لم يتسبب الإنذار الذي منحه البنيني كوفي كودجا حكم مباراة مصر والسودان، التي أقيمت أمس السبت بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم في غانا، لنجم وسط "الفراعنة" محمد أبو تريكة لاظهاره شعارات التعاطف مع غزة الفلسطينية، في استياء ودهشة الجماهير المصرية فقط، بل أغضب الجماهيرالعربية من المحيط إلى الخليج، ونقلهم من المنافسات الرياضية الساخنة إلى التوحد حول معاني الانتماء العربي ومفرداته.

وحملت الدقيقة 78 من مباراة الأمس للجماهير العربية والمصرية من الحزن، بقدر ما حملته من السعادة للأخيرة، بعد أن أحرز أبو تريكة هدف فريقه الثاني في المباراة وهدفه الأول في البطولة، ثم توجه إلى الكاميرات التصوير في الملعب، ورفع قميصه، ليظهر شعار "تعاطفنا مع غزة"، وينال البطاقة الصفراء على فعلته.

ويأتي تعاطف تريكة مع غزة نتيجة للحصار الذي خضعت له المدينة من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلي لأشهر متواصلة، الأمر الذي دفع سكانها إلى التدفق على رفح المصرية والعريش، وتحطيم الجدار الحدودي الذي يفصلهم عن مصر، لشراء احتياجاتهم.

هذا وقد أشار التلفزيون السوداني بعد اللقاء، إلى إن النجم الكبير استطاع أن يكسر حدة السخونة في المباراة، وذكر الجميع بأن الهدف من المبارايات ليس المشاحنات، وإنما الروح الرياضية والمنافسة الشريفة.

وعلى قدر ما أصيبت الجماهير العربية بخيبة أمل من قرار كودجا البنيني، إلا أنهم يدركون تماماً أنه كان لزاماً عليه تنفيذ القانون، وإلا سيصبح هو المسؤول الأول، وبالتالي سيتعرض للعقاب، خاصة بعدما نقلت تقارير صحفية المسؤولية للإتحاد الأفريقي "الكاف"، وأكدت أن قراراً سيصدر خلال الساعات القادمة بايقاف اللاعب، لمخالفته قوانين الإتحاد الدولي التي تحظر استخدام الشعارات الدينية أو السياسية في المباريات. محمد أبوتريكة يسجدا شكراً لله بعد هدفه

والواقع ان للجماهير العربية الحق في حالة الغضب التي انتابتها بعد انباء الإيقاف المنتظر، خاصة وإن "الكاف" يتحجج بقوانين الإتحاد الدولي التي سبق وان تغاضت عن فعلة الغاني جون بينسيل بعدما رفعه العلم الإسرائيلي في مونديال ألمانيا 2006، ليحيي الجماهير التي طالما ساندته أثناء لعبه بالدوري الإسرائيلي، كما تغاضت عن فعلة أبو تريكة نفسه في أمم أفريقيا 2006، عندما أظهر شعار "فداك يا رسول الله" أثناء إحتفاله بأحد الأهداف.

وعلى الرغم من الإنتقادات الواسعة لـ "الكاف"، إلا إنه لن يكون للمصريين حيلة معه إذا ما اتخذ قراراً بايقاف النجم الكبير، الأمر الذي دفع البعض لانتقاد الأخير على فعلته التي منحت من يتربص بـ "الفراعنة" الأسباب الوجيهة لتعطيل المسيرة، مؤكدين أن المساهمة في تقدم فريقه في المنافسات والفوز باللقب سيمنح غزة وأبنائها الفرحة التي تستحقها على اعتبار ان مصر فريق عربي، خاصة وإنه تحاشى اظهار الشعار مرة أخرى، بعد احراز هدفه الثاني، خوفاً من الطرد.


لقد غلبت ابو تريكة مشاعره وانتماءاته العربية خلال المباراة، وكان احتفاله بهدفه أكثر تعبيراً من "حذاء" زيدان، و"جيل" العلودي، و"رقصة" كلاً من غانا وكوت ديفوار الجماعية، إلا إنه تسبب في أزمة لم تكن في الحسبان لمنتخب بلاده الذي سيكون في حاجة ماسة لخدماته في الأدوارالنهائية لما يملكه من خبرة وقدرة على ضبط ايقاع المباريات.
وكان المنتخب المصري قد اقترب كثيراً من ربع النهائي، بعد فوزه الساحق على منافسه السوداني في الجولة الثانية للمجموعة الثالثة بثلاثية بيضاء أطاحت بالأخير من البطولة تماماً.