بسم الله الرحمن الرحيم
, الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على رسول الله ونبيه محمد الأمين
السلام عليكم يا أهل القرءان ورحمة الله وبركاته
فهذا هو درسنا الثالث في تجويد كلام الباري سبحانه وتعالى , نسأل الله الإخلاص في القول والعمل
لوجهه الكريم , ونعوذ به أن نشرك به شيئا نعلمه , ونستغفره لما لا نعلمه ,
إخوة الإيمان والإسلام , بعد أن تعرفنا في المرتين السابقتين على فضل القرءان وفضل تلاوته
وفضل تعلمه وتعليمه وفضل حفظه , تعالوا بنا أهل القرءان نبدأ أولى خطواتنا بحول الله وقوته في
هذا العلم الذي نسأل الله أن يكون حجة لنا لاعلينا
حديثنا اليوم عن
[mark=#e5ffad]مباديء علم التجويد ومراتب القراءة[/mark]
[mark=#fbffbd]مباديء علم التجويد [/mark]
[mark=#d6ff66]أولا : معناه [/mark]: التجويد مصدر جود تجويدا والإسم منه
الجودة وعكسها الرداءة
لغة : التحسين يقال جود الرجل الشيء إذا أتى به جيدا , سواء كان قولا أو فعلا
اصطلاحا : إخراج كل حرف من مخرجه وإعطاؤه حقه ومستحقه (بفتح الحاء) من الصفات
فحق الحرف من الصفات أي من الصفات اللازمة الثابتة ( التي لاتنفك عنه بحال ) كالجهر
والهمس والشدة والرخاوة والاستعلاء والاستفال والإطباق والإنفتاح والصفير والقلقلة والتفشي
والإستطالة إلى غير ذلك مما سنفصله إن شاء الله في دروس الصفات وهي من أهم دروس
التجويد , بل تعد أحد أركان التجويد الأربعة .
ومستحق الحرف من الصفات أي من الصفات العارضة ( التي تعرض له في بعض الأحوال وتنفك
عنه في البعض الآخر لسبب من الأسباب ) كالتفخيم والترقيق ـ في بعض حروف الإستفال كالألف
واللام والراء ـ وكالإظهار والإدغام والقلب والإخفاء والمد والقصر مما سيأتي مفصلا في الدروس
القادمة إن شاء الله وقدر
ويقال لقاريء القرءان المحسن لتلاوته " مجود " (بكسر الواو) إذا أتى بالقراءة مجودة
الألفاظ (بفتح الواو)
وتعلمت من شيخي أن التجويد هو علم هندسة اللفظ القرءاني
[mark=#d5fa5a]ثانيا : واضعه :[/mark]
من الناحية العملية : هو الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم , لأنه مستمد من قراءته صلى الله
عليه وسلم , سمعه الصحابه من فمه الشريف صلى الله عليه وسلم , وتلقاه من الصحابه
التابعون , ثم وصل إلينا عن طريق المشايخ المتصل سندهم برسول الله صلى الله عليه وسلم .
من الناحية النظرية : الخليل بن أحمد الفراهيدي وقيل أبو الأسود الدؤلي وقيل أئمة القراءة .
[mark=#dff759]ثالثا : حكمه :[/mark]
[mark=#d7fa64]حكم العمل به [/mark]: فرض عين على كل من أراد أن يقرأ
شيئا من القرءان , وذلك بالدليل من الكتاب والسنة وإجماع الأمة
الدليل من الكتاب : قول الله تعالى ورتل القرءان ترتيلا قال العلماء رحمهم الله الأمر هنا للوجوب
إذ لم يصرفه صارف عن الوجوب إلى الإستحباب أو الندب ( والمندوب هو ما يمدح على فعله ولا
يذم على تركه ) أو الإباحة , وقال سيدنا علي رضي الله عنه الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة
الوقوف , وإذا تأملنا في الآية نجد أنها لم تقتصر على الأمر " ورتل " بل جاء التأكيد بالمصدر
المؤكد للأمر وهو " ترتيلا "
والترتيل صفة تكلم الله بالقرءان كما قال سبحانه ورتلناه ترتيلا وكفى بذلك شرفا
الدليل من السنة : مارواه السيوطي رحمة الله أن ابن مسعود رضى الله عنه كان يقرئ رجلا .
فقرأ الرجل : "إنما الصدقات للفقراءوالمساكين " مرسلة ( أي بدون مد الألف في كلمة
الفقراء ) فقال ابن مسعود ماهكذا أقرأنيها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : وكيف أقرأكها ؟
قال : أقرأنيها{ إَنَّمَا الَّصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِوالْمَسَكِين ِ} فمدها - أي مد الألف في كلمة الفقراء -
فابن مسعود رضي الله عنه الذى هو أشبه الناس سمتاً ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم
أنكر على الرجل أن يقرا كلمة " الفقراء" من غير مد ولم يرخص له في تركه ،
بالرغم من عدم تأثير المد على دلالة الكلمة ومعناها،
إجماع الأمة : قال العلامة محمد نصر مكي في نهاية القول المفيد في علم التجويد , فقد أجتمعت
الأمة المعصومة من الخطأ على وجوب التجويد من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا
ولم يختلف فيه منهم أحد
ولذلك قال خاتمة المحققين " الحافظ " محمد بن الجزري رحمه الله
والأخذ بالتجويد حتم لازم........ من لم يجود القرءانءاثم
لأنه به الإله أنزلا........ وهكذا منه إلينا وصلا
وهو أيضا حلية التلاوة ........ وزينة الأداء والقراءة
وهوإعطاء الحروف حقها........ من صفة لها ومستحقها
ورد كل واحد لأصله........ واللفظ في نظيره كمثله
مكملا منغير ما تكلف........ باللطف في النطق بلا تعسف
وليس بينه وبين تركه ........ إلارياضة امريء بفكه
[mark=#e8fa5f]حكم العلم به [/mark]ومعرفة أحكامه فرض كفاية ( إذا قام به البعض سقط عن الباقين , وإن لم يوجد من يقم به أثموا جميعا )
[mark=#fafaa3]مراتب القراءة[/mark]
للقراءة مراتب ثلاث يجب على القاريء معرفتها
1 ـ [mark=#d5fa5a]التحقيق [/mark]وهي القراءة باطمئنان وتؤدة بشيء من
المبالغة المحمودة من غير زيادة ولانقص مع إعطاء الحروف حقها ومستحقها ,
وهذه الطريقة تصلح في مقام التعليم .
وهذه المرتبة مثل قراءة الشيخ الحصري في المصحف المعلم .
2 ـ [mark=#dbfa5f]الحدر [/mark]ـ بفتح الحاء وسكون الدال ـ وهو الإسراع
بالقراءة مع مراعاة الأحكام بدقة تامة , مع الحذر من بتر حروف المد أو ذهاب صوت الغنة أو
اختلاس الحركات (ومعنى اختلاس الحركة أي عدم الإتيان بها كاملة مثل عدم الإتيان بالضمة
كاملة أو الكسرة كاملة ) ,
وهذه الطريقة تصلح في رأيي المتواضع في حالات المراجعة كي يتمكن الحافظ من مراجعة كم
كبير , وفي صلاة الإمام صلاتي التراويح والتهجد , وفي قيام الليل للحفظة, والله أعلم
وهذه المرتبة مثل قراءة أئمة الحرمين الشريفين في رمضان , مع التحفظ على بعض اللحون
الخفية (أي الأخطاء الهينة ) التي يقعون فيها في التجويد , فليس هناك معصوم في الأمة إلا
الحبيب صلى الله عليه وسلم , وكلنا ذوو أخطاء .
نسأل الله أن يصحح ألسنتنا بالقرءان وأن يجعلنا من أشراف الأمة الذين قال عنهم المعصوم صلى
الله عليه وسلم أشراف أمتي حملة القرءان وأصحاب الليل , وهذا الحديث الذي رواه السيوطي
رحمه الله عن بن عباس رضي الله عنهما قد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله فلزم بيان ضعفه ,
ولكن يعمل به في فضائل الأعمال .
3ـ [mark=#d5fa71]التدوير [/mark]وهو مرتبة متوسطة بين مرتبتي التحقيق
والحدر ,
وهذه الطريقة تصلح في رأيي المتواضع للصلوات المفروضة والسنن الرواتب وذلك للإمام
والمأموم والفذ , وفي قراءة الطالب على شيخه وما عدا ما سبق في مرتبتي التحقيق والحدر
وهذه المرتبة مثل قراءة ( العظماء الخمسة ) المشايخ الحصري ومصطفى إسماعيل والمنشاوي
وعبد الباسط والبنا رحمهم الله جميعا في المصحف المرتل .
[mark=#d2fa9e]ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ [/mark]
وانتظر بمشية الله جل وعلا استفساراتكم وأسئلتكم
وانتظر رسائلكم أنكم قد بدأتم في تعليم ما تعلمناه لغيركم , فإن مما يجري لإبن ءادم بعد الموت علم
ينتفع به .
هذا وماكان من صواب فمن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , وما كان من خطأ فمني ومن
الشيطان والله بريء منه ورسوله صلى الله عليه وسلم
وصلي الله وسلم على عبدك ورسولك محمد وءاله أجمعين
المفضلات