المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.أحمد سمير
يا جماعة الخير .. اسمحوا لي أن اتكلم بجد شوية عن هذه المشكلة بهدوء :
أولاً : من الضروري ألا نتخذ الفتاوى إلا من المتخصصين في الفقه وحدهم ، وليس المتخصصين في الحديث أو التفسير أو العقيدة فهؤلاء هم من يملكون زمام الفتوى بحق ، ولكن لقب استاذ في جامعة الأزهر ( وأنا أحدهم وأتشرف بذلك ) أصبح مناطاً للفتوى أحياناً بغير تقدير في الغالب وبغير تبصر وبغير علم ( أحياناً ) وأنا أستطيع أن أذكر لكم عشرات العلماء ممن ينتسبون للأزهر في تخصصات بعيدة جداً عن الفقه ويقومون بالفتوى ، هذا ناهيك عن غير المنتسبين للأزهر أصلاً وممن لا يحوزون معرفة فقهية أصيلة .
ثانياً : كتاب الدكتور عبد المهدي جاء لدفع الشبهات فعلاً عن السنة النبوية ، حيث قام أحد الكتاب بوضع كتاب يؤكد فيه على وجود أحاديث موضوعة في صحيح البخاري عملاً بمبدأ كدة كسبان وكدة كسبان ، وطرح فيه حديث إرضاع الكبير بحيث لو قيل إنه حديث مدسوس أكد فساد صحيح البخاري وبالتالي وضع السنة النبوية محل شك ، وإن صح أكد على أن هذا الحديث ينافي العقل ( والعياذ بالله ) وهو الفخ الذي وقع فيه هؤلاء العلماء حيث دافعوا عن الحديث وأفتوا ، والأولى صحيحة والثانية خاطئة .
ثالثاً : هنك شيء في اصول الفقه يسمى الإجماع ، وقد ثبت إجماع المذاهب الأربعة على أن اللبن الذي هو مدار الرضاعة والتحريم هو ما أنبت اللحم وأنشز العظم ، وهو ما ينتفي معه بالضرورة مسألة إرضاع الكبير ويجعلها حالة خاصة لسالم .
رابعاً : سالم هذا كان أبناً متبنى ، ومات أبوه بالتبني ، ونزلت آية تحريم التبني وكان يعيش مع أمه بالتبني في بيت واحد ، فكان الحديث رحمة من النبي بحاله وحال أمه حتى تستمر الحياة بينهما دون حرمة ، وهو ما لا يمكن أن ينطبق بعد انتهاء الحالة وهي حالة الانتقال من التبني المحرم التي انتهت في عصر البعثة النبوية وحرمت بنص قرآني صحيح .
خامساً : أن التناول الإعلامي لمثل هذه الفتاوى المثيرة للجدل ليس عفوياً ، وإنما يتم بغرض الانتقاص من الدين وعلماءه وهو ما حدث وانظروا لمداخلاتكم ، أو التأكيد على أن هذا الدين غير عقلاني ، أو تأكيد حالة الإلهاء لمن اراد أن يهتم بالدين أو غيره من الأمور حسبنا الله ونعم الوكيل .
سادساً : ما أورده الأستاذ محمد علي عن قول محمود السعدني غير سليم ، وكلام السعدني في هذه القضية كلام اقل ما يقال عنه أنه تخلف وهبل لماذا ؟
لأن فقهاء الأمة حين حاولوا تخيل بعض الأمور التي بدت في عصرهم مستحيلة أو نادرة وتبيان الحكم الشرعي فيها كان ذلك بهدف تحقيق شمول الفقه الإسلامي لكل أمور الحياة ، والرد على مثال قربة الفساء ( أي الريح ) واضح وموجود في حياتنا الحقيقية فعلاً .
فما هو الحكم الشرعي لمن يركب قسطرة البول أو من يحمل قربة للفضلات ، هل تصح صلاته أم لا ؟ أجيبونا يا سادة ستجد أن مثال قربة الفساء هو المثال الذي يتجلى فيه هذا الحكم الشرعي .
وعندما قال الشافعي رحمه الله عن مثال من له رأسان هل يمسح في الوضوء عليهما أم على أحدهما ، أليس هذا مثلاً للتواءم الملتصقة هل يعد كل منهما له أهلية أم كليهما بأهلية واحدة ، وكيف لأحدهما أن يصلي إن كان الآخر على غير وضوء .. افيدونا يا سادة .
لذا وجب هنا أن ننظر إلى الأمر بنظرة أعمق وأكبر ، ورجاء خاص ألا نهين العلماء من اصاب منهم ومن أخطأ ، هذا شريطة أن يتصفوا بالعلم لا الادعاء . خاصة ونحن أول الناس الذين نؤكد دوماً على حق الاختلاف وحق الاجتهاد
تقبلوا خالص مودتي وحبي