:mad:جنة طلعت مصطفى.. لا يسكنها البسطاء:mad:
حين تصادف هوجة الإعلانات الكاسحة التي تحدثك عن "بناة المستقبل" ويقصد بها مدينة "مدينتي" المملوكة لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى فلعلك تحس للوهلة الأولى أنك تبوأت مقعدك من.. الجنة الأرضية ، وتشعر أنك عثرت على ما عانيت في البحث عنه ، لكنه حين تصطدم بأرض الواقع فإنك تردد أغنية العندليب "واتاريني.. ماسك الهوا بايديا" .
- جنة للأثرياء فقط
كان لا بد من هذه المقدمة للتعبير عن تجربتنا مع محاولة الحصول على فرصة الإسكان الذهبية التي يوفرها مشروع المهندس طلعت مصطفى صاحب مدينة الرحاب المخصصة للطبقة الراقية فقط ، ويمنع سكنها على أولئك العامة والدهماء من أمثال الموظفين أو حتى المهندسين أو الأطباء ، ماداموا لا يملكون مفاتيح الملايين .
ونستعرض فيما يأتي بإيجاز ما صادفناه مع مدينتي :
فكما قلنا البداية كانت حين تعرضنا لهذا السيل الهائل من الإعلانات التي تغرق كل مكان في مصر وتشدك شدا للسكن في "مدينتهم" وذلك بما قيمته 14 ألف جنيه فقط ، وحين تشجعنا وقررنا خوض المغامرة فوجئنا بالأهوال التي تحتاج قديرا مقتدرا لمواجهتها .
هشام طلعت
أول كل شيء يقابلك موظف تكاد تجزم أنه أشيك رجل في مصر ، وموظفة تكاد تقسم أنها أجمل ست في مصر ، وتلمح نماذج إسكان تكاد تكون أنظف منازل في مصر ، وعلى الفور سألنا أنفسنا : "ياه كل ده بـ 14 ألف جنيه فقط ، يا بلاش والله مش خسارة الواحد حتى يستلفهم جنيه جنيه بلا سكن شعبي بلا وجع قلب" .
وحين اقتربنا من مثلث الجمال والرعب القابع في مدخل الشركة بدأنا على استحياء دوامة الاستفسار عن طريقة الحجز ومواعيد السداد والاستلام ، فأجابنا الموظف باسما : أول كل شيء حضرتك تترك 14 ألف جنيه دفعة حجز مبدئية ، وبعد 6 أشهر تدفع 14 ألف آخرين لتأكيد جدية الحجز .
وهنا قفز لساني بالسؤال الآتي : هل لا توجد وسيلة أخرى لإثبات جديتي في الحجز ، أحلف لك على مصحف مثلا ، ثم ما هو أنا ها دفع 14 ألف جنيه دول مايكفوش لإثبات حسن النوايا ، فرد الموظف باسما لكن بطريقة مختلفة : والله يا أستاذ دا نظام الشركة لو يناسبك أهلا وسهلا ، وطبعا النص التاني معروف .
المهم، بسرعة شغلت الفهامة وقلت في نفسي أستفسر بالمرة عن باقي الشروط ، واستعطفت الموظف ، الذي بدأ في التذمر ، أن يتسع صدره لمراعاة ضيق فهمي ، لكنه قام بتسليمي ـ وخيرا فعل ـ لزميلته "فرجينيا" ـ كما سميتها في خيالي ـ وما هي إلا ثواني إلا وقد رصت مجموعة من المبالغ المطلوب سدادها تصل إلى حوالي 120 ألف جنيه وذلك قبل استلام الوحدة التي أستفسر عنها ، وهي للعلم أصغر مساحة موجودة لديهم فئة 80 مترا .
ثم بدأ صدر الجميلة أيضا يضيق حين سألتها ، من فضلك هو الاستلام بعد أد إيه ، فردت متمنية أن يكون هذا آخر سؤال : 4 سنوات ، وتوقعت مني أن أنصرف لكنني واصلت عادتي المقيتة في الاستفسار عن كل صغيرة وكبيرة خصوصا فيما يتعلق بما يستوجب الدفع ، وقلت لها ممكن أعرف القيمة الإجمالية للشقة ؟
فأجابت 378 ألف جنيه ، فأكدت عليها أنا أقصد مساحة الـ 80 متر ، فردت : أعرف وأكملت الرد على جميع الاستفسارات قبل ترديدها من جهتي ـ على طريقة يا ريت ماتسمعناش صوتك واحنا ها نجاوب عما يدور داخلك ـ فوجدتها تقول : السداد على مدد مختلفة تبدأ من 7 سنوات وحتى 15 سنة وطبعا مسألة الـ 378 ألف دي على نظام السبعة ، و بالتالي كلما طالت المدة زادت معها الفوائد حتى تصل إلى 415 ألف جنيه .
وعندئذ شعرت بإحساس من ذلك النوع الذي اعتاد أن يداهمني كلما واجهت أحد التحديات المستحيلة ، وتجرأت وطرحت آخر سؤال لي قبل أن أغادر المكان ، هل يمكن أن أعرف عدد الذين تقدموا للسكن بمدينتكم هذه ، فوجدت البيه الموظف يجيبني باستخفاف : 4 أضعاف ما كنا نخطط له ، وطبعا حضراتكم في غنى عن وصف ما شعرت به آنذاك ، وبعد هذا العرض المحبط نعود لملف المهندس طلعت مصطفى .
ولم يكن وقع الصدمة بالنسبة لي هينا ، فلا يستطيع أحد تذوق هذا الإحساس الذي انتابني بعد هذا الدش الساخن ، لكنني تغلبت على الموقف ورحت أصبر نفسي بعبارات الزهد في الحياة وحاولت إقناع ذاتي بأنني يكفيني القناعة والشرف .. إلى آخر هذه الألفاظ الرنانة التي لا تثمن ولا تشبع .
الطريف في الأمر أنني بعد فترة وجيزة اكتشفت أنني لست وحدي ضحية مدينة الأحلام ، فخلال مطالعتي لصفحات الجرائد وجدت أناسا آخرين ملتاعين أيضا من أمثال تلك المشروعات التي تفور لها دماء البسطاء فوجدت زميلنا خالد صلاح بجريدة المصري اليوم بتاريخ 15 أكتوبر 2007 يكتب في مقالته :
اللهم أجعلني.. طلعت مصطف
"قطعا من حق طلعت مصطفي ونجله هشام ومجموعته العملاقة وشركائه الكبار، عربا وأجانب، بدءا بالوليد بن طلال وحتى آخر قائمة الثمانية والعشرين شريكا في المجموعة، أن يتمتعوا بفردوس الاستثمار في مصر، وأن ينعموا أفرادا وجماعات بالتسهيلات الممنوحة لهم (بالقانون) في تملك الأراضي وتقسيمها وبناء المدن الفاخرة في الصحراء، وبيعها بأسعار فائقة لمن يهوي أو يستطيع.
لكن الكاتب طالب في الوقت ذاته بتطبيق ذات القانون والعدل ومساواة ومعاملة أي شاب بالمستثمرين .. ويقول في ذلك :
"أما وأننا اعترفنا بالحق لطلعت مصطفي ـ فتح الله عليه ـ فإننا باسم العدالة وباسم المساواة أمام قوانين الاستثمار، نتطلع لأن يكون نصيبنا من (القانون) هو النصيب نفسه، الذي اقتطعه طلعت مصطفي، وأن يكون حظنا من فردوس الأراضي كحظ مجموعته العملاقة، فنحصل علي ما حصلوا عليه، ونتمتع بما نعموا فيه، وترفرف علينا سواسية حقوق المواطنة في الدستور وفي الفكر الجديد.
ويتساءل صلاح : هل من الناحية العملية والعلمية و الاقتصادية أن نساوي بين الاثنين..كيف..فهذه شركة عملاقة تملك مقومات النجاح من خبره في هذا المجال وكذلك الأموال اللازمة لتمويل مشروع بهذا الحجم..وكذلك سياسة تسويقية ناجحة في جميع البلدان العربية و الأجنبية..
ويتساءل الكاتب عن الثمن الذي دفعته المجموعة في الأرض الصحراء الجرداء والتي لم ولن يطئها قدم ..ألا بسبب مجموعة طلعت مصطفي..
ويجيب على نفسه قائلا : أعرف أن المجموعة تبيع بأسعار تتراوح بين 1500 و4000 جنيه للمتر، فهل اشترتها بالسعر نفسه، وهل سددت ثمن الأرض للحكومة، أم أن الحكومة تعاملت بقاعدة «العفو عند المقدرة» فمنحت الأرض مقدما، علي أن تحصل علي الثمن لاحقا بعد إتمام البيع بالكامل أو انتهاء تحصيل ثمن المشروع؟ هل أخذ طلعت مصطفي الأرض (شُكك) وسمحوا له ببيع الأرض بأسعار (المستقبل)، ثم يسدد نسبة 7.5% للدولة وكأنها أسعار (الماضي)؟ مجرد سؤال لا أعرف إجابته، ولا يعرف كل من سألتهم من خبراء العقارات والأراضي إجابته، ولا أحد في الحكومة يجيب عنه، بل لا توجد إجابة لدي المجموعة نفسها: الموظفون في شارع مصدق ومصر الجديدة، والوكلاء في جدة والإمارات!
وبلهجة استنكارية ساخرة يتساءل الكاتب : إلي متي سنظل ننظر لكل مستثمر في ربحة مدام لا يسرق أو يغش..
مشروع مثل هذا يعمل فيه ألاف المواطنين من جميع المهن وفئات الشعب..إلي متي سنظل ننظر لأي رأسمالي علي أنه حرامي يأكل أموال الناس بالباطل.......
ويكمل مقاله موجهاً أسئلته للحكومة بإعلان تفاصيل الصفقة قائلا :
"كل ما أرجوه أن يتم الإعلان عن تفاصيل الصفقة، لكي أطالب، أنا شخصيا، بحقوقي كمواطن بالمساواة في الشروط نفسها، إذ ربما أجد في نفسي مواهب في تقسيم الأراضي وبيعها بآلاف الجنيهات، وتحصيل ثمن الفيلات والشاليهات مقدما، ثم أرد للحكومة، فضلها ونعمتها، كما يفعل طلعت مصطفي، إن كان يفعل، مثلا يعني مثلا!
أسأل أيضا: هل التسهيلات الممنوحة للمستثمرين في سداد ثمن أراضي سيدي عبد الرحمن والعين السخنة وغيرهما هي التسهيلات نفسها الممنوحة للشباب في مشروع «ابني بيتك» أم لا؟ وهل يمكن استبدال مشروع علي تسهيلات طلعت مصطفي نفسها، أي يحصل الشاب علي 8000 فدان، يقسمها ويبيعها «كاش» وبعدها يسدد للدولة، ويبني ويعمر بأموال الحاجزين بمشروع «ابني بيتك» بدلا من منح الشباب 90 مترا في صحراء بلادهم لبناء جحور صغيرة للإيواء؟!
ويردف قائلا : نعم الحكومة أخطأت في منح الشباب أمتار قليله.ليبني عليه شقة صغيره جداً..مثل الجحر....ولكن كيف أمنح شاب 8000 فدان ليقسمها ويبيعها وهو لا يمتلك أي مقومات اقتصادية..أو هندسية تؤهله لذلك..
ألم يكن سبب خراب الأراضي الزراعية في مصر هو توزيع الأراضي علي كل من هب ودب...وكانت النتيجة تجريف وتبوير أراضي من أخصب أراضي الوطن...للبناء عليها..
وينهي الكاتب مقالته اللاذعة بتوجيه كلمة لأي مسئول للرد عليه... على النحو التالي :
"إذا كنتم قد فعلتموها مع طلعت مصطفي وغيره، فافعلوها معي، كمواطن، ومع شباب «ابني بيتك»، كشركاء في الحقوق، وإذا افترضنا أن الأمر لم يمض بهذه الطريقة، فهل تتكرمون بإعلان تفاصيل صفقة مدينتي ومثيلاتها لنتعلم من الحقيقة، ولنثق أكثر فيكم وفي طلعت مصطفي والوليد وملاك الأراضي الجدد في مصر؟
دكتور نظيف يجاوب، أو وزير الإسكان، أو الاستثمار، أو أي أحد من الحكومة، أو طلعت مصطفي نفسه.. أي حد بس قولوا لنا بجد إزاي ده بيحصل؟!
لك ولنا الحق في معرفة تفاصيل الصفقة ولكن هل يستوي هذا بذاك.؟؟!
هل الذي يدفع الألاف مثل الذي يدفع المليارات ؟
هل الذي يقوم ببناء منزل له وتتولي الدولة مد المرافق والطرق والخدمات مثل الذي يقوم ببناء مدينة متكاملة و لا يكلفها مليماً واحداً ...؟؟؟!!!!
طابور الحاقدين
وعلى طريقة أهل الحقد أيضا ، هاجم المهندس طارق النبراوي ، عضو جمعية مهندسون ضد الحراسة ، الاتفاق المبرم بين وزارة الإسكان ومجموعة طلعت مصطفي التي يديرها المهندس هشام طلعت مصطفي حول مشروع إسكان مدينتي بالقاهرة الجديدة المبرم تحت رعاية د.أحمد نظيف رئيس الوزراء والذي يمنح امتيازات مهولة لمصطفي وصفها بيان لـ «مهندسون ضد الحراسة» بأنه أكثر من سخاء ماما نونا مع حمادة عزو..
وقال النبراوي في تصريحات صحفية إنه تأكد من عدم سداد المجموعة قيمة الأرض التي حصلت عليها إلي وزارة الإسكان عند الاستلام مثل باقي خلق الله الذين يدفعون عند الاستلام ويتعرضون للغرامات التي قد تصل إلي سحب الأرض منهم في حالة التأخير عن سداد أي قسط، وأضاف أن الشركة تعهدت بالسداد عند الانتهاء من إقامة المدينة بالكامل وبيع وحداتها والمراكز التجارية بها، وأن السداد سيكون عينيا عن طريق تسليم بعض من المتبقي من الوحدات بالسعر الذي يتم الاتفاق عليه حينئذ حيث يتم السداد بواقع 50 جنيها للمتر بعد مضي 10 سنوات عليه دون أن يكون مصحوبا بأي فوائد لتعويض الفرق في سعر الجنيه.
وتساءل النبراوي: أي سخاء هذا الذي يمارسه رئيس الوزراء ووزير الإسكان من أموال الشعب؟.. ووصف النبراوي هذا السخاء بأنه إخلال جسيم بدور ومهام الوزير ورئيس الحكومة، وكان النبراوي يطالب منذ أكثر من شهرين بالإفصاح عن تفاصيل بيع أرض مشروع «مدينتي» إلي جانب الحملة التي نجحت في إلغاء قرار أحمد المغربي وزير الإسكان رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب ببيع مساحة كانت مخصصة لإقامة مشروع عمراني وتبلغ أكثر من10 آلاف فدان إلي مجموعة «طلعت مصطفي» وبعض المستثمرين العرب والأجانب .
وفي النهاية تبقى كلمة
وإلى هنا يبدو أن الحديث قد انتهى ، ولكنه في الواقع لا بد أن يبدأ من هنا ، فيجب على كل حريص على صالح هذا البلد فتح ملفات هؤلاء الأباطرة وإن كان لهم حق يأخذوه وإن كان عليهم فيدفعوه قبل أن نواجه طوفانا لا قبل لنا به .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
منقول