انا طبعا عارف ان كتير منكم هايسألوا عن معنى هذه الكلمة، وفيه كتير منكم هايعتقدوا انها كلمة لها علاقة بالقلب وفيه ناس تالته هتعتقد انها طريقة متحذلقة لنطق اسم انثى حيوان اليف
لكن القولبة لا هى هذة ولا تلك، ولكن هى كلمة مشتقة من كلمة قالب ، اللى هو الفورمة اللى بنحط فيها أى حاجة، وتنطق بفتح القاف وتسكين الواو وفتح اللام والباء، زى ما بننطق كلمات:" معجنة، منظرة،طرقعة"الخ
القولبة هى واحدة من السمات الشخصية التى ارى انها من اسوأ عيوب الشعب المصرى، وهى نتاج مباشر لانعدام الإبداع الشخصى والسير وراء القطيع او ما يمكن ان نستخدم تعبير الساخر العظيم محمد عفيفى رحمه الله عليه ونسميه"الإستظلال بظل شجرة الإجابات الجاهزة"
القولبة هى وجود قوالب جاهزة فى راس كل واحد منا ، ويقوم كل منا بصب كل شخص او مكان او حالة او ظرف يقابله فى قالب من هذة القوالب ولا يسمح لأى منها بالخروج من هذا القالب وحتى ولا لم يناسب القالب مقاس الحالة فإن كل منا يقوم بالطرق عليها حتى تستجيب لمقاس القالب ، وبالتالى فلا مكان لأى حالة جديدة خارج القوالب الجاهزة ، وهو ما يعكس تماما الإفتقار الى الإبداع
مجموعة القوالب التى نحتفظ بها كمصريين مجموعة كبيرة جدا وهى فى معظمها تتكون من هذة الجملة : كل "كذا" من المؤكد الغير قابل للشك انه"كذا" مع استبدال ال"كذا" بمفردات كل قالب
مثلا:
كل "ضابط شرطة" من المؤكد الغير قابل للشك انه"مفترى"
كل "منتج مصرى" من المؤكد الغير قابل للشك انه"سئ الى ابعد الحدود"
كل "الخدمات التى تقدم فى مصر" من المؤكد الغير قابل للشك انها"اسوأ من مثيلتها بأى مكان فى العالم حتى لو كان موزمبيق"
كل "من اتعامل معه من المصريين" من المؤكد الغير قابل للشك انه"سيحاول ان يخدعنى وياخد منى حاجة نصبا او غصبا"
كل "من اتعامل معه من االاوروبيين ذوى الشعر الأصفر والعيون الزرقاء" من المؤكد الغير قابل للشك انه"صادق امين والتعامل معه سيعود على بالمصلحة"
كل "من اتعامل معه من عرب الجزيرة" من المؤكد الغير قابل للشك انه"مسرف ينفق المال بغزارة ولابد ان ينوبنى من الحب جانب"
كل"مكان فى العالم خارج مصر" من المؤكد الغير قابل للشك انه"افضل مليون مرة من مصر"
كل"اجنبية" من المؤكد الغير قابل للشك انها"صيد سهل يسهل إغواؤها"
الى جانب مجموعة من القوالب التى قد تختلف من فئة لأخرى من الناس ولكن كل قالب فى نظر صاحبة هو قانون كونى لا يجوز الخروج عنه
مثلا: فى نظر بعض المحافظين دينيا نجد أن:
كل"فتاه لا تغطى شعرها" من المؤكد الغير قابل للشك انها"فتاه غير محترمة سمعتها غير طيبة"
وبالعكس نجد ان الكثير من عامة الشعب من المتساهلين دينيا لديهم قالب عام مضمونه:
كل"رجل يطلق لحيته" من المؤكد الغير قابل للشك انه"أفاق يريد ان يضحك علينا باسم الدين"
انا فى سردى لهذة الأمثلة لا أعنى اننى أؤيد او اعارض ايا منها و ذكرى لاى منها لا يعبر عن وجهة نظرى الشخصية نهائيا، ولكن انا فقط اضرب امثلة على فكرة القولبة، التى يعيش معظمنا ويدير حياته معتمدا عليها، وليس اسهل لقتل الإبداع ووقف مسيرة التطور الحضارى من حبس المنهاج الفكرى للناس فى هذة القوالب الجامدة
الناس فى كل الأمم المتحضرة يقيسون من يلاقون من افراد او حالات بالتجربة والإحساس والخبرة، وبناء عى هذا يقيمون ما امامهم من افراد او حالات ، وهذا القياس المستمر يؤدى الى تفاعل مستمر يولد الكثير من الأفكار الجديدة والإبداعات وبالتالى النمو والتطور
اما ما نعيشه هنا فهو حالاة صعبة من حالات الجمود يموت معها اى ابداع واى تجديد
ورحم الله العظيم "محمد عفيفى" الذى كان اول من قرأت له عن "المستظلين بظلال شجرة الإجابات الجاهزة"