كيف تتعامل مع شخص كفيف (الجزء الأول)
بطبيعة الحال بسبب تخصصى يكون جزء من مرضاى مكفوفين و مع مرور الوقت اكتشفت أن الكثير منا لا يعرف كيفية التعامل مع الشخص المكفوف ، و قد تحدث مواقف محرجة بسب ذلك ، و قد يصل الأمر ببعض الناس تجنب التعامل مع المكفوفين خوفا من الأحراج لأى من الطرفين أو حدوث مشاكل.
و بصراحة ترددت كثيرا قبل كتابتى لهذا الموضوع و لكن ارتأيت أن المنفعة العامة تغلب ، و شجعنى على ذلك أخى العزيز / كريم منير.
بادئ الأمر أحب ان اوضح ان الشخص الكفيف يصنف من ذوى الأحتياجات الخاصة (تصنيف عالمى) و ليس من المعاقين ، حيث أن الكفيف يمكنه ممارسة معظم أنشطة الحياة اليومية بما فيها العمل و الأنتقالات بمفرده أو بقليل من الأعتماد على الآخرين (له احتاجات خاصة) ، بعكس المعاق الذى يحتاج لوجود فرد (على الأقل) بصفة دائمة معه.
هذه النقطة مهمة جدا (لذا أردت توضيحها) لأن أسلوب التعامل كله مبنى عليها ، و بالتالى أى مساعدة يتم تقديمها للكفيف تكون فى حدود (و عادة عند طلبه لها) و غير مطلوب اطلاقا فرض المساعدة عليه و بالذات عندما تمتد المساعدة لكل تصرفات الشخص الكفيف ، كما سيتم التوضيح.
أعتقد أنه من الأفضل جعل تلك النصائح فى نقاط كى لا يلتبس علينا الأمر.
لنبدأ بكيفية الحديث مع الشخص الكفيف:
1) الكفيف هو شخص طبيعى تماما ما عدا أنه حرم من نعمة الأبصار ، و لكن يجب أن لا ننسى أنه يمكنه من التصرف بحرية كبيرة بمفرده ، لذا لابد من الأبتعاد عن فرض المساعدة عليه و بخاصة بالقوة.
2) من غير اللائق الحديث عن كف البصر أمام الكفيف بأسى و حزن و اظهار التعاطف الزائد ، فتلك الأمور تجرح مشاعر الكفيف لأنه تشعره بأنه عاجز ، فى حين أن الكثير من المكفوفين متقبلين وضعهم ببساطة و بدون حساسية أو أسى.
3) من غير اللا ئق ايضا التعامل على النقيض من النقطة السابقة و هى التباهى بنعمة البصر و التركيز على ما حرم منه الكفيف ، مثل القول "خسارة انك مابتشوفش ، كان زمانك شايف دلوقت كذا و كذا" ، فذلك أيضا يشعره بعجزه ، و خصوصا و أننا ننسى أن الكفيف يرى بأسلوبه الخاص الأشياء التى حوله كما سأشير فى النقطة التالية.
4) كون الشخص كفيفا لا يعنى أنه لا يدرك ماحوله ، فالكفيف "يرى" ماحوله و لكن بحواسه الأخرى ، و يجب أن لا ننسى أنها حادة أكثر منا بكثييييير ، فلا تتعجب اذا ما وجدت الكفيف يصف لك مكتبك أو غرفتك التى دخلها للتو وصفا دقيقا لدرجة تجعل البعض يشكون فى أنه يرى و يتظاهر بكف البصر ، و لكن الواقع أنه يستخدم حواسه الأخرى لأقصى درجة لتعويض كف البصر.
5) لا تخجل أبدا من استعمال الألفاظ العادية فى الحديث التى تتعلق بالرؤية مثل "شوف بقى" ، او "من وجهة نظرى" ، أو "بص يا سيدى" فى الحديث مع المكفوفين ، فهم يستعملونها مثلك تماما فتجده يقول مثلا "و أول ما شفته قلت له" و بدون حساسية ، لذلك نكلم بطريقة طبيعية و إياك و الأعتذار عند استعمال أى من تلك الكلمات (خطأ شائع) ، فذلك قد يجرح مشاعره.
6) لا مانع من التحدث عن الأعاقة البصرية و حتى من السؤال عن كيفية حدوثها و لكن بطريقة لائقة ، بدون ابداء تعاطف و شفقة زائدين ، و بدون فظاظة و غلظة فى الكلام ، فكما قلنا الكفيف يعلم وضعه و متأقلم و متكيف معه و عادة راضى به ، و بالتالى يمكنه الحديث عن ذلك براحة و بدون مشاكل.
7) عندما تريد الحديث مع الكفيف فلابد من النظر نحوه (حاسة السمع عنده حادة للغاية و يمكنه بسهولة معرفة اتجاه وجهك من صوتك ، و من سوء الأدب الحديث لشخص و وجهك فى اتجاه آخر ، و بخاصة أن تلك الحركة قد يفهمها انك تفعلها لأنه لا يراك) ، و من المفضل ان تخبره انك توجه حديثك له ببساطة ، و أسهل تلك الطرق مناداته باسمه قبل الحديث ، مثلا "يا فلان انا رأيى كذا و كذا" ، فتلك طريقة جيدة كى لا يلتبس عليه الأمر هل توجه حديثك له أم لمن بجواره.
8) تجنب الخطأين الشائعين عند الحديث مع المكفوفين ، الأول و هو رفع الصوت لشد انتباهه ، فهو ليس بأصم لترفع صوتك ، بالأضافة ان حاسة السمع لديه مرهفة ، فالصوت العالى يؤذيه أكثر من الشخص العادى ، و الثانى هو تعمد لمس أو امساك الكفيف عند الحديث اليه لتعلمه بأنك تحدثه ، فالتلامس الجسدى منفر اذا ما تكرر و زاد عن الحد (تخيل أن شخصا ما يمسك بيدك كلما وجه لك الحديث ... ما هو شعورك نحو ذلك؟؟).
9) اذا قمت بالرد على الهاتف أو المحمول اثناء حديثك مع الكفيف فلابد من الأستئذان منه قبلها ، فهو لا يراك و انت تمسك به لترد و بالتالى ممكن ان يستمر بالكلام معك اذا كان مندمجا بالحديث قبل ان ينتبه أنك بدأت بالحديث فى الهاتف ، و ذلك محرج جدا له ، لذا من الأفضل قولك "ثانية هارد على التليفون" أو "بعد اذنك هارد على المحمول" الخ.
10) اذا اضطررت لقطع الحديث لأى سبب و القيام فعليك ان تعتذر له و تبلغه بضرورة قيامك (كما فعلنا فى النقطة السابقة) ، فقد يكون منهمكا فى الحديث و لا يدرك أنك قمت من جانبه ، و بالتالى تكون محرجة جدا و جارحة له اذا وجد انه يتكلم مع نفسه منذ فترة و انت غير موجود ، فتجنب ذلك بتوضيح بسيط مثل "معلهش انا مضطر اقوم علشان ابنى بينادى على" أو "عن اذنك هاقوم اشوف حاجة و راجع تانى على طول" ، كما لا تنسى أن تعلمه بوصولك و بدخولك عليه عند العودة له.
تلك هى النقاط الأساسية التى تأتى على بالى الآن عند الحديث مع المكفوفين.
سيكون لى مشاركة أخرى بأذن الله عن كيفية التعامل معهم كالمشى و صعود السلالم وغير ذلك.
أرجو أن تجدوا الفائدة فى تلك المشاركة ، و مرحبا بأى اسئلة أو استفسارات خاصة بذلك الجزء.
و تحياتى.