الدراسات العليا بقهوه كتكوت
كما تضرب العشوائيه والغوغائيه بجذورها في كثير من جوانب حياتنا سواء كانت اقتصاديه أو اجتماعيه أو سياسيه فانها تكون أخطر عندما تمتد الي التعليم الذي هو مستقبل الولد والبلد .دعوني أدخل في صلب الموضوع .
لماذا نتعلم..؟ لنعرف و نتثقف..؟ أم لنتفاخر بالشهاده ونضعها في اطار ذهبي علي الجدار...؟ ام لنتزوج بها .. ؟ ام لنتوظف بها ...؟ ام لكل ذلك...؟ ان واقع الامر يقول أن التعليم في مصر لا يعتمد علي اعمال الفكر او الأبداع او التحليل العلمي انما علي تحويل رأس الطالب الي صندوق يظل الطالب يملؤه طيله العام الدراسي ثم يفرغه دفعه واحده ايام الامتحان ليخرج من العام الدراسي بصندوق فارغ دوت اثر علمي او ثقافي يذكر
ان ذلك ليس فقط مقصورا علي طلبه المدارس بل ان خريجي الجامعات في حاله يرثي لها من سطحيه المعرفه وضحاله الثقافه والجهل باي لغه اخري سوي لغه أجداده و لم لا ووضع وترتيب بعض جامعاتنا المصريه افريقيا وعالميا هو كالتالي : -
الجامعه افريقيا عالميا
القاهره 21 4056
المنصوره 37 5271
اسيوط 58 6322
عين شمس 63 6569
المنوفيه 80 7271
الزقازيق 82 7335
وان اول 8 جامعات افيريقيا هي من جنوب افريقيا وأن هناك اكتساح للجامعات الاسرائيليه علي مستوي الشرق الاوسط.
اذن السؤال هو هل نحن في حاجه الي تطوير هذه الجامعات العريقه والأرتقاء بمستواها العلمي والنهضوي...؟ ام الحل يكمن في فتح المزيد من الجامعات الخاصه كما حاصل و التي انتشرت كمحلات الفول والطعميه أو محلات عصير القصب واصبحت بدلا من أن تكون بديلا علميا محترما أو علي الاقل تملأ هذا الفراغ المنهجي اصبحت تتباهي بجوانب اخري كشكل المباني والخدمه الخمس نجوم و اصبحت العمليه مشروع استثماري لابناء الاغنياء والطبقه البرجوازيه يعني من الاخر كله بفلوس دادي حتي الشهاده
وأري فيما يراه النائم شابا نحيلا في مقتبل عمره يدرس في المرحله الثانويه هو حلم اسرته التي تسكن منزلا متواضعا في احدي قري مصر الطيبه والذي بذل مجهودا ضخما من سهر واجتهاد ليحصل علي مجموع كبير يلتحق به بكليه الطب ليحقق حلم ابيه الفلاح البسيط وليكون اول طبيب في عائلته ولكنه للاسف فشل في تحقيق الحلم بسبب نصف درجه. لا احد يشعر بهذا القدر من الحسره والاحباط وخيبه الامل والاحساس بالسخط والظلم سواء منه او من اسرته التي اقتصدت من قوتها حتي ينال احد الابناء البركه وتحل عليه الحكمه ويلبس تاج العظمه ليصبح سي الدكتور.ظلت الأم المسكينه تقرع بابه كي يخرج من غرفته ليتناول طعامه الذي اضرب عنه من وقت ان سمع النتيجه وظل الاب يطلب منه شكر الله علي ما اعطاه وكأن هناك مصيبه حلت بتلك الاسره رغم ان واقع الامر يقول غير ذلك تماما وأن الطبيب لا يختلف عن غيره من خريجي الجامعات وانه يحصل من المستشفي علي 200 جنيه شامله البدلات والحوافز وأنه يضطر لأن يعمل في مستوصفات خاصه نهارا ثم يجري ليلحق بنوبه عمل الليل في مستشفي احد اقارب صديقه وانه ليصبح طبيب بجد يحتاج ان يبدأ مشوار جديد من الدراسات العليا والتحصيل العلمي الذي قد يمتد به 7 سنوات اخري يحتاج فيها ما يفوق قدره اي انسان ينتمي حتي للطبقه المتوسطه التي انقرضت من المجتمع وانضمت الي طبقه بير السلم.اذن هل المطلوب من هذا الطبيب ان يظل يطلب من اهله المساعده والانفاق عليه لسبع سنوات اخري...؟. حتي بعد انهاؤه للدراسات العليا والتخصص مطلوب منه ان يمتلك عياده محترمه في مكان تجاري وهذا ايضا يحتاج مبالغ ضخمه لا طاقه له بها. اذن لماذا كان كل هذا العناء بدايه من الصف الاول الثانوي ونهايه بالماجستير او الدكتوراه...؟ أنا لا ادعو الي ترك الاجتهاد او التخلي عن الطموح أو اجهاض الحلم قبل أن يولد ولكن ما اعنيه هو لماذا لا نغير طريقه التفكير نفسها لماذا لا نفكر بطريقه اشمل وأكثر عمليه هل مطلوب مني ان اظل افكر وأخطط لمستقبل أبنائي بنفس تلك الطريقه التي كانوا يفكروا بها منذ 30 عاما مثلا رغم ان الدنيا وسوق العمل والاحتاجات والمتغيرات التي جدت علي حياتنا كثيره..؟ لماذا لا نتخلي عن هذا الحلم الاجوف بالالتحاق بما تسمي كليات القمه...؟ حتي هذا المسمي اجده مسمي غبي لأن معناه أن من يلتحق بكليه التربيه او الحقوق مثلا فهو من اهل القاع .من قال ذلك,,؟ من هذا السطحي الذي صنف العلوم القانونيه او التربويه علي انها قاع ...؟لماذا لا التحق بالكليه التي اشعر بحب لدراسه موادها سواء كانت علميه او نظريه ..؟أليس من المتوقع ان يتفوق الانسان ان درس ما يحب علي عكس من يجبر علي الاتحاق بكليه ما لمجرد ان ييقال عنه كذا
اذن طالما الامر في النهايه سواء وان كل خريجي الجامعات بقمتها وقاعها يعانون من قله فرص العمل وأنني ساركب يوما ما التاكسي لأجد أن سائقه خريج كليه الطب وأن ذلك الشاب ذو الابتسامه الواسعه الذي قدم لي الطعام في المطعم خريج كليه الاقتصاد والعلوم السياسيه وأن تلك السكرتيره المحجبه ذات الملامح الهادئه التي رايتها عندما ذهبت لزياره صديقي صاحب شركه المقاولات ما هي الا الانسه سمر احدي المتفوقات من خريجي كليه الاعلام . اذن علام كل هذه المليارات التي تنفقها الاسر المصريه علي الدروس الخصوصيه وعلام كل براميل الجاز التي تستخدم في حرق أعصاب أبائنا وأمهاتنا . كل هذا والكارثه ان الإحصائيات الرسمية تقول عدد الأميين في مصر هو 17 مليون إنسان لعام 2006 حوالي
20% رغم أن بعض المختصين يؤكد أن النسبة قد تصل إلى 50% من السكان.
- اذن قد يكون الحل في : -
1- تحسين نوعية التعليم بصورة عامة والبعد عن الكم والاهتمام بالكيف والاهتمام بالجوانب التطبيقية والتدريبية والعمل الميداني حتى يتخرج طلبتنا قادرين على العمل واثقين من أنفسهم، كذلك محاولة تطبيق أنماط تعليمية استخدمتها دول نهضت من كبوتها وعرفت كيف تبدا نهضتها بدايه من الاهتمام بالتعليم وتطوير اسلوبه ومضمونه و أن تحسب بدقة مسألة ارتباط السياسة التعليمية باحتياجات خطط التنمية وواقع سوق العمل واحتياجاته
2 -عدم التقليل من شأن التعليم المهني والتوقف عن وصف من لا يعجبنا تصرفه او طريقه كلامه انه فلاح او سمكري او حتي مبيض محاره فهذا التحقير يؤدي بالطبع ويرسخ في النفس بشكل تراكمي الأشمئزاز حتي من فكره ممارسه مثل تلك الاعمال أو حتي تعلمها
3-ان نتخلي عن نمط تفكير اجدادنا الذي كان يقدس مهن بعينها دون غيرها وان نتوقف علي الالحاح علي ابنائنا منذ صغرهم علي انهم لابد ان يكونوا واحد من اثنين لا ثالث لهما اما مهندس أو طبيب. لا بد أن نصبح عمليين أكثر وأن يكون اهتمامنا بالمضمون أكثر من اهتمامنا بالشكل والمظهر وكلام الناس لانه لم يعد الطبيب هو ذالك الشخص الذي تلفت اليه الاعناق عندما يقول معاك الدكتور فلان
4-أولئك الذين استقطعوا من طعامهم وملبسهم ورفاهيتهم مبالغ كبيره انفقوها علي الدروس الخاصه من جانب وعلي الجامعه الخاصه من جانب اخر خير لهم توفير ذلك المال ووضعه للأبن في حساب يستفيد منه في حياته العمليه بعد تخرجه فلو افترضنا ان متوسط ما يصرف علي دروس الابن في المرحله الثانويه والجامعه الخاصه هو مائه الف جنيه فان مثل هذا المبلغ سيكون بدايه جيده ومدخر لا باس به لشاب في مقتبل حياته فافضل له ان يكون خريج كليه الاداب او الزراعه او حتي تربيه رياضيه وفي جيبه مائه الف جنيه من ان يكون باشمهندس جيوبه خاويه ليبدأ في الدراسات العليا لقهوه كتكوت او كوفي شوب أم ترتر......تحياتي