الموضوع: هاقول لامي

ويظل السؤال يطل براسه بين الحين والاخر ليلقي حجرا في المياه الراكده لتتسع دوائر حيرتنا وليشعرنا بالعجز وعدم القدره علي اخذ القرار وبالرغم من ان الملايين يشتركون في نفس الحيره وتفرض علامات الاستفهام نفسها عليهم الا ان المغتربون في ارجاء ارض الله الواسعه يسالون انفسهم متي العوده الي الديار ..؟ انه من اصعب الاسئله التي يمكن لاي مغترب الاجابه عليه. فما بين وطن طارد لابنائه بما فيه من صعوبه الحصول علي حياه تتوافر فيها ابسط حقوق الانسان وما بين وطن بديل يوفر حياه كريمه ورغد العيش نظل حائرون ما بين وطن مؤقت وما بين وطن نعرف يقينا اننا عائدون اليه يوما ما لنستريح من عناء المشوار وطويل الطريق . لكن السؤال لاي شئ نعود ولمن يشدنا الحنين..؟ أهي الذكريات أم الارض أم الاهل ام لهم جميعا ..؟ كثيرا ممن يعودون من اجازتهم السنويه يشتكون من ان احضان الاهل اصبحت كايام الشتاء البارده رغم ان الاجازه كانت في شهر يوليو. اصبحت وكانها احضان هلاميه لا تشعر بقوه ضمتها باحتوائها .احضان لا تستطيع ان تسمع منك بعض مما تعانيه في الغربه او كيف تمر عليك سنون عمرك هناك..؟ نعم انها احضان بلا اذان لكنها احضان بالف لسان . لماذا لا يشعر هؤلا ء الناس انني ايضا عندي الكثير من المتاعب انني عائد لبضعه ايام كي استريح .وحين اتامل وجوه الناس في الشوارع اجد ابصارهم شاخصه الي اللا شئ لقد تعبوا من كثره الشكوي وانهكهم التفكير في حل المعادله الصعبه فاثروا الصمت وتراهم كانهم يعيشون واقع اخر هو اقرب الي ذلك الواقع الذي تشم رائحته في مستشفي الامراض النفسيه . اذن يفرض السؤال نفسه مره اخري لمن نعود لمن يشدنا الحنين لاي شئ ننتمي وهل بعودتنا سنستريح ام اننا سنكنتشف بعد حين ان الام الغربه وبروده الايام كانت اهون بكثير مما هو كائن بين اهلينا وعشيرتنا وعندها سيكون الندم وتتسع الهوه وربما تتقطع السبل .اذن هل نرضي بما قسمه الله لنا من عيش في بلاده الواسعه ونعيش فيها الي ان يقضي الله امرا..؟ ام نعجل بالعوده لمستقرنا الذي نحن لابد يوما اليه عائدون..؟ وماذا عن اولادنا وكيف نحل تلك المعضله..؟ فمنا من رزقه الله بالابناء في ذلك الوطن البديل وعاشو وكبروا هناك فاصبح من الطبيعي ان يشعروا تجاهه بالانتماء والحب اما وطن الاباء فهو مجرد ايام قليله كل عام علي شاطئ البحر او بين الاهل والاصدقاء . ويوما بعد يوم وعاما بعد عام وعندا يصل الابناء لسن الفهم والادراك يكونو قد وصلو لشبه اقتناع ورضا بالوطن البديل وعدم رغبه او قدره علي العوده والاستقرارا بوطن الوالدين لتكون الماساه ولتبدأ مع الابناء رحله الشيزوفيرينيا الجغرافيه وقضيه الانتماء او اللانتماء المواطني .وتكون الكارثه الاكبر حين يقرر الوالدين ارسال احد الابناء لاستكمال دراسته الجامعيه هناك ...وحيدا...بلا سند....كمن يلقي بريشه في وجه اعصار ويطلب منها الثبات او كمن يقيدك بصخره ويلقي بك لاعماق البحر ويطلب منك الا تغرق .اي منطق هذا واي مشاعر تلك واي مبررات واهيه نختبئ وراءها كاباء لنبرر لانفسنا استمرارنا في هذا السخف..؟ بل وفي النهايه يشتكي مثل هذا النوع من الاباء من كثره طلبات هؤلاء الابناء ومن عظم المبالغ التي يحولونها لهم كل شهر .. اهو نوع من محاوله ايجاد مبرر لخطيئتهم في حق ابانئهم..؟ ام انها المكابره...؟ ام انه الهوس المادي الذي بدا ياكل الاخضر واليابس تحت مسمي تأمين مستقبل الاولاد ...؟ اي اولاد هؤلاء بل اي اطلال اولاد أؤلائك ....؟ هذا الابن او هذا الوافد الجديد صاحب العود الاخضر يصبح عجينه سهله التشكيل في ايدي المحترفين من اصحاب الفكر المنحرف سواء كان فكرا دينيا او اجتماعيا وتكون النتيجه اما انحراف هؤلاء الابناء عن جاده الطريق واما اكتئاب وشعور قاتل بالوحده خلفته الغربه في وطن كان من المفروض ان يكون وطنا و بين اهل ليسو بالاهل هذا صنف من الناس وهناك صنف اخر اجبرته الظروف ان يترك اسرته و يغترب وحيدا نظرا لظروف ماديه او اجتماعيه فتراه ليله السفر وقد تحلق االابناء حوله منهم من يطلب حذاء جديد والاخر يذكره بوعده اياه بانه سيشتري له البلاي استيشن اذا كان ترتيبه الاول علي الفصل وكمعظم البنات تطلبا ابنته عروسه كبيره كالتي احضرها عمها لابنته من بلاد بره وتقف الزوجه علي مقربه منهم تضم الي صدرها وليدها (غريب) ذو الشهور الثلاثه وفي يدها الاخري كوب الشاي الذي طلبه منها ابو الاولاد وقد امتلات عيونها بالدموع فاصبحت تراهم كأنهم خيالات مهمهمه. وقفت المسكينه ولم تكن تدري انها ستقف طويلا بمفردها.....ويسافر الاب بعد ان يعدهم انها سنوات قليله ويعود اليهم بالخير الكثير وتبدا رحله من نوع اخر لصنف اخر من المغتربين قرر ترك الابناء وتحمل العيش مغتربا وحيدا معتقدا بذلك انه فعل خيرا والحقيقه هي انه واهم وربما خسارته افدح من صاحبنا الاول لان اسرته ستتعود غيابه بنفس القدر الذي تتعود فيه علي ما يرسله شهريا من مال ليتحول بذلك الي ذلك الرجل اللطيف الذي تقول عنه الروايات انه ابو الاولاد والذي ياتي كل عام او ربما اعوام محمل بالهدايا ثم ياخذ الاولاد للملاهي والمطاعم الفاخره فلماذا لا يكون هذا الرجل محبوبا..؟ لكن هل هو محبوب لانه اب بكل معني الكلمه ام لانه الرجل السحري الذي تاتي معه المتعه والفسحه والضحكه ثم ...مع السلامه ونلتقي العام القادم يا اطفال مع عمو بابا لنكمل حدوته مين فينا الخسران ..؟وعاما بعد عام ومع ارتفاع مستوي معيشه الا سره وارتفاع مؤشر رصيده البنكي يرتفع ايضا الجدار ما بين الاب من جانب وما بين اسرته – بما فيهم الزوجه- من جانب اخر لينفصل عنهم دون ان يشعر نفسيا كما انفصل جسديا وليتعود هو حياه الازوج – الاعزب المتزوج – ولتصبح الام هي رجل البيت الفعلي وقد تنسي في غمار خدمه الابناء ومشاغل الحياه وقسوتها انها انثي حتي ان ذلك لينعكس علي اسلوب تعاملها مع الناس وحتي علي ملبسها . ويتعلق الابناء- خاصه من ولد منهم في فتره اغتراب الاب- بالعم او الخال كاب بديل كما ارتضي ابوة الحقيقي بوطن بديل فكيف يشعرون به كيانا في وجدانهم وهو بلغه الارقام لم يتواجد معهم الا ثمانيه اشهر طيله الثماني سنوات الماضيه بمعدل شهر عن كل عام. ان بعض الاطفال يتعلقوا بصور ابائهم او ربما صوتهم المسجل علي شريط كاسيت اكثر من تعلقهم بابيهم نفسه .لقد تعود (غريب) ذو الثمانيه اعوام علي التعايش مع الصوره تعود علي مصاحبه الغائب والشكوي اليه تعود قبل ان ينام ان يمسك تلك صوره ليشكو اليها زميله في المدرسه الذي القي في وجهه الكره وليسال ابيه( الصوره) هل ستاتي معي غدا الي المدرسه..؟ وعندما لا يأتيه ردا ياخذ الصوره بين احضانه وينام لعلها تمنحه بعضا من دفئ لم يشعر به بين ذراعي ابيه او لعله يلتقي بابيه في الحلم ليقول له: كم اشتقت اليك يا ابي كم احتاج اليك يا رجل عد لتاخذني بين احضانك فلقد اصبحت صورتك باليه من كثره سنوات غيابك ومن كثره تعلقي بها وتقبيلي لها عد يا ابي ولا اريد العابا ولن اطلب منك ان تاخذني الي الملاهي وساطلب من اخوتي ان يفعلوا نفس الشئ. احتاج اليك يا ابي لا لصورتك احتاج ان تعلمي كيف اكون رجلا مثلك أريد ان نذهب للصلاه سويا وانا امسك يدك وانظر في عيون كل الناس لاقول لهم هذا ابي نعم انه ابي ولكن ان قررت الا تعود ساغضب منك وسارسل لك صورتك بالبريد وساقول لمن يضربني في المدرسه ............هاقول لامي .

مش قاعدة ان كل اللى يتغرب يبقى اولاده فسدوا
الرك على الاصل والدين