ودا الجزء التاني

المكالمه التانيه


المكالمة الثانية كانت من سيادة اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية، الذى اتصل ليعلق على ما كتبته عن مداخلته الشهيرة فى برنامج (آخر كلام)، للأمانة توقعت أن يكون غاضبا مما كتبته، لكنه على العكس كان ودودا جدا، وقال بكل تواضع إنه يتفق معى فى كل ما كتبته، وأن الانفعال جعل الكثيرين يفهمون كلامه خطأ، سأحاول هنا أن أفتح قوسا لأنقل من الذاكرة ملخصا لما دار بيننا من حوار، يقول اللواء ممدوح شاهين: «طبعا لم يخطر فى بالى ولو للحظة إنى أقارن الجيش المصرى بأى جيش تانى.. أنا عارف كويس جدا إن ده جيش الشعب.. الشعب هو اللى من ضرايبه بيدفع مرتباتنا وبيشترى معداتنا وإحنا أقسمنا على الولاء للشعب وحمايته..

وكنت متصور إن دى حقيقة مش محتاجة تأكيد.. أنا بس كنت منفعل لإن فى حالة إنكار للمجهود اللى شعرت إنه مبذول.. واتضايقت من تكرار الكلام عن إننا ما بنستشيرش حد قبل ما ناخد قراراتنا.. وربنا يعلم إن كم المشاورات اللى بنبذلها غير عادى مع أطراف عديدة.. وما كانش بيقتصر على اللجنة فقط.. وإنما تشاورنا مع عدد كبير من أساتذة القانون فى كل جامعات مصر وكلهم أسماء كبيرة ومحترمة ومن تيارات مختلفة.. عشان كده انفعلت لما لقيت ناس غير متخصصين فى القانون يتهموننا بالتقصير لإننا لم نستشرهم.. وبعدين يتقال إن الدستور لا تتم فيه استشارة القانونيين فقط.. أنا مش معترض على ده.. لكن ليه يتم تجاهل حقيقة إنى باعمل إعلان دستورى لفترة انتقالية فيه مبادئ قانونية لا يختلف عليها أحد.. هل أسيب البلد فى فراغ دستورى عشان أقوم بعمل دستور المفروض الشعب هو اللى يختار بنفسه طريقة عمله.. أنا بس استغربت من كم الهجوم اللى حصل على حكاية نسبة العمال والفلاحين.. إزاى ناس بتؤمن بالحرية تطلب مننا إننا فى فترة انتقالية ناخد قرار زى ده هو ملك الشعب ونعرض البلاد لاضطرابات فى مرحلة إحنا محتاجين للاستقرار فيها..

وربنا يعلم حجم التحديات المفروضة علينا واللى مابنبقاش قادرين نقول للناس الكتير منها منعا لنشر الإحباط أو الخوف.. فى ناس فهمت كلامى خطأ عن إن نسبة العمال والفلاحين من مكتسبات يوليو وتصوروا إن ده معناه إنها مقدسة للأبد.. اللى الناس لازم تعرفه إن الشعب لو جه بعد المرحلة الانتقالية وقرر يتخلى عن النسبة دى أو عن أى مادة فى الدستور فده اختياره ولن نقف ضده أبدا.. أما حكاية إنى باقوم بالمنّ على الشعب عشان شكيت من إن الناس ما بتتكلمش عن الإيجابيات.. هل ده معقول.. هل الواحد ممكن يمن على نفسه؟!

هو إحنا لما هنخرج من الخدمة مش هنبقى جزء من الشعب.. لما بنتكلم بعشم وقلوب مفتوحة يبقى ده شىء يتاخد ضدى.. إحنا موقفنا واضح من الأول.. وأى حد يتأمله يدرك إننا من أول بيان لينا انحزنا للشعب ومطالبه وفى وقت ما كانتش فيه الأمور واضحة، ما مسكناش العصاية من النص، لإن دى عقيدة عندنا، فلما أكون زعلان من كتّاب أنا باحترمهم بعضهم يقول إننا متواطئين.. الناس بتتكلم عن التباطؤ من غير ما حد يقيم بشكل موضوعى كم الإنجاز اللى حصل فى الفترة اللى فاتت.. إحنا ممكن نستجيب للضغوط اللى علينا ونعمل محاكمات سريعة وعاجلة لكن هل ده هيكون فى مصلحة البلد فى المدى البعيد.. هل المجتمع الدولى هيعترف بشرعية المحاكمات دى.. وهل الناس هتسامحنا لما ما نستردش أموال البلد المنهوبة بسبب التسرع ده.. إحنا اخترنا إن كل المحاكمات تكون بشكل عادل وحتى لو ده ضايق البعض أو أشعرهم بالقلق.. لكن متأكدين إن النتيجة فى النهاية هتكون فى مصلحة البلد وهيعرف الناس إننا كنا صادقين لما قلنا إن ما فيش فاسد هيفلت من العقاب وإن ما فيش صفقات ولا غيره وبكرة الأيام تثبت.. لما يكون عندى كم تحديات خطيرة على جبهات كتيرة اقتصادية وسياسية وأمن قومى ومش قادر حتى أعلنها للناس، ليه يتقال إن أنا بامنّ لما أطلب من البعض إنهم يكونوا منصفين ويقولوا للناس الصورة كاملة عشان ما يخلقوش حالة إحباط لدى الشعب خصوصا وإحنا محتاجين نخلق حالة فرحة بالثورة وحالة حماس تخلينا صف واحد.. أنا باطلب من الكل إنه يحط كلامى فى السياق ده كله وإن الجميع يبقى متأكد إن عمرنا ما هنتوقف عن احترام الآراء المختلفة معانا طالما بتعبر عن رأيها فى ظل الالتزام بآداب الحوار، وفى يوم من الأيام لما يتكتب تاريخ الفترة دى هيعرف الشعب حقيقة الدور اللى إحنا عملناه عشان الشعب اللى إحنا جزء منه وأقسمنا على الولاء ليه».

هنا قلت لسيادة اللواء ممدوح شاهين إننى أتمنى أن تزيد حالة المكاشفة فى الفترة القادمة ما بين الجيش والشعب، أعلم أن هناك أشياء يصعب أن يتم نشرها، لكن ينبغى أن تتم غربلتها والتضحية ببعض اعتبارات التكتم من أجل القضاء على حالة البلبلة التى أثق بأن هناك جهات سيئة النوايا تستخدم بعض حسنى النوايا فى نشرها، كما رجوته أن يتم الإسراع فى اتخاذ قرارات حاسمة بحق ملف التعذيب الذى تقدمت به المنظمات الحقوقية، وملف المعتقلين السياسيين أثناء وبعد الثورة والذى تقدم به العديد من الناشطين السياسيين، وقد وعدنى سيادته بذلك، وأنا أشكر له سعة صدره وتقبله لكل أسئلتى وأرجو أن تتم محاكمتى مدنيا إذا كانت الذاكرة قد خانتنى وأنا أنقل كلامه.