كان إماما للدعاة وصاحب الخواطر الإيمانية الاشهر في تفسير القرآن الكريم‏,‏ لكنه كذلك صاحب الافيهات اللاذعة والقفشات الحاضرة وخفة الدم المغرقة في مصريتها‏,‏ كما كان عبقرية مختلفة في كل شيء حتي في مظهره‏,‏ فقد كان أول من تمرد علي الزي الازهري التقليدي وابتكر زيه الخاص به‏.‏


كان الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله‏,‏ كثيرا مايردد ان فترة توليه منصب وزيرالأوقاف هي الأسوأ في حياته لكنها لم تخل من قفشات‏,‏ فقد سافر خلالها الي روما لوضع حجر اساس مركز إسلامي‏,‏ وقبل السفر طلب منه عبد العظيم أبوالعطا وزير الري وتوفيق عبدالفتاح وزير التموين آنذاك ان يشتري لكل منهما زوجين من الأحذية بني وأسود فاستجاب لطلبهما‏.‏ وفي اجتماع وزاري مع الرئيس السادات بعد ذلك دخل أبو العطا والحذاء الجديد يلمع في قدميه‏,‏ فسأله السادات بطريقته المعروفة‏:‏ الجزمة الشيك دي منين يا عبد العظيم؟‏..‏ فقال‏:‏ من مولانا الشيخ الشعراوي وبعد دقيقة دخل توفيق عبد الفتاح فلمح السادات حذاءه الجديد‏,‏ فسأله السؤال نفسه‏,‏ ورد بالاجابة نفسها‏.‏ ثم دخل الشعراوي‏,‏ وكان يرتدي حذاء قديما‏,‏ فسأله السادات‏:‏ أمال الجزمة الإيطالي فين يامولانا؟ فقال مازحا‏:‏ شايلها في البيت علشان المقابلات المهمة فقط‏!‏
حلف اليمين
ومن طرائف الشيخ الشعراوي مع الرئيس السادات‏(‏ رحمهما الله‏)..‏ أنه اثناء حلفه اليمين الدستورية وقف يقرأ القسم قائلا‏:‏ اقسم بالله العظيم ان احافظ علي النظام والدستور والقانون وأن ارعي مصالح الشعب وسلامة أراضيه‏..‏ إلخ‏..‏ وفي آخر القسم اضاف بصوت مرتفع‏:(‏ إن شااااء الله‏)‏ وهنا أغرق السادات في الضحك‏,‏ وبالطبع تم حذف هذه العباراة الأخيرة في الإذاعة والتليفزيون عند قراءة نشرات الأخبار‏.‏
كرسي الوزارة
وذات مرة سأله الرئيس السادات‏:‏ هل صحيح ياشيخ شعراوي أنك لاتجلس علي مكتبك في الوزارة وانك تتركه وتجلس بعيدا علي الكرسي إلي جانب الباب تستقبل زوارك وموظفي الوزارة‏,‏ وأصحاب الحاجات الذين يقصدونك؟
الشعراوي‏:‏ أيوه ياريس‏!‏ باقعد علي كرسي خرزان جنب الباب‏!‏
السادات‏:‏ وإذا كان فيه حاجة محتاجة توقيع فين توقعها؟
الشعراوي‏:‏ وأنا مكاني علي الكرسي الخرزان‏!‏
السادات‏:‏ وأنت بتعمل كده ليه ياشيخ شعراوي؟
الشعراوي‏:‏ علشان يبقي باب الخروج قريب‏..‏ وساعة ماترفدوني أجري وأقول‏:‏ يافكيك اتعتقت‏!‏
جلابية خنفس
ومن الطرائف الشهيرة ماحدث بين الشيخ الشعراوي والأسطي عبد العظيم خنفس ترزي قرية دقادوس بالشرقية مسقط رأسه حيث أعطاه الشيخ‏(6)‏ قطع قماش ليفصل منها‏(6)‏ جلابيب له‏..‏ وبعد الانتهاء من عملية التفصيل حضر الأسطي عبد العظيم وألبس الشيخ إحداها من باب الاطمئنان وكانت المفاجأة‏.‏
الجلبات قصير للغاية بحيث تنتهي أطرافه عند منتصف المسافة بين ركبة الشيخ وقدمه وتكرر نفس المشهد في باقي الجلابيب فإذا كلها فيها نفس العيب‏,‏ فصاح الشيخ منفعلا‏:‏
ـ إيه ده ياعبد العظيم‏..‏؟
رد الرجل بسرعة بديهة وقد تيقظت حواسه متجاوزا صدمة المفاجأة
ـ إيه فيه إيه يامولانا‏..‏؟
أردف الشيخ‏:‏
ـ فيه إيه‏..‏ إيه انت مش شايف الهدوم كلها قصيرة إزاي؟‏!‏
ـ إهدا يا مولانا بس‏.‏
وصمت لحظة واضاف‏:‏ اقعد‏..‏ اقعد يامولانا‏.‏
جلس الشيخ علي كرسيه‏,‏ وأخذ الترزي يصلح هندامه ويجذب الجلباب إلي أسفل حتي غطي قدم الشيخ وهنا صاح مبتسما‏:‏
ـ إيه رأيك يامولانا‏..‏ والتفت إلي الحاضرين يستحثهم ليساندوه قائلا‏:‏
مش بالذمة كده عظمة؟
فلاحقه الشيخ‏:‏
‏-‏ عظمة إيه يابني‏..‏ وبعدين لما أقف يبقي الوضع إيه؟‏!‏
‏-‏ ومين قالك تقوم تقف‏..‏ الهدوم ديه بتاعة القعاد‏.‏
ضحك الشيخ من أعماقه وقد اعجبته تلك القفشة الحاضرة من جانب الأسطي عبد العظيم والتي تحمل مزيجا مصريا من الفهلوة وخفة الدم وسرعة البديهة‏.‏
وقال له‏:‏ خذ هذه الجلابيب واعطها لمن يحتاجها وتقدر تضبطها علي مقاسه‏.‏
من الاهرام بتاريخ 8/1/2010