا الرجل وذكرت أسبابي، بعدها تحول السيد علاء مبارك إلي موضة البرامج الحوارية والرياضية، الرجل يحظي بقبول ربَّاني، أخشي أن يفسده كثرة ظهوره في وسائل الإعلام مهاجماً لبعضها مثل (مجلة أكتوبر التي هاجمها لأنها صدرت بغلاف مكتوب عليه «مبروك للجزائر»، وهو حقها يا سيدي الفاضل وواجب علينا أن نحترم وجهات النظر المختلفة، وهو واجب مضاعف بالنسبة لك؛ لأن كلماتك محسوبة وهي دائماً محل تفكر من كثيرين يحبونك) ، أخشي أن تفسد محبتنا له مجاملات فجة علي الهواء مثل أن يقول له عمرو أديب (الله..ده إنت بتتكلم زينا ) أو أن يقول له تامر أمين (خد راحتك ده إحنا حتي لو فكرنا نقطع عليك الخط مش هيتقطع)، أو أن يكون كلامه مؤثراً وداعياً للبكاء بحرقة مثلما فعل خالد الغندور، أرجوكم لا تفسدوا علينا استمتاعنا بوجود شاب قريب من مؤسسة الرئاسة بسيط ومتواضع يعترف بأنه لا يصلح كرئيس أو وزير ويعترف أنه مثلنا، نحن أبناء الطبقة المتوسطة والأقل، متعصب كروي لمنتخب بلاده ويراه جديراً بالمساندة والاحترام.
لكن لماذا أخذت قضية الجزائر هذا المنحني الجنوني؟، لأن المشاعر الوطنية مثل أي مشاعر أخري بحاجة دائماً إلي تفريغ، أخص بالذكر المشاعر الجنسية التي تنكِّل بشاب غير قادر علي الزواج فتحن عليه الطبيعة وتمنحه مخرجاً اسمه الاحتلام، صحيح أنه ليس علاقة جنسية كاملة لكن التصريف هو الهدف وهو الذي يحمي هذا الشاب من المرض أو الجنون، مشاعرنا الوطنية أيضاً لا تجد مصرفاً حقيقياً فأصبحت قضية الجزائر مناسبة جعلت الثمانين مليوناً يحتلمون لدرجة أننا علي وشك أن نغرق الجزائر برئيسها بوتفليقة.
انس بوتفليقة وخلينا في «بوتريكة» فهو الرجل الذي سيذكره التاريخ بكل خير.
أزعجني أن يذكر راديو أن حالة أبو تريكة النفسية سيئة وأن إصابته بشرخ في القدم نفسية، كابتن أبو تريكة أحب أن أقول لك: ماحصلش حاجة تدعو للحزن، عدم وصولك إلي كأس العالم لا يقلل من محبتك أبداً، لأننا وقعنا في غرامك قبل ذلك بكثير ولن يفقد أب محبة أولاده له لأنه عجز في يوم أن يشتري لهم الحلوي التي يحلمون بها، ثم ما الذي استفدناه من دخول كأس العالم؟، كان لدينا فريق هناك منذ عشرين عاماً، أصبح الهدف الوحيد الذي أحرزه من ضربة جزاء مادة للسخرية، أما لاعبوه فقد أصبح واحد منهم عضو مجلس شعب ملاحقاً قضائياً، وواحد مدرباً يقود الفرق التي يدربها من المدرجات كعقوبة لسوء سلوكه وواحد مدرباً مساعداً لفريق يصارع من أجل البقاء والباقون عواجيز فرح في استوديوهات التحليل الرياضي ينقدون المباريات بروح العوَّام اللي علي البر، أما المدرب صاحب الإنجاز الحقيقي فقد اختفي تماماً ولم تعد سيرته مطروحة في أي مناسبة (تحية للكابتن محمود الجوهري)، في المقابل نردد دائماً بفخر أسماء الكبار الذين لم يشم واحد منهم رائحة كأس العالم «بيبو، وفاروق جعفر، وعلي أبو جريشة، والضظوي، وصالح سليم وغيرهم»، نظرتنا لك تجاوزت فكرة البطولات، نحن نراك لاعب الترسانة الذي قطع بكفاحه الطريق من دوري المظاليم إلي منصات التتويج والتكريم في مختلف دول العالم، يا راجل ده أنت بالنسبة لنا كأس عالم في حد ذاتك.
نتمني أن نسمع رأيك في الأحداث الأخيرة وأن تحصل علي عشر دقائق من الأربعين التي حصل عليها علاء مبارك في «البيت بيتك»، كما كنت أود أن أعرف رأي الدكتور البرادعي في هذه القضية، فالفرصة مناسبة لأن نسمع منه جملة مفيدة وليس مجرد تلميح، في كل الأحوال رأي البرادعي سيكون وقوراً وعقلانياً بشكل قد يفسد كل الجماهيرية التي حصدها علي الفيس بوك، وعليه أن يتعلم درساً من نجم الجيل الذي أعد كليباً عن حفلاته الناجحة خارج مصر، مصحوباً بتعليق صوتي لمقدمة النشرة الإنجليزية تحكي فيه عن نجاحه الساحق وفي نهاية الكليب استغل النجم الفرصة وقرر أن (ينقط) في الفرح فوجه نداء وطنياً بالمرة يدعو فيه للوحدة الوطنية علي طريقة (كوهين ينعي ابنه ويصلح ساعات)، أما بكاء الفنان الكبير محمد فؤاد علي الهواء فقد احترت في اختيار التعليق المناسب عليه؛ لأنني من محبي ليلي مراد التي رحلت في مثل هذا اليوم، تحل ذكري وفاتها، بينما صوتها يرن في صدور الكثيرين من أهالينا (يا رايحين للنبي الغالي..هنيالكم وعقبالي).