رؤيا غربية................................للفت وحات الأسلامية
مؤرخ بريطانى يحلل أسرار نجاح فتوحات المسلمين
محيط – شيرين صبحي
http://www.moheet.com/image/65/225-300/655370.jpg
جانب من الندوة
نظم الصالون الثقافي بالمجلس الأعلي للثقافة بالقاهرة، ندوة لمناقشة كتاب "الفتوح العربية الكبرى.. كيف غير انتشار الإسلام العالم الذي نعيش فيه" بمناسبة صدور طبعته العربية عن المركز القومي للترجمة، تأليف هيو كينيدي، وترجمة د. قاسم عبده قاسم.
أدار الصالون د. عماد ابو غازي الذي أكد أن العمل الأصلي رجع فيه المؤلف إلى دراسات أوروبية متعددة عن ظهور الإسلام وحركة التوسع العربي في قلب العصور الوسطى، وقدم رؤيته التي تعتبر جديدة متميزة ومختلفة، مشيرا إلى جهد المترجم الذي يعد إضافة للعمل الأصلي.
في بداية الندوة أوضح الكاتب حلمي النمنم أن المؤرخ البريطاني كينيدي يدرس بكتابه قصة الفتوحات العربية والإسلامية حتي أواخر الدولة الأموية، ويشير في مقدمة كتابه إلى مشكلة حقيقية يلمسها كل من تعامل مع الفتوحات الإسلامية ؛ فالتاريخ غالبا ما يكتبه المنتصر، وهنا نواجه مشكلة أننا عندما نأتي للتاريخ المبكر لللإسلام منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، نكتشف أن الطرف الآخر المنهزم أبيد تماما ولذلك لا نجد له تاريخا أو أي شىء وبذلك نصبح إزاء مصدر وحيد ورؤية أحادية الجانب ، ويصبح على المؤلف أن يبذل مجهودا مضاعفا.
وأضاف أن هذه المشكلة نجدها في الفترة التي تناولها الكتاب لأن تاريخ الفتوحات العربية والإسلامية لم تكتب في حينها، بمعنى أن الجيوش العربية من عصر خالد بن الوليد أو عمرو بن العاص أو غيرهم من القادة لم يكن أحدهم يكتب يوميات أو يصطحب معه مؤرخا يكتب أو يدون وقائع المعارك والحروب، ولكن كتبت بعد رحيلهم ولذلك نجد الكتابات يغلب عليها الحماس الشديد.
كتابات الفتح
رأى النمنم ان الكتابات عن فتح مصر كانت كثيرا ما تنحو للخيال وعدم الموضوعية والعلمية ، فمثلا نقرأ أن عمر بن الخطاب أرسل خطابا إلى عمرو بن العاص يقول فيه "إذا وصلك هذا الخطاب ودخلت مصر فأكمل، وإذا وصلك قبل أن تدخلها فتوقف" ثم يقال أن عمرو بن العاص كان يعلم ما بالرسالة فرفض فتحها إلا بعد أن دخل مصر، وهذا كلام لا يحدث في أي جيش صغير ولا من قائد محترف مثل عمرو بن العاص ولا مع حاكم قوي مثل عمر بن الخطاب.. هذا حديث لا يتسق علميا ولا مع سير المعارك.
وأضاف أننا عندما نتحدث عن فتح مصر نجد أن عمرو بن العاص كانت لديه خريطة تامة لمصر ونقاط الضعف والقوة بها، فهو لعدم امتلاكه أسطولا حربيا تجنب الاقتراب من منطقة البحر المتوسط ولذلك دخل مما نسميه الآن "خط الدفاع الثاني" من سيناء ثم إلى الاسماعيلية وبورسعيد ثم الشرقية ووصولا إلى العباسية ثم حصن بابليون.
وأشار النمنم لتركيز مؤلف الكتاب على بعد هام في الفتوحات الإسلامية ، حيث أن كل المناطق التي دخلها الجيش الإسلامي سواء في مصر أو الشام أو شمال أفريقيا، كانت شعوبها تعاني الظلم والاستبداد السياسي، فساعدت الجيوش على اقتحام المدن بسهولة .
وأوضح أن في هذه الفتوحات خرج العرب من الجزيرة العربية وتقريبا سيطروا علي العالم في ذلك الوقت، حيث دخلوا إلى الشام ومصر وشمال أفريقيا فأخذوا منطقة جنوب البحر المتوسط تقريبا بالكامل وسيطروا علي الدولة الرومانية وهذه كانت منطقة الثقافة الهيلنستية آنذاك والتي دخلت في المناطق العربية ولعبت دورا هاما في تشكيل الثقافة العربية آنذاك ولفترة طويلة.
ويرى حلمي النمنم أن فتح مصر لم يركز على نشر الدين في بدايته ، ويدلل على رايه بأن عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رضي الله عنه لم يسارع بجعل العربية لغة مصر إلا بمرور الوقت حيث أصبح شرط تولي الوظائف تعلم اللغة العربية ، ثم أن يكون الوزير مسلما ، ومن هنا فإن الأهداف السياسية سادت بفتح مصر قبل الأهداف الدينية .
http://www.moheet.com/image/22/225-300/222117.jpg
سرعة مذهلة
د. زبيدة عطا المؤرخة المتخصصة في تاريخ العصور الوسطى واستاذ التاريخ بجامعة حلوان، قالت أن الكتاب يتساءل كيف تمت الفتوح الإسلامية بهذه السرعة ، ويطرح المؤلف ثلاثة محاور يقول أنها أساس الدراسة التي قام بها، يتحدث الأول عن سرعة الفتح ، والثاني حول التعاون مع أهل البلدان المفتوحة، وكيف عاشت الأقلية العربية في البداية في وسط يختلف عنها دينيا وثقافيا.
وفي المحور الثالث يشكو من المصادر العربية والإسلامية التي تحوي الخطب الرنانة غير الموضوعية والتي كتبت بداية من القرن الثالث والرابع.
وأشارت إلى أن المؤلف يوضح أن سرعة التوسع الإسلامي كانت أكبر بكثير من التوسع البيزنطي رغم قلة المحاربين المسلمين بالمقارنة مع نظرائهم ، والسبب برأيه هو نقص عدد سكان بلاد مثل انطاكية وقرطاجة ، كما أن الصراع بين الدولتين البيزنطية والفارسية دمر العديد من المدن في طريقهم، وحتي عندما عادت الدولة الرومانية في مصر والشام لم تعد بهيبتها الأولى بل رجعت كسيرة .
كذلك مبدأ الخلافات الدينية المذهبية التي قسمت البلاد. وفي نفس الوقت كمية الضرائب والضغوط التي واجهها الأهالى والتي أوجدت حالة من اللامبالاة تجاه الغزو الخارجي .
مقاتلون عظماء
يرى مؤلف الكتاب أن الجيش الإسلامي كان يميزه عدة جوانب ، أولها وجود قادة متميزين بدءا من خالد بن الوليد ومحمد بن القاسم وطارق بن زياد وموسى بن نصير وغيرهم، وكانوا يمثلون ما يشبه ارستقراطية عربية متميزة قادرة علي الإدارة، أما قادة الدولة البيزنطية فهي دائمة التمرد، وعلى النقيض كانت حالات التمرد في الفترة الإسلامية الأولى قليلة جدا، فنجد مثلا أنه عندما قام الخليفة عمر بن الخطاب بعزل خالد بن الوليد لم يتمرد.
كما تميز الجيش بأن حكمه على القائد العسكري ليس بأصله ولكن بمهارته العسكرية ، فظهرت على الساحة شخصيات هامة من طبقات بسيطة ووصلت للقيادة، وكان المقاتل المسلم لا يحمل في طريقه بالصحراء غير المؤن البسيطة.
وتعيب د. زبيدة على المؤلف اعتماده أحيانا على كتابات متحيزة ، ومنها ما ادعت أن كلمة عربي تعني "حرامي" وغيرها . كما أن هناك مفاهيم خاطئة لدى المؤلف منها قوله بالكتاب أن العرب حينما دخلوا مصر لم يرغبوا في دخول الأقباط معهم في الإسلام كي لا تسقط عنهم الجزية ! وهذا غير صحيح تاريخيا .
أصوات المغلوبين
المؤرخ د. قاسم عبده قاسم الذي قام بالترجمة أكد أن أهمية الكتاب ليس لأن مؤلفه موضوعي فقط ولكن لأنه عالم كتب بمنطق العلم والرغبة في المعرفة والسعي لإماطة اللثام عن مناطق مجهولة من تاريخنا، وأشار في كتابه إلى مشكلة المصدر في دراسات التاريخ الإسلامي وأن كثير من الروايات تم تناقلها شفويا ، فقد كان من يدعي مشاركة جدوده في الفتوحات الإسلامية يحظى بهيبة اجتماعية ومزايا اقتصادية ، وظل ذلك حتى العصر العباسي .
وأضاف أن المؤلف لم يعتمد فقط علي روايات رجال الدين لأنهم لا يمثلون هذه الشعوب كثيرا فمن كانوا يعرفون القراءة والكتابة في هذه العصور هم رجال الدين المسيحي والرهبان تحديدا وهؤلاء بطبيعة الحال يدافعون عن دينهم وعقيدتهم في مواجهة دين جديد يزيح المناطق التي كانت قلب العالم المسيحي ويحولها إلي مناطق هي قلب العالم الإسلامي، فطبيعي أن يقولون شىء مختلف. ولذلك اعتمد المؤلف علي بعض الروايات الشعبية، ومنها عدد من النبؤات
المؤلف يطرح قصة الفتوح الإسلامية والتي أوجدت الصورة الحالية للعالم والتي دعت هنتنجتون – صاحب نظرية صدام الحضارات – للقول بأنه يمكن أن ينقسم العالم إلى قسمين جزء منه غربي والجزء الثاني إسلامي كونفشيوسي، وكذلك مسألة اختراع الخطر الأخضر ( أي الإسلامي ) بدلا من الأحمر ( أي الشيوعي) ، هذه المسائل تحدث بين عشية وضحاها وإنما حدثت في الأمس البعيد منذ الفتح الإسلامي.
http://www.moheet.com/image/64/225-300/643252.jpg
معاونة مسيحية
ينقل د. قاسم السؤال المحير لكثير من المؤرخين الغربيين حول السرعة التي تمت بها الفتوح العربية ، ومنها ما تمت بدون حرب من الأساس وبعضها تم مع عدم دخول عربي واحد إلا بعد مائة عام او مائتين ، فإن مؤلف الكتاب يرى أن عدالة ورحمة المسلمين ليست المبرر الوحيد ، وإنما لابد من معرفة أن فكرة الغزو كانت غير مستغربة على الشعوب في هذا العصر ، وكان غازي يخرج ليحل محله آخر ، وكانت الشعوب فقط تفكر هل الغازي الجديد سيفرض أعباء اجتماعية واقتصادية أكبر أم أقل فقط .
وفي حالة مثل مصر نجد أن الشعب كان يقع تحت ضغط شديد جدا من الكنيسة الرومية الأرثوذكية البيزنطية، فكان البابا بنيامين هاربا في مغاور الجبال والصعيد، وأخو بنيامين قتل سحلا بالخيل علي أيدي البيزنطيين في الإسكندرية وعدد كبير جدا من الأقباط الأرثوذكس قتلوا أو سحلوا وعدد كبير جدا من كنائسهم وأموالهم صودرت. لذلك عندما دخل المسلمون ساعدهم المسيحيون.
حتى أن البابا بنيامين قال : "الرب شاء أن أبناء اسماعيل "المسلمين" ينتصروا وطلب من الأقباط المسيحيين أن يساعدوا المسلمين" . ، هذا التحالف – كما يرى د. قاسم - هو الذي حفظ الكنيسة الأرثوذكسية والكرازة المرقسية في مصر، لأنه "لو" ظل الرومان في مصر لاستمر قضائهم علي زعامات الكنيسة المصرية المرقسية ومصادرة أملاكها .
العيش المشترك
المسألة الأخرى الهامة أن المسلمين عندما دخلوا هذه البلاد عملوا بمبدأ "عش ودع الأخرين يعيشون" فعندما دخلوا القاهرة انشأوا مدينة عسكرية هي الفسطاط وأقاموا مدن البصرة والكوفة في العراق، والقيروان في تونس، ولم يختلطوا بالسكان في البداية وفي كثير من الأحيان كانت القبائل التي جاءت لتساهم في غزو بلد ما علي ألفه بالظروف المناخية والتضاريسية في هذه البلاد، فمثلا القبائل التي فتحت مصر لم تكن صحراوية ولا جبلية وإنما كانت قبائل من مناطق زراعية، ولهذا بنوا الفسطاط بطريقة ريفية، وهذا ساعد ويسر اختلاطهم بالمصريين فيما بعد.
وأوضح د. قاسم أن السبب الذي يعتقد هيو كينيدي أنه أدى لانتشار الإسلام أن المسلمين لم يطلبوا أبدا من السكان أن يعتنقوا دينهم ويعطينا مثلا هاما في جنوب شرق آسيا ، عندما ذهبوا ذات يوم في بلد فتحوها وطلبوا من الناس الخروج للصلاة، قام الناس برميهم بالطوب، وفي المرة الثانية حاولوا إعطاء الناس أموالا لتصلي وبالتالي لم يكن الأمر فرضا وإنما اختيارا وتشجيعا . كما ان المسلمين لم يتدخلوا في حياة الناس وتركوهم يعيشون كما يريدون، وشعر الناس من هنا أنهم غير مهددين في هويتهم .
مسألة أخري هامة أنه تحت الحكم الروماني مثلا كان جميع من لا يحملون الحقوق المدنية الرومانية مجرد رعايا، وكل من له حق المواطنة له امتيازات أما الرعايا فليس لهم أي امتيازات، لكن المسلمين فعلوا شيئا هاما جدا ؛ فحينما تدخل للإسلام تصبح مساويا للجميع حولك ، وأصبحت الأجيال الأولى من الذين اعتنقوا الإسلام بإمكانهم الإرتقاء في مناصب عليا ودخول الجيش ، وهذا أيضا تسبب في سرعة انتشار الإسلام.
تاريخ التحديث :-
توقيت جرينتش : الثلاثاء , 2 - 6 - 2009 الساعة : 2:44 مساءً
توقيت مكة المكرمة : الثلاثاء , 2 - 6 - 2009 الساعة : 5:44 مساءً
المؤرخ المصري أكد لـ«النهار» أن الأقباط تحالفوا مع المسلمين ضد الكنيسة البيزنطية
عبده قاسم: انتشار الإسلام بالسيف «أكذوبة مستشرقين»
القاهرة - مصطفى ابراهيم
http://www.annaharkw.com/annahar/images/zoom-in.pnghttp://www.annaharkw.com/annahar/images/reset.png http://www.annaharkw.com/annahar/images/zoom-out.png
فند المؤرخ المصري الكبير د. قاسم عبده قاسم مقولة انتشار الإسلام بحد السيف مبينا أن المؤرخين الغربيين كذبوا تلك المقولة منذ قرن كامل، وأن الكثيرين من مؤرخي أوروبا أثبتوا أن الكثير من البلاد الإسلامية دخلت الإسلام من دون أن يدخلها جندي واحد. وكشف قاسم الفائز بجائزة الدولة التقديرية في مصر في حوار مع «النهار» أن كثيرا من المؤرخين الغربيين أكدوا أن آوربا ظلت ترزح تحت الجهل وتغوص في الظلمات ثمانية قرون كاملة اثر إخفاق المسلمين في فتح فرنسا. وأوضح أستاذ ورئيس قسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة الزقازيق أن الباحث المتجرد في التاريخ يجب عليه إظهار الحقيقة المجردة دون ميل أو هوى لحساب فريق أو طائفة، مبيناً أن هناك الكثير من المؤرخين غير الإسلاميين أظهروا الحقيقة وردوا على كذب وتدليس مواطنيهم الغربيين الطاعنين في الإسلام ومن أشهر هؤلاء العلماء في العصر الحديث المؤرخ الأميركي هيو كينيدي الذي ترجم له د. قاسم كتاب الفتوح العربية الكبرى.. كيف غير انتشار الإسلام العالم الذي نعيش فيه.
كتاب «الفتوح العربية الكبرى.. كيف غير انتشار الإسلام العالم الذي نعيش فيه» الذي قمتم بترجمته وقلتم إن كاتبه هيو كينيدي حاول جاهدا إنصاف الإسلام والمسلمين فما أهم النقاط أو المواضع التي تناولها وكان فيها منصفا وعادلاً؟
لا أوافق على كلمة منصف، لأن هذه الكلمة تجعل الذهن ينصرف إلى فهم خاطىء عن الإسلام، وهو أن الإسلام ضعيف ومنكسر وهناك من ينصفه، وهذا غير صحيح لأن الإسلام قوي وعوامل القوة نابعة من داخله وليس في حاجة إلى شهادة غيره، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم تعرض للظلم والطعن ولكن ذلك لم يوقف الدعوة ولم يمنعها أن تنتشر، وأفضل أن يطلق على هؤلاء باحثون علميون متجردون، وهذه سمة البحث العلمي أن يكون متجردا وعادلا ولا يتبع الأهواء ويبحث عن الحقيقة فقط ولا شىء سوى الحقيقة، فمن فعل ذلك فهو باحث علمي صادق ومتجرد، ومن خالف ذلك لا يستحق أن يطلق عليه باحث علمي بل يكون مأجوراً وصاحب هوى والإسلام غير العالم منذ 1400عام، ولسنا في حاجة لأن ينصفنا أحد ولسنا في موضع تهمة ولا محل اتهام.
مؤرخ صادق
هناك انتقادات وجهت للكتاب منها نقله عن مصادر تدعي أن كلمة عربي تعني «حرامي» وغيرها.. فما ردكم عليها؟
لا ليس صحيحا هو قال «إن كلمة مسلم تعني عربي»، واللفظان كانا مترادفين وذلك بخلاف الحقيقة لأنه ليس كل عربي مسلم، وأغلبية المسلمين ليسوا من العرب، والشعوب العربية لا يمثل عدد سكانها إلا ربع أو ثلث عدد المسلمين، كما أنه منذ بدء الحروب الصليبية كان المسلم يعني «تركي» وهناك من ربط بخبث ودهاء بين هذا اللفظ وصفات السرقة وغير ذلك، ولذلك حاول المؤلف أن يصحح هذا المفهوم الخاطىء لدى الغرب.
تفنيد الادعاءات
هل رد هذا الكتاب وغيره على افتراءات الغرب على الإسلام وفند ادعاءهم بأن الإسلام انتشر بحد السيف؟
أكذوبة مقولة إن الإسلام انتشر بحد السيف أوبالقوة تم تفنيدها من قبل المتخصصين الغربيين في الدراسات العربية منذ أكثر من قرن وهيو كينيدي.
في كتابه أثبت بالأدلة القاطعة كذب تلك المقولة، وأثبت أن هناك مناطق كثيرة دخلها الإسلام وانتشر بين أهلها دون أن يدخلها جندي واحد ودون أن يطأ أرضها عسكري ولا قائد، وأن أكبر تعداد لجيش أسلامي خرج في الفتوحات لم يتجاوز 20 ألف جندي، وأكد أن الإسلام أثر بذاته على موروثات وعقائد وديانات قديمة يعتنقها أهلها منذ قرون، والمؤرخون المسيحيون المعاصرون للفتوحات الإسلامية كانت شهاداتهم منصفة وعادلة ومتجردة، لأنهم رووا ما شاهدوه وماعصروه ، وقد روى شهاداتهم المؤرخ الأميركي نورمان كانتوث، وأيضا جون اسبوزيتو وهو مؤرخ إيطالي ويترأس مركز الحوار الإسلامي المسيحي حاليا، فهما وغيرهما أوردا الكثير من آراء المؤرخين المسيحيين المعاصرين للإسلام ولهم آراء علمية عادلة عن الإسلام.
مقولات عادلة
هل هناك أمثلة لتلك المقولات العادلة والمتجردة؟
مثلا يقول هنرب دي شامبون تحت عنوان «الانتصار الهمجي على العرب» لولا انتصار جيش شارل مارتل الهمجي على العرب في فرنسا في معركة «تور» على القائد الإسلامي عبد الرحمن الغافقي لما وقعت فرنسا في ظلمات العصور الوسطى ولما أصيبت بفظائعها ولما كابدت المذابح الأهلية الناشئة عن التعصب الديني ولولا ذلك الانتصار البربري لنجت أسبانيا من وصمة محاكم التفتيش، ولما تأخر سير المدنية ثمانية قرون.
ويقول أناتول فرانس إن أفظع سنة في تأريخ فرنسا هي سنة 732 وهي السنة التي حدثت فيها معركة بواتيه التي انهزمت فيها الحضارة العربية أمام البربرية الإفرنجية ويقول أيضا «ليت شارل مارتل قطعت يده ولم ينتصر على القائد الإسلامي عبدالرحمن الغافقي فإن انتصاره أخر المدنية عدة قرون».
نصرة المظلومين
ما سبب السرعة الرهيبة التي تمت بها الفتوحات الإسلامية؟
مؤلف الكتاب أوضح أن عدالة ورحمة المسلمين ليست المبرر الوحيد وإنما لابد من معرفة أن فكرة الغزو كانت غير مستغربة على الشعوب في هذا العصر وكان الغازي يخرج من أرض ليحل محله آخر وكانت الشعوب ينحصر تفكيرها في معرفة هل الغازي الجديد سيفرض أعباء اجتماعية واقتصادية أكبر أم أقل فقط. وفي حالة مثل مصر نجد أن الشعب كان يقع تحت ضغط شديد جدا من الكنيسة الرومية الأرثوذكسية البيزنطية فكان البابا المصري بنيامين هاربا في مغاور الجبال والصعيد، وأخو بنيامين قتل سحلا بالخيل علي أيدي البيزنطيين في الإسكندرية وعدد كبير جدا من الأقباط الأرثوذكس قتلوا أو سحلوا وعدد كبير جدا من كنائسهم وأموالهم صودرت، لذلك عندما دخل المسلمون ساعدهم المسيحيون. حتى أن البابا بنيامين قال «الرب شاء أن أبناء اسماعيل «المسلمين» ينتصرون وطلب من الأقباط المسيحيين أن يساعدوا المسلمين» وهذا التحالف هو الذي حفظ الكنيسة الأرثوذكسية والكرازة المرقسية في مصر لأنه لو ظل الرومان في مصر لاستمر قضاؤهم علي زعامات الكنيسة المصرية المرقسية ومصادرة أملاكها والمسألة الأخرى المهمة أن المسلمين عندما دخلوا هذه البلاد عملوا بمبدأ «عش ودع الآخرين يعيشون» فعندما دخلوا القاهرة انشأوا مدينة عسكرية هي الفسطاط وأقاموا مدن البصرة والكوفة في العراق، والقيروان في تونس ولم يختلطوا بالسكان في البداية. ومن أهم النقاط التي بينها هيو كينيدي في كتابه أن المسلمين لم يطلبوا أبداً من السكان أن يعتنقوا دينهم قهرا أو إكراها. ومسألة أخرى مهمة أنه تحت الحكم الروماني مثلاً كان جميع من لا يحملون الحقوق المدنية الرومانية من أهل البلاد المحتلة مجرد رعايا ليس لهم أي امتيازات لكن المسلمين فعلوا شيئا مهما جدا هو المساواة والعدل بين أصحاب الأرض وبين الجيش الفاتح وحينما تدخل الإسلام تصبح مساويا لجميع من حولك وأصبحت الأجيال الأولى من الذين اعتنقوا الإسلام بإمكانهم الإرتقاء في مناصب عليا ودخول الجيش، وهذا أيضاً تسبب في سرعة انتشار الإسلام.
عصر المماليك
صرحتم بأن عصر المماليك ظلم كثيراً من قبل المستشرقين فما سبب ذلك في رأيكم؟
بالفعل هذا العصر الذي ظلم كثيرا على أيدي المستشرقين ومن أخذوا كلامهم دون تمحيص وهؤلاء المستشرقون الذين يقرأون التاريخ العربي الإسلامي قراءة انتقائية وانتقامية لأن عصر المماليك هو الذي شهد القضاء على الحملات الصليبية وتمت فيه هزيمة حملة لويس التاسع على مدينة المنصورة وتم أسره، وفي عهد السلطان الأشرف خليل بن قلاوون تم القضاء على الكيان الصليبي في عكا وإنهاء وجوده في فلسطين بعد قرنين كاملين من الصراع. وهذا العصر شيدت فيه آثار معمارية وفنية وثقافية عظيمة وهو عصر الموسوعات الفكرية وفيه ظهر علماء أجلاء كالسيوطي وبن منظور، والقلقشندي، والنديري، والمقريزي، وغيرهم.
ألم يشهد عصر المماليك صراعات رهيبة على السلطة وكثرت فيه المؤامرات بين المماليك وبعضهم البعض؟
عندما نحكم على التاريخ لا يجب أن نحكم باثر رجعي، ولا يجب أن نحكم بمعيار القيمة الأخلاقية فقط، لأن التاريخ يبحث عما حدث ويحاول أن يفهم سر حركة الإنسان في الكون ونحن نبحث في التاريخ لكي نعرف أسباب التقدم وسبل وطرق تطور الأمم ونهوضها ولنفهم أسباب وعوامل النجاح، وندرك أيضاًً أسباب وعوامل السقوط والانهيار والحكم لا يكون بهذا جيد وهذا سيىء، وليس من حق المؤرخ أن يكون قاضيا وحكما.
ألم يشهد هذا العصر خيانة بيبرس لسيف الدين قطز؟
هذا صراع على السلطة ولم يكونا صديقين. ولتقييم حكم بيبرس تقييماً صحيحاً نقول إن عصره شهد العديد من الإنجازات فهو الذي أعاد الخلافة العباسية، وظل 18 عاما يقلص المساحة التي يحتلها الصليبيون في الشام وامتد سلطانه ليشمل الحجاز وشمال العراق ومصر والشام وشرق ليبيا، وتوسع جنوبا حتى وسط أفريقيا «السودان أريتيريا وأثيوبيا والصومال وجيبوتي» وكان البحرالأحمر في عهده بحيرة مصرية، وهو أيضا حامي حمى الحرمين الشريفين وهو الذي أمن طريق الحج ومهد الطرق وأمنها ووفر لها الحماية، وأمدها بما تحتاج من مسلتزمات ذلك العصر من خانات وحفر آبار المياه، وهو الذي أنشأ البريد وغير ذلك الكثير والكثير من الإنجازات، لذلك عند الحكم عليه يجب النظر إلى ماله وماعليه لكي يكون الحكم عادلا.
ألم يشهد هذا العصر العقاب بالخازوق لمن يعارض الحاكم أو الأمير؟
حكم الخوزقة كان استثناء يطبق على من يخالف الأمير أو السلطان أو يهدد حكمه بمعنى أوضح أنها كانت عقوبة سياسية، أما الأحكام التي كانت تطبق في القضايا والخلافات التي تحدث بين الناس فكانت مستمدة من الشريعة الإسلامية والعقوبات السياسية في ذلك العصر كانت قاسية في العالم أجمع ونذكر في أوروبا مثلاً محاكم التفتيش التي كان يحرق فيها مؤلف كتاب لا ترضى عنه الكنيسة فكان يتم حرقه هو كتابه أمام الناس.
ألم ينهب المماليك في هذا العصر أموال الناس ويرهبونهم وتم فيه خطف الحريم وانتهاك الحرمات وبيع النساء الأحرار كالجواري؟
لم يحدث ذلك إلا عند حدوث المجاعات أوفي فترات الضعف أوفي أواخر حكم المماليك الذين استمر حكمهم 270عاما ولم يكن يحدث من كل المماليك لأن المماليك فرق كثيرة وكان السلب والنهب غالباً ما يحدث من مماليك «البولبان» وكانت تتصدى لهم فرق أخرى من المماليك أيضا، وكان السلطان بيبرس يلزم قادة الجند وكبار المماليك بإطعام عدد محدد كل يوم من المساكين والفقراء كما أن عامة الناس في بعض الحالات كونوا ميليشيات للتصدى لحالات السلب والنهب وقتلوا المعتدين أو قطعوا أيديهم وأرجلهم (حد الحرابة الذي يطبق على من أفسد في الأرض) كما أن هذا الاعتداء كان يقع أيضاً من العربان الذين يسكنون أطراف المدن أو بالقرب منها فلا يجب علينا إلصاقه بالمماليك أو نجعله فعلاً ملازما لهم أو مقتصراً عليهم.
ماصحة مقولة «الناس على أديان ملوكهم»؟
هي مقولة صحيحة بالنسبة للقبائل، لتبعية القبيلة لشيخها أو لقائدها، ووقعت في التاريخ في حالات القهر والغلبة وعند إجبار الناس على اعتناق دين أو عقيدة معينة وهي لا تنطبق على الدول والأمم أصحاب الحضارات، ولم تحدث في تاريخ مصر، بل إن الإسلام لم ينتشر بين المصريين ولم يعتنقوه إلا بعد 250 عاما من الفتح الإسلامي لمصر وذلك يدل على أنهم دخلوه عن اقتناع وفهم وحب وإرادة حرة.
الحملة الفرنسية
هل كانت الحملة الفرنسية بهدف التنوير كما يقول المتغربون أم بهدف الاحتلال والغزو كما قال الفرنسيون أنفسهم؟
بالقطع كانت بهدف الغزو والاحتلال ولا مكان فيها للتنوير أو النهوض بالشرق، وكانت صراعاً بين إمبراطوريتين «البريطانية والفرنسية»، وأي تنوير هذا الذي يحدث في ثلاث سنوات، وأي تنوير بين غاز يتحدث لغة غير لغة أهل البلد المحتل فكيف يتواصل معه وكيف يرتقي به وهو لا يفهم لغته، بل إن المصريين كانوا ينظرون إلى الفرنسيين على أنهم كفرة، وكانوا يسمونهم «الفرنسيس الكفرة»، وكان المصريون ينظرون إليهم على أنهم حملة صليبية جديدة، ولم يغب عن أذهانهم ذكرى حملة لويس التاسع على المنصورة التي وقعت عام 1250، ورغم أن الحملة الفرنسية كانت عام 1798 لكن ذكرى الحملات الصليبية وآخرهامعركة المنصورة كانت تتناقل بين الناس عن طريق القصص الشعبي والسير الشعبية التي يتغنى بها القصاصون ورواة السير في الأفراح والأعياد والموالد وجلسات السمر، ويتناقلها الناس جيلا بعد جيل عنهم.
ألم يأت مع الحملة الفرنسية المطبعة التي انتقل بها المصريون من نسخ الكتب والرسائل إلى طباعتها ما أحدث ثورة تثقيفية وتعليمية كما يقال؟
المطبعة العربية عرفها المصريون في عهد محمد علي الذي أنشأ جريدة «الوقائع المصرية» والمطبعة التي كانت مع الحملة الفرنسية كانت حروفها فرنسية وبها بعض الحروف العربية يعني معنية بالدرجة الأولى بالفرنسيين.
اختلاط الأنساب
اختلاط الأنساب في مصر هل سببه كثرة الغزاة والحكام الأجانب لمصر؟
مصر تقع في ملتقى القارات الثلاث التي كانت تشكل العالم القديم قبل اكتشاف الأميركتين واستراليا ومصر ليست في أطراف الدنيا كألاسكا أو التبت وموقعها المميز دفع الكثير من الشعوب المختلفة إلى الإقامة بها كما كانت موضعاً للراحة في الأسفار البعيدة وكان السفر والترحال والهجرة من بلد إلى آخر للإقامة فيها منتشرا وسائدا بين الناس، ومن الطبيعي أن يحدث تزاوج ومصاهرة بين أصحاب البلد المقيمين والوافدين إليها، أو المارين بها في أسفارهم من مختلف الأجناس والشعوب ما أحدث الخلط في أنساب الشعب المصري، وليس كما يقول البعض: إن أهل المنصورة ينتشر بينهم الجمال الغربي «الشعر الأصفر والعيون الخضراء أو الزرقاء لمخالطتهم الفرنسيين»، فتلك مقولة خاطئة لأنه كما سبق القول إن المصريين كانوا ينظرون إلى الفرنسيين على أنهم كفرة ولم يختلطوا بهم ولم تكن المنصورة مأهولة بالسكان في ذلك الوقت لأنه كان قد مر على إنشائها جيل واحد فقط وهي فترة غير كافية لإعمار المدينة.
لماذا كثر في تاريخ مصر الحكام الأجانب.. كمحمد علي وذريته غيرهم؟
في العصور القديمة لم يكن حكم الأجنبي مستغربا، وبعد دخول الإسلام مصر كان من حق أي مسلم أن يتولى زمام الحكم، وكان الدين هو المعيار.
إسرائيل والحملات الصليبية
قلتم في كتابكم «القراءة الصهيونية للتاريخ.. الحروب الصليبية نموذجا» إن أسرائيل بديل للحملات الصليبية.. فما تفسيركم لذلك؟
بوجود عوامل مشتركة أومتشابهة بين الحملات الصليبية وبين إسرائيل العامل الأول: أن كلاهما يرى نفسه شعب الله المختار وأنه أفضل من بقية الشعوب وذلك الأمر معلوم بالنسبة لليهود، وعند الصليبيين نجده في مقولة البابا أوربان الثاني الذي قال لجنود الحملة الصليبية في كليرموفي فرنسا:أنتم شعب الله المختار وأنتم من أختاركم الرب للمهمة المقدسة ولتخليص قبر المسيح من الشعوب الهمجية البربرية ولكي تغنموا من خيرات تلك البلاد التي تفيض باللبن والعسل» ويتضح أيضا من معنى كلمة الأكليسية التي اشتق منها الكنيسة ومعناها الشعب المختار من بين بقية الشعوب». والعامل الثاني أن كلاهما يهدف إلى شطرالعالم العربي «الذي يمثل قلب العالم الإسلامي»إلى نصفين لكي يحولوا دون اتحاد العرب والمسلمين.
والعامل الثالث أن كلاهما كان يسانده ويعاونه الغرب المسيحي فالحملات الصليبية كانت أوروبا تدعمها وإسرائيل يدعمها الغرب الحديث أقصد أوروبا وأميركا التي لم تكن قد اكتشفت في زمان الحروب الصليبية.
http://www.annaharkw.com/annahar/Res...8625a_main.jpg المؤرخ عبده قاسم متحدثا الى الزميل مصطفى ابراهيم