لماذا يجب إلغاء مباحث أمن الدولة ؟

أعلنت قبل ذلك عن إعادة هيكلة الشرطة المصرية ، و اشتملت هذه الهيكلة على عناصر كثيرة ، من أهمها هو إلغاء هذا الجهاز سىء السمعة ، و أسباب ذلك كثيرة و منها ما يلى :
أولاً : أن هذا الإلغاء مطلب ثورى و عقائدى : فهناك حديث للرسول الكريم صلى الله عليه و سلم يقول فيه " لا تجتمع أمتى على باطل " ، و لقد اجتمعت الأمة المصرية بمسلميها و أقباطها فى ثورة الشعب المباركة على كراهية هذا الجهاز الخسيس و على مطلب ضرورة إلغائه ، و يجب تلبية هذا المطلب الثورى ، علاوة على ذلك فإننى أعتقد أن الله سبحانه و تعالى يكره مباحث أمن الدولة تطبيقاً للحديث القدسى القائل " إذا أحب الله عبداً نادى فى ملائكته أن الله يحب فلاناً فأحبوه ... و إذا غضب على عبد نادى فى ملائكته أن الله يكره فلاناً فاكرهوه ، فتنادى الملائكة فى الناس إن الله يكره فلاناً فاكرهوه ، فيكرهه الناس ، و كل المصريين يكرهون جهاز مباحث أمن الدولة .
ثانياً : خطايا مباحث أمن الدولة :
و لم تأت كراهية هذا الجهاز اللعين من فراغ ، فلقد ارتكب من الخطايا و الآثام فى حق الشعب المصرى ما لم يرتكبه أبو جهل و أبو لهب فى حق المسلمين الأوائل و ما لم يرتكبه اليهود فى حق يسوع المسيح و القديسين ، و حيث أنه لا يمكن حصر جرائم هذا الجهاز فإننا نورد أهمها على الوجه التالى :
1- أول هذه الجرائم هى جرائم التعذيب البشعة التى ارتكبتها مباحث أمن الدولة منذ أن كان اسمها البوليس السياسى و حتى الآن عندما نكّل البوليس السياسى الخائن و العميل بأبطال الشعب المصرى و الفدائيين لصالح المستعمر الإنجليزى ، ثم عندما نكلّت أمن الدولة بكل المعارضين السياسيين و على رأسهم الإخوان المسلمين و الشيوعيين على حد سواء ، و أُعدم سيد قطب و هو يقول " اللهم اجعل كل قطرة فى دمى تلعن جمال عبد الناصر " رغم الوطنية الفذّة لعبد الناصر " .
2- و ثانى هذه الجرائم هو أن أمن الدولة كانت الآلية التى كممت الأفواه فى عهد ثورة يوليو و قبضت على المعارضين السياسيين و اعتقلتهم و عذبتهم تحت مظلة " زوار الفجر " و ألقت بهم " وراء الشمس " .
3- على أن أهم هذه الجرائم على الإطلاق هو أن مباحث أمن الدولة كانت هى المهندس التنفيذى لأركان الدولة البوليسية فى مصر ، حيث ضيّقت الخناق على حرية الكلمة و حرية النقد ، و قيّدت الإبداع الفنى فى كل المجالات حتى السينما و المسرح ، و فرضت طوقاً حديدياً على الأجهزة الحكومية بكاملها ، فلا يُعيّن من القيادات كوكلاء الوزارات أو المديرين العموميين أو حتى مديرى الإدارات فى أى مصلحة حكومية إلا بعد موافقة مباحث أمن الدولة ، و تعدى الأمر كل الخطوط بتقييد التعيين للشباب الصغار بموافقة أمنية من أمن الدولة أيضاً .
- و على أى معيار كانت موافقة ( قمل الدولة ) على هذه التعيينات ؟! بالطبع هو معيار الموالاة للنظام من عدمه !! و معنى هذا أنه كان على كل مصرى يرغب فى أخذ حقه فى التعيين فى الوظيفة العامة أن يبدى رضاءه عن النظام و لا يفتح فيه بأى كلمة تعكّر صفو هذا النظام ، و إلا فلينتظر حرباً شعواءاً فى لقمة عيشه ، و حرماناً أبديّاً له و لأفراد أسرته و أقاربه و كل من يمت له بصلة من التعيين فى الوظائف العامة .
4- قيام مباحث أمن الدولة بتزييف إرادة الشعب المصرى لدورها الأساسى فى تزوير كل الإنتخابات و الإستفتاءات التى جرت فى مصر على مدى العقود السابقة و حتى قيام ثورة 25 يناير 2011 .
5- فرض الخوف و الرعب بين المصريين بالتعاون مع المباحث الجنائية حيث كان يخاف عامة الناس من الأخيرة و يرتعب الملأ منهم من مباحث أمن الدولة مما أسهم بدور أساسى و محورى بالتضافر مع بعض العناصر الأخرى كالفقر و التهميش و البطالة فى إضعاف الروح الوطنية و الإنتماء ، حتى أننى كنت أخشى ألا نجد من يدافع عن هذه البلاد إن تعرضت لإعتداء خارجى ، و لقد ظهر ذلك فى تعبيرات ساخرة شائعة كانت تسب مصر صراحةً و تلعنها مثل " أن مصر ليست أمى و لكنها مرات ابويا " ، و " متقولش إيه إديتنا مصر .. مدتناش حاجة !! " و لقد قرأت على شبكة النت من يلعن زعماءنا من أول أحمس و تحتمس حتى الآن و يقول " أن الحضارة شوية حجارة " و غيرها .
6- تدخّل أمن الدولة فى كل الأمور العامة و الخاصة لتحقيق أهداف الفئة المغتصبة للحكم من مصالح شخصية كالإستيلاء على أراضى الدولة و للتغطية على جرائم الإستيلاء على المال العام بصفته أهم مصالح الدولة التى كان يجب على مباحث أمن الدولة حمايتها ، و هل هناك أمن للدولة أولى بالحماية من ذلك ؟! هذا بخلاف أمور كثيرة إن أسهبنا فى الحديث عنها لن ننته .
7- قيام مباحث أمن الدولة بخلق العداوة مع شعب سيناء مما ساهم فى حدوث إنفلات أمنى كرد فعل على عبث أمن الدولة ، و إضعاف الروح الوطنية و دليل ذلك قيام البعض بمحاولة الدخول إلى إسرائيل و الحصول على جنسيتها .
ثالثاً : عدم أهمية جهاز مباحث أمن الدولة ، و عدم كفاءته ، و دوره المنحرف فى المجتمع المصرى :
- هذا الجهاز لا أهمية له عند تطبيق الديمقراطية ، و إن كان الأمن السياسى من أهم فروع الأمن العام التى يجب أن تحظى بالحماية ، و يجب التفرقة بين المصلحة التى يحميها جهاز أمن الدولة و هى بالطبع على أعلى مستوى من الأهمية ، و بين الجهاز نفسه و دوره الواقعى المنحرف ، ففى الحقيقة المجتمع المصرى كغيره من المجتمعات فى حاجة ضرورية لحماية أمنه من الجرائم السياسية الخارجية منها و الداخلية ، و لكن مباحث أمن الدولة لم تحقق نجاحاً ملموساً فى هذا الشأن و فشلت فشلاً ذريعاً فى حماية الأمن السياسى ، فليس ببعيد جرائم تفجيرات الأزهر و الحسين و طابا و دهب و شرم الشيخ ، و من قبلهم نكسة الشرطة المدويّة عام 1997 عندما ذُبح السياح الآمنون فى الأقصر تحت سمع و بصر توت عنخ آمون و كل الفراعنة الأجداد كالدجاج الأبيض ، و ضاعت كرامة المصريين لعجزهم عن حماية ضيوفهم .
- و لم نجد ثمة نجاح حقيقى لهذا الجهاز إلا فى التلفيق و التعذيب و ترويع الآمنين و قتل لحرية الرأى و الإبداع و الإضرار بالإقتصاد القومى ، فكل من ينتقد النظام أو يبدى وجهة نظر مخالفة له إما أن يُعتقل أو تلفّق له قضية أو يُعذّب فى عدة سيناريوهات على أسوأ ما يكون التعذيب من أول الضرب إلى الصعق بالكهرباء إلى التعليق على الأبواب و الأيدى مكبلّة إلى الخلف حتى تقليع الأظافر و إحداث إصابات جسيمة و قتل البعض و الحبس فى زنازين تحت الأرض مثل جحور الفئران بعد ملئها بالمياه لمنع النوم و إرهاق الأعصاب ، أو على الأقل يُستدعى لمباحث أمن الدولة لتهديده و إخافته .
- و يشهد على ذلك تلك المبانى المخيفة لمباحث أمن الدولة لاسيّما هذا الحصن الأسطورى بمدينة نصر الذى يحتوى على زنازين تحت الأرض شديدة التحصين ، و غرف مجهزة للتعذيب ، و كاميرات مراقبة ، و أسوار متينة ، و فوق الأرض مكاتب فاخرة أفضل من فنادق الخمسة نجوم ، و بها أيضاً وسائل ترفيهية و رياضية كحجرة الأجهزة الرياضية ( جمانيزيوم صغير ) و حجرة الساونا للضباط لإراحة أعصابهم فى فترات الإستراحة من التعب و الإرهاق الشديد أثناء بذل المجهود المضنى فى تعذيب الخارجين على شريعة النظام .
- و لقد أخبرنى بعض زملائى عن قيام بعض من ضباط أمن الدولة بالقبض على متهمين فى عمليات إرهابية أيام الإرهاب و اصطحابهم إلى الجبال فى صعيد مصر و تشكيل فرق إعدام بالرصاص لقتل هؤلاء المتهمين دون محاكمة ، هل هذا نجاح ؟! و هل هذا أمن دولة ؟! – و لقد تشدّق الجهاز و افتخر بأنه لفّق قضايا للإخوان المسلمين و مكّن من الإستيلاء على أموالهم ، و خرّب شركات الأغنياء منهم بحجة أنهم يتلقون أموالاً من الخارج دون دليل على الإثم فى ذلك ، و قبل ذلك محق شركات توظيف الأموال و قضى عليها و جعلهم خونة و نصابين دون تفرقة فيما بين الصالح و الطالح منها مما تسبب فى ضياع أموال كثير من المصريين الذين أودعوا أموالهم لدى هذه الشركات ، و أبعد هذا الجهاز بمعيار الموالاة للنظام كثير من الكفاءات التى كان من المؤكد أنها ذات فائدة كبيرة للمجتمع المصرى مثل المدرسين الذين ينتمون للإخوان المسلمين ، و كذلك كان هذا الجهاز هو الآلية التى استخدمها الرئيس أنور السادات لحجب الدور السياسى عن الجامعات المصرية ، فحرس الجامعة هو جهاز تابع لمباحث أمن الدولة ، لا يعيّن به أحد من الضباط أو الأفراد إلا بموافقة أمن الدولة ، و يكلّف كل ضابط بكتابة تقارير يومية عما يحدث فى الجامعة ، هذا بخلاف الإخطار الفورى عن آية أحداث سياسية ، و مراقبة الطلبة و تجنيد بعضهم للعمل كمرشدين على زملائهم بعد دسّهم بينهم ، و المساعدة فى القبض على زعمائهم ، و ... و ... و كثير من المهام القذرة .
- و هناك أمر هام و هو أن حجب الدور السياسى عن طلبة الجامعة أضعف العملية التعليمية و ساهم بالقدر الأكبر فى تدنى المستوى الثقافى لكثير من المصريين ، فطلبة الجامعة بوصفهم أكبر تجمع ثقافى فى البلاد هم الأكثر تأثيراً فى المجتمع المصرى حيث يؤثر الطالب الواحد فى عدة أفراد من أسرته و جيرانه و أصدقائه ، و بانصراف الفكر الجامعى عن السياسة التى تتحكّم فى الحرية و الكرامة و لقمة العيش إنصرف الجزء الأكبر من الشعب عنها بالتبعية ، و لذلك ظهرت الجامعات المصرية بمظهر الضعيف الجاهل ، و التفت الشباب إلى موضوعات تافهة وفقاً للمستوى المادى و الإجتماعى ، و اعتُبرت السياسة أحد فروع الرفاهية الثقافية ، و كثيراً ما سمعنا من كثير من الناس مقولة ( أنا مليش فى السياسة ) علاوة على تفشى
الخوف الشديد من التحدّث فى الأمور السياسية بسبب الدور القذر لمباحث أمن الدولة .
- و حجب الدور السياسى أضعف العملية التعليمية ذاتها ، و لكى نقف على ذلك أضرب مثلاً بجيلى عندما كنا فى منظمة الشباب الإشتراكى الناصرى نتلقى محاضرات و حلقات نقاشية فى الإشتراكية و التاريخ و الناصرية مما أسهم فى تفتح مداركنا و ساعدنا على التفوق و استيعاب المواد الدراسية التى لا علاقة لها بالسياسة ، ثم عندما فهمنا إتجه كل منا صوب الفكر الذى إقتنع به ، فأصبح د جمال حشمت إخوانيّا و أنا ليبراليّاً و كثير إعتنقوا غير الناصرية .
- و لطالما انفطر قلبى على جامعاتنا المصرية التى فقدت الإعتراف الدولى بها على حين أصبحت جامعات إسرائيل معترفاً بها ، و كنت أشاهد خريج الجامعة يا دوب يعرف القراءة و الكتابة و أحياناً لا يجيد الإملاء .
رابعاً : توظيف جهاز أمن الدولة لكل الأجهزة الأمنية لتحقيق أهدافه القذرة :
- فجهاز أمن الدولة كان يعد جهاز معلوماتى لا يمتلك القوة اللازمة لتحقيق أهدافه ، و هو لم يفلح حتى فى جمع المعلومات ، و لهذا فلقد تم وضع الأمن العام بضباطه و أفراده ( مباحث و نظام ) و كذلك قوات و كتائب الأمن المركزى الجرارة تحت إمرته ، يطلب فيجاب ، و يأمر فيّطاع ، و لم تكن تهتم أمن الدولة بمدير الأمن و رأيه أو حتى المحافظ اللذين كان فى مقدور أصغر ضابط فيها أو حتى مخبر راقبتهما ، فترسل نقيباً أو رائداً إلى مدير الأمن يدفع عليه الباب و يدخل بلا استئذان و يجلس ساقاً على ساق فى وضع لا يجرؤ نائب المدير أو أحد من مساعديه أو مدير مباحث المديرية فعله ، و يطلب منه تجهيز تشكيل أو تشكيلين من قوات الأمن ( التشكيل مائة عسكرى ) و عدد معيّن من ضباط النظام و المباحث لمأمورية لا يُفصح للمدير عن كنهها ، فيستجيب المدير على الفور دون أدنى إستفسار حتى لو اقتضى الأمر إلغاء كل مهام و واجبات الأمن العام مهما كانت أهميتها تلبيةً للنداء المقدّس لأمن الدولة ، و المدير الذى لا يستجيب أو يتلكأ يكون مصيره الإحالة للمعاش .
- تخرج كل هذه القوات الجرارة و كأنها ذاهبة إلى إحدى المواقع الحربية تحت إشراف ضباط أمن الدولة ، ثم تفاجأ فى النهاية أن المطلوب هو القبض على خمسة أو ستة أشخاص من المعرضين للنظام ، مثلما حدث فى مدينة المنصورة فى عهد السادات حيث فوجىء ضباط الأمن العام المصاحبين للمأمورية بعد إقتحامهم أحد المساكن ( لأن ضباط أمن الدولة لا يتقدمون الصفوف أبداً ) بأن الشخص المطلوب إعتقاله عمره خمسة عشر عاماً ، و يحدث فاصل كوميدى عندما تصحح لهم سيدة المنزل الإسم و تقول : تقصدون فلانا ( والد الطفل ) و الذى كان يعمل تاجراً للمخدرات ، و تدافع المرأة عن زوجها و تقسم بأنه ترك هذه التجارة الآثمة و تطلب من الضباط تفتيش المنزل لإثبات صحة كلامها ، فيعيد الضباط على مسامعها الإسم ، و تقول لهم : أن هذا الإسم لإبنها الصغير ، و مع تعجبهم يضطرون للقبض على الطفل الصغير إبن تاجر المخدرات على أنه من الجماعات الإسلامية !! ثم بعد ذلك يحكى الضباط عما حدث ليقع كل من يسمع هذه القصة على الأرض من شدة الضحك !!
- و أخبرنى أحد أصدقائى و كان رئيس مباحث مركز الدلنجات بمحافظة البحيرة بأنه كان مصاحباً لضباط أمن الدولة للقبض على أحد أعضاء الجماعات الإسلامية ، و استغرب عندما علم بإسم هذا الشخص لأنه كان يعرفه معرفةً شخصية من خلال عمله و يعلم يقيناً أنه شخص فاسد أبعد ما يكون عن الجماعات الإسلامية ، و عندما هاجموا بيته حاول أن يتحدث إلى صديقى و استأذنه إلى الثلاجة و أخرج له مشروبات كحولية قائلاً : ده ويسكى ، و ده جونى ووكر ، و دى بيرة يا باشا ، و لو إديتلى الأمان هجيبلك المخدرات و الحشيش ، ما انت عارف يا باشا إن أنا مش ممكن أكون من الجماعات الإسلامية ، و فطس
صديقى ضابط المباحث على نفسه من شدة الضحك ، و أخبر الرجل أن كل ما يفعله لا قيمة له لأن أمن الدولة تقول أنه من الجماعات الإسلامية ، و لم يجد ذلك بالفعل ، و اقتيد الرجل الفاسد إلى المعتقل ، و أيام القبض على الإخوان المسلمين إعتقل رجل مسيحى الديانة ، و أخذ يصيح أنه مسيحى و يُشهر الصليب المدقوق على باطن معصمه .
- و حكى لى صديقى عمرو بك أنه كان على رأس قوة مصاحباً فى حملة لأمن الدولة هاجموا أثنائها بعض المكتبات لضبط بعض الكتب الإسلامية و شرائط كاسيت للشيخ كشك و غيره بحجة أنها تؤلّب الرأى العام و تهيّجه ، و طلب ضابط أمن الدولة من ضباط المباحث الجنائية المرافقين له تحرير محاضر لهذه المضبوطات فرفضوا فجاءهم بقرار من مدير المباحث رغم أنه فى هذه المرة من المرات القلائل التى استصدر إذناً من النيابة ، و لمّا سألوه عن السبب فى إمتناعه عن تحرير المحاضر بنفسه عرفوا منه أنه يستكبر المثول أمام النيابة لسؤاله !! و قامت النيابة بتسليم الكتب و الشرائط لأصحابها ، و صفصف الأمر على بعض الشرائط المقلدة ، مما يعنى أن كل هذا المجهود لم يكن له داع .
- و ذهبت القوة مع ضابط أمن الدولة إلى أحد الفنادق لمفاجأة أحد أعضاء الإخوان المسلمين و لم يجدوه ، لكنهم وجدوا رجلاً آخر لا صلة له بالموضوع إلا أنه كان ملتحياً ، و ناقشه ضابط أمن الدولة عن سبب إلتحائه فأجابه أنها سنة عن الرسول عليه الصلاة و السلام ، و سأله عن سبب وجوده بالفندق فأجابه أنه بصدد إجراء بعض الصفقات التجارية ، و طلب منه أن يرافقه إلى مبنى أمن الدولة فاعترض الرجل و أخذه عنوة وسط تعجب ضباط الأمن العام المرافقين له !!
رابعاً : عدم خضوع جهاز أمن الدولة لأى رقابة سواء من هيئة الشرطة التابع لها بالإسم أو لرقابة النيابة العامة :
فأمن الدولة كان من صلاحيتها مراقبة كل المصريين بلا استثناء دون أن يكون فى مقدور أحد أن يراقبها ، فهى كانت تراقب كل القيادات فى الأجهزة الحكومية بما فيهم المحافظين و وكلاء الوزارات ، و الموظفين العاديين و ضباط الشرطة و أفرادها ، و العمال و الطلاب و التجار و الصناع و حتى القضاة و وكلاء النيابة ، و ما تشاء كيفما يحلو لها .
و لا تخضع أمن الدولة لرقابة أى جهاز فى الشرطة أو فى غيرها ، فهو جهاز يسأل و لا يُسئل ، حتى النيابة العامة ليس لها أى رقابة على الشرطة ، و عندما تصدى بعض وكلاء النيابة الشرفاء تحت ضغط بعض المواطنين لمحاولة التفتيش على أبناء المبلغين بمبنى أمن الدولة برشيد ، إعترضهم ضباط أمن الدولة و لقنوهم علقةً ساخنةً .
سادساً : أمن الدولة تفرض إتاوةً على كل الأجهزة الحكومية ، و تميّز نفسها عن كل ضباط الشرطة :
فأمن الدولة تتلقى مبالغاً شهرية فى صورة مكافآت من كل الأجهزة الحكومية و غيرها دونما رقابة على ذلك ، بالإضافة إلى نفوذها الثاقب فى كل تلك الأجهزة مما يمكنها من الحصول على ميزات كبيرة بتلك الأجهزة .
- و ميّزت أمن الدولة نفسها و ضباطها و أفرادها عن باقى زملائهم من ضباط الشرطة ، فأنشأت جمعية بالتعاون مع الفاسدين فى وزارة الإسكان لتوزيع الأراضى و الشقق السكنية على ضباطها وحدهم ، و أنشأت مستشفى خاص بها بمدينة 6 أكتوبر لضباط أمن الدولة فقط .
- هذا بخلاف ما يحصل عليه ضباط أمن الدولة من أطيان و أراض زراعية فى المحافظات المختلفة .
ليس هناك من بد لابد من إلغاء هذا الجهاز القذر ، و للحديث بقية .

محمود قطري
ضابط شرطة سابق.