انقلاب في مرور العاصمة اميرة ملش

ليس هناك ضابط قديم في مرور العاصمة. الآن لو تكلمت مع ضابط قديم كان في المرور وتم نقله إلي المسطحات المائية علي سبيل المثال سيصب لعناته علي من كان السبب في نقله من النعيم الذي كان فيه.
الوجوه تغيرت في إدارات المرور في العاصمة، الأباطرة كلهم تم تحريكهم بقرار أشبه بنزع ملكية من كونه حركة تنقلات عادية أصدرها وزير الداخلية حبيب العادلي.
الوزير نفسه يسكن في الجيزة ويعمل في وسط البلد وما بين المنطقتين غابة من السيارات التي لا تتحرك ورغم مرور أكثر من عشر سنوات علي مشوار الوزير اليومي الا أن شيئا لم يتحسن في أداء المرور بين المحافظتين بل العكس، تدهور الحال أكثر مما كان عليه ،وبات الوضع أشبه بقنابل متحركة تستعد للانفجار بين سيارة وأخري.
العادلي كان في حاجة إلي من يضع يده علي المشكلة المرورية في القاهرة حتي وجد مبتغاه في اللواء اسماعيل الشاعر مساعد أول الوزير ومدير أمن أكبر مدينة في الشرق الاوسط.
اعتقد الجميع أن الوضع المروري لن يكون أفضل حالا نظراً لكون الشاعر خريج مدرسة المباحث وبعيداً تماما عن المرور، لكن الرجل انتظر ثمانية أشهر حتي وضع تصورات لبداية خطة الحل تحت عنوان "نبدأ بأنفسنا"، هذه التصورات وصلت إلي العادلي فأدخل عليها بعض التعديلات ووافق عليها فورا.
الجزء الاول من الخطة يقضي بعمل حركة شاملة لضباط وامناء ادارة المرور بالكامل علي اكثر من مرحلة حتي لا تتسبب الحركة الكاملة في أزمات داخل ادارات المرور بالعاصمة.
الجزء الثاني رفع أيدي امناء الشرطة من علي رقاب العباد بمنعهم من تحرير أية مخالفة ضد أي سيارة مهما كانت والاكتفاء بتنظيم المرور تحت قيادة ضابط، واستحداث استمارة جديدة لتحرير المخالفة اطلق عليها نموذج 125 مرور وألغي تماما الطريقة القديمة لتحرير المخالفة بعد أن اتضح أن واقع المخالفات الحقيقية يزيد كثيرا علي عدد المخالفات المحررة ضد المركبات، الأمر الذي كان يعني أن من له معرفة بأحد امناء الشرطة لا تحرر ضده مخالفة خاصة تلك السيارات الكبيرة التي تعمل علي خطوط نقل داخل المحافظة -ميكروباص الجمعيات التعاونية- كما أن الطريقة القديمة تحولت من هدفها الاساسي "ردع المخالف" إلي هدف آخر وهو ابتزاز المخالف ومساومته علي المخالفة، لدرجة أن بعض أمناء الشرطة كانت لهم تعريفة ثابتة ومعلومة للسائقين في بعض الشوارع، لذلك لاقت المرحلة الثانية من الخطة استحسان قطاع ضخم جدا من المواطنين.
المرحلة الثالثة كانت بسحب الرتب الكبيرة من الشوارع لأنها أقل عطاء نظرا لكبر سنهم واستبدالهم بضباط شباب أكثر حماساً وجهدا وتحميلهم مسئولية تنظيم أكثر الشوارع ازدحاما وأهمية وحصر عمل الرتب الكبيرة علي الاشراف عليهم والمرور السري من وقت لآخر علي التقاطعات والميادين المهمة.
المرحلة الرابعة كانت بعمل تطوير شامل في وحدات المرور الموجودة بالقاهرة وزيادة عددها لتوزيع الكثافة السكانية بطريقة أكثر تحضرا حيث تم افتتاح ثماني وحدات جديدة فارتفع عدد الوحدات الي 48 وحدة ترخيص في العاصمة فقط.
وضمانا لنجاح الفكرة قامت مديرية الامن بزيادة عدد ضباط المرور بنقل 26 ضابطا جديدا إلي مرور القاهرة.
البعض ظن أن الشاعر تصرف بمفرده وحاول الكثير من المتضررين الشكوي إلي وزير الداخلية لكنهم فوجئوا بموافقته ومباركته للخطوات التي قام بها اسماعيل الشاعر والتي اطلقوا عليها الانقلاب الدموي في مرور العاصمة.
مصادرنا في وزارة الداخلية أكدت لنا أن القاهرة بها أربعة قطاعات شرق وغرب وشمال وجنوب ، وأن دهاء من فكر في حركة التنقلات كان يقصد أن تتم خلخلة التربيطات والعلاقات التي نشأت مع الزمن وكسر الالفة التي ظهرت بوجود القيادات السابقة في مكانها لفترات طويلة مع السائقين واصحاب المحلات والعمارات في المنطقة، لأن ما جري انه تم نقل بعض قيادات قطاع إلي قطاع آخر في عملية أشبه بالتبادل.
في حين تم نقل آخرين نهائيا بعيدا عن المرور بعد أن هبط معدل أدائهم إلي ما دون المستوي المطلوب، فتم نقل ضباط إلي ادارة التخطيط والبحوث وآخرين إلي ديوان المديرية ، كما تم الابقاء علي عدد محدود جدا في مواقعهم لكنهم تحت سمع وبصر اللواء اسماعيل الشاعر.
لكن أكثر التغييرات اثارة للجدل والتكهنات كانت الاستعانة باللواء سامي الهابط مدير ادارة مرور الاسكندرية ليشغل منصب وكيل ادارة مرور القاهرة وهو الامر الذي أثار القلق حول كيفية الاستعانة بضابط من الاسكندرية في مرور القاهرة ،لكن يبدو أن الامر لن يتوقف عند حد قرار نقل الهابط فقط بل إن البعض يتكهن بأن هذا القرار مقدمة لغرض ما في نفس اسماعيل الشاعر قد تكشف عنها الايام القليلة القادمة.
الانقلاب الدموي في مرور العاصمة كما يحب المتضررون أن يسموه جلب حالة غير عادية من الاتصالات ومحاولات الوساطة والتدخل من أجل تعديل الحركة أو استثناء البعض منها خاصة أولئك الذين لديهم علاقات وصلات قرابة بمسئولين كبار، ورغم الكم الكبير من التدخلات والتوسط الا أنه وحتي كتابة هذه السطور لم يتم تنفيذ أي تدخل ولم يتم عمل خاطر لأي واسطة، وان كان البعض يتوقع الا يتحمل الشاعر كم الضغط عليه الا أن البعض الآخر يتوقع العكس.
ورغم كل هذا لم يشعر الناس بأي تحسن يذكر نتيجة هذا الانقلاب المروري في القاهرة نظرا لأن الجيزة مازالت حتي الآن تسير علي خطي الحرس القديم في ادارات المرور الامر الذي كان أشبه بمحاولة سد ثغرة وترك أخري فكانت النتيجة أن التسرب مازال مستمرا وأن ارتباط الشوارع بين القاهرة والجيزة أفشل كل محاولات الاصلاح من جانب واحد. فكيف يعقل أن يتم تنظيم المرور في وسط البلد في حين أن كباري اكتوبر ومايو وقصر النيل متوقفة تماما من جهة الجيزة؟! حتي يتم اصلاح المرور في العاصمة لابد من تطبيق نفس الأساليب الجديدة والمطبقة في القاهرة علي الجيزة، فضلا عن ضرورة أن تجتمع ادارات المرور في المحافظتين تحت ادارة واحدة قوية وصارمة مثل هيئة النقل العام التي تسيطر علي النقل الجماعي في المحافظات الثلاث: القاهرة والجيزة والقليوبية، لأنه بهذه الطريقة فقط قد نصل إلي حل للأزمة المزمنة التي يعيش فيها 16 مليون نسمة هم سكان العاصمة. ما فعله الشاعر لن ينجح الا لو طبق علي بقية المحافظات خاصة الجيزة وإلا فلنقل علي المرور في العاصمة وما حولها يا رحمن يا رحيم.


source
http://www.elfagr.org/TestAjaxNews.a...779&secid=2459