| تسجيل عضوية جديدة | استرجاع كلمة المرور ؟
Follow us on Twitter Follow us on Facebook Watch us on YouTube
النتائج 1 إلى 3 من 3

  1. #1

    الصورة الرمزية Dr Zezo

    رقم العضوية : 1952

    تاريخ التسجيل : 28Aug2007

    المشاركات : 1,413

    النوع : ذكر

    الاقامة : القاهرة

    السيارة: .

    السيارة[2]: .

    الحالة : Dr Zezo غير متواجد حالياً

    افتراضي سلسلة د يوسف زيدان " اوهام المصريين" - Facebook Twitter whatsapp انشر الموضوع فى :

    hasad">

    د. يوسف زيدان يكتب: أوهام المصريين (١-٧) .. المخلِّص الذى لا يخلِّص


    ١٥/ ٩/ ٢٠١٠

    للمصريين أوهامٌ يختصون بها، وأخرى يشاركون فيها غيرهم.. وبدايةً، فإن مقصودى بالوهم هو الاعتقاد الخيالى فى أمرٍ ما، والتصديق به، من دون أن يكون له إثبات فى الواقع الفعلى. ولذلك، فإذا قلنا إن (العنقاء) وهمٌ، وإن (الغول) وهم.. إلخ، فمرادنا من ذلك أنها أشياء يعتقد فيها الناس، على نطاق واسع، مع أنها ليست موجودةً فى الواقع. وللتوضيح: كان القدماء من العرب وغيرهم يعتقدون فى وجود طائر أسطورى يعيش مئات السنين، وهو هائل الحجم، حتى إنه يخطف بمخالبه الأفيال! وإذا انتهت حياته يحترق، ويبقى زمناً كالرماد، ثم يقوم من رماده ثانيةً ويحلِّق فى السماء. هذا الطائر الأسطورى نسميه نحن العرب «العنقاء» ويسمى أيضاً «طائر الفينق» وهو عند الفرس «سيمرُغ» وله أسماء أخرى، فى لغات أخرى.. أما الغول فهو اعتقادٌ وهمى قديم، عرفه العرب، يزعم وجود كائن ضخم خطير، يشبه الإنسان لكنه لا يتكلم، وإنما يفتك فى الصحارى بالتائهين.

    وهناك لفظة مهذبة تُطلق على مثل هذه الاعتقادات الوهمية، هى كلمة (الأساطير) التى أشار إليها القرآن الكريم، وجعلها مرتبطة بالأولين. والمراد من التعبير القرآنى (أساطير الأولين) هو الأوهام المسيطرة على عقول الناس، مع أنها ليست حقيقية. وفى هذه السباعية، نضع فى دائرة الضوء «أوهاماً مصرية» سواءٌ من تلك التى اختص بها المصريون من أهلنا (كالاعتقاد بانتقال جبل المقطم من مكانه!) أو الأوهام الأخرى التى يشاركون فيها غيرهم، مثل وهم المخلِّص.

    مجىء المخلِّص، انتظار المخلِّص، عودة المخلِّص.. تعبيراتٌ دالة على أمنية مستحيلة، كانت الجماعاتُ الإنسانية تلجأ إليها فى فترات «الإحساس الجماعى» بالقهر والضيق، لتضفى على الحاضر أملاً يجعل الحياة محتملة، حتى وإن كان ذلك الأمل وهمياً.

    وقد أشرتُ فى كتابى (اللاهوت العربى) إلى أن «المخلِّص» فكرة يهودية الأصل.. فقد ظل اليهود خلال القرنين السابقين على مجىء المسيح ينتظرون المخلص (المسيَّا، الماشيح) الذى سوف يحقق وعد الرب لأبنائه بامتلاك الأرض، وهو الوعد الذى بذله الله، من دون مبرر، لأبرام «إبراهيم» التوراتى. حين قال بحسب ما جاء فى سفر «التكوين» الذى هو أول الأجزاء الخمسة للتوراة (أحد أعجب الكتب فى تاريخ الإنسانية) ما نصه: «لنسلِك أُعطى هذه الأرض، من نيل مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات».

    ولم يفكر اليهود فى أن هذا (الوعد) هو من الجهة المقابلة (وعيد) للشعوب المستقرة فى تلك الأرض الموعودة.. فالإله التوراتى يذكر هذه الأرض، ويَعِدُ بها، كما لو كانت خاليةً من أهلها. فصار اليهود بذلك فى مأزق شديد، ما بين رغبتهم فى التعلُّق بالوعد الإلهى (الوهمى) وظروفهم الفعلية، وفقاً للظروف والمتغيرات الدولية التى انسحق فيها اليهود: أيام السبى البابلى، وأيام تدمير الرومان لعاصمتهم «أوروشاليم»، وأيام الفتك المسيحى المريع باليهود فى الثلث الأول من القرن السابع الميلادى، عقاباً لهم على مساعدتهم للفرس.. فضلاً عن غزو المسلمين لهم فى ابتداء شأن الإسلام. غير أن المسلمين كانوا أرحم باليهود من المسيحيين، فلم يعرف تاريخ الإسلام، مثلاً، قراراً إمبراطورياً كهذا الذى أصدره «هرقل» يجبر فيه اليهود على اعتناق المسيحية، وإلا أحلَّ المسيحيون دماءهم! ولم يقم المسلمون خلال تاريخهم الطويل بمذبحة عامة (مقتلة) كتلك التى فتك فيها المسيحيون باليهود، بعد عودة الصليب المقدس (صليب الصلبوت) إلى مكانه بإيلياء (القدس) بعدما كان الفرس قد انتزعوه، فأعاده هرقل.

    المهم، أن اليهودية سطعت فيها بقوة، فكرةٌ وهمية ظهرت فى القرن الثانى قبل الميلاد، تقول إن «وعد الرب» لن يتحقق إلا مع ظهور بطلٍ يهودى، أو نبى، أو مهدى منتظر، أو ماشيح. وهو الذى سيكون ملكاً لليهود، ويعيد مجد المملكة اليهودية المندثرة (مملكة داود وسليمان).. مع أن هذه «المملكة» لم تكن، بحسب المصادر العبرانية المبكرة، تزيد فى مساحتها عن أى مدينة صغيرة فى ذاك الزمان.

    وقد ذكرتُ فى كتابى المشار إليه كثيراً من النصوص الدينية المقدسة، الواردة فى أواخر (العهد القديم) وكلها تدل على هذا «الانتظار» اليهودى للمخلص.. وذكرتُ عديداً من الذين ادَّعوا أنهم ذلك (المخلص) منهم «ثوداس» و«النبى المصرى» و«ميناندر» و«سيمون الساحر».. وكلهم زعموا أنهم مخلِّصون، لكنهم لم يخلِّصوا وإنما بطش بهم الرومان، مثلما بطشوا بالسيد المسيح، وصلبوه بحسب الاعتقاد المسيحى العام ، أو شُبِّه لهم بحسب ما أكده الإسلام.

    كان السيد المسيح (الذى نعرفه) هو أحد تجليات «المخلص» اليهودى، وقد صوَّرته الأناجيل على تلك الصورة. فهو الذى قال، بحسب إنجيل متى: «لم أرسل إلا لخراف إسرائيل الضالة».. وقال لتلاميذه المعروفين فى التراث المسيحى باسم «الرسل» وفى التراث الإسلامى بوصفهم القرآنى «الحواريين»: إلى طريق الأمم لا تمضوا.

    ثم تطورت المسيحية فصارت «خلاصاً» لكل البشر، بمعنى أن المسيح صار «الفداء» للإنسانية كلها، لأن المجتمعات آنذاك كانت كلها تحتاج إلى هذا الخلاص، وليس اليهود وحدهم، نظراً لقتامة العالم آنذاك وفساد الحكم الرومانى وتردِّى الأوضاع فى أنحاء الإمبراطورية.. وانتشرت المسيحية باعتبارها «بشارة» من السماء للإنسان، لكن الواقع الإنسانى لم يكف اضطرابه وقهره وظلمه للمساكين والضعفاء والمغلوبين، فكان على هؤلاء لكى يحتملوا واقعهم المرير، أن ينتظروا مرةً أخرى: عودة المسيح.. وهو الاعتقاد الذى اتخذ أشكالاً كثيرة، قديمة ومعاصرة، منها ما تعتقده جماعة «شهود يهوه» الحالية، وهى جماعة تمزج بين اليهودية والمسيحية، وتدعو الناس إلى العمل للتعجيل بعودة المسيح. وتجعل ذلك مشروطاً بإقامة هيكل سليمان من جديد، وهو أمر يقتضى إزالة المسجد الأقصى من مكانه.. وبالطبع، فهذا الأمر من شأنه تأجيج أوار الحرب بين المسلمين وغير المسلمين، باعتبار أن هذا «المخلص» الذى ينتظره غير المسلمين لا ينتظره المسلمون.

    غير أن التراث الإسلامى، أيضاً، عرف منذ زمن قديم فكرة «المخلص» وجعلها تحت عنوان (المهدى المنتظر) الذى بحسب التعبير العربى الإسلامى، الشيعى خصوصاً: سوف يملأ الأرض عدلاً، بعدما مُلئت جوراً وظلماً.. ولم يختص الشيعة بالاعتقاد فى المهدى المنتظر، وإنما هو موجود أيضاً ولكن بدرجة أقل وضوحاً، فى المعتقدات الإسلامية (السنية) غير أن الشيعة عبر تاريخهم الطويل عانوا من الاضطهاد ومن الشعور بالاضطهاد، بأكثر من السنة، ولذلك ازدهرت فكرة المخلص (المهدى المنتظر) عند الشيعة، بأكثر مما عليه الحال عند السنة. إذن، لا تأتى فكرة المخلص من فراغ. وإنما تأتى من الفراغ السلطوى لجماعة مقهورة تتأسى من الأسى، بالتعلُّق بالأمل (الخلاصى) الذى يمتد فى أذهان الناس قروناً، ويتوارثونه جيلاً بعد جيل، فيشيع فى النفوس الأمل المخفِّف لوطأة الواقع.

    ويبدو لى، وقد أكون مخطئاً، أن فكرة «المخلص» ليست مقصورة على أتباع اليهودية والمسيحية والإسلام، فحسب. بل هى أملٌ إنسانى عام، نجده أيضاً عند غير هؤلاء تحت مسميات أخرى مثل : المنقذ.. وهو اللقب الذى أُعطى لأول ملوك البطالمة «بطليموس بن لاجوس» الذى أنقذ مصر والإسكندرية من الفوضى التى كان يمكن أن تُحدثها وفاة «الإسكندر» المفاجئة، حيث قام بطليموس الأول الملقب «سوتير» بجهد هائل فى تثبيت أركان «الدولة» ولذلك عُرف بهذا اللقب، الذى يعنى حرفياً: المنقذ.

    وهناك نماذج كثيرة من تاريخ البشر، تدل على أن فكرة المنقذ أو المخلص، هى أملٌ إنسانى يراود معظم الجماعات المقهورة أو المعرضة للخطر أو التى تعانى من مشكلات كبرى، إذا طال عليها الزمان وهى تعانى من ذلك، من دون أمل (فعلى) فى إصلاح الأحوال.. غير أن خطورة هذا لا تكمن فى كونه أملاً مريحاً للنفوس، وإنما لأنه يقعد بالناس عن العمل اللازم لخروجهم مما يعانون، على اعتبار أن «المخلص» هو الذى سوف يقوم بذلك.. لكن المخلص لا يخلِّص، ويبقى دوماً مثل وهمٍ لا يفعل فى الواقع، إلا تبرير القعود عن العمل.

    وهناك من يعتقد أن «التاريخ» هو ترفٌ فكرى أو معرفة نظرية مجردة، مع أن التاريخ فى واقع الأمر هو الخطوة الأولى لفهم الواقع المعيش، فى جملته وتفصيلاته.. ولسوف أعطى على ذلك مثلاً واحداً، يتصل بفكرة المخلص:

    لن تجد فى المجتمعات الأوروبية الحالية، أو الغربية المتقدمة عموماً، حضوراً فى أذهان الناس لفكرة المخلص.. لسبب بسيط، هو أن هذه الجماعات عرفت أن (الحل) لا يأتى إلا مع حركة الجماعة نفسها. وفى المقابل من ذلك، نرى الناس فى بلادنا، لا يزالون ينتظرون الحلول التى تأتى من خارجهم.. فمن ذلك، النظر إلى (حسن نصر الله) باعتباره المخلص العربى من الظلم الإسرائيلى، ومن ذلك ظهور العذراء كلما ساءت الأحوال (السيئة) ومن ذلك ما يلى:

    فى مصر، العام الماضى، طفرت فجأة أنباءٌ عن اعتزام ترشيح كل من (أحمد زويل، والبرادعى) لرئاسة الجمهورية.. وقد أخبرنى د. زويل تليفونياً، بحكم ما بيننا من صداقة، بأن هذه الأنباء غير صحيحة. فسعدت بذلك. وسوف أعود فى مناسبة أخرى، للكلام فى سبب سعادتى بإنكاره خبر ترشيحه. أما الدكتور البرادعى فأنا لا أعرفه شخصياً، ولستُ ضده ولستُ معه فيما شرع فيه.. الذى يعنينى هنا، هو ذلك الإهاب الوهمى الذى اتخذه فور إعلان نيته، أعنى إهاب «المخلص» الذى يأتى من بعيدٍ لتخليص الناس مما يعانونه. فقد فوجئتُ بكمٍّ هائل من التأييد الشعبى، والاستجابات السريعة التى ظهرت على الإنترنت (فيس بوك تحديداً) لخطوة البرادعى. المخلِّص الذى أتى من بعيد، على حصان «نوبل» محمولاً بأجنحة سمعته الدولية الطيبة، لينقذ مصر من شبح التوريث ومن مشكلاتها الكثيرة السياسية.

    وللوهلة الأولى، لم يسأل المؤيدون للبرادعى عن خبرته السياسية، وعن برنامجه، وعن إمكانية ترشُّحه القانونية، وعن رؤيته الاجتماعية والفكرية والسياسية لمستقبل البلاد.. وإنما انتبهوا إلى ذلك، بعد فترة من (الفرحة) المفاجئة بخبر الترشيح. ولا أعلم، صراحةً، إن كان البرادعى سوف يترشح بالفعل أم لا، وسوف ينجح إذا ترشح أم لا، وسوف ينقذ الناس إذا نجح أم لا.. وإنما يشغلنى خطورة الاستجابة (الفورية) التى حدثت عقب تردُّد الأنباء عن نيته الترشح، فتطابقت صورته فى الأذهان مع وهم المخلص.

    وبالطبع، فإن الوهم المصرى العام الداعى إلى انتظار المخلِّص، لم يُولد به المصريون المعاصرون. وإنما تم تغذيتهم بهذه الفكرة شيئاً فشيئاً، وعبر وسائل كثيرة موحية لهم بأن كل ما عليهم هو الانتظار.. والأمل.. والسكون.. والفرحة بالمخلص حين يأتى، خاصة أن الضجة الكبيرة التى ثارت فى السنوات الماضية تحت مسمى (الإصلاح) انتهت إلى لا شىء.

    وفى المقالة القادمة، التى ستكون بعنوان مفصح عن محتواها (الناصر أحمد مظهر) سوف أستعرض بعض «الحيل» التى خيَّلت للناس أن المخلِّص آتٍ لا محالة، وكرَّست فى وعينا العام وهماً عميقاً، يدعونا إلى الصبر على المعاناة وانتظار المخلص، بدلاً من العمل لتخليص أنفسنا.
    ط§ظ„ظ…طµط±ظ‰ ط§ظ„ظٹظˆظ… | ط¯. ظٹظˆط³ظپ ط²ظٹط¯ط§ظ† ظٹظƒطھط¨: ط£ظˆظ‡ط§ظ… ط§ظ„ظ…طµط±ظٹظٹظ† (١-٧) .. ط§ظ„ظ…ط®ظ„ظ‘ظگطµ ط§ظ„ط°ظ‰ ظ„ط§ ظٹط®ظ„ظ‘ظگطµ


  2. #2

    الصورة الرمزية Dr Zezo

    رقم العضوية : 1952

    تاريخ التسجيل : 28Aug2007

    المشاركات : 1,413

    النوع : ذكر

    الاقامة : القاهرة

    السيارة: .

    السيارة[2]: .

    الحالة : Dr Zezo غير متواجد حالياً

    افتراضي الثانية -

    د. يوسف زيدان يكتب: أوهام المصريين (٢-٧) .. الناصر أحمد مظهر



    ٢٢/ ٩/ ٢٠١٠

    منذ سنوات بعيدة، قال لى واحد من أساتذة الفلسفة المصريين، مازحاً، إنه اشتغل فى شبابه بفن التمثيل! ولما استفهمت منه، مستغرباً من أننى لم أره فى أى مشهد سينمائى، قال وهو يبتسم: ألا تذكر الجموع التى ظهرت فى فيلم «الناصر صلاح الدين»، لقد كنت واحداً من هؤلاء الجنود، فأيامها كنتُ مجنَّداً فى الجيش، وكانوا يأخذون الآلاف منا، للاشتراك فى تصوير المشاهد الحربية.

    أدهشنى يومها اهتمام الجيش المصرى بالتصوير السينمائى، وأدهشنى بعدها انتباهى إلى أن هذا الفيلم تم إنتاجه سنة ١٩٦٣، أى أن الجنود الذين ساقوهم ليكونوا (كومبارس) هم أنفسهم الجنود الذين انهزموا فى فضيحة ١٩٦٧ المسماة تخفيفاً وتلطيفاً وكذباً وتلفيقاً (النكسة) لأن المجنَّدين آنذاك كان الجيش يحتفظ بهم بعد انتهاء فترة تجنيدهم، وهو ما كان يعرف بنظام (الاستبقاء) وكان الجندى منهم يقضى فى «الخدمة العسكرية» فترة قد تقارب العشر سنوات، بينما بقيةُ المصريين مخمورون بكأس البطولات العسكرية (السينمائية) التى تمجِّد الجندية.. قال أمل دنقل:

    قلتُ لكم فى السنة البعيدة

    عن خطر الجندى

    وعن همته القعيدة

    يحرس مَنْ يمنحه

    راتبه الشهرىّ

    وزيَّه الرسمىّ

    كى يُرهب الخصوم

    بالجعجعة الجوفاء

    والقعقعة الشديدة

    لكنه، إن يحن الموتُ

    فداءَ الوطن المقهور والعقيدة:

    فرَّ من الميدان

    وحاصر السلطان

    وأعلن الثورة فى المذياع والجريدة

    قلتُ لكم، لكنكم

    لم تسمعوا هذا العبث

    ففاضت النار على المخيمات

    وفاضت الجثث.

    ■ ■ ■

    مثل غيرى من المصريين والعرب، شاهدتُ فى طفولتى فيلم «الناصر» مراراً، لأنه كان أشبه بالمقرر الدراسى الذى يعرض دورياً فى المناسبات «القومية» أيام كانت هناك قناة تليفزيونية واحدة، ثم قنوات قلائل، تواظب على عرض الفيلم بانتظام، حتى ارتبطت فكرةُ «القومية» فى الأذهان، بفيلم «الناصر» المرتبط بدوره بشخصية الرئيس «عبدالناصر» المرتبط بالحلم العربى العريض: تحرير القدس.

    والتجارة فى الأحلام، من أربح التجارات (وأكثرها خِسَّةً) ولذلك فقد احتشد لهذا الفليم «الحلم» أو حُشِد له، كبار صُنَّاع السينما آنذاك. فمع المخرج العبقرى يوسف شاهين، قام بالديكور وعمل المناظر، العبقرى: شادى عبدالسلام. أما القصة والسيناريو والحوار، فقد قام بها ثلاثة من الكُتَّاب الكبار (محمد عبدالجواد، نجيب محفوظ، عبدالرحمن الشرقاوى) وكان الممثلون «النجوم» كُثر، منهم: صلاح ذو الفقار، نادية لطفى، حسين رياض، عمر الحريرى، زكى طليمات، حمدى غيث.. وعلى رأسهم الفارس: أحمد مظهر (= صلاح الدين الأيوبى).

    وقد كان أحمد مظهر فى الأصل (قبل احترافه التمثيل) ضابطاً فى سلاح الفرسان المصرى. فلا غرابة فى أن يُجيد، مع مخرج مثل يوسف شاهين، تمثيل دور الناصر صلاح الدين.. ولذلك، فلا يكاد أحدنا يسمع اسم «صلاح الدين الأيوبى» إلا ويتذكر على الفور بشكل لا إرادىّ، مشهد أحمد مظهر وهو يصيح من فوق فرسه، وقد ارتدى الملابس التاريخية، داعياً لتحرير: أورشليم القدس.

    ومضت بنا الأيامُ، فادحةً، حتى جاء اليوم الذى كففتُ فيه عن رؤية ذلك الفيلم، بعدما رأيتُ أحمد مظهر فى لقاءٍ تليفزيونى يبكى بمرارة، لأنهم سوف يخرِّبون فيلَّته التى بأطراف القاهرة، لأنها تعترض طريق الكوبرى الواصل بين القاهرة ومدينة أكتوبر (والطريق الصحراوى) وهى الوصلة التى نعرفها اليوم باسم «المحور».. ومات أحمد مظهر كمداً.

    ■ ■ ■

    حقق الفيلم (الحلم) نجاحاً جماهيرياً فى زمن الإعلام الموجَّه، لكنه واجه فشلاً فنياً ذريعاً، حتى إن مخرجه (حسبما قيل لى همساً) كان يكره ذكره! كما حقَّق خسارة مالية فادحة، لأن المساندة (الحكومية) فى إنتاجه، لم تستطع أن تخفف من عبء التكلفة المالية «الباهظة» التى أدَّت إلى إفلاس منتجة الفيلم (آسيا) لأن الميزانية الإجمالية بلغت ثلاثة وسبعين ألف جنيه مصرى، أيام كان للجنيه المصرى احترام.. وهى ميزانية كانت تكفى لإنتاج خمسة أفلام، بحسب المعمول به فى ذلك الزمان البائس المسمى اصطلاحاً: الستينيات.

    وبطبيعة الحال، حرصت الحكومة المصرية آنذاك على تعويض المنتجة (آسيا) عن خسارتها المالية، بإسناد أعمال أخرى «مضمونة الربح» .. ولكن، لم يفكر أحد فى الخسارة الكبرى التى لحقت بالوعى المصرى، والعربى، العام. بسبب مخيالية هذا الفيلم، ومخايلاته، وأكاذيبه الكثيرة، تالية الذكر.. وأرجو من القارئ ألا يفزع مما سيأتى، ويبادرنى بالإنكار.

    أولاً: لم يكن «صلاح الدين» هو ذلك «البطل» الذى تم الترويج له فى زمن حكم العسكر، لأنه كان مثلهم عسكرياً.. فالتاريخ يخبرنا بحقائق مغايرة لما عرفناه من فيلم «الناصر» منها أن صلاح الدين الأيوبى، كان قائداً خائناً للسلطان نور الدين الذى أرسله على رأس الجيش من دمشق إلى مصر، لتأمين حدودها ضد هجمات الصليبيين، فترك الأمر ومهَّد لنفسه السلطة، ولأقاربه، وترك المهمة التى جاء من أجلها، حتى إن السلطان نور الدين جهَّز جيشاً لمحاربة صلاح الدين (المنشق) ولكنه مات ليلة خروج هذا الجيش، فسنحت الفرصة لصلاح الدين واستطاع استمالة بعض القوَّاد، وحارب البعض الآخر، حتى استقام له السلطان.. والعجيب، الدال على شخصية صلاح الدين، أنه كان فى الوقت ذاته قائداً من قوَّاد السلطان نور الدين (السُّنىِّ) ووزيراً للحاكم الفاطمى لمصر (الشيعى) مع أن الدولتين كانت بينهما خلافات لا تقلُّ عمقاً عما كان بين المسلمين أصحاب الأرض (أصحاب البلد) والمسيحيين الغزاة الذين اشتهروا باسم الصليبيين.

    ثانياً: بعد مناورات كثيرة، ومداورات، اضطر صلاح الدين الأيوبى إلى اقتحام القدس. ولم يفلح فى انتزاعها من قبضة الصليبيين إلا صُلحاً.. ثم أعادها الأيوبيون ثانيةً إلى الصليبيين، كهدية، سنة ٦٢٨ هجرية!

    ولم تكن القدس تُعرف بهذا الاسم الذى تردَّد فى (الفيلم) كثيراً، فالمسلمون الأوائل والمسيحيون أيضاً لم يعرفوا لهذه المدينة اسماً إلا (إيليا) أما أوروشاليم فهى التسمية العبرية للمدينة التى كانت موجودة قديماً بهذا الموضع، وهدمها «إيليوس هادريان» وبنى مكانها مدينة أخرى هى «إيليا» أو «إيلياء» نسبةً إليه! وتم استعادة الاسم العبرى على يد المسيحيين بعد قرون لإضفاء القداسة على المدينة. أما القدس وبيت المقدس، فهى أيضاً تسمية عربية/إسلامية أطلقت على المدينة استناداً إلى تسميتها العبرية القديمة: بيت هاميقداش.

    ثالثاً: احتوى الفيلم الذى كتبه كبار الكاتبين آنذاك، على مغالطات لا يمكن أن يكونوا قد سهوا عنها، ولا بدَّ (فيما أرجِّح) أن تكون قد أُمليت عليهم.. فمن ذلك شخصية «عيسى العوَّام» التى قدمها الفيلم على أنه مصرى مسيحى (يعقوبى)، وجعله الفيلم قائداً عسكرياً فى وقت كان المسيحيون فى مصر والشام يدفعون الجزية مقابل إعفائهم من الالتحاق بالجيش ثم يصل الإفك السينمائى إلى مداه، حين يقترن عيسى العوام (صلاح ذو الفقار) براهبة فاتنة من الكاثوليك (نادية لطفى) فى وقت كان الأرثوذكس، وما زالوا، يرون أن الكاثوليك كُفَّار.. فضلاً عن أن الراهبات لا يرتبطن أصلاً بالرجال، أيا كانت ديانتهم.

    والأعجب والأكثر فكاهةً (سوف نتحدث عن الفكاهة فى مقالنا القادم) أن عيسى العوام الذى عاصر الحروب الصليبية، وبرع فى قتالهم: هو رجل مسلم بحسب ما أخبرتنا به المصادر التاريخية.

    ولا يفوتنا هنا، أن هذه «الترضية الحكومية» لأقباط مصر، فى هذا الفيلم الذى تكلَّف قرابة السبعين ألف جنيه، ارتبطت آنذاك برغبة الحكومة المصرية (الرشيدة) فى إقامة كيان سياسى كنسى، مصرى، بإعلاء شأن كنيسة الإسكندرية (فى القاهرة) ولذلك قدمت الحكومة سبعين ألف جنيه مصرى، وقطعة أرض كبيرة بالعباسية، لإقامة «البطرخانة» الحالية.. كان ذلك فى زمن البطرك الهادئ المسالم الوديع «كيرلس السادس» ولم تكن الحكومة المصرية تدرى أن الأمر سوف يتفاقم ليصل إلى ما وصل إليه هذه الأيام، ويتطور إلى ما نشهده مؤخراً من كلام الجهلة والسفهاء الذين صاروا فى غفلة من الزمان يتصدرون وسائل الإعلام.. لن أزيد على ذلك، اتقاءً لغضب هذا «الأسد الهصور» الذى يمطر الناس بالدعاوى القانونية، وتلافياً لمزيد من الخلاف.

    ■ ■ ■

    نعود إلى الناصر أحمد مظهر، للتأكيد على أنه يختلف عن الناصر صلاح الدين، الذى تختلف حقيقته التاريخية عن صورته (السينمائية) فى أذهاننا، التى تختلف بدورها عن صورة الرئيس عبد الناصر بكل ما فيه من فضائل ومثالب. لنقول إن وهم «المخلِّص الذى لا يخلِّص» كان وهماً يتم توجيهه، تلاعُباً بالعقول وتضييعاً لعقل هذه الأمة. وللأسف، فمن أراد أن يرى صورة سينمائية، أقرب إلى الواقع التاريخى، وفيها كثير من الفن! فعليه بأن يشاهد فيلم «مملكة السماء» وهو الفيلم الذى لم تنجح الكنيسة المصرية الحالية فى إجبار الحكومة المصرية الحالية على منعه، مثلما حدث قبل بضعة شهور مع الفيلم البديع: أجورا (الذى يحكى عن مرحلة مهمة فى تاريخ مصر).

    .. وبعد، فلنختتم تلك المقالة بنكتة سمعتها مؤخراً: ظل إمام مسجد كبير، يدعو الله فى صلاة الجمعة قائلاً «اللهم أرسل لنا صلاح الدين لتحرير القدس» فاستجاب الله له، وخرج الناس من المسجد فوجدوا صلاح الدين على حصانه، يدعوهم لتحرير «أورشليم القدس» لكنَّ المصلِّين اعتذروا عن عدم اللحاق به، لأن أحدهم عنده موعد مع طبيب الأسنان، وآخر مرتبط بحفل عيد ميلاد زوجته، وآخر عليه أن يأخذ أولاده إلى الدروس الخصوصية.. إلخ، فلم يجد صلاح الدين حوله أحداً، فصعد ثانيةً إلى السماء.

    فى الجمعة التالية، دعا الإمام بعد الصلاة من جديد، قائلاً: «اللهم أرسلْ لنا صلاح الدين لتحرير القدس، هو والناس الذين كانوا معه».

    .. ومراعاةً لحقوق الملكية الفكرية، فهذه النكتة قالها لى مؤخراً، صديقى المخرج البديع: خالد يوسف! الذى أرجو ألا يُضطر يوماً، لإتحافنا بفيلم (حلم) عن الظاهر بيبرس أو قطز، أو أى «بطل» من هؤلاء العسكريين الذين تؤكد حياتهم الحقيقية أنهم كانوا أبطالاً، من «البُطلان» وليس من «البطولة».. فالبطولة لا تكون فرديةً، ولا تتم إلا بعد خروج «الناس» من الباطل.

    ■ ■ ■

    اللهم أرسلْ لنا رمسيس الثانى لتحرير قادش!
    ط§ظ„ظ…طµط±ظ‰ ط§ظ„ظٹظˆظ… | ط¯. ظٹظˆط³ظپ ط²ظٹط¯ط§ظ† ظٹظƒطھط¨: ط£ظˆظ‡ط§ظ… ط§ظ„ظ…طµط±ظٹظٹظ† (٢-٧) .. ط§ظ„ظ†ط§طµط± ط£ط.ظ…ط¯ ظ…ط¸ظ‡ط±


  3. #3

    الصورة الرمزية hugan

    رقم العضوية : 25254

    تاريخ التسجيل : 15Nov2008

    المشاركات : 11,512

    النوع : ذكر

    الاقامة : القا هره

    السيارة: شاهين 1400 /97

    السيارة[2]: 516.2008 تيجو2013

    دراجة بخارية: دايون 150

    الحالة : hugan غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    hasad">

    بكره الصبح
    قضيه مرفوعه علي يوسف ذيدان
    لا ستهاناته باصل من اصول العقيد ه المسيحيه وهي
    اولا المخلص
    ثانيا نقل جبل المقطم علي يد القديس فام
    اتقاء لغضب الاسد الهصو ر الذي يمطر الناس بالدعاوي القضائيه
    طبعا يقصد صديقه اللدود بيشوي بعد الصراع بينهما في معركه عزازيل
    ثالثا
    احترت في امر يوسف زيدان هل هو كاتب ليبرالي علماني
    ام هو متنكر ومن اشد انصار الاسلام والسنه
    اتهامه لصلاح الدين بالخيانه
    الذي ما راءه احد مبتسما ابدا
    ولما سالوه عن السبب عدم الا بتسام وليس الضحك
    قال اخاف ان يراني الله مبتسما والمسجد الا قصي اسير
    لمراجعه الموقف الصحيح بين نور الدين زنكي وصلاح الدين
    مراجعه كتاب نور الدين محمود سيره مجاهد صادق للدكتور حسين مؤ نس
    الكتاب فيه تبرئه ومدعومه بالدليل من تهمه ان يكون صلاح الدين قد انقلب علي مملوكه وانفصل بمصر عن الشام
    وان صلاح الدين كان شديد الولاء لسيده نور الدين
    لكن طبيعه تللك الفتره في مصر وانتقالها من الدوله الفاطميه الشيعيه والتناحر الموجود بين الوزراء ومحاولته ارساء دوله سنيه والقضاء علي التشيع واعاده بناء مصر القوه الضاربه في ذللك الوقت ل درجه ان الجفاف والقحت قد اصاب الشام فارسل نور الدين الجنود الشاميه الي مصر من اجل ان يستردو عافيتهم ويسمنو
    كل تللك الظروف والحاقدين علي صلاح الدين لتولي مصر في سنه الصغيره
    اشاعو لدي نور الدين ان صلاح الدين يريد الانفصال بمصر عن الشام
    وقبل وفاه نور الدين باسابيع كان صلاح الدين قد اعد العده وبيت النيه علي الخروج الي نور الدين لتاديه فر ض الولاء والطاعه له لكن كان القدر اسبق ومات نور الدين قبل خروج صلاح الدين اليه
    اردت التوضيح علي هذه النقطه حتي لا يلتبس الامر عليكم في سيره بطل من ابطال الاسلام
    اللنبي عند دخوله دمشق بعد الحرب العالميه الاولي القائد الفرنسي
    وقف علي قبر صلاح الدين ويداه ملوثتان بدماء القتلي من المسلمين
    وقال
    لقد عدنا يا صلاح الدين

    ياتقول كلام في محله يا تقول حلو ياحلو
    http:///photos/a.879931698703941.107...370587/?type=1



 

المواضيع المتشابهه

  1. ___""""""""الاسطورة لكزس gs الكوبيه تنتظركم في عام 2013 """"""""___
    بواسطة S O P H O S في المنتدى تـويوتـــا
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20-06-2012, 07:11 PM
  2. الحكومة بتفلس""""تخفيض حوافز الاطباء """خلوها تخرب""
    بواسطة pharonicking في المنتدى المنتــــــدى الاجتمــاعى
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 25-01-2009, 12:10 AM
  3. الحقنى يا استاذ سبعاوى """"""""""""""""""""""""""""""""""""""
    بواسطة ahmed161075x في المنتدى نيـــــــــسان
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-01-2009, 10:19 AM
  4. يا جماعه محتاج مساعده سريعه لضيق الوقت """"""""""""""
    بواسطة ama79 في المنتدى المنتــــــدى العـــــــــــام للسيــارات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-09-2008, 04:45 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2