الرئيس..لا بابا ولا ماما ولا أنور وجدى

مع احترامي الشديد والعميق، للرئيس محمد حسني مبارك، لكونه احد ابطال حرب اكتوبر المجيدة، صاحب الضربة الجوية فيها، كما عرفنا وحفظنا جميعاً طوال السنوات الثلاثين الماضية، الا ان هذا لا يجعلني ابدأ انجرف مع تيار العواطف الجياشة، الغير موضوعية، التي تتحدث عن كون الرئيس رمزا واباً لكل المصريين.
هذا الحديث "المنحنح" قد نقبله في اطار منظومة حكم ملكية أو قبيلية أو عائلية، ولكن في نظام جمهوري - حتى لو لم يكن حراً أو ديمقراطياً - يكون هذا الحديث سخيفاً وفيه تعظيم لشخص بصورة ليست منطقية، وتقليل من بلد كبير بحجم مصر.
السبب في هذه الحالة المعكوسة لتغليب الفرد علي الجماعة، تعود لجهود حثيثة بذلها طوال سنوات طويلة العديد من الاقلام والاصوات المبرمجة من الاعلام المصري- متبرعين او مدفوعين- لكي يرسخوا في عقولنا ثقافة الرئيس: الرمز، القائد، الاب، رب العائلة المصرية، والذي اخترناه وبايعناه.. ومعاه لمشاء الله.. وغيرها من الاحاديث العاطفية الساذجة، التي ترسخ النظام الشمولي.. عملاً بمبدأ من يرأس مصر هو بابا وماما وانور وجدي.
اتحدث هنا علي فكرة منصب الرئيس بصورة مجردة، هذا المنصب، الذي يجب ان يكون له كل الاحترام والتقدير، الذي يستمد من قوته من عظمة مصر، وليس العكس، ولكن في نهاية الامر، هذه المنصب وظيفة، صحيح أعلى وظيفة في الدولة، ولكن لا يمكن ابداً أن نجعله رمز لمصر وللمصريين.

وفي مشهد بعيد عما حدث في بعض دول العالم.. فلنتذكر فضيحة كلينتون الجنسية، وفضائح بيرلسكوني العديدة، وغيرها من فضائح الرؤساء والزعماء، لم تمس سمعة الدولة.. المفترض ان تكون الدولة اكبر واعلي واهم من اي شخص مهما كان.

اما الحديث عن ربط مصر، بشخص الرئيس مبارك، اذا سقط سقطت، واذا بقا بقيت، فهذا يمثل مهانة وإهانة كبيرة، ليس فقط لمصر، ولكن للرئيس مبارك نفسه، فاذا كانت مصر ستنهار برحيل الرئيس، سواء اليوم او بعد 6 أشهر، فهذا معناه ان الرئيس، ربط مصيره الفاني لا محاله - كطبيعة بشرية - بمصير دولة باقية، واعتقد أن رغم الانهيار الذي تعانيه مؤسسات الدولة، والذي رأيناه، من انهيار في المرافق، والخدمات، والامن، الا ان مصر اكبر واعظم من اي شخص !! .
الايام الماضية، دخلت في حوارات ساخنة كثيرة، مثل حديثي مع حماتي، والذي بدء ودياً ولم تكن نهاية وديه علي الإطلاق.. اخبرتني بحماس شديد، اننا جيل جاحد، وجامد، ومعندهوش رحمة.. نتبرأ من أبانا، ونرميهم في الشارع بعد ان ربونا ويقدموا لنا زهرة شبابهم.
وعبثاً حاولت أن اقنعها، ان سخط الشباب على الرئيس مبارك، ورغبتهم في أن يرحل، لا تعنى انهم لا يحترمون كبار السن، ولا انهم لا يحترمون الرئيس.. فهؤلاء الشباب، لا يرون أسماء.. ولكنهم ينتقدون منصب سياسي، يرون فيه رمزا لفساد عشش وتوغل وانتشر في كل مصر .
لا أعرف هل هو نوع من الحسد والغيرة.. من جانب البعض، نقمة علي جراءة وقوة شباب "فيس بوك"، ربما !! فمن كان يعتقد أن هؤلاء الشباب يمكنهم أن يهزموا نظام عتيق ظالم، كان يحتمي بأكثر من 1.5 مليون عنصر امني.. ومعذورون كبار السن في مصر، فهم تربوا علي القناعة والستر، ولقمة عيش على ما تفرج، فكان طبيعياً أن يكون سقف طموحاتهم ضيق.. يخشون الحديث عن الحرية والديمقراطية والكرامة وحقوق الانسان.. لانها بالنسبة لهم حقوق غير مشروعة تسمع ولا ترى.
حديثي هنا اليوم، ليس دفاعاً ولا هجوما علي احد.. فقط دفاعاً وحبا في وطني مصر.. يريد البعض أن يقزمه، ويجعله محصوراً في شخص.. فمصر اكبر واعظم وابقي منا جميعاً .
ويا شباب مصر.. اجبرتم النظام كله أن يستمع لمطالبكم وينفذ اغلبها.. نسفتم ملف التوريث والتجديد من اساسه، عدلتم أهم بنود سيئة السمعة في الدستور المصري، غيرتم مجلس الوزراء، واجبرتم شخصيات سياسية عتيقة أن تستقيل وتختفي من حياتنا، ودفعتم بشخصيات هامة لكي تحاكم اهمهم "جزار الداخلية".. وكل يوم نسمع عن نصر ومكسب جديد لكم، لم يجرأ احد في مصر ان يحلم به.
كل هذا يجعلني ويجعل الملايين مثلي يثقون في انكم تعرفون جيداً كيف تلاعبون النظام بأسلوبه، وعدم اختياركم لشخص ممثل لكم إلي الآن.. ضربة معلم، حتى لو لم تكن مقصودة !!.


ط§ظ„ط±ط¦ظٹط³..ظ„ط§ ط¨ط§ط¨ط§ ظˆظ„ط§ ظ…ط§ظ…ط§ ظˆظ„ط§ ط£ظ†ظˆط± ظˆط¬ط¯ظ‰