الموضوع منقول
ط§ظ„ظ…طµط±ظ‰ ط§ظ„ظٹظˆظ… | ط§ظ„ظƒط§طھط¨ ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ظ…ط.ظ…ط¯ ط.ط³ظ†ظٹظ† ظ‡ظٹظƒظ„ ظپظ‰ ط.ظˆط§ط± ط.ظˆظ„ ط§ظ„ظ…ط³طھظ‚ط¨ظ„: (١-٢) ظ†ط.ظ† ط¨ط.ط§ط¬ط© ط¥ظ„ظ‰ ط¥ط¹ط§ط¯ط© ط¨ظ†ط§ط، ط§ظ„ط¯ظˆظ„ط©.. ظˆط£ظ‚طھط±ط. ط¥ظ†ط´ط§ط، آ«ظ…ط¬ظ„ط³ ط£ظ…ظ†ط§ط،آ» ظ„ظ„




الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى حوار حول المستقبل: (١-٢) نحن بحاجة إلى إعادة بناء الدولة.. وأقترح إنشاء «مجلس أمناء» للدولة والدستور للترتيب لـ«مرحلة انتقالية»


حوار مجدى الجلاد ٢١/ ١٠/ ٢٠٠٩تصوير- حسام دياب
هيكل أثناء حواره المطول مع «المصرى اليوم»

فى اللحظات الفارقة، لابد أن نتوقف قليلاً لنفكر.. لابد أن نجيب على أصعب سؤال يواجه أى أمة مأزومة: إلى أين..؟!.. إلى أى طريق.. إلى أى هدف.. وبأى رؤية.. وكيف نسير؟!.. ليس عيباً أن نعترف بأننا فقدنا البوصلة والمؤشر.. فالخطر الحقيقى أن نترك خطانا المرتجفة والمرتبكة تأخذنا إلى حيث لا ندرى.. فالشعوب بحاجة دائمة إلى الالتفاف حول أفكار جامعة ومانعة للفوضى والعشوائية.. وإلا تجاوزتها كل القطارات..!
ربما كانت هذه الأسئلة هى دافعنا الأهم فى محاورة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل.. فنحن نعيش عند «مفترق الطرق».. إما المصير الغامض والمجهول الذى يولد من رحم العشوائية.. وإما دولة حديثة وإنسان عصرى.. وبين الخيارين مساحة شاسعة من الإرادة والاتفاق والتضحية الطوعية.. هذا الحوار يجوب تلك المساحات شديدة الحساسية، ويضع نقاطاً كثيرة فوق حروف أردناها غائمة لعقود طويلة..!
ولأننا نؤمن بأن مصر تحتاج الآن انحيازاً للبناء أكثر من الهدم.. التفكير قبل النقد.. وطرح الرؤى الجادة بدلاً من السقوط فى فخ ترشيح الأسماء دون وعى وحرقها دون إدراك.. جاء هذا الحوار الأول من نوعه مع الأستاذ هيكل، حول رؤيته وتصوراته للمستقبل، إذ لم يُرد الرجل، وكذلك نحن، الركون إلى تشخيص أزمات الواقع الراهن فحسب، وإنما تجاوزها ليقدم لنا طرحاً شاملاً لما يمكن أن نفعله، من وجهة نظره..
لذا فقد تحدث فى قضايا وملفات، لأول مرة، بجرأته المعهودة، وعمقه المتفق عليه دائماً: من المشهد السياسى الراهن إلى تصوراته للمستقبل.. من الأحزاب السياسية إلى جماعة الإخوان المسلمين.. من الإنسان المصرى إلى الهوية ومأزق البحث عن مشروع.. وإليكم نص الحوار:
■ الأنظمة العربية الموجودة حالياً.. ستستمر إلى متى فى رأيك.. ومتى سيأتى التغيير؟
- المشكلة أننا عشنا ٣٠ عاماً دون حراك.. مثال بسيط انظر للصحف، رؤساء مجالس إدارات جيدون للغاية، لكنهم استمروا ٣٠ عاماً، والنتيجة أنهم حجبوا جيلاً بأكمله، بل قل جيلين.
■ وهل لذلك انعكاس على السياسة، أم هو إفراز لما هو سياسى؟
- فى العمل السياسى تقريباً حدث نفس الشىء، أجيال كاملة تم حجبها، والحياة السياسية متوقفة.. والحديث الدائر عن حرس قديم وآخر جديد بلا مضمون.. ولا توجد أحزاب بالفعل، لا تقل لى إن الوفد حزب.. هذا غير صحيح إطلاقاً.. الوفد جريدة، ولا تقل إن التجمع حزب يعبر عن اليسار.. هناك صحيفة لا أكثر.
■ أنت ترى أننا نفتقد أحزاباً سياسية حقيقية؟
- توجد محاولات حزبية، لكن حتى تمارس الحزبية لابد من وجود ماء فى السياسة.. السياسة مثل البحر، وأنت جففت هذا البحر، فأصبح كل من يفكر فى السباحة يقفز فينكسر رأسه.. السياسة فى هذا البلد فارغة مثل حمام سباحة بلا مياه.
الكارثة الكبرى أننا نعيش بلا سياسة.. السياسة يمكن أن تكون فى رأى تقوله، أو اجتهاد تطرحه، أو تطرحه الدولة باعتبار أن الدولة أو الحُكْم عنده كل الحقائق، وأنت تناقش ذلك، وهذا ما يحدث فى كل العالم.. كيف تحدث السياسة ويحدث العمل السياسى، تحدث من حركة طبقات أو بفعل تيارات فكرية تطرح على الناس أفكاراً أو برامج، ينتخبها الناس أو لا ينتخبونها، وهكذا تتشكل السلطة فى بلاد ديمقراطية..
نموذج حزب العمال أو حزب المحافظين فى إنجلترا مثلاً أو الديمقراطيين والجمهوريين فى الولايات المتحدة مثلاً، المفترض أن تطرح سياسات وتناقشها، أنا من الخارج وأنت والأحزاب الأخرى، الجميع يناقشها، حتى يتكون رأى عام يتجه إلى تأييد ذلك الطرف أو ذاك.. هنا تكون فى البلد سياسة وحيوية بهذا الحوار.
■ وهذا لا يحدث عندنا.. ولو جزئياً؟
- ما يحدث عندنا أنك إذا تكلمت أو غيرك أو أى حزب تواجَهْ بفرق الكاراتيه والضرب، وهذا يؤدى إلى انصراف المشتغلين بالفكر والعمل السياسى الحقيقى، لأن عندهم قدراً من احترام الذات، لهذا يكفّون عن العمل، وتجد معظم الناس محبطين بدرجة أو بأخرى، ويبتعدون.. تحول الحوار لدينا، واحد يطرح أشياء، وآخر يسبّه ويتشاجر معه أو حتى يعتقله، لذلك توقف الحوار الخلّاق المبنى على أفكار وعلى برامج وعلى رؤى اجتماعية.. إذا توقف الحوار، توقفت السياسة بالضرورة.
■ نعود للأحزاب؟
- أين هى الأحزاب الموجودة عندك؟ الحزب الوطنى هو السلطة.. وأنت تعرف ظروفه، وحزب الوفد أنت تعرف أنه مجرد ظاهرة فى جريدة، والنبرة السائدة عنده هى الانتقام مما جرى أيام يوليو، ولا شىء أكثر.. تعال إلى حزب التجمع، كان عنده فكرة يسار سقطت، أقصد اليسار بالمعنى التقليدى الماركسى، فوجد نفسه حائراً لكنه لا يريد التوقف.. من ناحية الوجود هو موجود، لكن لو سألته ما الذى تمثله؟ وما مفهوم اليسار عندك بالضبط؟ ليس هناك رد مقنع.
■ والإخوان المسلمين؟
- الإخوان كانوا حركة فكرية أصيلة، لكن عندهم أكثر من مشكلة لابد أن يعالجوها، الأحزاب وكل القوى السياسية فى مصر انتقدت نفسها وعالجت وتعالج أمورها وصححت أوضاعها، إلا الإخوان، هم لا يستطيعون الاعتراف بأنهم اعتمدوا على مساندة السعودية فى وقت من الأوقات، وأنهم دخلوا فى حركة اغتيالات لم يكن لها لزوم ولا مبرر، وأن النظام السرى قادهم إلى ما لا يريدون حتى الآن.
■ ألا تجد فيهم أى مؤشر على تحول حقيقى؟
- هناك من أحترمهم كثيراً فى الإخوان، ولكن حين تتحدث معهم عن محاولة اغتيال جمال عبدالناصر، يقولون لك «هذه تمثيلية»، بينما تورطهم فيها أصبح ثابتاً ولا يقبل الجدل، هناك ٢ من أحسن الإخوان فى نظرى عصام العريان وعبدالمنعم أبوالفتوح قبل اعتقاله، حتى محمد حبيب، جميعهم ينكرون ذلك، حتى حين أقول لهم إننى كنت موجوداً ورأيت وأعرف الحكاية، ودخلت للرجل الذى نفذ ذلك الزنزانة.
■ كل هذه وقائع تاريخية.. هل ترى أنها ستظل تقيد الجماعة؟
- مشكلة الإخوان أنهم لا يريدون مواجهة تاريخهم، ولا مراجعة تجربتهم وفكرهم.. التيار الإسلامى على سبيل المثال فى تركيا راجع نفسه، وانتهى إلى حزب العدالة والتنمية، والناس قبلوه ولم يرفض.
■ أنت لست ضد تواجد التيار الإسلامى فى الحياة السياسية؟
- قطعاً.. التيار الإسلامى ينبغى أن يوجد، فهو رافد مهم، لكن الإخوان وببساطة فى حاجة إلى مراجعة.. ولا يكفيهم إثارة التعصب والحماسة الدينية، كل هذا لا يصلح، وسيجعلهم قوة غير مقدرة فى المجتمع وغير محسوبة، ومضطرة إلى اللجوء لأعمال غير شرعية، والحل أن يواجهوا أنفسهم فى المرآة، ويكبروا على تجربتهم.
■ لكنهم يقولون إنهم يستمدون قوتهم من استمرارهم كتنظيم وليس كحزب سياسى.
- هذه مفاهيم لا تتناسب مع العصر الحديث.. انظر لأحوال الإخوان اليوم لكى تدرك أنه حتى الأساس التنظيمى لم يعد قائماً، خاصة فى ظل حالة التفكك هذه، لم تكن شؤون الجماعة أبداً مطروحة بهذا الشكل فى الشارع، وهذا يدل على شىء مهم جداً.. أن العصور تغيرت وهم لا يريدون أن يتغيروا، بينما أنا أرى فيهم عناصر قابلة للتفهم والقبول مثل عصام العريان وعبدالمنعم أبوالفتوح.
قلت لكثيرين من الإخوان إننى قابلت حسن البنا وتحدثت معه كثيراً، لا أحد فيكم عرفه والتقاه، ودائماً أقول لأقطاب الإخوان: أنا أعرف حسن البنا وأنتم لم تشاهدوه أبداً، وهو كان رجلاً صاحب تنظيم، لكن فكرة الدعوة عنده لم تكن واضحة، لأنهم نشأوا بعد انهيار الخلافة الإسلامية، طالبين إعادتها، والتأثير السعودى كان موجوداً، ودور الملك عبدالعزيز كان معروفاً.
■ فى تأسيس التنظيم؟
- لا.. فى مساعدته، وفى توجيهه فى بعض الأحيان، كل من خرج فى وقت العهد الملكى وبعد اغتيال النقراشى باشا وجد الملاجئ والإقامات، وكل شىء فى السعودية التى رتبت لهم كل شىء، وكل من خرج منهم فى عهد عبدالناصر وجد نفس الرعاية من السعودية، حتى المستشار الهضيبى نفسه كان مستشاراً فى وزارة سعودية.
وحسن البنا كان لديه تنظيم ودعوة، ولكن ليست هناك فكرة مستقبلية، كل ما لديهم كتاب واحد «رسائل الدعوة والداعية» وحين تقرأها لا تجد فيها شيئاً.
■ هل حسن البنا كان سيراجع نفسه فى آخر أيامه على فكرة دخول التنظيم فى العمل السياسى؟
- أنا كنت موجوداً عندما جاء حسن البنا يقدم بيانه «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين» لعبدالرحمن عمارة، وكيل وزارة الداخلية، ومعه كريم ثابت، المستشار الصحفى للملك فاروق فى دار أخبار اليوم، بعد اغتيال النقراشى، لأنهم كانوا يريدون التنصل من المسؤولية، وحسن البنا أدرك أنه سوف يواجه انتقاماً حقيقياً، وهذا ما حدث بالفعل بقرار من الملك فاروق، يومها دخل البنا مكتبى منتظراً عمار بك، وكيل الداخلية وقتها، وكريم ثابت،
ووجدته رجلاً صانع تنظيم بلا جدال، وعنده كفاءات هائلة قريبة جداً من مشايخ الطرق الصوفية، لكن الفكر ناقص.. هناك فى الفكر الإسلامى الحديث الشيخ محمد عبده خلق فكراً إسلامياً حقيقياً، والشيخ حسن البنا أنشأ تنظيماً إسلامياً، لكن الاثنين لم يلتقيا مع الأسف الشديد، لا الفكر التقى مع التنظيم، ولا التنظيم التقى مع الفكر.
■ حتى الآن؟
- لم يلتقيا، ولا يمكن أن يلتقيا بهذه الطريقة، لأن الشيخ محمد عبده كان مستنيراً وسابقاً لعصره، والإخوان جاءوا وفكرة ضياع الخلافة الإسلامية هى الفكرة المسيطرة على عقولهم.. هذا رجل ذو نظرة بعيدة ومستقبلية، وهؤلاء سلفيون وماضويون.
■ هل مازال لديهم ميل للعنف؟
- العنف ميل موجود عند كل إنسان لديه طلب لا يستطيع تنفيذه..لاحظ أن الدعوة الدينية هى أقوى الدعوات الموجودة، فإذا كان لديك طلب ولا تستطيع تنفيذه فوسيلتك إليه هى القوة.. هذه قاعدة أساسية حتى فى النظام.. أى نظام يستطيع تنفيذ ما يريد بإقناع الناس، وإذا استحال عليه ذلك فليس أمامه سوى العنف.. إذا استحال عليه خلق الظروف المناسبة لتحقيق دعوته.. إذن العنف موجود.
■ ما مستقبل الإخوان إذن؟
- مستقبل الإخوان فى أيديهم.. وأنا يهمنى مستقبل مصر أكثر من مستقبل الإخوان، لكن مستقبل كل طرف فى الحياة السياسية المصرية هو بمقدار ما يستطيع أن يطوّر نفسه، ويتلاءم مع مسألتين، الأولى: حقيقة وطبيعة ما يطلبه الشعب المصرى. والأخرى: حقيقة ما هو جار فى العالم وفى العصر.
■ لا تُعوّل على الأحزاب.. وترى أن الإخوان يحتاجون إلى مراجعة.. هل معنى هذا أنه لا يوجد فى الحياة السياسية لاعبون؟
- الحقيقة أنه لا توجد فى هذا البلد سياسة، كما قلت لك، وهذه هى المشكلة الأساسية.. ليست هناك وسائل، وهذا هو الكلام الذى يجب أن أقوله فى مصر، وهو أننا فى حاجة إلى بداية جديدة.
■ كيف تكون هذه البداية؟
- أعتقد أننا بحاجة لإعادة بناء الدولة، ووضع دستور «تعاقدى» جديد، وأقترح إنشاء مجلس نسميه «مجلس أمناء الدولة والدستور»، لأنه - فى رأيى - لا يوجد اسم من الأسماء المطروحة يستطيع وحده تحقيق ما نريد، لاحظ أن هناك فرقاء سياسيين، لكن قل لى كيف سيأتون أولاً؟.. البعض يقول عمرو موسى، والبعض الآخر زويل، أو البرادعى.. كيف يمكن أن يأتى واحد من هؤلاء؟! الأمر الواقع يؤكد وجود ترتيب شديد الغرابة.. هناك بلد موجود على قضبان سكة حديد ليس له إلا اتجاه واحد هو المادة «٧٦»، وهى مادة أطول من قصص نجيب محفوظ، وهذا لم يحدث من قبل، لا يوجد دستور بهذا الشكل..
هذا قضيب سكة حديد يرسم طريقاً إلى اتجاه يتصور أصحابه أن له نقطة وصول، لكنه فى الحقيقة اتجاه إلى لا شىء، لأنه صعب جداً فى مصر.. لذلك أنا أتصور أننا نحتاج لدستور جديد، لأن الأمر الواقع سيؤدى إلى «فوضى سوداء»،
وهذا بلد فى حالة توتر شديد جداً، وأنا لا أريده أن يصل إلى نقطة احتكاك، لكن إذا فرضت عليه هذا الاتجاه كأنك أعطيته «Focalpoint»، أى النقطة المركزية، ممكن أن يلتقى عليها كل الناس، نريد حديثاً جدياً واعترافاً بأننا فى مرحلة ركود وفى مرحلة أزمة، وأن هذه الأزمة تقتضى إجراءات مؤقتة، لذلك أقول إننا نحتاج إلى «مجلس أمناء الدولة والدستور».
■ ما ملامح اقتراحك؟
- المرشحون الذين تُطرح أسماؤهم لا يأتون من فراغ، ومعنى أن الناس تفكر فيهم كبدائل أن لهم رصيداً عند الناس، ويلتمسون فيهم أملاً، لكن أياً منهم بمفرده لا يستطيع، لذلك أقترح تشكيل هذا المجلس من ١٢ شخصاً، فيهم البرادعى وزويل وعمرو موسى، وعمر سليمان، ولابد أن يكون هناك حضور للقوات المسلحة باعتبارها حارس السيادة الوطنية، والدكتور مجدى يعقوب، والأستاذ منصور حسن، والدكتور حازم الببلاوى.
■ وماذا سيفعل هذا المجلس؟
- ستكون مهمته التفكير، وأن يرى كيفية الوصول إلى عمل نوع من الاستفتاء العام على دستور جديد، وعقد اجتماعى جديد.. يعوض عملية تفريغ كبيرة فى البلد.. تذكر أن عندنا خزاناً مهولاً من الناس فى الخارج، هؤلاء جميعهم يصلحون، وأنا أرى فى الخارج نجوماً فى الاقتصاد والطب والاجتماع موزعين فى كل العالم.
أنت لديك أكثر من ٢٨٠ ألفاً من هؤلاء النوابغ موجودون فى الخارج، وهذا رصيد إنسانى مهول، أريد من يختارهم الناس بلا وعى لإحساسهم أنه ممكن أن يكون فيهم أمل، وأتصور أن يندمج كل هؤلاء ويجلسوا معاً، ويبحثوا كيفية ترتيب الانتقال، هناك من يقولون البرادعى، أو غنيم، أو منصور حسن، كل هؤلاء كيف يقدرون هم وغيرهم على المسؤولية فى غيبة مناخ سياسى له قواعد وأصول.
■ هل سيدير هذا المجلس البلد؟
- ستكون مهمتهم الـ«Transtition»، أى الانتقال أو ترتيب الانتقال حتى يصلوا إلى رسم خريطة للسلطة توفر بعدها وزارة مسؤولة ومجلساً تشريعياً ونظاماً رئاسياً للحكم، ليس عندى مانع أن تواصل الوزارة الموجودة، وأريد الرئيس مبارك أن يشرف بنفسه على هذه «المرحلة الانتقالية»، وتكون تلك آخر وأهم خدمة يقدمها للبلد.
أنا أقول ذلك وأنا رجل عمرى ٨٦ سنة، ولا أطمع فى منصب، وراض بما وصلت إليه، ولو كنت أستطيع أن أخدم بلدى بأن أقول رأيى سأقوله، أنت أمام ٧ أو ٨ أسماء على الأقل تداولها الناس وأبدوا فيهم ثقة، استفد منهم وآخرين فى مستواهم كأمناء على «المرحلة الانتقالية» لفتح الباب لجيل جديد من الشباب.. مجلس الأمناء ينهى مهمته ويرحل، لكن يفتح الباب أمام بناء دولة جديدة.
أريد الناس الذين وقع عليهم الاختيار دون استفتاء، لكن لا أحد فيهم يستطيع مواجهة كل هذا الفراغ بمفرده.
■ من سيحمى هذا الانتقال؟
- حارس الانتقال ينبغى أن يكون رئيس الدولة الموجود حالياً، مع القوات المسلحة، وبدونهما لا يمكن النجاح، ومبارك يمكن أن يفعلها كخدمة للبلد، وهذا هو الوضع الأنسب، يمكن أن تقول لواحد مثل البرادعى اختاره الناس بتلقائية «تعال وحدك»، لكن ماذا سيفعل وحده.. لا يمكن، لأن هناك فراغاً وتجريفاً وتفريغاً، هل يمكن أن تأتى به وتتركه واقفاً فى الهواء الطلق،
لذلك الحل الأنسب أن نأتى بهم جميعاً فى مجلس أمناء للدولة والدستور، لكى نعيد بناء الدولة، ليستعينوا بمن يشاءون من الكفاءات، ولتكن أمامهم فترة انتقال لمدة ٣ سنوات مثلاً.. لاحظ أن كل من تحدثت عنهم تجاوزوا السبعين، بمعنى أن تكون مهمتهم تسليم البلد لجيل جديد من الشباب، أى أن يكونوا جسراً للمستقبل لا أكثر.
أتصور أيضاً أن هؤلاء الناس إذا استطاعوا أن يكونوا جسراً يعبر عليه الناس من هذه الضفة اليائسة إلى ضفة فيها أمل، سيكون أفضل، ولا مانع لدىّ أن تكون هناك وزارة تعمل مع هذا المجلس يرأسها شخص مثل رشيد محمد رشيد، وفيها يوسف بطرس غالى نائباً له، بمعنى أنى أرغب أن يسير التنفيذ بسرعة كبيرة جداً، وأن نبنى البلد والمؤسسات، وفى النهاية نبنى الدولة.
■ ما المبادئ الأساسية التى ترى أنه ممكن أن يصلوا إليها لبناء الدولة؟
- ما هى الدولة؟ ارجع للفيلسوف المفكر السياسى الإنجليزى الأشهر «هوبز»، ببساطة الشعب العادى فى حالة فوضى، والدولة هى التقاء لإراداته وطبقاته وعناصره.. ممكن أن تدعو لجمعية تأسيسية، ووقتها سيقولون لك إنك تريد البدء من جديد مرة ثانية، وهذا أمر محسوم.. ستبدأ من جديد رغماً عنك.
■ رغماً عنا عاجلاً أم آجلاً؟
- إما أن تنتهى لسيناريو فوضى، وبعدها «الله أعلم»، لكن إذا أريد لهذا البلد أن ينجو من الفوضى فمشروع الدولة الشرعية الدستورية ضرورى.
■ المسألة إذن: إما فوضى أو دولة؟
- بالطبع.. هل لديك حل آخر؟.. الكل يحارب الكل.. على طريقة «هوبز» الذى قال إن المجتمع فى حالته الطبيعية هو كل يتصارع مع الكل، الوحش الأسطورى الذى يأكل نفسه، أنت تحتاج إلى عقد تعايش مشترك بين كل الطبقات والفئات، ولذلك تحتاج إلى الدولة.
ما هى فكرة الدولة؟ هى تعاقد بين طبقات المجتمع، والدستور هو هذا التعاقد، والدستور فى كل الدنيا يحترم قوى الشعب، وطبقاته دون حرج من قول طبقات، وتجتمع فيه عناصره وكفاءاته كلها.. تتحدث عن الحرية والعدل، أما الديمقراطية والتصويت فأرجو أن تتذكر أن الديمقراطية ليست هدفاً، هى وسيلة لتنظيم استعمال الحرية، لكن أنا أضحك على نفسى حين أضع صندوق الانتخابات المعبر عن التصويت عند ضابط الشرطة.. هذا عيب.
لابد إذن أن توجد الحرية لكى تستطيع الديمقراطية أن تمارس مهامها، بمعنى أن الديمقراطية وسيلة سياسية لطريقة ممارسة الحرية، والهدف هو إتاحة فرصة لكل مواطن، وحقوق مثل التعليم والصحة والدفاع، لذلك لابد من أجهزة دولة، ولهذا أقول إن القوات المسلحة لابد أن تكون حاضرة فى كل ما نطرحه، لأن أى شىء يمكن أن تفعله لبناء الدولة يرتكز على الجيش، ضع الجيش فى مكانه ثم انشئ إدارات وحكومة طبقاً للقانون.
أتحدث عن أجهزة دائمة للحكم، يذهب حزب ويجىء آخر، لكن هناك وزارات موجودة، يأتى وزير ويرسم سياسة، لكن أدوات التنفيذ موجودة وباقية وهناك برلمان يحاسب.
الرئيس الحالى لابد أن يكون موجوداً وله دور، وإلا سيتحول ما نفعله إلى انقلاب، والقوات المسلحة لابد أن تكون موجودة، لأن هذا النظام لاتزال دعامته حتى هذه اللحظة هى القوات المسلحة.. فلا يجب أن نخدع أنفسنا.
■ أشم رائحة التجربة التركية؟
- لا.. التجربة التركية مختلفة عنا بشكل أو بآخر، خذ فى اعتبارك أن الجيش التركى وليد العسكرية المحترفة الانكشارية، أما الجيش المصرى فهو وليد الحركة الوطنية، وهذا فارق كبير، والجيش التركى فى أزمة اليوم طالما هناك حكومة ديمقراطية، لكن فى مصر سار الجيش مع التجربة الوطنية المستقلة، التى تستطيع أن تقول إنها بدأت بشكل جدى أيام رفاعة الطهطاوى، أنا أتحدث عن تجربة التنوير ونشأة البيروقراطية الجديدة والمفكرين الجدد، تستطيع أن تقول إن الطهطاوى المؤثر الأكبر فى فكرة الدولة المصرية الحديثة، وليس محمد على، فالأخير حاول أن يبنى قوة لصالحه،
لكن رفاعة استطاع أن يوظف أدوات قوة محمد على بعد هزيمة مشروعة لخدمة البلد، لأن ما بقى هو التنوير والبعثات، وما بين رفاعة الطهطاوى وأحمد عرابى أنت تتكلم عن نشأة تجربة وطنية بشكل أو بآخر.. فالجيش بدأ وتم حله فى هذه المرحلة ٣ مرات، فالجيش توأم للتجربة الوطنية.
■ هناك فرق كبير بين التصورات وإمكانيات تحقيقها وتنفيذها، وهذا التصور يبدو رائعاً، لكن هل مناخ البلد ونظامه يقبل ذلك؟
- هذا النظام لن يقبل، لكن مشكلته أنه بلا مستقبل، وعليه أن يقرر: هل هو موجود لخدمة البلد أم لخدمة نفسه؟ إذا كان موجوداً لخدمة نفسه فسنصل إلى نقطة فوضى، وسنستسلم للمقادير، وإذا كان مطلوباً منا وضع تصورات فلنضعها، وأنا أعرف أنها سترفض، النظام لن يقبل منى، يمكن أن يقبل من غيرى، لكن على كل الأحوال أنا أقول له بكل أدب واحترام، إن هناك ٧ أو ٨ أشخاص عليهم قدر من الإجماع والثقة فاستفد بهم.
■ هم يقولون إن هؤلاء علماء لا يجيدون السياسة؟
- ومن يجيد السياسة؟.. إذا كان هناك ساسة وسياسة لما كنا وصلنا لهذه الأزمة.. على الأقل هم أناس متعلمون ومخلصون للبلد، ثم ما هى السياسة؟ ببساطة أن تستطيع الحصول على ثقة الناس، وهؤلاء فعلوها دون استفتاءات، وأنا لا أريد رئاسة دائمة لأحد منهم، أنا أريدهم «مرحلة انتقالية».. وهذا تصورى، لك أن ترفضه، لكن اطلب من أى أحد أن يضع لى تصوراً بديلاً، لأن ما نحن فيه غير قابل للبقاء.
■ سأضع لك تصوراً بديلاً.. عندى انتخابات فى ٢٠١٠ و٢٠١١ سأعتبرها مرحلة ثقة فى جيل جديد.
- أى جيل جديد؟
■ جمال مبارك ومَنْ يمثله.
- لا أحب أن أخوض فى هذا.. أعتقد أن هذا الشاب ظُلم، وتم إقحامه على الناس إقحاماً، حتى واجه مشاعر مقاومة، فالأهم أولاً أنه لا يصح أن يتم طرحه حتى لو كان أكفأ شخص فى مصر، ببساطة ينبغى أن يُرد لأن هناك شبهة، القاضى حين يحكم فى محكمة فى وجود أخيه يرد نفسه.. هذا هو المنطق.
■ لكنه مواطن مصرى ومن حقه الترشح.
- لا، ليس من حقه.
■ لماذا؟
- لأنه ليس مواطناً طبيعياً.. لقد أتيح له ما لم يتح لغيره بقوة السلطة.. هو رجل أقدره وأحترمه، وأنا لا أعرفه ولم أره فى حياتى إلا فى مناسبات بسيطة، وأشعر بأنه مظلوم وتم وضعه فى منطقة أدت إلى انفجار حملات مخيفة ضده أثرت على صورته..
والرئيس مبارك نفسه قال «مصر ليست سوريا»، والنظام الجمهورى لا توريث فيه، يقولون لك هناك انتخابات، وهل هى صدفة أن تروا أن ابن رئيس الجمهورية هو أصلح من يُصلح البلد، هناك آلاف المتعلمين ممن يمتلكون تجربة أكثر منه، ولو لم يكن ابن رئيس الجمهورية ما كان يمكن أن يصبح رئيساً للجنة السياسات.. هذا كلام محسوم، وما يتردد غير ذلك عيب جداً.
نكتشف الآن فجأة:
- ابن عمر بونجو - ابن معمر القذافى - ابن على عبدالله صالح - وغيرهم يستعدون، وكلهم فجأة مرشحون، وكلهم فجأة بالانتخابات الديمقراطية.. فلماذا تحرمهم من حق الترشيح، وهو من حقوق المواطنة.. هذا كله كلام لا يصح أن يقال.. وأن يقال فى نظم جمهورية.. وأن يقال من نظم قدمت نفسها على أنها ثورية شعبية.
ماذا جرى.. وهل كلهم هكذا وبمحض مصادفات ديمقراطية فى بلاد متخلفة أصبحوا جميعاً ممن تنطبق عليهم قصيدة مشهورة كتبت منذ ألف سنة.
أتت الخلافة منقادة إليه تجرجر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ولم يك يصلح إلا لها
هذا كلام من العيب النطق أو التفكير فيه، والأسوأ من ذلك تنفيذه فى هذا الزمان.
■ معه مجموعة من رجال الأعمال يديرون البلد ويبدو أنهم «فاهمين».
- .. يديرونها وبعد.. إلى أين يذهبون بنا؟
■ ما رأيك فى رشيد محمد رشيد والمجموعة الجديدة؟
- أعتقد أن بعضهم أعطى «Promising»، وأن رشيد جيد ويوسف بطرس غالى وزير مالية كفء، وهذا كلام ربما يُغضب البعض، لكن أنا أعتقد أنه استطاع أن يسير فى وقت أزمة، وما زال قادراً على السير، وأنه يمكن أن يكون فى حكومة انتقالية مع ناس يفكرون فى المستقبل لننتقل إلى دولة حقيقية ودستور يحترم.
■ حكومة رجال الأعمال.. ما رأيك فى أدائها بعد ٥ سنوات؟
- هناك شخصيات بعضها ناجح، لكن لا أرى شيئاً متسقاً، البعض يؤدى قدر ما يستطيع، لكن أنا أفضل أن رجال الأعمال يظلون رجال أعمال، ورجال السياسة يكونون رجال سياسة، وتبقى الحدود واضحة، لكن الخطورة أن بعض السياسيين أصبحوا رجال أعمال، وبعض رجال الأعمال أصبحوا سياسيين، والحدود أصبحت مختلطة.
■ تدعو للدولة لأن هاجس الفوضى يسيطر عليك.. لماذا التشاؤم؟
- الدولة هى أهم تطور طبيعى دون فوضى، هل تستطيع تصور شحنة الغضب الموجودة فى البلد، والتفاوت الموجود، وشحنات الـVulgarity البذاءة و«التجاوز» الموجودة عند طبقات معينة.
■ لماذا تخاف من الفوضى إذا كان تاريخ هذا الشعب خالياً من نموذج للفوضى أو الثورة؟
- من قال هذا؟.. هذا الشعب عمل انتفاضات لاتزال فى الذاكرة، أنا رأيت حريق القاهرة، وكنت موجوداً بين أطلالها وصورتها محترقة وكان معى محمد يوسف وحسن دياب، يصوران فى الشارع نحن عرفنا الفوضى، ولولا أن الجيش تدخل بعد وقوع الواقعة، كان البلد كله راح فى الحريق.
كما أننا كنا على شفا فوضى يوم الأمن المركزى، وأحداث ٧٧ حين خرج الشعب وضربته بقسوة، حجم التناقضات اليوم يدق أجراس الخطر كل لحظة.. هناك مجتمعات ينقصها كل شىء من المسكن المقبول إنسانياً إلى الأكل إلى كل شىء، لديك مئات يموتون غرقاً وهم يحاولون الهروب من البلد، أكثر من أى خسائر يمكن أن تأتيك من أنفلونزا الطيور والخنازير، لكنك تتخذ إجراءات تصفها منظمة الصحة العالمية بأنها مبالغ فيها جداً بسبب محاولاتك ادعاء الحرص على الناس الذى انقلب إلى فزع وتخويف.
■ يقولون إن هذه إمكانيات البلد؟
- ما معنى إمكانيات البلد؟
■ نتحدث عن مستوى معيشة محدد، ومستوى تنمية محدد، وبنية أساسية وخدمات ومرافق؟
- سأقول لك.. حتى تعرف إمكانيات البلد الاقتصادية، منذ خمس سنوات، وفى أحاديث متواصلة كنت ألفت النظر إلى ظاهرة الحراك الاجتماعى فى مصر، انظر إلى الطبقة المتوسطة، هذا البلد فيه حيوية مدهشة، وهذه الطبقة المتوسطة غيرت مواقعها، كنا نتحدث عن كبار الموظفين والضباط والقضاة والمدرسين إلى آخره..
هؤلاء كانوا الطبقة المتوسطة، لكن هذا تغير.. قل لى من فى القطامية ومجمعات المدن الجديدة، من يشترى كل هذا الإسكان، اذهب إلى الساحل الشمالى واحسب هذا الإهدار، هذا البلد طاقته على الإنتاج بلا حدود، وقواه الكامنة ظاهرة فى حركة الـMobility الموجودة فى القطامية والشيخ زايد والساحل الشمالى.. و«الكومباوندز» المغلقة.. لكن الفارق أنها طبقة متوسطة خائفة لذلك وضعت نفسها داخل أسوار وأغلقت بحراسة.
■ هل هذه هى الطبقة المتوسطة؟
- طبعاً.
■ وأين ذهبت الطبقة المتوسطة القديمة؟
- العالم تغير، وهذه الطبقة التى تتحدث عنها لم تعد موجودة، أصبحت طبقة عاملة، اليوم الطبقة المتوسطة هى الناس التى تحصل على دخل يتراوح بين ٥٠ و٢٥٠ ألف جنيه.
■ فى الشهر؟
- فى السنة.. ليتها كانت فى الشهر، من مصلحتك أن تتسع الطبقة الغنية، لكن ما أقوله يظهر أكثر فى الإسكان، هناك أشياء ملفتة وطبقة برجوازية صاعدة، طبقة متوسطة بتطلعات مختلفة برجوازية غنية، وبرجوازية أغنى، وبرجوازية متوسطة، حتى بين المليونيرات هناك تفاوتات، والطبقة المتوسطة بالمعنى الموجود فى العالم حالياً هم سكان الضواحى، الذين يتركون وسط المدينة للطبقة العاملة.
■ وهل هذه ظاهرة سلبية أم إيجابية؟
- أعتقد أنها ظاهرة تطور.. لأن المدن تُركت للمكاتب والحركة التجارية والإدارية، أما السكن ففى الغالب لن يستطيع الخروج من المدينة.
■ هذه الضواحى يمكن أن تكون هدف الفوضى؟
- ليست الضواحى فقط.. لا توجد خريطة للفوضى.
■ أليست هناك عين ترى؟
- طبيعة الفوضى أنها كذلك بلا خريطة.
■ ومتى ستحدث؟
- لا أحد يستطيع أن يجيب على ذلك، لأنه مرهون بكيمياء، وليس بحسابات، لو كان هناك من قال لى قبل يناير ٧٧ إنه يمكن أن تحدث مظاهرات هكذا ما كنت صدقته، خاصة أن البلد كان خارجاً من أكتوبر وهناك حالة انتشاء، لكن القضية الاقتصادية طرحت نفسها على الطبقة المتوسطة.
■ السؤال المهم.. تحدثت عن التصورات كمفكر.. لكن دعنا نتحدث عنها كمحلل؟
- محلل؟
■ نعم.. أنت قلت ما ينبغى أن يكون.
- لا قلت ما يمكن أن يكون، ما ينبغى أن يكون هو التطور الديمقراطى الطبيعى، وتداول السلطة.
■ سؤالى ما هو تحليلك لما هو قادم فى ظل التركيبة الحالية للنظام؟
- هذا تفكيرى وليس تحليلى.. أنت تفرق بين التفكير والتحليل، بينما التحليل عنصر من عناصر التفكير السليم.
■ ماذا سيحدث فى العامين القادمين ٢٠١٠ و٢٠١١؟
- لا شىء! سنسير فى نفس الطريق.. نفس القطار يمشى على نفس القضبان إلى مشكلة أكاد أراها.
■ والقوى السياسية الموجودة على الساحة؟
- أين هى هذه القوى؟
■ سأقول لك مرة أخرى.. الإخوان؟
- أنت تبالغ فى تقديرك للإخوان.. هم قوة بديل.. قوة غيبة وليست قوة حضور، غيبة مجتمع مدنى، وغيبة سياسية، حين غيبت السياسة بهذه الطريقة، ضاعت شؤون الدنيا من أيدينا، وبقى عندنا شؤون الآخرة.. لكن الإخوان لا يخيفون.
■ يعنى هم يملأون منطقة فراغ؟
- بالطبع يملأون فراغاً، وعندهم شىء لكن فى حدوده، وليس هذا التصور وكأنهم وحش جامح، هم ظاهرون فى حالة الفراغ تلك، لكن لا يستطيعون أخذ البلد، لابد أن تعرف أنك لا تعيش وحدك، أنت على ضفاف البحر المتوسط وهذه أفضل الضمانات عندنا، أننا قريبون من هذا البحر المتلاطم بالأفكار والحضارات والقوى، ولك مثال فى تجربة الإسلاميين فى الجزائر، فلا تقل لى إن هذا البلد بكل تراثه تسلمه فى النهاية لرؤية الآخرة والاستشهاد، أريد الناس أن يعيشوا، دون أن تكون كل خطوة لديهم معلقة بالآخرة.
■ نتحدث عن دولة ودستور وانتقال.. لكن لماذا حين نتحدث عن المستقبل لا نضع فى الحسبان المواطن المصرى، ما هى رؤيتك لهذا المواطن المصرى؟
- التصورات الخاطئة قسمت المجتمع المصرى إلى مليون قسم، أنت ضيعت أهم شىء فى أى أمة، هو «الإجماع العام» على شىء، هناك أشياء عندنا كان عليها إجماع لكنك ضيعتها، وهذا الإجماع كان موجوداً فى كل العصور، وزارة للوفد قدمت مشروعاً للمساواة الاجتماعية «مشروع عبدالحميد عبدالحق»، يضمن حقوق التعليم والصحة وفرص العمل إلى آخره، وجاءت ثورة يوليو ودخلت فى مسار عملى وخلقت نوعا من المساواة وقدراً من تكافؤ الفرص، لكن بشكل عام كانت هذه الأشياء موضع إجماع على طول العصور.. لكنك جئت وأدخلتنى فى سياسة خلقت طبقية.
كان هناك إجماع فى العصر الملكى وعصر عبدالناصر على شىء واحد، هو الاتجاه للجامعة العربية، نوع من الانتماء، وصلة بالمحيط المجاور لك والملاصق والمتصل بك ثقافياً، أنت جئت وكسرت كل ما كان عليه إجماع، سواء داخلياً، أو خارجياً، ولم تخلق إجماعاً بديلاً له.
لم تعط سياسة واضحة.. قلت الانفتاح، وقلت السلام، وهى أشياء بلا شكل أو ملامح، كنت تتحدث عن البوصلة وأهميتها فى تحديد إلى أين أنت ذاهب، أولاً كنت تتكلم فى السياسة الخارجية عن انتماء مصر مع محيطها واتصال ثقافى، حتى وإن لم يكن فيه إلا اللغة لكفى، ثم هناك تناقض عجيب عند الشعب المصرى الذى يصلى ويقرأ فى كتابه المقدس الإسلامى والمسيحى كل يوم ويلعن فرعون فى كل صلاة، ثم يقول مصر الفرعونية..
أليس هذا تناقضاً؟!.. قل لى إذن كيف يمكن أن تعتبر الفرعونية رمزاً للاستقلال وهى مكروهة وفقاً للدين، وهى مطلبك وفقاً للوطنية، كيف يمكن أن تحقق لهذا الشعب حق الاتساق مع نفسه.. تقول أنا بعيد عن المحيط، ولست عربياً..
أليس غريباً أن تكون فى محيط يتكلم العربية من كل اتجاه ثم تقول إنك مختلف. التاريخ الفرعونى عظيم فى مواريثه التى دخلت فى سياق الحضارة الإنسانية الشاملة، لكنك لا تستطيع أن تستعيد الماضى لكى تعود للحياة فيه.
أوروبا التى تحاربت بالدم وتختلف فى اللغات والتاريخ وصلت إلى وحدتها، وأنت لا تريد أن تنطق بالحقائق، حقائق الوجود والهوية، مع أن ذلك مستقر منذ الملك فاروق، وقبله جيل الرواد من أول رفاعة الطهطاوى ولطفى السيد، وهم يتكلمون عن العربية والفكرة المشرقية، أنا واحد من المتأثرين بالفكرة المشرقية ووصلت فيها حتى تركيا وإيران - وقتها كان المغرب بعيداً - كان عندك توجهات أساسية فى السياسة، لكن أنت فعلت أشياء غريبة جداً.
■ ما هو تأثير كل هذا على المواطن؟
- المواطن المصرى مطالبه كما كانت فى كل العصور، العدل والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، فى الصحة فى التعليم فى العمل، هى أشياء واضحة لا تحتاج اجتهاداً، وهى أشياء كانت موجودة وموضع إجماع تقريباً فى كل العصور، لكن أنت جئت لتعتمد طريقة ثابتة تحت منطق وجود متغيرات فى العصر، هذه المتغيرات لم تمنع أن تكون قضية التأمين الصحى، هى القضية الرئيسية التى يواجهها أوباما، لأنها المطلب الطبيعى لكل شعب.
■ ماذا حدث لوعى المواطن المصرى؟
- حدثت عمليات زرع هويات بلا حدود.. هذا ما تكلمت عنه.. كنا نتحدث عن وطنية مصرية مرتبطة بالمشرق، وتكلمنا عن وطنية مصرية كجزء من القومية العربية أو عنصر من عناصرها المهمة، ثم تحدثنا عن حركة قومية، شاملة، ثم فجأة أصبحت مصر وحدها، ثم دخلنا فى تناقض الفرعونية واللغة التى تتحدثها، والصلاة التى تصليها.. هل هذا معقول.. كل فترة زرع هوية وزرع مصالح جديدة.
مصالحك تحددها الجغرافيا.. وسعيك إليها تحدده قدراتك ومواردك، والجغرافيا هى اتصالاتك وجوارك، وعندما تبتعد بنفسك تبتعد عن المستقبل وعن كل قضايا الأمن، أنت اليوم تركيزك الرئيسى فى السياسة الخارجية وقطاع غزة، ولا شىء آخر.. وذلك يحتاج مراجعة.
■ هل يحدث ذلك لأن النظام ليس لديه مفكرون؟
- الناس تفكر باستمرار أو تجتهد فى إطار مرجعى معين، بمعنى أنك تفكر فى حدود أو إطار الحداثة مثلاً، أو تفكر فى إطار القانون مثلاً، أو تفكر فى إطار الدين، لكن أن تفكر دون مرجعية فهذا جهد ضائع فى الهواء، أنت تحرث فى بحر.
■ هل نسير بدون بوصلة؟
- نحن نسير.
■ نسير.. وفقط؟
- هناك رئيس وزراء فرنسى اسمه بول رينو قال: «نحن قادمون بأقصى سرعة لكن لا نعرف إلى أين».
■ انتخابات البرلمان ٢٠١٠ كيف تراها وهل سيحصل الإخوان على مقاعد؟
- كل هذه تفاصيل لن تستطيع أن تصنع برلماناً إلا بحياة سياسية وإلا سيكون مثل التعيين، إذا لم تكن هناك سياسة فبرلمانك كأنه جاء بالتعيين، حتى حين تأخذ مرشحاً من الوفد فأنت تقرر من الذى ستأخذه، فالسياسة حصل لها تجريف وتفريغ، هناك سلطة وحكم من ناحية، وناس فى الصحف والأحزاب يصرخون لكن كل ذلك لا يصنع سياسة، فالسياسة يصنعها حوار خلاق ومتكافئ فيه جميع الأطراف.
■ ما طبيعة العلاقة بينك وبين الرئيس مبارك؟
- هو رجل أحترمه وأقدره وهو معى فى منتهى الرقة لكننى ببساطة عندى رأى مختلف وبعض الناس يخلطون، فإذا كنا نبدى نحوك مشاعر ودية فلا يحق لك أن تخالفنا فى الرأى، وفى منطق الحكم فى مصر إذا خالفتنى فى الرأى فأنت غير مريح.
وأنا أقدر للرئيس مبارك جداً فترة الانتقال فى الجزء الأول من الثمانينيات وتهدئته لمشاعر البلد بعد كل ما جرى، وأقدر له فى لحظة من اللحظات أنه اهتم بالقطاع العام، وأقدر له أننا نقول أشياء لا يؤخذ بها صحيح، إنما نقولها، لكن ببساطة أنا أختلف معه فى رؤية المستقبل المصرى والمستقبل العربى.
■ ألا توجد علاقة مباشرة بينكما؟
- آخرها كنت قد أصبت بالسرطان وأجريت جراحة ناجحة والحمد لله، والرئيس اتصل بى، وقال لى إننى لابد أن أعالج على حسابه وليس حساب الدولة، ووقتها قدرت هذا العرض وسعدت به لكنى اعتذرت عنه لأننى قادر والحمد لله على علاج نفسى، كما أن هناك غيرى فى البلد من هم أولى بمساعدة الرئيس والدولة.
السؤال: هل هذا العرض سيمنعنى من إبداء رأيى، ولما أبديت بعض الآراء السياسية المخالفة فيما بعد إذا ببعض الذين يكتبون يقولون: ماذا يريد.. الرئيس سأل عليه وعرض المساعدة، إنهم يعايرونك بما اعتذرت، فماذا كان سيحدث لو قبلت العرض؟
هذا ليس ذنبه لكنه ذنب من يكتبون.. أنا أعرف أن كثيراً من الذى يُكتب عنه لا يعبر عن رأيه، لكنى أريد أن أقول إننى أختلف مع كثير من توجهاته السياسية، لكن هذا لا يقلل من احترامى لشخصه وتقديرى لمنصبه..
منصب رئيس الدولة له احترامه وأنا أول من يحترم هذا، وأعرف أن للرجل مقامه وأنا أول من يقدر هذا المقام، لكن حين أعبر عن اختلافى معه يتصور آخرون أن فى هذا تطاولاً على حقه.. والحقيقة أن بينى وبينه احتراماً ومودة، لكنى أعتقد أنه أدى خدمات، ومثله مثل أى شخص له دوره، وأنا رجل أكبر منه فى السن لكنى لا أحكم بلداً وأقول رأيى، والرأى يقبل ويرفض بمقدار ما يساويه.
■ الإدارة الأمريكية كيف ستتعامل مع النظام المصرى؟
- ستتعامل مع مصر بقدر ما تتعامل الإدارة المصرية مع المصريين.. صورة عملك الداخلى فى الداخل هى قوتك فى الخارج، وصورة عملك فى العالم العربى هى قدرتك فى الخارج أيضاً، ولك أن تتصرف كما تشاء.
■ البعض يقول إن ثورة يوليو هى التى جرفت السياسة المصرية، وأنه كان عندنا تجربة حزبية وسياسية وبرلمانية رائعة قبل الثورة؟
- ليس صحيحاً، وإلا ما كانت سقطت، عد إلى محاضر البرلمان والصحف وقتها، أنت تتحدث عن حزب شعبى وديمقراطى لم يدخل السلطة، وحين دخلها كان على ظهر الدبابات الإنجليزية.
■ لم تكن هناك أحزاب حقيقية؟
- لم تكن هناك أحزاب.. كان هناك حزب واحد قام فى ظروف معينة وانتهى بعدها، هو حزب الوفد، قام سنة ١٩ وفى سنة ٣٦ وقع معاهدة وبقى الإنجليز محتلين لمصر حتى سنة ١٩٥٤، والدليل أن حزب الوفد تمزق إلى ٣ أحزاب، خرج الأحرار الدستوريون، ثم السعديون، ثم كتلة مكرم عبيد، وأفرغ ممن كان فيه، ثم إن حزب الأغلبية لا يأتى للحكم على ظهر الدبابات، ثم إنه لا يمكن أن تكون هناك تجربة برلمانية رائعة فى ظل احتلال.
أنا كنت حاضراً فى مبنى البرلمان حين جاء السير سمارت، المستشار الشرقى فى السفارة البريطانية، وأجرى تعديلات على محاضر مجلس النواب لأن نجيب الهلالى وصبرى أبوعلم فى استجوابات الكتاب الأسود قالا أشياء غير لائقة على أحمد حسنين باشا، وأنا حضرت هذه الجلسة ورأيت بعينى،
وكنت جالساً بجوار السيدة «روزاليوسف» وأنا شاب صغير، والنحاس باشا يلعن كل الناس، ويتحدث عن حسنين نكاية فى الملك فاروق، وجاء السير والت سمارت الساعة ١١ ليلاً، واستدعى عبدالسلام فهمى جمعة باشا رئيس مجلس النواب وحذف محضر الجلسة.. وانتهى الموضوع ولم يعترض أحد، هل ترى أن هذه ديمقراطية؟
■ هل فهمنا التاريخ بشكل خاطئ؟
- نحن أخذنا خيارات خاطئة جداً، بعضها بالفعل قائم على فهم خاطئ للتاريخ أو للسياسة، انظر إلى نهر النيل وما جرى على ضفافه بعد حرب أكتوبر، ماذا فعلت به، حاولت استرضاء بعض الطبقات والفئات فقسمت ضفافه ووزعتها إلى نواد للمهنيين والشرطة والقضاة.. إلى آخره، هذه فوضى فى التفكير، وهى من أكبر الإساءات التى وجهت إلى واحد من أجمل أنهار الدنيا وعاصمة كانت من أجل عواصم الدنيا.
■ يقولون إن الشعب المصرى لا يستحق أكثر مما هو فيه؟
- أختلف معهم تماماً.
■ كُتاب فى الصحف الحكومية يقولون ذلك؟
- لا أعرفهم.. ولكن حتى تحكم على أحد بذلك لابد أن تراجع سجله طوال الوقت وحيويته، والشعب المصرى شعب بناء، ولم يكف عن الانتفاض مرحلة بعد مرحلة، لكن ما حدث فى الفترة الأخيرة أن هناك عصوراً متغيرة، ورجالاً متغيرين وعدم فهم، والشعب حدث له حالة تململ موجودة بشدة فى كل التيارات، حالة احتجاج، كل حجاب فى الشارع بيان احتجاج وكل لحية، وكل ملامح عابسة، وكل سيارة مندفعة على غير نظام، نوع من الاحتجاج، حتى القمامة..
الناس رافضة والرفض يعبر عن نفسه بوسائل كثيرة جداً، لأن ما تملكه فى الاحتجاج يكون محدوداً وأخشى أنه يجرى استفزازنا أكثر مما ينبغى، وبالتالى يمكن أن يصل الأمر إلى احتجاج أوسع وغير منظم.
■ سيكون من غير الطبيعى أن يدور حوار مطول معك ولا نتحدث عن أحوال الصحافة المصرية؟
- لا أريد الحديث فى هذا الموضوع.
■ لماذا؟
- الصحافة مثلها مثل البرلمان والقضاء والتعليم والجامعة، كل هذه المؤسسات جزء من حركة سياسية واجتماعية واحدة، لن يكون عندك قضاء مستقل إلا بجامعة مستقلة، ولن يكون عندك جامعة مستقلة إلا بسياسة واضحة، لا برلمان يمكن أن يبقى مستقلاً، ولا جامعة ولا قضاء إلا إذا كانت فكرة الاستقلال موجودة عند الجميع والظروف تسمح بها، والصحافة جزء من هذا.
■ لذلك كانت مرتبطة فى فترات الازدهار بالعمل السياسى؟
- لا.. ليس هذا هو الموضوع.. لا تستطيع الصحافة أن تبتعد عن السياسة.. القضية إلى أى مدى القرب، ستقول لى تجربتك مع عبدالناصر، أنا صحفى متصل بالسياسة عند قمتها، لكن ليس من شأنى إذا اختار غيرى أن يتصل بالسياسة عند ذيلها، نحن جزء من العمل السياسى، لكن علينا أن نقرر أين نحن من العمل السياسى أفراداً وجماعات، وهذا حادث فى كل العالم.
عندما تتكلم عن والتر ليبمان وصلته بالرئيس الأمريكى «ويلسون» سوف تجد نموذجاً أكبر من أى نموذج آخر، هذا صحفى عظيم جداً وكان متصلاً بالرئيس، ما العيب فى ذلك، تتكلم عن جيمس ريستون مع كينيدى، لماذا تبسيط المسائل، هناك من يقول بعيدا عن السلطان، ليس هناك صحفى يستطيع أن يبتعد عن السلطان لأن السلطان مع الأسف الشديد هو صانع الأخبار، تريد أن تبتعد عنه ابتعد عنه فلا تعرف أخباراً، لكن كيف تقترب؟
من الذى يصنع أخباراً فى البلد؟ صانع القرارات هو الدولة، هو الحكومة، فأنت قريب منها، وتدرك أن عندك علاقة تناقض معها، لأنك مطالب بكشف الحقيقة كلها، وهى تتصور أنها تعطى جزءاً من الحقيقة بمقدار ما يناسبها، عندك علاقة معها ولكن يجب أن تدرك أنها علاقة جدلية، علاقة تنافس، وأن تدرك مع من وكيف تفعلها وتحت أى اشتراطات؟ لكن لا تستطيع الصحافة فى الدنيا كلها الابتعاد عن السياسة..
اليوم فى إنجلترا «ميردوخ» كرجل أعمال داخل فى صميم العمل السياسى وفى اختيار رؤساء الوزارات، أوباما حتى يصل للحكم قابل «نيويورك تايمز» وقدم نفسه لـ«واشنطن بوست»، وللفضائيات، وأنا أعذر هذا الجيل الصحفى الظاهر الآن وأفهم مشكلته لأنه جيل عُطل عن حقه لسنوات طويلة، فهو راجع لاسترداد حقه بالصحافة الخاصة، بشدة وبحرقة ويريد أخذ حقه، وأنا متعاطف معه جداً، لكن عليه أن يدرس، ويقرر ويضع الأمور فى مكانها بالضبط.
اقتراح محدد لحوار محترم
- مجلس لأمناء الدولة والدستور من ١٠-٢٠ شخصية.
- فترة انتقالية لمدة ٣ سنوات تتنفس فيها الحياة السياسية.
- تمهيد لدستور يكون عقداً اجتماعياً شرعياً.
- كل الأسماء التى رشحها الناس للرئاسة أعضاء فيه: عمرو موسى - البرادعى - زويل - عمر سليمان - مجدى يعقوب وآخرون.
- القوات المسلحة لابد أن تكون حاضرة فى عملية الانتقال، لكى لا يتعطل العمل التنفيذى أثناء فترة الانتقال.
- رشيد لرئاسة الوزارة ويوسف بطرس غالى نائباً له.
- هناك فيض من الكفاءات المصرية فى الخارج لابد من استدعائه.
نكتشف الآن فجأة:
- ابن عمر بونجو - ابن معمر القذافى - ابن على عبدالله صالح - وغيرهم يستعدون، وكلهم فجأة مرشحون، وكلهم فجأة بالانتخابات الديمقراطية.. فلماذا تحرمهم من حق الترشيح، وهو من حقوق المواطنة.. هذا كله كلام لا يصح أن يقال.. وأن يقال فى نظم جمهورية.. وأن يقال من نظم قدمت نفسها على أنها ثورية شعبية.
ماذا جرى.. وهل كلهم هكذا وبمحض مصادفات ديمقراطية فى بلاد متخلفة أصبحوا جميعاً ممن تنطبق عليهم قصيدة مشهورة كتبت منذ ألف سنة.
أتت الخلافة منقادة إليه تجرجر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ولم يك يصلح إلا لها
هذا كلام من العيب النطق أو التفكير فيه، والأسوأ من ذلك تنفيذه فى هذا الزمان.
فى هذا التجريف والتفريغ فى الحياة السياسية المصرية لا يمكن لأحد أن يفكر فى مرشح واحد للرئاسة بالطريقة التقليدية.. فهذا كله فات أوانه.
- مع كل هذا التجريف والتفريغ فلم يعد باقياً غير «سلطة الحكومة» تتصرف على هواها فى ساحة السياسة المهجورة.
- وفى هذه الظروف فإن سلطة الحكومة سوف تجىء بمرشح الحكومة وبصناديق الاقتراع الحكومية ظاهرة ومصورة فى كل اللجان، وذلك كله هزل عرفناه من قبل، لكنه المتاح الوحيد الآن فى ظل التجريف والتفريغ، وهنا فإن إحياء الساحة السياسية مقدمة لا مفر منها أمام أى تغيير أو تجديد، مشكلتنا أننا مرات نتكلم على سطح الواقع ولا نحاول أن نصل من وراء الواقع إلى الحقيقة.
- فى هذه اللحظة.. الحياة السياسية مخنوقة، ولابد قبل أن نتحدث عن مرشح واحد للرئاسة لابد أن نفك هذا الحبل، وإلا فإن أى مرشح واحد سوف لا يحقق شيئاً غير أن يصرخ بعد إعلان النتائج بأنها انتخابات مزورة، ولكنه سوف يكون تزويراً للانتخابات حقيقياً دون تزوير فى الصناديق، لأن التزوير هنا سوف يكون سابقاً للصناديق وليس فيها.
الجزء الثانى من الحوار
شاهد الحوار بالفيديو:
ط§ظ„ظ…طµط±ظٹ ظٹط.ط§ظˆط± ظ‡ظٹظƒظ„ on Vimeo