بسم الله الرحمن الرحيم
, الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على رسول الله ونبيه محمد الأمين
السلام عليكم يا أهل القرءان ورحمة الله وبركاته
فهذا هو درسنا الثاني في تجويد كلام الباري سبحانه وتعالى , نسأل الله الإخلاص في القول والعمل
لوجهه الكريم , ونعوذ به أن نشرك به شيئا نعلمه , ونستغفره لما لانعلمه ,
درسنا الثاني إخوة الإيمان عنوانه
[mark=#a6ff00]أهمية تعلم القرءان الكريم وتعليمه و فضل حفظه[/mark]
والله أسأل أن يجعلنا من أهل القرءان الذين هم أهل الله وخاصته
[mark=#aeff00]أولا : أهمية تعلم القرءان الكريم وتعليمه[/mark]
الإخوة والأخوات الأفاضل , تعلمنا من مشايخنا أنه لايصح التلقي من المصحف دون معلم
فمن المتفق عليه عند أهل العلم أن من أراد معرفة كيفية الأداء والنطق الصحيح للقرءان على
الصفة التي نزل بها لابد له من التلقي ، والأخذ مشافهة من أفواه المشايخ
ولذلك قالوا
من يأخذ العلم عن شيخ مشــــافهة .......... يكن عن الزيغ والتصـحيف في حرم
ومن يكن ءاخذًا للعلم من مصــحف .......... فعلمه عندأهل العــــــــــــــلم كالعدم
ولذلك لابد من التلقي من أفواه المشايخ الضابطين المتقنين ولايعُتذر بالأخذ من المصاحف دون
معلم ، ومما يدل على ذلك أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفصح العرب لسانًا علمه
جبريل عليه السلام فما بالك بمن هو دونه من الأمة ،
فكيف يتوصل القاريء إلى قراءة كهيعص أو حم عسق وغيرها بدون معلم
فالذي يعلم العربية ولكنه لا يتلقى عن غيره التجويد قد يقرؤها على غير وجهها الصحيح ,
إذ النطق بها صحيحة يتوقف على التلقي والسماع
وكان يقول علمائنا
لا تأخذ القرءان من مصحفي ( بتشديدالياء) .......... ولا الأخبارمن صحفي (بتشديدالياء)
أي لا تأخذ القرءان ممن شيخه مصحفه
وقالوا أيضا رحمهم الله
من كان شيخه كتابه .......... كان خطأه أكثر من صوابه
ومما يشهد لذلك
1 ـ مارواه البخاري رحمه الله في صحيحه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلي الله
عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرءان وعلمه
والشاهد إخوة الإسلام قوله صلى الله عليه وسلم تعلم,وقوله وعلمه فقد رغب رسولنا محمد
صلى الله عليه وسلم في تعلم القرءان وتعليمه، فأرشدنا إلى أن القرءان يؤخذ بالتعلم والتلقي ,
وأن خير الناس من يتعلم ويعلم القرءان .
2 ـ ما رواه مسلم رحمه الله في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه
وسلم قال وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت
عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده.
والشاهد إخوة الإسلام قوله صلى الله عليه وسلم ويتدارسونه بينهم فالقرءان يؤخذ بالتلقي من
أفواه العلماء كما ذكرنا سالفا .
فأي فضل هذا الذي اختص الله به أهل القرءان , تنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة وتحفهم
الملائكة ويذكرهم الله فيمن عنده .
الله اجعلنا منهم يا كريم .
3 ـ ما رواه مسلم رحمه الله في صحيحه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال خرج علينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق فيأخذ
ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله عز وجل ولا قطع رحم قالوا كلنا يا رسول الله قال فلأن يغدو
أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث
مثل أعدادهن من الإبل
والشاهد إخوة الإسلام قوله صلى الله عليه وسلم فيتعلمءايتين من كتاب الله عز وجل ,
النبي صلى الله عليه وسلم يسأل سؤالا ليقرب الصورة لأذهان الصحابة رضي الله عنهم ورضوا
عنه , فيسأل من منهم يحب أن يذهب كل يوم إلى مكانين قريبين جدا من المدينة ( بطحان
والعقيق ) فيجد هناك ناقتين من أغلى النوق فيأخذها مجانا دون أن يدفع ثمنا ودون أن يعصي الله
بسرقتها ؟ قالوا كلنا يارسول الله , والناقة للإنسان العربي وقتها تمثل شيئا كبيرا جدا , ظهر يركبه
ويحمل عليه ولبن يشربه ولحم يأكله
وبعد أن نقل ذهنهم لهذه الصورة قال فلأن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب
الله عز وجل خير له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل
وكأنه في وقتنا الحالي يقول من منكم يحب أن يكون له كل يوم سيارتين من أغلى السيارات بغير
ثمن سنقول جميعا كلنا, فمن يتعلم ءايتين خير من ناقتين ومن أعدادهن .
[mark=#99ff00]ثانيا :فضل حفظ القرءان الكريم[/mark]
1 ـ ما رواه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود رحمه الله عن عبد الله بن عمرو رضي
الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال لصاحب القرءان اقرأ وارتق ورتل كما
كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند ءاخر ءاية تقرؤها
اعلم أخي رحمك الله أن عدد ءاي القرءان 6236 ءاية , وعدد درجات الجنة 6236 درجة , بين
كل درجة وأخري كما بين السماء والأرض , ومنزلك عند ءاخر ءاية تقرأها , ولكن هل سيؤتى لك
بمصحف لتقرأ منه ؟ كلا ولكن ستقرأ من حفظك ومنزلك عند ءاخر ءاية تقرأها, فمن حفظ القرءان
كاملا كان في الفردوس الأعلى مع الحبيب صلى الله عليه وسلم .
فأي شرف لك حافظ القرءان كهذا الشرف وأي حفل تكريم كهذا الذي سيقام لأهل القرءان يوم
القيامة , أن تقرأ يوم القيامة وترتل كما كنت ترتل في الدنيا والله يسمع والملائكة والنبيون فإذا
انتهيت من قراءتك كان منزلك عند ءاخر ءاية تقرأها .
2 ـ ما رواه الترمذي رحمه الله في سننه عن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب
والبيت الخرب أي شيء يكون فيه ؟ , قاذورات وحشرات وشياطين عياذا بالله وأي شيء ءاخر من
الأشياء الضارة , وبقدر دخول القرءان في القلب تكون طهارته وعمارته بالإيمان
3 ـ ما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان النبي
صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ،ثم يقول أيهم أكثر أخذا للقرءان . فإذا أشير
له إلى أحدهما قدمه في اللحد ، فقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة . فأمر بدفنهم بدمائهم ،
ولم يغسلهم
فانظر أخي إلى فضل حفظ القرءان , الإثنين صحابة شهداء ولكن الأكثر أخذا للقرءان يقدم في
القبر , نسأل الله حسن الخاتمة
4 ـ ما رواه الترمذي رحمه الله في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى
الله عليه وسلم بعثا ، وهم ذو عدد ، فاستقرأهم ، فاستقرأ كل رجل منهم ما معه من القرآن ، فأتى
على رجل منهم - من أحدثهم سنا - فقال : ما معك يا فلان ؟ ! قال : معي كذا وكذا ، وسورة البقرة
، قال : أمعك سورة البقرة ؟ ! ، فقال : نعم ، قال : فاذهب ، فأنت أميرهم
انظر أخي رحمك الله , شاب من أحدثهم سنا ولكن يحفظ سورة البقرة ويؤكد عليه النبي صلى الله
عليه وسلم أمعك سورة البقرة ؟ ! ولما أكد الشاب , جعله أميرا عليهم , صلى الله عليك ياحبيبي
يارسول الله يا من علمتنا أن سورة البقرة أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة
5 ـ ما رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم ، وليؤمكم أكثركم قرءانا
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم عند مسلم رحمه الله عن عقبة بن عمرو رضي الله عنه
يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله , قال بن رجب رحمه الله المراد بالأقرأ في الإمامة الأكثر قرءانا
وهنا مسألة إذا اجتمع قارئان ، أحدهما أكثر قرءانا ، والآخر أجود قراءة ، فهل يقدم الأكثر قرءانا
على الأجود قراءة ، أم بالعكس ؟ على قولين للعلماء رحمهم الله وأكثر الأحاديث تدل على اعتبار
كثرة القرءان .
6ـ مارواه السيوطي رحمه الله عن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن
القرآن يلقى صاحبه حين ينشق عنه القبر ، كالرجل الشاحب فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما
أعرفك ، فيقول له : أنا الذي أظمأتك في الهواجر ، وأسهرت ليلك ، وإن كل تاجر من وراء تجارته
، وأنا لك اليوم وراء كل تجارة ، فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار
، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا ، فيقولان : بم كسينا هذه ؟ فيقال لهما : بأخذ ولدكما
القرآن ثم يقال اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرأ حدرا كان أو ترتيلا
تخيل أيها الحافظ يوم القيامة عندما ينشق عنك القبر يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه تجد من
يقف في انتظارك ! من أنت ؟ أنا القرءان فيعطيك الملك بيمينك والخلد بشمالك ويضع على رأسك
تاج الوقار ويكسا والداك حلتين لا تقوم بهما الدنيا
اللهم ارزقنا حفظ كتابك والعمل به
7 ـ مارواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن سهل بن سعد رضي الله عنه في حديث المرأة
التي جائت تهب نفسها للنبي ولم يكن له بها حاجة فقام رجل من أصحابه فقال : يا رسول الله ! إن
لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها . فقال : فهل عندك من شيء ؟ فقال : لا . والله ! يا رسول الله !
فقال : اذهب إلى أهلك فانظرهل تجد شيئا ؟ فذهب ثم رجع . فقال : لا . والله ! ماوجدت شيئا . فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظر ولو خاتم من حديد فذهب ثم رجع . فقال : لا . والله ! يا
رسول الله ! ولا خاتم من حديد . ولكن هذا إزاري . ( قال سهل ما له رداء ) فلها نصفه . فقال
رسول الله ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء . وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء
فجلس الرجل . حتى إذا طال مجلسه قام . فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا . فأمر به
فدعي . فلما جاء قال ماذا معك من القرآن ؟ قال : معي سورة كذا وكذا . ( عددها ) فقال تقرؤهن
عن ظهر قلبك ؟ قال : نعم . قال اذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن
والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل حفظ القرءان صداقا للمرأه
فهذا رجل من فقراء الصحابة لايملك من حطام الدنيا شيئا حتى الخاتم من الحديد لايملكه , وله
رغبة في الزواج الحلال , هل يرده النبي صلى الله عليه وسلم فيلجأ للحرام , فإننه إذا ضيقنا على
الحلال فإن الطريق ينفتح على مصراعيه أمام الحرام ولكن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن
من يسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه وأن من
يمن المرأة تيسير مهرها وتيسير مؤونتها وأنه إذا جائكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه
فلو عدنا لسنته ما وجدنا عانسا وما وجدنا شباب قارب عمرهم الأربعين ويزيد دون زواج
وأختم بهذه الأبيات للإمام الشاطبي رحمه الله واصفا حافظ القرءان
وحيث الفتى يرتاع في ظلماته .......... من القبر يلقاه سناً متهللا
هنالك يهنيه مقيلا وروضة .......... ومن أجله في ذروة العز يجتلا
يناشد في إرضائه لحبيبه .......... وأجدر به سؤلاً إليه موصلا
فيا أيها القاري به متمسكا .......... مجلا له في كل حال مبجلا
هنيئا مريئا والداك عليهما .......... ملابس أنوار من التاج والحلا
فما ظنكم بالنجل عند جزائه .......... أولئك أهل الله والصفوة الملا
وصلي اللهم وسلم على سيدنا محمد وءاله أجمعين
المفضلات