وصلت النسب في مصر طبقاً لإحصائية لجهاز التعبئةوالإحصاء إلى 70 ألف حالة طلاق خلال العام 2006 فما الذي يعنيه هذا؟
لماذاارتفعت معدلات الطلاق لهذه الدرجة بين الشباب؟
للإجابة على هذا السؤال دعونانضع الحب تحت المجهر, و نحاول أن نفهمه بشكل علمي.
السببالأول : الحب في المرتبة الثالثة !
هل تعرفون هرم ماسلو ؟
عالمالنفس الشهير أبراهام ماسلو, رتب (الحاجات الإنسانية) ترتيبا تصاعديا..
هرمماسلو
يجب أن يحققالإنسان بالترتيب :
أولا : حاجاته الجسدية (الأكل و الشرب والنوم...
ثانيا: الإحساس بالأمان
ثالثا: الحب و الانتماء
رابعا: الاحترام
خامسا: تحقيق الذات
نلاحظ هنا أن الحب جاءفي المرتبة الثالثة.. يقول د.ماسلو أنه يجب أن يحقق الإنسان أولا : حاجاته الجسديةو الأمان, كي يكون قادرا على الحب و الانتماء!
لو تأملنا هذه النظرية, فإنسؤالا هاما يطرح نفسه هنا:
- الشاب المقبل على الزواج.. هل استطاع أن يحققالنقطتين بشكل كامل؟
لو تأملنا حياة المقبل على الزواج سنجد خللا في النقطةالثانية تحديدا.. لا يوجد شاب عادي في مصر يشعر بالأمان بشكل كامل, فالأسعار تزدادحثيثا.. و مشكلة السكن مشكلة حقيقية, و يكفي النظر لسعر أي شقة, و مقارنته بدخل أيشاب في مصر, لمعرفة أن الشعور بالأمان مختل.. أعني الأمان المادي و الوظيفي واطمئنان الشاب لقدرته على الإنفاق على أسرته و توفير أبسط حاجاته الخاصة..نحن نتكلمعن مجرد السكن!
لو تأملنا أيضا نظرية الإداري ستيفن كوفي في كتابهالشهير العادات السبع للناس الأكثر فعالية, سنجد أنه يطرح تصورا منطقيا جدا.. هليمكن لشخص لم يشبع حاجاته الخاصة, أن تكون له القدرة على العطاء؟
تحقيقالذات درجة عالية من درجات النمو العقلي.. لو لم يستطع الإنسان أن يحقق ذاته , لنيستطيع أن يساعد الآخرين لتحقيق ذواتهم.. لا يمكن للمرء أن يعطي, دون أنيمتلك.
السبب الثاني : الدوبامين !
هل كيمياء الحب, تختلف عن كيمياء الزواج ؟
علميا هذا صحيح..
ففي مراحل الحب الأولىتزداد نسبة مواد منها الدوبامين dopamine.. و الذي يلعب دورا في الانجذاب العاطفي.
أما العلاقات طويلة الأمد.. فالدوبامين ليس كافيا لاستمرار الحب.. هو أعطاكالانجذاب, لكنه ليست ضمانا لاستمرار العلاقة.
أما في الزواج فالموضوعيختلف.
في دراسة مثيرة في جامعة كاليفورنيا –سان فرانسيسكو, وجدوا أنالأزواج الذين يتميزون بعلاقة زوجية طيبة, لوحظ ارتفاع نسبة هرمون الأوكسيتوسينoxytocinفي أجسادهم.. إنها مادة مختلفة تماما عن الأولى.
ما الذي يعنيه هذا؟
يعني ببساطة, ان كيمياء الحب (بأشواقه و لوعته) مختلفة عن كيمياء الزواج ( العلاقات المستمرة طويلة الأمد)
هذا الكلام أهم مما نتخيل.. فنظرة البعضللزواج خاطئة من الأساس.. البعض يبني فكرة الزواج على الانجذاب العاطفي فقط علىاعتبار أنه الحب, و هو ما تؤكده كل الأغاني العاطفية و الدراما بشكل متكرر كما أقوللكم دوما.. حين يكبر الشاب و في ذهنه هذه الفكرة عن الزواج, سيكتشف أن مادةالدوبامين ستنتهي سريعا.. زالت نشوة الحب و لابد من الأوكسيتوسين كي تتحمل العلاقاتطويلة الأمد.. لم أكن أعتقد أن الموضوع سيصل إلى هذا الحد : إنتي طالق !!
مراحل الحب
يبدو أن المشكلة الحقيقية تكمن في فهمنا لكلمة الحبهذه..
إذا لم يكن الحب هو (اللوعة و الشوق و الوله..), فما هو الحب إذن؟
لو تأملنا أي علاقة مثالية, سنجد انها تمر بثلاثة مراحل..
- المرحلة الأولى : الانبهار:
إنها مرحلةالدوبامين..
في هذه المرحلة تكون القصة في بدايتها .. لم يلبث سهم الكيوبيدان ينغرس في القلبين البريئين..
تتميز هذه المرحة بالتالي :
ترىالشخص الذي تحبه و كأنه ( كامل) و لا نقص فيه.. ظريف و خفيف الظل و تكون سعيدا وأنت معه.. تشعر انه مختلف عن كل من قابلتهم في حياتك .. باختصار : ستشعر أنه (كامل)..
هذه المرحلة هي التي أنتجت كل قصائد الحب والأغاني في التاريخالإنساني.. و هي المرحلة الوحيدة التي تركز عليها وسائل الإعلام و الدراماالرومانسية.. لأنها – كما نعلم جميعا- أروع ما في العلاقات الإنسانية..
لكنهناك شيء مهم جدا :
احذر كل الحذر, من قرار الإرتباط في هذه المرحلة !
- المرحلة التانية: الاكتشاف
هي مرحلة انيتعرف كل منهما على الآخر..
بمرور الوقت ستكتشف ان هذا الشخص الذي تحبه ليسكاملا كما كنت تظن .. هناك عيوب هنا و هناك و أشياء لم تكن تعرفها.. بل أشياءتضايقك فعلا !
هل هذا طبيعي ؟
الإجابة : طبيعي تماما.. و حين تجدأن هذا يحدث في علاقتك الجادة فاعلم أنك تسير في الطريق الصحيح ..
في هذهالمرحلة تختفي الصورة المزيفة التي كنت تراها في مرحلة الإنبهار.. سترى الشخص علىطبيعته و في هذا الوقت يمكنك ان تقرر..
- المرحلة الثالثة: مرحلة التعايش ..
و هي مرحلةالأوكسيتوسين..!
في هذه المرحلة يصل الطرفان إلى معرفة كاملة بعيوب بعضهماالبعض.. يعرفون ما هي العيوب و يتكيفون معها و يستطيعون التعايش معها ..
هذه المرحلة هي أصعب مرحلة في العلاقات .. لأنها تتضمن وسيلتكما لحلالخلافات التي تنشب – حتما – بينكما .. و كيفية تعامل كل منكما مع عيوب الآخر..
هذه المرحلة إن تجاوزها الطرفان بنجاح, تعني أقصى درجات الحب التي منالممكن أن تصل إليها العلاقة .
هل تعرف لماذا ؟
الحب في مرحلةالإنبهار طبيعي, لأنك لا ترى عيوبا .. لكن وصولك إلى مرحلة التعايش فهذا يعني أنكعرفت شخصا و أدركت عيوبه و ظللت مصرا على الحياة معه رغم كل شيء..
هذا هوالحب.
العلاقة الناجحة هي العلاقة التي تحافظ على اتزانها في جميع هذهالمراحل ..
بعد أن نصل لمرحلة التعايش.. لا بأس من أن نستحث مرحلة الإنبهارمن حين لآخر.. نزور ذات الماكن التي كنا فيها في بداية تعارفنا .. كلمة رقيقة.. لمسة حانية .. هدية بسيطة..
هذه هي العلاقة المثالية .. و ليست مرحلةالانبهار فقط كما توهمك الدراما..
يقع في هذا الشرك ملايين من الناس.. حينيجدون أن علاقتهم قد نضجت أخيرا و انتقلت إلى المرحلة التالية , يعتبرون هذا فشلالأن مشاعرهم قد تغيرت دون أن يفهموا السبب..
و يكون هذا سببا في إفسادعلاقة رائعة .
هذا هو الحبالحقيقي ..
فهل هذا ما يبحث عنه الشباب حقا؟