حكاية شراير مبدع كيا الجديدة....
منذ إطلاق الصانع الكوري الجنوبي "كيا" لسيارته الملهمة فورت (ومن قبلها أوبتيما المجددة عام 2008) التي استطاعت الحصول على الكثير من الإعجاب، وكيا لا تنفكّ تدهشنا بكل سيارة جديدة تطلقها، مما جعلنا نتساءل عن النقلة النوعية التي حققها هذا الصانع على صعيد التصميم!، خاصّة لكون البعض قد عزا ذلك إلى تقليد كيا لتصاميم أودي، فمن هو المسؤول عن هذا التطور السريع لتصاميم كيا؟ وما هو السّر خلف تشابه سيارات كيا مع سيارات أودي؟!، إنه بالتأكيد الرجل ذو الرداء الأسود "نسبة لارتدائه اللون الأسود بشكل دائم"، ألا وهو المصمم الألماني بيتر شراير.
ولد شراير في بلدة "ريتشنهال" البافارية عام 1953 في ألمانيا، وبدأ دراسته التخصصيّة في مدرسة للتصميم الصناعي في "مينشن" الألمانية عام 1975، وفي عام 1978 بدأ العمل في شركة أودي كمتدرّب، ليحصل على دبلوم في التصميم الصناعي في عام 1979، وبعدها انتقل إلى بريطانيا بعد أن حصل على منحة دراسيّة من الكليّة الملكيّة للفنون في لندن، ليعود بعدها في عام 1980 للعمل مع أودي كمصمم خارجي وداخلي لسياراتها، بالإضافة لنماذجها الاختبارية.
في عام 1991، انتقل إلى أميركا ليعمل في قسم التصميم التابع لأودي هناك، وما لبث حتى عاد في عام 1992 إلى ألمانيا مرّة أُخرى، لينتقل للعمل في قسم التصميم الخارجي في مجموعة فولكس فاغن ككل في عام 1993، حيث شارك في تصميم كل من سيارات أوديa4 أفانت (ستيشن) وa3 وa6، بالإضافة لأهم تصاميم سيارات أودي ألا وهي "أودي tt"، والتي ترك فيها علامته المميزة لا تزال إلى الآن، كما قام بتصميم غولف في جيلها الرابع، ليتفرغ بعدها للعمل ضمن قسم التصميم في فولكس فاغن وحدها دون فرعها أودي، حيث قام بتصميم كلٍ من البيتل بجيلها الأخير وإيوسوالإختباريةr.
استمر شراير بالعمل في قسم التصميم في فولكس فاغن حتى عام 2006، حيثتلاقت طموحاته حول قيادته لثورة تصميميّة حقيقيّة في شركة ناشئة مع طموحات كيا، والتي كانت تدور حول اختراقها للأسواق الأوروبية وتحقيق مبيعات جيدة فيها، فحصل شراير على منصب كبير المصممين، ونائب لرئيس مجلس الإدارة في كيا، ليشرف على أنشطة مراكز كيا للتصميم في كل من لوس أنجلوس وطوكيو وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى المركز الأحدث والأكثر تطوراً والذي أنشأته كيا في فرانكفورت في ألمانيا.
منذ وصوله إلى كيا، ثابر شراير على إعادة رسم الخطوط الشخصية لكيا ككل من نقطة الصفر انطلاقاً من فكرته وهي أن السيارات ليست فقط وسيلة للتنقل من النقطة أ إلى النقطة ب، بل هي أكثر الكائنات رغبة وجاذبية، وبات الناس ينظرون إليها كمعشوقات أكثر من كونها وسائل نقل وحسب، فكان عليه إنشاء شراكة ما بين النقيضين، ألا وهما العاطفة والآلة.
شراير صاحب الخبرة الطويلة في معترك التصميم لدى كبار شركات السيارات، والحائز على شهادة الدكتوراه من الكليّة الملكيّة للفنون في لندن عام 2007، وهي الجائزة ذات المرتبة الأعلى والأهم بين الجوائز التي يمكن أن ينالها مصمم سيارات، والتي جعلت منه ثالث مصمم سيارات في العالم وأول مصمم ألماني ينال شرف استحقاقها بعد كل من بينينفاريناوجيورجيتو جيوجيارو الإيطاليين، يرى أنّ تصميم السيارات هو موهبة أكثر من كونه مهارة يمكن اكتسابها. وأنّ على كيا أن تكون عالمية الوجهة بشخصية جريئة و جذابة، فقبلاً كانت سيارات كيا محايدة جداً، فحين كان يرى إحداها، لم يكن يستطيع معرفتها، هل هي كورية أم يابانية؟!، وهو يعتقد أنه لمن المهم جداً أن يتمّ التعرّف على سيارات كيا من الوهلة الأولى.
وهنا كان لابد لشراير من طبع ختم على سيارات كيا، ليمكن تمييزها بسهولة عن بقية السيارات، عندها جاء دور "واجهة النمر" كما يسميها شراير، والتي أكّد على أنها إشارة مرئية واضحة ومميزة لكل سيارات كيا الجديدة، بحيث لا يمكن أخطاؤها بعد الآن، فكانت فورت أول المحظوظات بارتداء ثوب كيا الجديد، لتتبعها بقية إخوتها فيما بعد.
كيا فورت التي كانت باكورة إنجازات شراير لدى كيا، تم تصميمها من الصفر لتكون ذات تصميم رياضي شرس، بالإضافة لتمتعها براحة الركوب والأمان والأداء المرضي، ولتحقق أحلام وتطلعات أكبر شريحة ممكنة من العملاء حول العالم.
بدأ شراير برسم الخطوط الأولية للسيارة، وبعد اعتمادها تم تصنيع نموذج من الطين والصلصال، وبعد حيازة النموذج على الموافقة، تم البدء بتصنيع أول هيكل معدني متكامل وبالحجم الطبيعي، لتتم عليه اختبارات الانسيابية ومقاومة الهواء والتأكد من تجانس المسطحات والأوجه معاً وجودة الطلاء، وبعد اجتيازه لتلك الامتحانات بنجاح، يصار إلى اختيار المحرك الأمثل والأكثر كفاءة بالنسبة لوزن الهيكل والتجهيزات الميكانيكية وخلافها، وقد أخذت تلك العمليّة من ثلاثة إلى أربعة أشهر، بينما أخذت عملية التطوير برمتها 18 شهراً.
من أهم مشاريع بيتر شراير لدى كيا، هو طراز جديد كليّاّ باسم "k9"، وهو يمثل سيارة سيدان فارهة ذات طابع رياضي من الحجم الكبير وبدفع خلفي، تقابل جينيسس لدى شريكتها هيونداي، حيث قام شراير بالإعلان عن الصورة الأولى لها في مؤتمر للتصميم في العاصمة الكورية الجنوبية "سيؤول" في شهر كانون الأول من العام الماضي، ليتم بعد فترة من ذلك ظهور صورة تقريبيّة لما ستكون عليه في حال تم إنتاجها تجارياً.
ومن المشاريع التي عمل عليها بشكل مباشر تصميم كلٍ من رائعتي كيا الجديدتين كلياً، سورينتو وأوبتيما، بالإضافة للاختبارية "كيو" التي تعد قاعدة الانطلاق لتصميم سبورتاج الجديدة.
آخر المشاريع التي يعكف عليها السيد شراير حالياً، هي التصاميم الجديدة لكل من ريو ومورنينغ صغيرتي كيا المدللتين.
قد لا نكون قد أحطنا بكل تفاصيل حياة ومسيرة المصمم المبدع بيتر شراير، لأن ذلك يحتاج لعدّة مقالات لا مقالة واحدة، ومن وجهة نظرنا، فإننا نعتبر هذه المقالة بمثابة إضاءة متواضعة على مسيرة أحد ألمع مصممي العصر، وقائد لثورة أمتعت مقلة العين، وأثلجت ما في الصّدر.
ملاحظة: الموضوع منقول عن مجلة فنات بس شوفتو جميل و حبيت اشارككو بيه.
و ده اللينك لو عايز تشوف الصور
Fannat.com
تحياتي ...