هل زويل أفضل مني؟!
مفيد فوزي


عزيزي أستاذ الكيمياء بجامعة الإسكندرية، فلان الفلاني.
لفت نظري عبارة نطقت بها، حيث قلت: هل أحمد زويل أفضل مني؟ واستطردت تقول: "كنا زميلين في كلية العلوم ونفس القسم، وفجأة وجدت اسم أحمد زويل في السما وأنا في سابع أرض مجرد أستاذ كيمياء نكرة لا يعرفني أحد إلا إذا قدمت نفسي!! لفت نظري وسمعي كلامك الذي يقطر مرارة ولم أشأ أن أرد عليك في تلك اللحظة لولا أني خشيت أن تتحول السهرة الاجتماعية إلي تراشق لفظي مفروض أن نتجنبه مراعاة لشيء من اللياقة الأدبية تفرض تأجيل المناقشات إلي وقت آخر. وقررت أن أكتب لك خطابا علنيا فهناك عشرات من الأساتذة الأفاضل يتبنون نفس أفكارك. وهناك مئات بل ألوف وربما ملايين غير راضين بواقعهم. هناك الممثل الكوميدي الذي يقول "هل عادل إمام أفضل مني؟" وهناك الممثل الذي يجيد اللغات ويقول "هل عمر الشريف أفضل مني" وهناك الممثلة الناشئة التي تقول "هل يسرا أفضل مني؟" وهناك رجل الأعمال الناشئ يقول "هل د. أحمد بهجت أو د. حسن راتب أفضل مني" وهناك المعيد الحديث في كلية جامعية يقول "هل رئيس القسم أفضل مني؟" وهناك الصحفي المغرور يقول "هل محمد حسنين هيكل أفضل مني؟". تماما مثلما تطق في دماغي وأقول كمحاور تليفزيوني "هل لاري كنج أفضل مني؟".
ولابد أن نتفق علي أن الطموح ــ كقيمة ــ مطلوب ولكن الغرور مرذول. ولابد أن نتفق علي أن النجاح هو خلاصة جهد وسهر وتجاوز للعقبات وانتصار للصلابة وعلاقات عامة مثمرة وذكاء حاد وتكوين بشري وكاريزما شخصية. وأظنك توافقني عزيزي أستاذ الكيمياء الحانق الغاضب.. أن أحمد زويل يملك طموح النسور ويملك معرفة ولديه عقل وثاب والأهم من هذا أنه يتفاعل بذكاء مع ظروفه فعندما جاءت فرصة السفر لأمريكا عرف المعمل المجهز بالإمكانيات وعرف المناخ النفسي الذي يشجع علي البحث. واستطاع زويل أن يستثمر كل هذا ويصل إلي "الفيمتوثانية" التي استوجبت منحه نوبل. استحقها وهو المصري العربي عن جدارة. وصفق له العالم وحين جاء إلي مصر، احتفت به القيادة السياسية وصار من رموز هذا البلد.. يا دكتور! زويل لم يضيع وقته في الزنب المصرية "جمع زومبة" ولم يبحث عن درجة ولم يصارع أحدا من زملائه علي منصب عميد كلية العلوم، عاش حياة اجتماعية متوازنة وامتلأ قلبه بالإيمان ولم يتنكر مطلقا لمصريات ثابتة. طبق الفول المدمس وصوت أم كلثوم وصوت الشيخ محمد رفعت. تسألني: كيف وصل لهذا التألق المصري والعربي والعالمي؟ أقول لك بمثابرة لا تعرف الكلل. وطموح محلق. بذكاء وعلم. بشخصية آسرة. بتواضع جم، ثم باحساس نادر أنه مؤمن بالعمل "الفريق". فعل هذا د. مجدي يعقوب الذي منحته ملكة انجلترا لقب سير تقديرا لعلمه الذي يعالج به القلوب فهل تطق في دماغ أي طبيب قلب ليقول "هل مجدي يعقوب أفضل مني؟". ثم أن هناك سيناريوهات إلهية "ترتب" و"ترسم" خطاوي البشر. ولست مؤمنا بكلمة الحظ. فالحظ هو الاجتهاد والذكاء والقفز فوق المتاريس. وهو الرؤية والفهم واستثمار الظروف وتحديد الهدف والسير إليه.
نعم زويل أفضل منك. لماذا؟ حاول أن تفهم سطور خطابي. ولك التحية!