| تسجيل عضوية جديدة | استرجاع كلمة المرور ؟
Follow us on Twitter Follow us on Facebook Watch us on YouTube
النتائج 1 إلى 7 من 7

  1. #1

    ams

    الصورة الرمزية ams

    رقم العضوية : 3867

    تاريخ التسجيل : 27Dec2007

    المشاركات : 1,904

    النوع : ذكر

    الاقامة : عين الشمس

    السيارة: N/A

    السيارة[2]: N/A

    دراجة بخارية: N/A

    الحالة : ams غير متواجد حالياً

    Exclamation هؤلاء النصابون الكبار وابتكاراتهم العبقرية - Facebook Twitter whatsapp انشر الموضوع فى :

    hasad">

    هؤلاء النصابون الكبار وابتكاراتهم العبقرية

    1- فضلات ثيران !

    أخيرًا شاهدت حلقات البرنامج الأمريكي (هراء) الذي أرسل لي صديقي الكويتي حلقات موسم كامل منه .. (هراء) أو (فضلات ثيران) هي الترجمة المهذبة لاسم البرنامج البذيء، والذي يقدمه اثنان من المشعوذين الظرفاء سليطي اللسان هما (بن) و(ستيلر) اللذان قررا أن يكرسا حياتهما لمحاربة الخرافة والسخف والنصب .. نفس الدور الذي لعبه منذ مائة عام مشعوذ آخر هو (هوديني) على أساس إن (حبل على حبل مايبرمش) كما يقولون عندنا .. الحلقة التي استلفتت نظري تدور عن الطب البديل .. يمكنني اليوم أن استعمل الكلمة بحرية بعد ما فضل د. (محمد المخزنجي) استعمال لفظة (الطب المكمل).. منذ البداية يقول مقدم الحلقة في استمتاع: "نحن نبحث عن الهراء .. وما دمنا نتكلم عن الطب البديل فالمشكلة هي: من أين نبدأ ؟" ويأخذك البرنامج في رحلة ممتعة بين هذا النصاب الذي يجوب الولايات المتحدة بشاحنة، ويقوم بتدليك القدمين بجهاز يحدث ذبذبة معينة تدغدغ القدم، ويتقاضى 55 دولارًا في الساعة.. يطلقون على هذا النوع من العلاج اسم reflexology ويقضي بأن كل أعضاء الجسم لها جزء يمثلها في القدم .. ثم يأخذك البرنامج إلى المعالجين بالمغناطيس .. هناك مغناطيس لكل عضو من أعضاء جسدك، والفكرة هي تصحيح مغناطيسية جسمك المختلة .. يؤكد الدكتور المتحمس لهذه الطريقة – وكلهم يحملون لقب دكتور على فكرة - أن رسم المخ الكهربي أظهر انخفاض معدلات التوتر لدى من عولجوا بهذه الطريقة.. هنا يذكرنا البرنامج بأن رسام المخ الكهربي لا دور له في قياس التوتر .. ويعلق أحد أساتذة الأمراض العصبية أن أجسامنا لا تعمل بهذه الكيفية ولا دور للمغناطيس فيها .. هناك جو علمي مهيب حول الموضوع لكن الحقيقة هي أنه مجرد هراء .. بعد هذا نرى الـ Chiropractor وهو نصاب آخر يعالج بفلسفة تقوم على أن كل الأمراض تنجم عن ارتخاء الفقرات . لهذا يمارس هذه العملية التي هي أقرب للتدليك العنيف جدًا .. يعترف الرجل الذي يزعم أنه حاصل على الدكتوراه بأنه أجرى هذه العملية العنيفة على طفل عمره شهر واحد ليعالجه من الإكزيما..! هكذا ينتقل البرنامج من هراء لآخر، وفي النهاية يلتقي بعالم كتب عن هؤلاء النصابين كتابًا اسمه (الفودوو العلمي). يقول هذا العالم إن الأمر كله يعتمد على الإيحاء ورغبة الشفاء لدى المريض .. ثم يصف كل هذا الذي يحدث بعبارة قاسية هي : "إنه مجرد استمناء فكري !". نترك هذا البرنامج الشائق ونثب إلى مصر التي تفشى فيها سرطان الطب البديل .. قد يطيب للنفس أن تتأسى بحقيقة أن هذا النصب يجري في أكثر دول العالم تقدمًا، لكننا نقول إن هناك فارقين مهمين بيننا وبينهم.. الفارق الأول هو أن طريقتهم العلمية صارمة وثابتة .. يستعملون المقاييس التي وضعها كانط وديكارت وليسوا على استعداد للتخلي عنها .. لن تتكلم مجلة طبية محترمة عن العلاج بالمغناطيس، ولو تكلمت لقامت بإجراء دراسة مقارنة مع مجموعة ضابطة تخضعها لعلم الإحصاء الذي لا يكذب .. هكذا يظل الخط واضحًا بين ما هو علم وما هو علم زائف، بينما عندنا يطرد العلم الزائف العلم الحقيقي، ولم يعد من الغريب أن يطلب منك المريض ألا تكتب له علاج السكر لأن معالجه نصحه بعدم تعاطيه !.. هناك أطباء يبيعون الأعشاب في عياداتهم أو خلائط غريبة من مساحيق ركبوها بأنفسهم .. عرفت طبيبًا ظل يعالج سرطان المستقيم بأن يسكب فوقه العسل الأبيض يوميًا، وبعد ما مات المريض كان رأيه هو أن العسل (مش قطفة أولى).. الفارق الثاني هو أنهم لم يربطوا هذا النوع من الطب بالدين، وبهذا لم يضعوا درعًا واقيًا حول إدعاءاتهم يصعب أن تخترقه... عندما يبتكر طبيب مصري نوعًا من قطرات العين مستخلصًا من العرق، ويزعم أنه يعالج المياه البيضاء لأن قميص سيدنا يوسف أعاد البصر لأبيه، فإنه قد ضمن رواج المنتج أولاً، ووضع حول نفسه سياجًا منيعًا ثانيًا .. من يخترق هذا السياج ليتشكك، يبدُ أمام الناس كأنه يعارض صحيح الدين، برغم أن ما حدث من عودة بصر الكفيف معجزة إلهية، وإنكار قدرة العرق على شفاء المياه البيضاء لا علاقة له بالدين . برغم الطابع المحلي القوي للعلم البديل، فإن رأيي الخاص هو أن ما حدث في الأعوام الأخيرة نصر آخر للعولمة .. ربما تم هذا شعوريًا أو لا شعوريًا، لكن هناك من الأذكياء من درس تجارب نصابي الغرب وعرف كيف يصنع قرشين منها .. هكذا بدأت ظواهر المعالجين الروحيين تتسرب لنا .. تسرب لنا الكثير من الطب البديل .. برامج مريم نور التي تمزج الشامانية بالمانوية باليوجا في خليط واحد خلاب ... ظاهرة الداعية التلفزيوني الوسيم الأنيق .. أليست تكرارًا لظاهرة الواعظ النجم البروتستانتي في الغرب ؟، بينما تراجعت مكانة رجل الدين العالم الأزهري الذي يعرف ما يتكلم عنه حقًا .. حتى الطريقة (الكارنيجية) في الوصول للثروة والنجاح في الحياة وجدت من يتلقفها عندنا .. ثمة سمة عامة تجمع هؤلاء جميعًا .. من الصعب أن تكون مقنعًا ما لم تكن مقتنعًا .. لهذا هم يجمعون بين الاقتناع والإقناع، فلا أعتقد أن أحدهم ينفرد بنفسه خلف الستار ليضحك قليلاً قبل أن يعود لمواجهة الجمهور .. بالنسبة لهم ما يقومون به جم الفائدة .. حقيقة تتأكد لدى كل منهم وهو يجتاز مدخل البنك ليصرف الشيك الخامس في شهر واحد .. هل هناك شيء أكثر فائدة ؟ هم شرسون جدًا في الدفاع عما يزعمون، وهذا قد يصل درجة التوحش أحيانًا .. هذا طبيعي لأنك في الواقع تحاربهم في صنعتهم ورزقهم الذي جعلهم نجومًا وحقق لهم كل هذه الأرباح .. جرب أن تطلق الشائعات عن بائع الفول الذي يقف بعربته عند مدخل شارعكم، وسوف يمزقك أو يدلق قدر الفول فوق رأسك.. وكما قال لي سائق سيارة تاكسي ذات مرة: آل يا واخد قوتي يا ناوي على موتي ..! طيف هذه الألاعيب واسع ممتد يبدأ بعلاج الالتهاب سي بالحمام، وينتهي بنشاطات راقية متحذلقة مثل البرمجة اللغوية العصبية.. إنها دائرة شيطانية أخرى تدور كالتالي: الناس تريد معلومات أكثر عن هذه الألعاب الجديدة .. الفضائيات تقدم للناس ما يريدون .. يولد المزيد من النجوم الذين يصير لهم أتباع أكثر .. هؤلاء الأتباع يطلبون المزيد من الألعاب الجديدة .. الخ .. وللحديث بقية طبعًا ... بلاغ عن حادث لم يحدث: يبدو هذا الكلام شخصيًا جدًا وهو ليس كذلك والله العظيم.. ابنتي تلميذة في مدرسة ابتدائية جديدة تقع بالضبط على طريق المحلة الكبرى السريع (لن أذكر أسماء لكن كل طنطاوي قد عرفها الآن).. وبما أنه لا يمكن مغادرة المدرسة من دون عبور الطريق السريع، فقد كان هناك مطب صناعي ممتاز يرغم السيارات على الإبطاء لدى المرور بالمدرسة. خطر لي أن أمر على مدرستها الأسبوع الماضي لأفاجأ بأن علي أن أدور بالسيارة وسط سيل منهمر من السيارات المجنونة التي لا تقل سرعتها عن 120 في الساعة وهذا عمل أقرب إلى معجزات الأولياء .. لقد أزالوا المطب !.. سألت عن السبب فعرفت أن ذلك المسئول أو ذاك أزاله لدى زيارة السيد رئيس الوزراء لطنطا لأن سيارة سيادته لا يمكن أن تمر بسيادته فوق مطب صناعي .. عيب .. هذا قد يقلب بطن سيادته .. هكذا ببساطة يعرضون الأطفال لكارثة لمجرد ألا يتضايق السيد رئيس الوزراء قليلاً.. ومن السهل الآن أن تتخيل ما سيحدث بعد يوم . بعد أسبوع .. بعد شهر، عندما تقتحم تلك الشاحنة المجنونة أتوبيس المدرسة المحندق الرقيق وهو يحاول عبور الطريق السريع بمن فيه من أطفال.. سوف يتأسف الكثيرون وسوف يكتبون عن المأساة مقالات مطولة باكية، ثم يتناولون العشاء وينامون راضين عن أنفسهم.. لن أظلم رئيس الوزراء.. لا أعتقد أنه أصدر توصياته بإزالة المطبات التي توجد جوار المدارس الابتدائية من أجل قتل التلاميذ، فهو ليس رائق المزاج لهذا الحد، لكني ألوم هذا المسئول المنافق الذي لا يرى أهمية ما للتضحية بحياة مائة طفل ما دام هذا يرفعه درجة في سلم النفاق، مع إنني – وأي أب آخر – لي رأي مختلف نوعًا هو أن مجلس الوزراء كله لا يساوي قلامة ظفر ابنتي .. اعتبروا هذا بلاغًا بحادث ينتظر أن يحدث على رأي الغربيين !!

    2- الشك في الطب والأطباء

    تعليقًا على مقال الأسبوع الماضي، وصلتني بعض خطابات تدور حول ذات المنطق تقريبًا، ومنها هذا الخطاب لصديق لن أذكر اسمه لأنني لم أطلب إذنه في النشر : "منذ أيام مرض والدي ودخل المستشفى وأجرى قسطرة في القلب، وعرفت أن ثمن قسطرة القلب عشرين ألف جنيه وأشعة الرنين المغناطيسي تكلف 450 جنيه وهناك أدوية وحقن سعرها 100 جنيه أو أكثر، والإقامة ليلة واحدة في المستشفى تكلف أكثر من 200 جنيه .. هل تعتقد أن من يجرون وراء الأوهام يجرون بخاطرهم ؟! إنهم لم يجدوا شيئًا أفضل وأرخص ليجربوه , أنا مستعد أن أبلبع كل أنواع الأعشاب إذا مرضت ولم أجد لي علاجا أو كنت لا أملك ثمن العلاج !!! ........ الناس معذورة في الجري وراء الطب البديل ، العلاج والدواء والأشعات والعمليات ثمنها غال جدا ، ولا يقدر عليها أكثر الناس ...........من لا يجد العلاج أو من لا يملك ثمن العلاج من حقه أن يجرب كل شيء وأي شيء ما لم يكن حرامًا " الحقيقة إنني لا أستطيع أن أرغم نفسي على قبول هذا المنطق .. إذا كان هناك أطباء جشعون بلا رحمة، وإذا كانت هناك أمراض بلا علاج، فليس الحل هو أن أجري في الاتجاه المعاكس لأنفق القليل الذي أملكه عند أباطرة الطب الزائف الذين لا يملكون ما يقدمون .. كأن المال نوع من الطاقة يجب أن تخرج في هذا الاتجاه أو ذاك .. لا تعط الأطباء مالك .. أعطني إياه وضع ثقتك بي .. وبرغم هذا فإنني لا أرى شيئًا رخيصًا في هذا كله.. المصابون بداء السكري ينفقون الكثير فعلاً على علاجات الأعشاب عديمة النفع، برغم أن علاج السكر المحترم العلمي ليس باهظًا إلى هذا الحد .. إنهم ينفقون الكثير على العلاج بالحمام والأوزون والأشعة تحت الحمراء .. لكنهم يدفعون هذه الأموال في رضا تام ويمكن أن يتشاجروا معك لو فتحت فمك معترضًا .. هذا في رأيي يعود إلى سلوك إنساني طبيعي، هو أن الإنسان لا يقبل أن يعترف بأنه قابل للخداع أو إنه خُدع فعلاً.. يتحدث أباطرة الطب البديل عن الإبر الصينية رابطين بينها وبين ما يروجون له من هراء.. قل لهم إن الإبر الصينية درست دراسة مدققة منذ زيارة نيكسون للصين في أوائل السبعينات، وهناك رسائل دكتوراه عليها في كل مكان بالعالم، ولسوف تجدها في مجلات من وزن (لانست) و(بي إم جي)، وهي جزء مهم من مقرر علم وظائف الأعضاء لدى أي طالب طب.. فقط عندما يقرر بعض الأباطرة أن يزيدوا طيف التكسب ليجعلوها تشفي من سرطان الكبد ومن الالتهاب سي ومن تلف صمامات القلب، مع الهراء المعتاد الذي لا يمكن إثباته: "الإبر الصينية تزيد المناعة عن طريق تنشيط الخلايا المساعدة (ت) وتزيد إفراز مواد معينة منشطة للمقاومة " .. الخ .. هنا فقط تسمع النغمة المألوفة وتعرف أن العلم قد صمت، بينما تكلم المال .. المريض قد يئس من الطب التقليدي ويريد تجربة أي شيء بأي ثمن .. جميل جدًا .. هذا بالضبط هو الصيد الذي خرج هؤلاء القوم للظفر به .. هذا هو مصدر رزقهم، ومن ورائه سيبنون العمارات ويركب أولادهم البي إم دابليو ويقتنون شاليهات الساحل الشمالي.. سوف يعيش كل منهم على الفضائيات، وسوف ينشر كتابًا يبيع مليون نسخة، وسوف يخصص خطًا هاتفيًا للرد على الاستفسارات .. كل هذا بثمن طبعًا .. ليس هبة ولا تبرعًا .. يعتمد هؤلاء كذلك على نقطة نفسية مهمة هي ارتفاع نغمة الشك في الأطباء والتحفز ضدهم في وسائل الإعلام .. لا يمر يوم من دون أن تقرأ عن الطبيب الفلاني الذي نسى الفوطة في بطن المريض، أو سرق كلية مريض، أو أعطى المريض علاجًا خاطئًا .. هكذا يزداد اليقين لدى المريض أن الأطباء مجموعة من الجهلة الجشعين الذين يسرقون مالك وأعضاءك .. هم دائمًا غير موجودين في المستشفيات فإذا تواجدوا ارتكبوا الأخطاء المهنية القاتلة .. إذن أين المفر ؟.. المفر الوحيد هو ذلك الأخ الذي يظهر على الفضائيات ويعالج السرطان بالأعشاب .. مثلاًَ في برنامج تلفزيوني جماهيري منذ عدة أعوام، ظهر الفنان سمير الاسكندراني ليحكي قصته مع نوبة ارتفاع ضغط أصابته، فذهب إلى المستشفى حيث أعطاه الطبيب نوعًا من الكبسولات تحت اللسان، والنتيجة أنه شعر بصداع مروع مع زغللة عينين واحمرار في الوجه .. حكى القصة بطريقة درامية – مع الكاريزما الفائقة التي يتمتع بها - باعتبارها حلقة أخرى من مسلسل إهمال الأطباء وجهلهم .. كل طبيب يعرف أن هذا أثر جانبي معتاد لعقار (نيفيدبن) الذي وضعوه تحت لسانه لإنقاذ الموقف، وكانت هذه أفضل سياسة طبية (في ذلك الزمن) .. الصداع وزغللة العينين لا معنى لهما سوى أن العقار بدأ يعمل .. لكن البرنامج قد أعد أصلاً لالتهام سمعة الأطباء والشك فيهم، ولا يمكن أن يسمح لطبيب بأن يفسد هذه الوليمة .. كل طبيب يعرف ذلك المريض الذي يقصده في المستشفى المجاني طالبًا استشارته، فيفحصه الطبيب ويقضي معه وقتًا طويلاً ثم يكتب له العلاج.. هنا يبرز المريض روشتة أخرى من جيبه ويسأل: "لقد سألت زميلك الفلاني منذ قليل وكتب لي هذا.. فما رأيك ؟" .. هكذا هو يجرب الاستزادة من وقت الأطباء وجهدهم على سبيل (الاستخسار)، ولأنه لا يثق في كليهما، وفي الوقت ذاته يحاول أن يجعل اللصين يختلفان لتظهر البضاعة المسروقة .. نفس المريض يذهب في سعادة وحماس إلى عيادة طبيب يأخذ مائتي جنيه في الكشف، وينفذ كل ما يطلبه الطبيب عن طيب خاطر، لأن ما هو مجاني لا قيمة له .. هل المنشفة المنسية في الجرح مسئولية الجراح ؟.. كلنا حضر العمليات الجراحية ورأى كيف تبتل هذه المنشفة بالدم فلا تختلف عن الأنسجة البشرية الدامية في شيء.. هنا يأتي دور ممرضة العمليات المسئولة عن عد المناشف.. يقول الجراح للممرضة في نهاية الجراحة وقبل أن يخيط الجرح: "عدي فوطك .." .. فتعدها لتتيقن من أن العدد الذي معها هو العدد الذي بدأتْ به الجراحة .. هنا فقط يبدأ خياطة الجرح .. عندما تجد منشفة منسية بعد هذا فهل هي مسئولية الجراح الذي يتحمل مائة مسئولية أخرى، أم هي مسئولية ممرضة العمليات ؟.. لماذا نتكلم عن مسلسل إهمال الأطباء، ولا نتكلم عن داء الاستسهال والإهمال لدى الإنسان المصري ؟ لا أعني بهذا أن الأطباء مجموعة من الملائكة .. هم جزء من المجتمع يتلف بتلفه .. جرب أن تتعامل مع موظف في مجلس المدينة أو الكهرباء أو السجل المدني أو التعليم الثانوي، ولتر إن كان يقظ الضمير يقوم بواجبه خير قيام أم لا ؟.. أنت تطالب الطبيب بأن يتقاضى مائتي جنيه في الشهر ويهش لك ويبش، ولا ينشغل بعيادته، ويتابع أحدث الاكتشافات العلمية، ويكون موجودًا متى أردته .. بأمارة إيه ؟.. بأمارة إن الطب مهنة إنسانية طبعًا .. وهل هذا يعني أن الطبيب ليس إنسانًا ذا حاجات ؟.. برغم هذا هناك أمثلة إيجابية لا تنتهي .. كلنا يعرفها .. لكن هذه الأخبار غير مثيرة صحفيًا من منطلق أن خبر (عض الرجل الكلب) يبيع أفضل من (عض الكلب الرجل)، وكما يقول (آثر كلارك): "لابد إن جرائد المدينة الفاضلة مملة جدًا بالتأكيد".. لكن مسلسل الشك هذا يؤدي بالضرورة إلى رواج الطب البديل وثراء أباطرته ، دعك من أن العلم بطبعه كئيب لا يعد إلا بما يستطيع تحقيقه .. لا توجد خوارق ولا معجزات في العلم وهذا بالطبع لا يرضي المرضى .. سوف تنتهي هذه الهوجة ويدرك الجميع أنهم كانوا مخدوعين لكنهم لن يعترفوا بهذا .. في الوقت ذاته سيكون هؤلاء النصابون الكبار قد وجدوا طريقة أخرى للحصول على الرزق .. ربما النمل المطحون أو براز الفئران العرجاء .. فقط لنجلس أمام الفضائيات وننتظر النصاب القادم ... وللحديث بقية.

    هؤلاء النصابون الكبار وابتكاراتهم العبقرية 3

    يحكي صديقي أستاذ جراحة العظام عن قريبه المسن المشلول حبيس الفراش منذ أعوام، وكيف أن ابن الرجل طلب رأي أحد أصدقائه من طلبة الشريعة بصدد عمل حجامة لأبيه , فقال له: ربنا ييسر إن شاء الله، وجاء في اليوم التالي إلى البيت حاملاً موسى وطستًا، وفي الفراش جثم على صدر العجوز المشلول ليجري عدة جروح قطعية سخية على جانبي رأسه، بينما العجوز يعوي ويطلق ما استطاع من صرخات استغاثة من حنجرته المشلولة .. بالطبع تدهور أمر الجروح وطلبوا رأي صديقي أستاذ العظام .. قال لي صديقي وهو غير مصدق: إذن في القرن الواحد والعشرين، ما زال عندنا غير متخصص يمزق عجوزًا مشلولاً بالموسى وهو يجثم على صدره، بدعوى أن هذا هو الدين الصحيح .. الحقيقة إن معظم الأطباء لا يسيغون هذه الأنواع من العلاج بحال، ولديهم تحفظات قوية عليها، لكنهم يحتفظون بآرائهم سرًا نظرًا للغابة الكثيفة من التقديس التي تحيط بها . من يجادل يهدد بأن يتحول إلى فولتير أو ماركس، بينما لا أحد يرغب في بطولة من هذا النوع .. أكثر من طبيب قال لي همسًا إن مرضاه تدهوروا لما شربوا بول الإبل، وأكثر من واحد قال همسًا إن الحجامة لم تأت بنتيجة .. أصعب شيء في العالم أن تقول ما يستفز الجماهير أو يضايقها .. والشيخ القرضاوي يقول في أحد حواراته إن نفاق العالم للحاكم كريه لكن خطره محدود، بينما الخطر الحقيقي هو نفاق العالم للناس بأن يقول لهم ما يشتهون سماعه ... يمكن للمرء ببعض الجهد أن يفند مزاعم المعالجين بالحمام.. عندما يتعلق الأمر بالحجامة وبول الإبل سوف تلقي أسئلة علمية، لكنك تنزلق إلى المصيدة التي أعدوها لك: لماذا تريد أن تجرب بينما هذه أمور ثابتة في الطب النبوي ولا جدوى من التجربة ؟.. تقول: بس يا جماعة .. فيقاطعونك: "هل تؤمن بالسُنّة أم لا ؟..رُدّ ! ".. هل فهمت الورطة التي يقودونك إليها ؟.. أنت تؤمن بالسُنة لكنك لا تؤمن أن الحجامة من أركان الدين التي لا يكتمل الإيمان إلا بها.. إن هذه الورطة مصيدة محكمة هي ذات المصيدة التي كانت تبيع صكوك الغفران في القرون الوسطى ، وأنت تعرف أنك لا تملك الثقافة الشرعية الكافية للرد، لكنك بالتأكيد تملك الثقافة الطبية، وهذه الثقافة تقول لك إن هناك خطأ ما .. نحن ننزلق إلى الهاوية بسرعة جنونية .. وجدت المخرج المنطقي في مقال للمحارب الشجاع د. خالد منتصر على شبكة الإنترنت ، يقول فيه: " لأن صوت الإجتهاد مغيب فى هذه الأيام فإننا لا نلتفت إلى هذه الآراء الشجاعة، فمثلاً الشيخ الجليل عبد المنعم النمر فى كتابه العظيم (الاجتهاد) فى صفحتى 38 و 40 يفرق بين السنة الواجب إتباعها والسنة التى لا تثريب على تركها، فيقول إن ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم فى الزراعة والطب والطعام وما يحبه الرسول وما يكرهه وكيف يمشى ونومه ولبسه إلى غير ذلك من الأمور العادية، كل ذلك من النوع الثانى الذى لا يمنع أحداً من الإجتهاد فيه إذا وجد أنه لم يعد يحقق المصلحة التى أرادها الرسول لتغير الناس والأمكنة ... ونفس المعنى يقوله محمد سليمان الأشقر أستاذ الشريعة بجامعة الكويت، والقاضى عياض الذى قال فى ترك العمل بالأحاديث الطبية: ليست فى ذلك محطة ولا نقيصة لأنها أمور إعتيادية يعرفها من جربها وجعلها همه وشغل بها".. باختصار (أنتم أعلم بشئون دنياكم).. ثم يقول د. خالد منتصر: " كيف يعالج دواء أو إجراء جراحى المرض ونقيضه في نفس الوقت ؟!، وكيف تعالج الحجامة السمنة والنحافة، والنزف وإنقطاع الدم ....الخ ؟" في موقع إسلام أون لاين – وهو الموقع العقلاني الرصين – نقرأ التالي: " فلا يصح إطلاق القول بأن الحجامة علاج كامل ونهائي لكل الأمراض.. هى فقط وسيلة من وسائل العلاج يؤخذ بها عند الحاجة، بل إن تطبيق الحجامة على أيدي غير مختصين يتيح الفرصة لمعارضي الطب النبوي للدعاية لها بشكل سلبي بحيث تظهر على أنها نوع من الدجل والشعوذة. ويمكن للحجامة أن تنقل العديد من أمراض الدم الخطيرة " في الحقيقة لا أقول هنا إنني ضد الحجامة وأبوال الإبل .. أنا ضد الترويج لهما كعلاج قبل عمل دراسة مدققة أمينة بعيدة عن التحيز وتمويل جهات يهمها أن تكون النتيجة إيجابية .. من الصعب أن ترفض علاجًا لمجرد إنه غريب أو (مقرف)، ودليلي على هذا – وليسمح لي ذوق القارئ - أكل الصينيين في الماضي لبثور المصابين بالجدري .. طبعًا كان هذا نوعًا من اللقاح كما عرفنا اليوم .. إسهال مرضى الكوليرا في الهند الذي كان الأصحاء يشربونه .. نحن الآن نعرف أنه يحوي كمية كبيرة من لاقمات البكتريا Bacteriophages التي تلتهم بكتريا الكوليرا الواوية .. إذن أنا لا أرفض التداوي ببول الإبل .. لكني كذلك لا أقبله قبل أن تُجرى دراسة مدققة أمينة، ويتم مقارنة من يتعاطون العلاج مع من لا يتعاطون، ويتم فصل وتوصيف المادة التي تشفي الفيروس سي إن كان لها وجود.. لكن لا ترفض العلاج قبل التجريب، ولا تقبله قبل التجريب .. في الحالتين أنت تقع في فخ الانغلاق الفكري والأحكام المسبقة Prejudices.. النقطة الأخرى المهمة هي الحياد العلمي .. هل يمكن أن يُجرى في دولة عربية بحث علمي تكون خلاصته: لم يتبين أن للحجامة دورًا في علاج مرض السكر، أو تبين أن المجموعة التي تعاطت بول الإبل تدهورت ؟.. مستحيل .. أنت تجري التجربة لتثبت كم هي ناجحة، والمجلات الطبية الخليجية تعج بأبحاث من هذا القبيل .. الجهات العلمية الأكثر صدقًا تصمت ولا تعلن نتائجها، وإنني لأذكر هوجة الأعشاب التي سادت في التسعينات لعلاج التهاب الكبد سي، وقيل إن جهات بحثية مهمة تجري دراسة مدققة تُعلن في يونيو القادم .. يومها قال لنا د. (حلمي أباظة) أستاذ أمراض الكبد الشهير: "أراهن أن يونيو بتاعهم ده مش جاي أبدًا . !" .. والحقيقة أن نتائج الدراسة لم تُعلن منذ يونيو 1995 حتى هذه اللحظة فعلاً.. لكن النصابين الكبار لا ينتظرون كلمة العلم .. ها هو ذا بيزنس الحجامة وبيزنس أبوال الإبل يجتاح كل شيء .. كالعادة لا يوجد شيء مجاني .. هناك كتب عن الحجامة وأفلام فيديو تشرح أساليب الحجامة، وهناك أجهزة للحجامة المنزلية .. و ..و .. تقرأ عن الحجامة أخبارًا مثل أن 38 ولاية في أمريكا تمارس العلاج بالحجامة بشكل رسمي، وأن مايو كلينيك تبنتها، وأن هناك مجلات أمريكية وألمانية صدرت مخصصة لها فقط، وأن الأسرة المالكة في بريطانيا طلبت من فريق طبي سوري معالجة بعض أفرادها من مرض الهيموفليا الوراثي.. ألا تشم رائحة راسبوتين في هذا الخبر ؟.. وحتى لو صح فمن قال إن الطب البديل ليس له زبائن في الغرب ؟.. إنهم يثقون في أي شيء يأتي من الشرق باعتباره منبع الحكمة .. دعك من أن الحجامة فعلاً لها تطبيقات مهمة في بعض فروع الطب، لكنها ليست علاجًا لكل شيء كما يزعم هؤلاء، وبالتأكيد هي الطريقة المثلى لقتل مريض الهيموفيليا .. من أهم الأخطار استقطاب عدد من الأطباء بل أساتذة الطب الذي لا يهتمون بالطريقة العلمية، لكنهم يعملون كفقهاء السلطان لتحليل هذه الأنماط غير العلمية من العلاج، وعندما يقول طبيب إن مجلة أمريكية تصدر للحجامة فأنت تجد صعوبة في التكذيب .. لكني جربت البحث المضني في شبكة الإنترنت والمجلات الطبية الكبرى عن رأي الغرب في الحجامة، فلم أجد لها ذكرًا إلا في موسوعة ويكيبيديا .. الموسوعة نشرت المقال بعنوان Hejama لأن هناك من أرسله لها، وصنفته ضمن المقالات الضعيفة التي تحتاج إلى أسانيد ومراجع !.. إذن أين مايو كلينيك وأين المجلات المخصصة للحجامة و ..و … ؟.. ينقسم هؤلاء الأطباء المحللين إلى المنتفعين وحسني النية والمرضى النفسيين لكنهم جميعا تكاتفوا لمحاربة عقل هذه الأمة .. النوع الأخير معروف جدًا .. تعرفه من تعصبه وضيق خلقه والنظرات المجنونة التي يطلقها من وراء نظارته ، واللعاب الذي يتطاير من فمه عندما يناقشه أحد.. هذا مزيج عبقري من النصب والجنون، وأفضل أنواع النصب هو ما جاء من مجنون لأنه يشع طاقة نفسية هائلة تقنع العامة .. من بين هؤلاء الأطباء الذين يلقون الكلام على عواهنه هذا الطبيب الذي التقت به جريدة معارضة مهمة، وأفردت له صفحتين يلقي فيهما قنبلته: الإيدز لا وجود له . أمريكا هي التي اخترعت هذه الأكذوبة لتنشر الشذوذ الجنسي ! ومنهم من يقابل كبار الصحفيين ليؤكد أنه لا وجود للفيروس سي .. هذه مؤامرة من شركات الأدوية، لكنه مستعد ليغير كلامه على الفور ليروج لأعشاب تعالج ذات الداء الذي لا وجود له .. هل تلوم العامة إذا صدقوا هذا بعد ما قاله طبيب ؟.. هؤلاء القوم جميعًا هم أعداء الإسلام وأخطر عليه ألف مرة من جيوش المغول .. لا يبالون بحيرة الأجيال القادمة، ولا التضليل والشك، ولا يهمهم أن يقول أحد في نفسه: لقد جربت الطب النبوي ففشل .. يفضلون أن يقول الناس هذا ما دامت حساباتهم في المصارف تتكوم .. وبينما العالم ينهض ويمشي حثيثًا ويعدو ويثب، يجلسون جوار جدار ويقولون في عناد كالأطفال: وإيه يعني ؟.. نحن كنا نعرف هذه الأمور منذ 1400 عام ... أمس صارت ماليزيا أفضل منا واليوم صارت إيران أفضل منا .. غدا تصير الكونغو أفضل منا وسندعو الله أن نلحق بها، ونقيم المؤتمرات لفهم كيف حدث هذا .. اتقوا الله في هذه الأمة قليلاً.. وللحديث بقية ..

    هؤلاء النصابون الكبار وابتكاراتهم العبقرية 4

    هم ليسوا جميعًا نصابين بالمعنى الحرفي للكلمة، لكنهم كما قلت خليط من المنتفعين وحسني النية والمرضى النفسيين، يجمعهم أنهم يقودون عقل هذه الأمة إلى الهاوية، وبلا رحمة .. إنهم لا يتعبون لحظة ولا يكفون عن الابتداع .. تنتهي هوجة الأعشاب فتبدأ هوجة الأوزون .. تنتهي هوجة الأوزون فتبدأ موجة الحمام وبول الإبل .. إن المولد في ذروته وقصعة الفتة جاهزة لمن يهبش منها أكبر قدر ممكن.. على كل حال لن نتكلم عن الأعشاب اليوم لأنها قتلت بحثًا، وقد جاءت قضية المعالج التلفزيوني إياه لتضع الكثير من النقاط على الحروف، لكن لا تتوقع أن تنتهي المسألة بهذه البساطة .. لقد خسر النصابون المعركة لكنهم لم يخسروا الحرب .. فقدوا جنديًا لكن جيوشهم متماسكة، ولسوف ينتظرون حتى ينسى الناس ثم يخرجون علينا باختراع آخر .. كل من راهن على قصر ذاكرة هذه الأمة كسب الرهان .. إذن لن نتكلم عن الطب البديل .. سوف نتكلم اليوم عن الطب الشبيه بالطب ! وكما قلت سابقًا فإن أقوى حيل النصب هي التي تحيط نفسها بسياج ديني كثيف، لكن هناك تقنية أخرى شهيرة هي أن تحيط النصب بسياج علمي !.. يعرف العالم الغربي هذا النمط من الأطباء الذين يوحون بالرهبة والوقار وهم لا يقولون إلا كلامًا فارغًا .. يطلقون على هذا اسم Eloquence based medicine أي (الطب المعتمد على طلاقة لسان الطبيب)... هذا الطبيب يكون متأنقًا تحيط برأسه هالة من الشعر الأبيض ، وبرضه يطلقون على هذا التأثير اسم (تأثير الهالة halo effect) لأنه من الصعب أن تشك في كلام رجل أشيب مهيب لهذا الحد .. من الناحية النفسية تلعب هذه الابتكارات على مبدأ (التفكير التواق Wishful thinking) .. أي تكوين قناعات طبقًا لما يشتهيه المرء وليس على أدلة علمية واضحة، ولهذا التفكير المختل نوعان: 1- تمنيك للشيء يكفي ليكون حقيقيًا (من الجميل أن يختفي داء السكري بشرب بعض الأعشاب).. 2- عدم إثبات زيف الشيء يكفي لجعله حقيقيًا (الأعشاب لم تثبت فشلها بشكل واضح إذن هي مفيدة) .. هناك قضية أخرى في التفكير العلمي الزائف اسمها Post hoc fallacy وهو مصطلح لاتيني يمعنى (حدث بعده إذن هو نتيجة له). أو الربط الزائف بين الأسباب والنتائج .. أنت مصاب بالصداع ..تشرب كوبًا من الينسون .. يختفي الصداع .. إذن يمكننا القول إن الينسون من أدوية الصداع المهمة .. على هذا الربط الخاطىء يقف معظم الطب البديل.. وعليه يرتكز التفاؤل والتشاؤم والنحس و.. و... (كلما رأيت هذه المرأة القبيحة كغراب البين حدثت لي مصيبة في العمل).. هذه الأمور بديهية في طريقة التفكير العلمي، ومن الواجب أن تأخذ مكانها في مقرراتنا الدراسية لكن الطريقة العلمية ذاتها مهتزة لدى الكثيرين .. بل لدى من يفترض منهم أن يعلموا الطريقة العلمية ذاتها .. لا اخفي سرًا إذا قلت إن كثيرين من أعضاء التدريس – باستثناء من هم مختصون بهذا - لا يفهمون مبادئ الإحصاء ولا كيفية تصميم بحث علمي .. عندما دخل عقار (دي دي بي DDB) مصر – وهو ما يطلقون عليه (الحبة الصفراء) - قرأت بحثًا طريفًا يحمل توقيع وزارة الصحة قامت فيه بالتالي: أعطت العقار لمجموعة مرضى بالتهاب الكبد (سي) ثم لاحظت وظائف الكبد ونسبة الفيروس في الدم لعدة أشهر ووجدت تحسنًا ملحوظًا !.. بس كده .. j fpeWh هنا تشد شعر رأسك .. لو صح أن وزارة الصحة بجلالة قدرها هي المسئولة عن هذا البحث .. ألم يسمع هؤلاء عن محموعة ضابطة ؟.. مجموعة لا تتلقى علاجًا أو تتلقى علاجًا مختلفًا أو تتلقى علاجًا وهميًا اسمه (البلاسيبو).. لابد من مجموعة ضابطة لتقارن النتائج أما البحث بهذه الصورة فلا يجرؤ تلميذ في الصف الثالث الإعدادي على تقديمه لمعلمه .. هناك ذلك العالم المصري الذي أعلن أنه اكتشف علاج الروماتويد .. ثم سافر إلى الكونغو ثلاثة أشهر وعاد ليعلن أنه اكتشف علاج الإيدز كذلك .. هكذا ببساطة قضى على داءين أرهقا البشرية منذ سنين، وفعل هذا في ثلاثة أشهر .. يبدو هذا عجيبًا في زمن الشركات العملاقة والهندسة الجزيئية حيث لم يعد شيء متروكًا للصدفة، لكن الفيصل بيننا وبينه هو الاكتشاف ذاته.. لكنه لا يريد أن يعلن أي شيء عن نتائجه .. لماذا ؟.. مافيا الدواء خطيرة جدًا وسوف تسرق اكتشافي .. أوراقي .. اكتشافي .. لدرجة أن مراهقًا مجنونًا يعيش في جو أفلام الأكشن الأمريكية تسلل إلى داره ليهدده بالسلاح كي يحصل على أوراق هذا الاكتشاف .. يومها هللت الصحافة ووسائل الإعلام لهذا الاكتشاف العظيم ، وظهر الرجل في كل وسائل الإعلام مستعملاً أسلوب الهالة الذي تكلمت عنه، وقد رسم على وجهه تعبيرًا شبه صوفي لرجل العلم الذي يؤذن في مالطة .. رجل الشارع صار في صف العالم .. رجل الشارع صار يتحدث عن شركات الأدوية العملاقة التي يهمها ألا ينجح اكتشاف هذا العالم المصري .. كل المعركة تدور في الشارع بعيدًا عن المحافل العلمية المتخصصة والمجلات الرصينة، كأنك تناقش طريقة جديدة لتخصيب اليورانيوم مع زبائن قهوة شيحة، ولا احد يسأل نفسه عن السبب .. وعندما تصرفت جامعة القاهرة العريقة بحكمة ووقار إزاء أساليب الحواة هذه، وعندما بدأ الراحل العظيم يوسف إدريس حملة ضده في جريدة الأهرام مطالبًا بالتعقل، ثار الجميع على هؤلاء .. ورسم مصطفى حسين رئيس جامعة القاهرة يحبس العالم في غرفة الفئران .. ورسمه يترك المريض ينزف على منضدة الجراحة ليتفرغ لتأديب العالم العظيم .. هكذا استغل ذلك العالم خط الدفاع الشهير : إنهم يهاجمونني لأن العلم غريب ومُحارب دومًا في بلد الجهل هذا .. يحاربونني لأنهم حاقدون ولم يصلوا لعلاج الايدز مثلي .. يا ضيعة العلماء وسط الجهلة اللئام !.. لن ينصلح حالك أبدًا يا مصر .. المشكلة أن هناك من قال إن الأبطال تُقذف بالحجارة بينما الورود للموتى، وأن هناك من قال إن من يُضرب في ظهره هو الذي يمشي في المقدمة .. هكذا تكون لدينا اعتقاد دائم أن كل من يحاربه الآخرون هو بطل، وهم يهاجمونه بسبب نجاحه .. أليس من الممكن ان يهاجمني الناس لأنني مخطئ ؟.. هناك فيلسوف بريطاني شهير اسمه (كارل بوبر) تعرض لهذه النقطة بالذات .. قال إن صحة أية نظرية علمية تأتي من قابليتها للنفي، وما لا يمكن نفيه لا يمكن إثباته .. لو أنكرت أهمية ما توصل له هذا العالم المصري أو ناقشته فالسبب أنك حاقد أو تخدم شركات الأدوية العملاقة ..إذن كيف تثبت العكس ؟.. (بوبر) يضع هذه الأمور التي لا يمكن نفيها في إطار العلم الزائف أصلاً.. وعلى كل حال قد مر خمسة عشر عامًا على هذه القصة .. أين علاج الإيدز المصري ؟.. ماذا تبقى من هذه الضوضاء ؟.. لا شيء ... الآن نعرف من كان على حق ومن كان أحمق .. فليرحم الله يوسف إدريس العظيم بعيد النظر كالعادة .. الأهم أن إبراهيم سعدة نشر منذ أعوام في جريدة أخبار اليوم مقالاً مترجمًا عن صحيفة فرنسية.. والصحيفة الفرنسية كانت تتحدث عن أدعياء العلم في العالم الثالث .. تخيلوا من الاسم الذي تصدر القائمة ؟.. لقد وجد طريقه – وطريق مصر - إلى العالمية أخيرًا !

    هؤلاء النصابون الكبار وابتكاراتهم العبقرية (5)

    هذه قصة وجدتها على شبكة الإنترنت تحكي عن زوجة سافر زوجها إلى الخارج، فاشتاقت له (وكانت متقنــة للبرمجــة اللغويــة العصبيــة فراحت تسترخــي وتــردد بينــها وبيــن نفسهــا: لــن يطــول غيابــك .. ستعــود غــداً ..وبالفعــل كــان لهــا ما أرادت ... أتــى الزوج في اليــوم التالـــي .. هــل تعلــم أنك بإمكــانك عن طريـــق تمرســـك بالبرمجــة أن تبرمــج عقــول الآخريــن على فعــل أشيــاء لا يرغبونهــا؟ ... هل تعلم أن العالمــة بالبرمجــة وبتفسيــر الصفــات عن طريــق ملامح الوجــه بدولة الكويت استطاعت أن تبرمج لاعبًا بالملاكمــة على الفوز ببطولــة عالميــة من خلال بثــها لعقــله بإشــارات : ستعــود لأرض الوطــن حامــلاً الكــأس ؟.. هــل تعلــم أن هــذا العلــم استطــاع عن طريــق الله سبحانه وتعالى ثم بالإيحــاء شفــاء أمراض مثل السرطــان، عن طريــق رسم دائرة بالأرض والمشــي يوميــاً عليهــا ذهاباً وإياباً فيتقلــص حجم الدائرة مع عظيــم إيمانــك بإنك تشفـى وأن الدائـرة هـي مرضــك، وسوف تصغر وتصغر وتصغر إلى أن تزول).. نحن لا نتكلم عن تعويذة سحرية أو نوع من الأعشاب المباركة هنا .. أعتقد أن القارئ الكريم قد عرف أننا نتكلم عن (البرمجة اللغوية العصبية NLP) التي صار لها جمهور لا بأس به من المتحمسين في العالم العربي، وصارت تعقد لها الندوات في أكثر من جامعة، كما صارت لها دورات باهظة الثمن ولها مؤمنون بها إلى درجة التعصب كما في المثال الذي قدمته في بداية الكلام، وبالطبع أكثرهم حسن النية يؤمن بما يقول فعلاً .. هناك شاب مثقف أراد إقناعي بألا أهاجمها لأن هذا قد يؤدي إلى إعطاء فكرة خاطئة عنها لدى الشباب، وهي مسئولية أتحملها أمام الله .. أصابتني الدهشة من هذا .. هل هو دين جديد يجب ألا نجدف فيه، أم هي مجرد نظرية تحتمل الخطأ والصواب ؟ أعتقد أن الإجابة أقرب إلى الاحتمال الأول .. هناك دعوة ومؤمنون وهناك أنبياء متأنقون يجوبون الجامعات يبشرون بالنور الجديد ، وهناك دورات غالية بالفيديو بروجكتور يقدمها رجال بقمصان قصيرة الكمين وربطات عنق.. لابد أن الأمر محترم إذن .... عندما تناقش هذه الظاهرة وتقول إنه لا جديد تحت الشمس، وإنه ذات النصب (الكارنيجي) المعروف في ثوب معاصر، يقولون لك: لا تتكلم بدون علم .. أنت لا تعرف إلا قشرة عن الموضوع وهو أعقد من هذا بكثير .. نحن الكهنة وحدنا لنا الحق في إبداء الرأي .. أما أنت فتدفع وتسمع وبس .. لو كنت تعتقد أننا نمارس أساليب (كارنيجي) العتيقة فهذا دليل على أنك لا تفهم شيئًا على الإطلاق .. هكذا نعود من جديد لدائرة الخرافات التي يعطونها طابعًا شبه ديني لحمايتها .. البرمجة تشفي السرطان بإذن الله، وتسيطر على العقول وتعيد الزوج الغائب وتشفي الجرب وتقتل البراغيث.. لا تهرطق ولا تتكلم من دون علم .. الموضوع أعمق مما يستوعبه عقلك السطحي .. فقط هم لا يتكلمون عن العلاج بالحمام ولا الأعشاب .. هم يتكلمون عن علم .. إنه بيع الترام لكن بكروت الفيزا وبأحدث تقنيات العصر .. أرقى صور النصب وأشيكها لشباب العصر المحروم من كل شيء، والذي تعده فجأة بأن يسيطر على عقول الآخرين ويؤثر فيهم ويأخذ منهم أفضل شيء ممكن .. عرفت شبابًا ادخروا كل مليم وجدوه كي يجمعوا ثمن اجتياز هذه الدورات والحصول على شهادة .. كما قلت سابقًا كانت أهم نتائج العولمة أن بعض الأذكياء عندنا درسوا مدارس النصب الأمريكية جيدًا، وعرفوا من أين وكيف يصنع هؤلاء المال، هكذا اكتشفوا هذا الوريد الثري ونقلوه لنا .. في كتاب (كلام فارغ) للرائع (أحمد رجب) قصة بعنوان (أمريكاني) تحكي كيف أن بطل القصة كانت لديه مكتبة زاخرة بالكتب الأمريكية التي تجعلك أفضل وأنجح على الطريقة الكارنيجية .. من ضمن الكتب واحد يجعلك تقلع عن التدخين من دون قوة إرادة ولا عذاب الامتناع ولا هباب .. وبأسلوب أحمد رجب العبقري الساخر يحاكي كلمات المؤلف الأمريكي في الصفحة الأولى: "أشعل سيجارة .. لن أقول لك أن تقاوم .. بل اطلب منك أن تشعلها وتجذب نفسًا .. لذيذة ؟.. هه ... ؟.. سوف أتركك إلى أن نلتقي في الصفحة القادمة بعد ما تكون أنهيت هذه السيجارة !" .. وتنتقل لصفحة 4 و5 و154 فتجد نفس الكلام !.. النتيجة هي أن الرجل الذي قرأ الكتاب ارتفع معدل تدخينه من علبة إلى ثلاث علب يوميًا ! لم أكف عن الضحك كلما تذكرت هذه القصة وأنا أقرأ تلك النماذج التي يقدمونها .. كلام عام تعرف أكثره ويستحيل تطبيقه أو الاستفادة منه، ويذكرك بدورات علم النفس التي يتلقاها مندوبو الدعاية، لكنهم ينظمونه بطريقة أنيقة (مؤسسية) تجعل الفرار مستحيلاً.. دعك من أن الكلام فيه درجة من السهولة تتيح لأي واحد فهمه، لكنه كذلك فيه درجة من التعقيد تجعل من فهمه يشعر بالرضا عن ذكائه .. العالم الكندي بايرستاين اعتبر هذه البرمجة (خرافة عصبية) وحذر من أنها ستؤدي إلى تدهور مخزوننا الشحيح أصلاً من المنهج العلمي .. بينما يقول العالم ديفيلي عام 2005: بدأت ورش التدريب والعمل وأفلام الفيديو الخاصة بالبرمجة اللغوية العصبية تباع في كل مكان .. لكن الباحثين بدءوا مع الوقت يدركون أنها نظرية غير قابلة للإثبات ولا جدوى من مزيد من البحث فيها .. لم يعد هذا العلم ميهرًا كما كان في الثمانينات .. لقد جاء هذا العلم ورحل لكن الفكرة ظلت حية . بينما يقول عالم اسمه إيزنر: كان هناك حماس شديد لهذا العلم ثم بدأ يخبو إلى أن انتهى فعلا.. الحقيقة أن علماء الدين ارتابوا في هذا العلم واعتبروه كائنًا فضائيًا غريبًا، وبعضهم وجد أنه أقرب ما يكون إلى فكرة البانثستية وألوهية الكون، لكني أعتقد أن هذا نوع من المبالغة .. في كل ما قرأته عن الـبرمجة اللغوية العصبية – اسم طويل صعب أخطئ في تذكره كل مرة - لم أجد بصراحة أي لعب على العقائد الدينية، ورأيي المتواضع أن هناك كثيرين هاجموها من الناحية الدينية قبل أن يعرفوا ما هي ولمجرد أنها كائن غريب .. هناك فارق كبير بين أن تكون البرمجة كلامًا فارغًا بغرض جمع قرشين وأن تكون كفرًا صريحًا كما يوحي كلامهم، وبرغم هذا تجد تحذيرات ثقيلة جدًا من طراز (وهذه البرمجة العصبية وما يسمى بعلوم الطاقة تقوم على اعتقادات وعلى قضايا غيبية باطنية مثل الطاقة الكونية والشَكَرات والطاقة الأنثوية والذكرية، والإيمان بالأثير وقضايا كثيرة جداً، وقد روّج لها مع الأسف كثير من الناس مع أنه لا ينبغي بحال عمل دعاية لها) الشيخ سفر الحوالي من جامعة ام القرى .. الشيخ عبدالرحمن المحمود أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود يقول: (أمرها بدأ يتكشّف.... نعم انقلوا عني يجب إيقاف هذه الدورات، وأنا أحيي القائمين على تحذير الناس منها وفقهم الله( .. بينما يقول الشيخ القرضاوي مع ما نعرفه عنه من اعتدال واحترام للعقل: (البرمجة اللغوية العصبية تغسل دماغ المسلم وتلقنه أفكارًا في اللاوعي ثم في عقله الواعي من بعد ذلك، ‏ مفاد هذه الأفكار أن هذا الوجود وجود واحد‏، ليس هناك رب ومربوب‏، وخالق ومخلوق‏، هناك وحدة وجود‏. إنها الأفكار القديمة التي قال بها دعاة وحدة الوجود‏، يقول بها هؤلاء عن طريق هذه البرمجة التي تقوم علي الإيحاء والتكرار، وغرس الأفكار في النفوس). ثم يقول الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها: كفى عبثاً يا دعاة البرمجة العصبية المزعومة .. على كل حال يمكن تلخيص آراء منتقدي هذا العلم من العرب كما يلي: - الاسم غامض ومشوه ومريب .. من الغريب أن هذا هو رأي العالم بيتر درنث عام 1999 الذي اعتبرها علمًا مزيفًا، وقال لماذا يكون اسمها كذا ؟.. لم لا تكون BYG بمعنى Believe your goal مثلاً ؟ - هذه البرامج المزعومة أصبحت عند الكثيرين ممن فُتنوا بها تُمثل المخرج الوحيد لجميع مشاكل الناس على اختلاف مستوياتهم وفئاتهم الاجتماعية.. - هذه البرامج عبارة عن خليطٍ من العلوم المختلفة التي تقوم على التخيل والإيحاء والمنطق، تعتبر الإنسان في كثيرٍ من الحالات مجرد آلةٍ صماء يمكن إعادة برمجتها حسب الطلب ، ومن ثم تشغيلها وفقاً لتلك البرمجة ؛ ولذلك فإن كثيراً من المهتمين بها يعدونها برامج لهندسة النفس الإنسانية .. في المقال القادم نتحدث بالتفصيل عن نشأة هذه البرمجة الـ .. الحركية العصبية .. اللغوية الحركية . اللغوية العصبية .. ونحاول فهم ما تريده بالضبط ..

    هؤلاء النصابون الكبار وابتكاراتهم العبقرية (6)

    رأيته جالسًا في القطار وهي على بعد خطوات .. ليسا معًا لكنهما ينتميان لذات العالم .. نظراته تعسة وقميصه مجعد ولحيته نصف نامية .. يجلس وفي يده مذكرة بخط اليد مصورة تحوي معلومات زراعية.. هذا طبيعي في عصر صار فيه الكتاب عملاً غير أخلاقي. هو إذن طالب في كلية الزراعة ذاهب إلى الامتحان كما هو واضح .. اسمه (عادل).. أعرف هذا يقينًا كما أعرف أن اسمها (رانية).. حرام ألا يكون اسمها رانية .. فتاة العصر التي تلبس حجابًا مزركشًا وجوبًا ضيقة من الجينز وحذاء (كوتشي) والموبايل في يدها، بينما هي تقلب في ملل مماثل صفحات مذكرة مصورة تحوي دروسًا باللغة العبرية .. هي إذن طالبة في الألسن .. واضح تمامًا أن كليهما يشعر بملل قاتل وأن هذه المذكرة تُفتح للمرة الأولى أو الثانية غالبًا .. نظرات عادل تتوه بعيدًا عن المذكرة .. تسبح .. تجول … تنزلق عينه في نظرة عابرة إلى رانية .. تلتقي العينان فيبعد عينيه خارج النافذة .. يتثاءب .. ينظر للسقف .. يغمض عينيه بعض الوقت ثم يفتح المذكرة من جديد .. إنه في مأزق .. بإذن الله ستكون وقعته سوداء عندما يرسب وعندما يعرف (الحاج) ذلك .. لكن لا وقت حتى للقلق .. لابد من قراءة هذا الهراء في ربع الساعة الباقي على القاهرة .. نظرت له شاعرًا بالشفقة، وحمدت الله على إنني لست مكانه .. مهما حدث سوف يتخرج (عادل)، وسوف يجد نفسه بلا عمل .. سوف يفكر في رانية أو غادة أو مها .. ربما يعمل في شركة اتصالات لو كانت لديه واسطة .. ربما يأخذ كورسًا في الكمبيوتر أو الإنجليزية أو إدارة الأعمال، لكنه بالتأكيد سوف يستدين كي يأخذ دورة في البرمجة اللغوية العصبية .. تساءلت في مرارة: ما الذي ستقدمه له هذه البرمجة اللغوية العصبية ؟.. فهم الآخرين ؟.. ماذا يفعل فهم الآخرين أمام البطالة وكيف يقهر الواسطة وكيف ؟.. وكيف ؟ .. كيف يساعدك على أن تتزوج رانية ؟.. ربما يوقعها في حبك، لكن ماذا بعد ذلك ؟ ومن جديد أشعر أن الموضوع هو بيع الترام بالماستر كارد .. بيع الترام في ورق مصقول لامع .. هذا علم لا يهم إلا خبراء الدعاية، ويحتاج إلى مجتمع مترف .. الحياة سهلة في الخارج . كل ما عليك هو أن تجد وتشقى وتتعذب وتؤثر في الآخرين لكي تنجح !.. قصة نشوء هذا العلم معروفة لكل شاب، وهي تعود إلى العام 1975 عندما قرر العالمان الأمريكيان (جرندر) و(باندلر) بالاشتراك مع (باتيسون) أن يحللا مقادير الخلطة السرية التي تؤدي إلى النجاح، بحيث يمكن لأي شخص أن يستعملها في مطبخه .. أن يضعا قواعد لطريقة التعامل مع البشر، وأن يضعا منهجًا لفهم الآخرين ، وقد اعتمدا على ثلاثة نماذج للنجاح هي للعلماء النفسيين فريتس بيرلز وفرجينيا ساتير وإركسون .. هكذا صارت هناك مجموعة من القواعد الجميلة جدًا التي جرت على الألسن مجرى الأمثال : (الشخص ليس هو السلوك).. (الخارطة ليست هي المنطقة) .. (لا يوجد هناك فشل إنما تجارب وخبرات) .. (وراء كل سلوك نية إيجابية)..(كل الناس لديها وسائل النجاح).. (استعمل ما أنت ناجح فيه في مجالات أنت تفشل فيها )، وهو هرش مخ لو فكرت فيه بأمانة.. نفس جو المأثورات الذي يذكرك بتبشير توماس فريدمان للعولمة : (يجب أن تكون مستعدًا لقتل أسراك).. (لا غداء مجانيًا بعد اليوم).. الخ . ويبدو أن هذه المقولات رائجة جدا في أمريكا .. خلطة حريفة المذاق من علم النفس والمدرسة السلوكية وفن التخاطب والفراسة وحكمة المرحومة خالتي، مع الكثير جدًا من الأمثلة.. أمثلة لا تنتهي تصيبك بالدوار .. عندك جهاز محمول يمكنك بشيء من الجهد أن تستخدمه في طلب أرقام .. لكن باقي الإمكانيات مجهولة لك لأن الكتالوج ليس معك .. عقلك كذلك جهاز لا تعرف عنه الكثير ويجب أن تقرأ الكتالوج الخاص به .. "ستمدك البرمجة بدليل الإرشادات حول طريقة تشغيل عقلك ويعرفك على عقلك اللاواعى، كما سيوفر لك التقنيات التي تساعدك على التغيير سواء بحياتك أو بحياة الآخرين، وستزودك بالخريطة التي تجعلك تحقق النجاح في الحياة" هناك دائمًا مفهوم الخارطة في هذه البرمجة .. عامة فهمك للعالم هو الخارطة .. العقل والكلمات يتفاعلان مع الخارطة التي هي العالم .. تعمل البرمجة اللغوية العصبية على أربعة أركان رئيسية هي الحصيلة أو الهدف ( ماذا نريد ؟ ) والحواس والمرونة والمبادرة و العمل (لأنك ما لم تصنع شيئا فإنك لن تحقق شيئًا). يجب أن تفهم البشر الذين تصنفهم البرمجة اللغوية إلى سبعة أنماط ( من يهتم بالناس – ومن يهتم بالنشاطات – ومن يهتم بالأماكن – ومن يهتم بالأشياء – ومن يهتم بالمعلومات – ومن يهتم بالوقت – ومن يهتم بالمال ) أو هم (اللوام – المسترضي – الواقعي – العقلاني – المشتت ) . فاهم حاجة ؟.. بالطبع تفهم لكن هل يفهم عادل ؟ هناك مبدأ إعادة التأطير ومبدأ القولبة .. أن تتخذ نموذجا لشخص ناجح تتبنى معتقداته وتراكيبه اللغوية واستراتيجيته، ثم تكون معتقداتك الخاصة وأنت ما زلت تعتنق معتقدات الشخص السابق .. لو كنت تخاف من الظلام فكل ما عليك هو أن تبرمج عقلك على التفكير كواحد لا يخاف الظلام !.. هكذا نمت البرمجة اللغوية الحركية العصبية الذاتية هذه، وتحولت إلى طريقة لعلاج الاكتئاب والإدمان وعلاج الفوبيا .. صارت نظام تنمية ذاتية يعتمد على الحلقات الدراسية والاستشارات و جلسات العلاج .. تسربت إلى بلادنا العربية وصارت هوجة وموضة لا تنتهي، وهناك مواقع كثيرة تربطها بالإسلام، باعتبار أن الاسلام يحض على البرمجة اللغوية، وأن الأنبياء استخدموا أساليبها بنجاح تام .. طيب لماذا لا تكتفي بالدين إذن ؟ لكن كما قلت في المقال السابق، أعتقد أن أكثر علماء الدين الذين هاجموا البرمجة اللغوية العصبية هاجموها قبل أن يعرفوها جيدًا .. وهذا ليس دفاعًا عنها قدر ما هو دفاع عن مبدأ الدقة، ومن الخطأ أن نتعامل معها كامتداد لليوجا والشامانبة وطاقة التشي ... على كل حال يبدو أن باتلر لم يتعلم السماحة من طريقته هذه لأنه أراد عام 1996 أن يأخذ الكعكة كلها لنفسه، وطالب بأن تسجل الطريقة باعتبارها ملكية فكرية له وحده .. عندما تقرأ الهجوم على هذه الطريقة تجد أنه من الصعب أن تتوقف .. لابد من كتاب كامل يستعرض هذه الآراء .. يقولون إنه بعد 30 سنة من وجودها ما زالت لم تُقيم علميًا بما يكفي .. لا يوجد لها كيان متكامل من الأساليب العلمية القابلة للتطبيق .. عام 1984 قام عالم اسمه شاربلي بتقييم 15 دراسة حول هذه الظاهرة فوجد أن البحث العلمي لا يؤيد جدواها، ونتائجها غير قابلة للتكرار .. غير قابلية النتائج للتكرار هي الصفة المميزة للعلم الزائف أو هرش المخ عدم المؤاخذة .. علماء آخرون قالوا بالحرف: "الـ NLP قد جذبت أتباعًا كثيرين بينما هي لا تزيد على خدعة نفسية".. "حتى التقنيات الناجحة نوعًا التي تمارسها البرمجة ليست من اختراعها بل هي من أساليب أخرى سابقة ..لم يعد أحد يذكر البرمجة اللغوية ضمن أساليب العلاج النفسي .." عالم آخر يقول: "إنها التغيير من أجل التغيير فقط .." يقول ساتام ساسانجيرا عام 2005 إن شعبية الـ NLP ليست دليلا على فعاليتها، بل على قدرة الهراء الخارقة على هزيمة العلم .. إن الـ NLP عجينة نصف مخبوزة من علم النفس الشعبي والعلم الزائف . يقول توني روبينز: البرمجة نفعية جدا .. تضم إلى ترسانتها كل وسيلة تثبت نجاحها حتى لو لم تكن مدعومة علميًا .. لا أحد من مدربي البرمجة قد أجرى أبحاثا حقيقية للبرهنة عليها، طريقة العمل هي: تظاهر بأن الطريقة تعمل .. لاحظ ما تحصل عليه .. لو لم تحصل على نتيجة جرب شيئًا آخر. عن الاسم الغريب تقول مارجريت سنجر إن باندلر اعترف بأنه اخترع الاسم من مجموعة كتب متناثرة على أرض سيارته عندما سأله رجل شرطة عن عمله ..! على شبكة الانترنت قرأت لقارئ عربي ذكي يهاجم أحد أنبياء البرمجة اللغوية في الفضائيات، فيسأله: هل قام تلاميذه بانشاء المراكز الحيوية التي تفيد المجتمع أم قاموا فقط بإنشاء مراكز التدريب لنفس المجال وفي نفس الاتجاه ؟ !! هذه هي الحقيقة .. الطريقة الوحيدة للاستفادة من الـ NPL هي أن تصير مدربًا لها، وأن تؤلف عنها كتابين، وأن تنشئ مركزًا يعلمها .. الذين فعلوا ذلك هم الذين ظفروا بالخير العميم .. ترى هل يفهم عادل هذا ؟.. هل يمكنه أن يفتتح مركزًا لتعليم البرمجة اللغوية العصبية كمشروع عمره الذي يدر الذهب، ويخرس المتحذلقين من أمثالي ؟.. لا أعتقد .. لقد وصل القطار إلى المحطة، وابتعدت (رانية) بخطوات رشيقة لتلحق بالمترو، فلم يعد لدى عادل وقت لسماع أي شيء سوى صياح مراقب اللجنة لأنه يحاول الغش..


    المقالات للكاتب : أحمد خالد توفيق
    ومنقوله من موقعه
    http://www.ahmed-khaled.com


  2. #2

    الصورة الرمزية sab3aawy

    رقم العضوية : 72

    تاريخ التسجيل : 21Apr2007

    المشاركات : 5,092

    النوع : ذكر

    الاقامة : البحرين

    السيارة: سوزوكي ماروتي، مصر

    السيارة[2]: تويوتا ياريس، البحرين

    دراجة بخارية: لا يوجد

    الحالة : sab3aawy غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    برغم انك ذكرت اسم الكاتب فى نهاية المقالات إلا اننى ومنذ قرأت الكلمات الآتية :كانط ، ديكارت، علاج الإلتهاب سى بالحمام توقعت مباشرة اسم كاتب المقال وهكذا قفزت عبر السطور لأرى اسم الدكتور توفيق فى نهايته فالدكتور توفيق له لوازم اساسية فى كتاباته اصبحت اشمها عن بعد من كثرة قرائتى لهذا الرجل،

    عموما فإنها مجموعه متميزة من المقالات اشكرك على اختيارها وافادتنا بمحتواها القيم

    سبعاوى
    _______________________________________________


  3. #3

    الصورة الرمزية محمد عز

    رقم العضوية : 1946

    تاريخ التسجيل : 28Aug2007

    المشاركات : 1,872

    النوع : ذكر

    الاقامة : الامارات - أبوظبي

    السيارة: بيجو 207 - 2009

    السيارة[2]: نيسان باثفيندر 2014

    دراجة بخارية: عمرى ما سقتها

    الحالة : محمد عز غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    ايه كل ده
    مينفعش تعملهم على حلقات وبعاادين الكلام لازق فى بعضه


  4. #4

    الصورة الرمزية Karim_Monir

    رقم العضوية : 32

    تاريخ التسجيل : 17Apr2007

    المشاركات : 26,316

    النوع : ذكر

    الاقامة : جسر السويس-القاهرة

    السيارة: BMW E90

    السيارة[2]: Jeep KK 2009

    دراجة بخارية: لا يوجد

    الحالة : Karim_Monir غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sab3aawy مشاهدة المشاركة
    برغم انك ذكرت اسم الكاتب فى نهاية المقالات إلا اننى ومنذ قرأت الكلمات الآتية :كانط ، ديكارت، علاج الإلتهاب سى بالحمام توقعت مباشرة اسم كاتب المقال وهكذا قفزت عبر السطور لأرى اسم الدكتور توفيق فى نهايته فالدكتور توفيق له لوازم اساسية فى كتاباته اصبحت اشمها عن بعد من كثرة قرائتى لهذا الرجل،

    عموما فإنها مجموعه متميزة من المقالات اشكرك على اختيارها وافادتنا بمحتواها القيم

    بقت ليه تيمة في كلامه اللى بيقراله يعرف فورا لنه هو
    نفس الحركة عملتها
    بس عشان ما شوفتش اسمك في راس الموضوع قلت المنتدى كله بقى بيقرا لخالد توفيق ولا ايه


    جروب ورشة نايل موتورز علي الفيس بوك


    صفحة ورشة نايل موتورز على الفيس بوك


  5. #5

    ams

    الصورة الرمزية ams

    رقم العضوية : 3867

    تاريخ التسجيل : 27Dec2007

    المشاركات : 1,904

    النوع : ذكر

    الاقامة : عين الشمس

    السيارة: N/A

    السيارة[2]: N/A

    دراجة بخارية: N/A

    الحالة : ams غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sab3aawy مشاهدة المشاركة
    برغم انك ذكرت اسم الكاتب فى نهاية المقالات إلا اننى ومنذ قرأت الكلمات الآتية :كانط ، ديكارت، علاج الإلتهاب سى بالحمام توقعت مباشرة اسم كاتب المقال وهكذا قفزت عبر السطور لأرى اسم الدكتور توفيق فى نهايته فالدكتور توفيق له لوازم اساسية فى كتاباته اصبحت اشمها عن بعد من كثرة قرائتى لهذا الرجل،

    عموما فإنها مجموعه متميزة من المقالات اشكرك على اختيارها وافادتنا بمحتواها القيم
    العفو
    أريد سؤالك عن رايك فى اخر مقالتين بالذات لأنى كنت معجب جدا بابراهيم الفقى وما يقوله عن التنمية البشرية وقوانين العقل الباطن والكثير من هذه الاشياء المبهره . و زادت حيرتى لانى لم استطيع تكوين راى قطعى الثبوت قطعى الدلاله كما يقول علماء الدين .

    و يا كريم انا عندى روايات ما وراء الطبيعة حتى العدد 60. بس بجد اول مره اقرا مقالاته لهذا يتوجب الشكر للاخ سبعاوى ولك (اللينك)


  6. #6

    الصورة الرمزية Karim_Monir

    رقم العضوية : 32

    تاريخ التسجيل : 17Apr2007

    المشاركات : 26,316

    النوع : ذكر

    الاقامة : جسر السويس-القاهرة

    السيارة: BMW E90

    السيارة[2]: Jeep KK 2009

    دراجة بخارية: لا يوجد

    الحالة : Karim_Monir غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    ها ها ها هو انت منهم
    تعالى جنب اخواتك
    انا بقراله من العدد واحد وعندي اخر عدد رحت المعرض مخصوص اجيبه
    محبتش عبير وسافاري قوي زي ما وراء الطبيعة
    بس بيني وبينك ماتقولش لحد
    وقعت على موقع عاملين الروايا كلها سكان وتنزلهم سوفت كوبي
    هما وادهم ونور وارزاق وعيشة بقي
    بس معلش مش هاقول عليه عشان حرام وحقوق الملكية الفكرية
    ------
    ابراهيم الفقي ماقنعتش بيه خالص لاني كنت سمعتلة محاضرتين بس ماقتنعتش
    ويمكن راي دكتور خالد توفيق في الحتة بتاعت انه يطبق برة ممكنة
    لكن هنا لو خبطت على واحد تقولوة تايم شير لا تلومن الا نفسك


    جروب ورشة نايل موتورز علي الفيس بوك


    صفحة ورشة نايل موتورز على الفيس بوك


  7. #7

    الصورة الرمزية amado ibrahim

    رقم العضوية : 391

    تاريخ التسجيل : 01May2007

    المشاركات : 1,216

    النوع : ذكر

    الاقامة : cairo

    السيارة: non

    السيارة[2]: peug

    دراجة بخارية: non

    الحالة : amado ibrahim غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    hasad">

    (وإنني لأذكر هوجة الأعشاب التي سادت في التسعينات لعلاج التهاب الكبد سي،

    وقيل إن جهات بحثية مهمة تجري دراسة مدققة تُعلن في يونيو القادم ..

    يومها قال لنا د. (حلمي أباظة) أستاذ أمراض الكبد الشهير: "أراهن أن يونيو بتاعهم ده مش جاي أبدًا . !" ..

    والحقيقة أن نتائج الدراسة لم تُعلن منذ يونيو 1995 حتى هذه اللحظة فعلاً)

    احمد خالد توفيق
    .
    .
    .
    .
    .
    .

    وها نحن فى حالة انتظار مستمرة ليونيو الذى لا يأتى



 

المواضيع المتشابهه

  1. ذهب النصابون وجاء البكاءون
    بواسطة osoliman88 في المنتدى المنتــــــدى الاجتمــاعى
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-06-2015, 11:05 PM
  2. النصابون في بيع المستعمل
    بواسطة ushraf في المنتدى بيـــع و شــــراء
    مشاركات: 79
    آخر مشاركة: 20-05-2010, 01:08 AM
  3. النصابون العرب يا ريت تخشو
    بواسطة tamirjacko في المنتدى المنتــــــدى العـــــــــــام للسيــارات
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 03-01-2009, 03:01 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2