بقلم احمد الليثي

شعرت بالقلق على مستقبل مصر مع تزايد أحداث البلطجة والفوضى التي انتشرت في البلد منذ انسحاب الشرطة، لكن أحداث الفتنة الطائفية والاشتباكات بين أبناء الوطن من مسلمين ومسيحيين أشعرتني بكآبة وخوف لم أمر بمثلهما في حياتي من قبل.

أشعر بحزن على ما تسببه تلك الاشتباكات من تشويه - إن لم يكن محو - للصورة الرائعة التي ظهرت خلال ثورة يناير حينما توحد المسلمون والمسيحيون في المظاهرات والاعتصامات بميدان التحرير، وحينما مرت أسابيع دون وجود الشرطة ومع ذلك لم تتعرض أي كنيسة أو أي مسيحي لأذى.

أشعر بحزن على سذاجة وسطحية كثير من المصريين - من مسلمين سلفيين ومسيحيين غاضبين - الذي ينساقون وراء دعاة الفتنة ويعطونهم الفرصة لإفساد ما أنجزته الثورة من خلال بث الفرقة بين أبناء هذا البلد.

المؤامرة واضحة أيها السادة، فقط فكروا في توقيت إشعال هذه الأحداث التي تلت سقوط حكومة شفيق مباشرة وتكليف د.عصام شرف بتشكيل حكومة جديدة، وفكروا في السر وراء إحياء مشكلة طائفية في أطفيح تم تسويتها منذ وقت طويل لتتجدد مرة أخرى.

هناك من يشعل نيران الفتنة لتأكل الجميع وتدمر ما أنجزته الثورة ولتعم الفوضى وننشغل عن بناء وطن حر وقوي ونترحم على أيام مبارك والحزب الوطني وأمن الدولة.

وأعتقد ان هذا هو وقت العقلاء والمسئولين والزعماء والشخصيات المحبوبة التي يثق فيهم الملايين ويأتمرون بأمرهم أو يقتدون بأفعالهم أو حتى يتأثرون بمواقفهم، فلن يتم إفشال هذا المخطط الشيطاني إلا بمشاركة الجميع في وأد تلك الفتنة بأي مجهود قبل أن تنتقل لمناطق أخرى في مصر وتحرق الجميع بنيرانها التي لن يسلم منها احد.

وأعتقد ان معالجة هذه الأزمة الخطيرة تتطلب إخماد الفتنة أولا ثم بناء جسور الثقة مرة أخرى بين جناحي الأمة في أسرع وقت، ويمكن البدء في مشاركة المسلمون والمسيحيون في بناء كنيسة أطفيح كنقطة بداية يمكن استثمارها في مواقف وأفكار أكبر وأهم.

ولكن قبل هذا يجب أن يوجه البابا شنودة الثالث أمر مباشر للمسيحيين بوقف التظاهر والاعتصام فورا، لأنه - بالاضافة الى تكريسه حالة عدم الاستقرار - ليس من الحكمة تعريض سلامة المسيحيين للخطر في ظل غياب الأمن وحالة الفوضى وتأجج المشاعر العدائية.

ولأخواني المسيحيين أقول لهم: لماذا الاصرار على الاعتصام أمام مبنى التليفزيون والتظاهر في عدة مناطق وقطع الطرق رغم تعهد القوات المسلحة بإعادة بناء الكنيسة فورا واطلاقها سراح الاب متاؤوس وتعهدها بالتحقيق في الاحداث ومعاقبة الجناة، فضلا عن زيارة رئيس الوزارء لكم وتأكيده على تحقيق مطالبهم

أعلم أن للمسيحيين مطالب وحقوق، لكن ليس هذا وقت المطالبة بها، ولا هذه هي الطريقة المناسبة، خاصة مع حالة التحول الكبير في تعامل الدولة مع ملف الاقباط والاهتمام بحل مشكلاتهم والتعهد بذلك ممثلة في القوات المسلحة ورئيس الوزراء وهو ما لم يكن يحدث من قبل حينما كان التعامل فقط بين المسيحيين وضباط الداخلية.

ويجب أيضا أن يعطي كبار شيوخ السلفيين مثل محمد حسين يعقوب وأبو إسحق الحويني ومحمد حسان ومحمود المصري أمرا مباشرا لأتباعهم - الذين يطيعونهم طاعة مطلقة على حد علمي - بإيقاف تلك المظاهرات فورا وعدم الاحتكاك بالمسيحيين.

ولأخواني السلفيين أقول لهم: لماذا تخرجون لمطالبة د.عصام شرف بالافراج عن وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة بعد ساعات قليلة فقط على تشكيل الحكومة الجديدة وبالرغم من حالة الفوضى والانفلات الامني التي تسود البلاد واستحالة حسم هذا الملف الشائك والمعقد في هذا الوقت؟

يجب على شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب التحرك فورا والبدء بنفسه والمشاركة في بناء كنيسة أطفيح بيده وماله.

يجب على شباب الثورة التكاتف والتفكير في طرق مبتكرة لإخماد نار الفتنة خوفا على انجازات ثورتهم من الضياع.

يجب على الإخوان المسلمين القيام بخطوات عملية لوقف هذه الكارثة أكبر من إصدار بيان إدانة وتحذير من خطورة الاحداث، فالجماعة أكبر قوة سياسية منظمة الآن في مصر وهذا واجبها وفي امكانها فعل الكثير لأمن وسلام هذا البلد.

يجب على الشخصيات المرموقة في كل المجالات مثل عمرو موسى ومحمد البرادعي وعمرو خالد ومحمد أبو تريكة وعمرو دياب ومحمود سعد وأي شخص يعلم أن الناس تحبه وتثق فيه أن يساهم في إنقاذ مصر وأن يشارك في إطفاء نار الفتنة.

يجب على الإعلاميين الشرفاء أن يتحققوا من الأخبار قبل بثها، وألا ينشروا شائعات الفتنة، وألا يجعلوا مؤسساتكم جسرا يعبر عليه المحرضون لتحقيق أهدافهم الخبيثة.

يجب على رئيس الوزراء ووزير الداخلية الجديد ورجال الشرطة البدء فورا في تقديم ضباط الداخلية المتهمين بقتل شهداء الثورة للمحاكمة ثم إعطاء أمر فوري بنشر رجال الشرطة الشرفاء في الشوارع والاستعانة بجحافل الأمن المركزي العاطلين عن العمل الآن، ومن يرفض تنفيذ الأمر يفصل فورا من عمله، فهم يتقاضون رواتبهم منذ شهرين دون عمل بحجة أن الشعب يعاملهم بطريقة سيئة.

هل يمكن أن نرى البابا شنودة وشيخ الازهر وقادة القوات المسلحة ود.عصام شرف واللواء منصور العيسوي وعمرو موسى ومحمد البرادعي وعمرو دياب ومحمد أبو تريكة ومحمد حسين يعقوب وأبو إسحق الحويني ومحمد حسان وجورج إسحق وعمرو خالد وغيرهم الالاف مجتمعون في أطفيح للمشاركة بأيديهم في بناء الكنيسة والتأكيد على مصر وطن يسع الجميع أيا كانت ديانته أو أفكاره أو مواقفه.

أرجوكم تحركوا بسرعة فمصر في خطر.