ولو ان السنة الدراسية أوشكت على الانتهاء ... الا ان هناك رأى جديد أحب تعــرفوه
وهو فى جزء من يوميات الأخبار للأستاذ جمال الغيطانى فى جريدة الأخبار النهارده الأربعاء 12/05/2010
#1a2ad6
زيارة مفاجئة
الخميس
يبدأ بعض الوزراء الجدد عهودهم بالزيارات المفاجئة،. واحدثها تلك التي يقوم بها الدكتور احمد زكي بدر وزير التعليم مستهدفا بعض المدارس القريبة من القاهرة،. وينتج عن هذه الزيارات معاقبة بعض المدرسين بنقلهم أو خصم ايام من عاملة نظافة،. أو فراش،. وتلك اجراءات يمكن ان يقوم بها مسئولون اصغر بكثير من الوزير،. فليس من المألوف ان يعاقب الوزير مباشرة عاملة نظافة بخصم بضعة أيام لأن المدرسة في حالة قذرة،. علما ان الريف المصري به مدارس لا توجد بها دورات مياه،. ولم نسمع حتي الآن عن قيام الوزير بزيارة مفاجئة لمدرسة في قنا،. أو الوادي الجديد،. اقصي ما وصل اليه اطفيح في محافظة حلوان،. والطريف ان التليفزيون كان مصاحبا فأي مفاجأة هذه؟.!
في رأيي ان الموضوع يتعلق بفرحة الوزير الجديد بالمنصب،. اذ يفاجأ البعض خاصة ممن لا يمتلكون تكوينا سياسيا أو رؤية ثقافية وعلمية بحجم السلطة التي اصبحت فجأة بين ايديهم.. فيبدأون بتجربة وقع هذه السلطة علي الغلابة ممن لا حول لهم ولا قوة،. فلنتخيل وزيرا في حكومة مصرية يدخل من الباب الخلفي لمدرسة.. وفي نفس اللحظة يكون عامل نظافة جالسا،. أو عاملة نظافة تأكل سندويتشا أو مدرسا منهكا متعبا،. فجأة يجد نفسه في مواجهة الوزير،. الوزير في مواجهة الغفير،. قمة السلطة في مواجهة قاعها،. موقف درامي بامتياز يذكرنا برائد الزيارات المفاجئة في تراثنا العربي،. هارون الرشيد في الف ليلة عندما يتنكر في ملابس تاجر أو درويش ويصحب معه الوزير جعفر البرمكي الذي لا يناله من الخليفة إلا التهزيء والاوامر مستحيلة التنفيذ.. وعليه التلبية فورا وإلا فمسرور السياف جاهز لقطع الرقاب،. الفرق بين زيارات الوزراء الجدد والخليفة ان الخيال الشعبي كان يضع الخليفة في مأزق يمر بها وهو متنكر قد تؤدي به إلي البهدلة لولا تدخل جعفر البرمكي في اللحظة المناسبة،. لكن الوزير يصحب معه التليفزيون والحرس الاشداء وفجأة... بخ... انا الوزير،. في مواجهة من؟ عامل نظافة أو فراش أو مدرس لا يكفي دخله لستره،. الزيارات المفاجئة خفت في الاسابيع الاخيرة بعد ان تأكد الوزير انه وزير،. ومارس اللعبة المرضية للذات،. التمتع بالسلطة الجديدة،. الزيارات لن تصلح حال التعليم ولا العلاج،. ولا أي شيء،. بالنسبة للتعليم انصح السيد الوزير باستعادة طه حسين،. ان يستخرج كتابين ما يحتويانه يمثل برنامجا مازال صالحا حتي الآن،. الاول. »مستقبل الثقافة المصرية.« الصادر عام ثمانية وثلاثين. والثاني مجلد ضخما صدر عن دار الكتب المصرية ويضم مقالات الدكتور طه حسين الخاصة بالتعليم فليقرأهما السيد الوزير جيدا وليبدأ منهما وضع رؤية متكاملة لإصلاح التعليم الذي بدونه لن تتم اي خطوة إلي الامام اما سياسة. »بخ... انا الوزير.« فلن تجدي نفعا..
#1a2ad6
المفضلات