تعديل التعديل يا ترى مين هيبقى تبع مين في الاخر
كتب أحمد حسن بكر وعمر القليوبي وإيناس حسني (المصريون): : بتاريخ 19 - 4 - 2008
عدل الرئيس حسني مبارك أمس عن القرار الجمهوري بنقل تبعية الواحات البحرية من الجيزة إلى المنيا، والعياط والصف وأطفيح إلى الفيوم، بعدما ثارت احتجاجات على القرار بتعديل الحدود الإدارية لبعض المحافظات بين سكان المناطق المذكورة، وذلك بأن أمر بضم الواحات إلى السادس من أكتوبر، والعياط والصف وأطفيح إلى محافظة حلوان، التي تضم كذلك مدن حلوان 15 مايو والهايكستب وبدر والشروق وقسم المعادي والقاهرة الجديدة.
يأتي ذلك بعد أن فجر القرار موجة غضب واسعة، وكان أكثرها سخونة في الواحات البحرية حيث تظاهر خمسة آلاف احتجاجا على القرار الصادر مساء الخميس الماضي، والمطالبة بنقل تبعيتهم إلى محافظة السادس من أكتوبر الجديدة لقربها منهم، بدلا من محافظة المنيا، التي تبعد عنهم أكثر من 600 كيلو متر.
وردد المتظاهرون، هتافات احتجاجية على القرار، كما أحرقوا عشرات الإطارات، وأقاموا المتاريس في الشوارع.
وكان المتظاهرون قد قطعوا الطرق المؤدية من وإلى الواحات ومنعوا دخول السيارات والأتوبيسات، وقام أصحاب السيارات بالواحات بإيقاف سيارتهم بعرض الطريق بطول سبعة كيلو متر.
ووفق شهود عيان، فقد ردت قوات الأمن على المتظاهرين بقنابل الغاز المسيل للدموع، وبالرصاص المطاطي لتفريقهم، كما ألقت القبض على أكثر من 25 شخصا، فيما أصيب عدد غير محدد منهم بالاختناق، ومن جراء إطلاق الرصاص المطاطي عليهم.
وكان أكثر من ألفى شخص من أهالي الواحات البحرية قد نظموا وقفة احتجاجية أمس الأول الجمعة، عقب القرار الجمهوري الذي تم بمقتضاه تحويل مركز الواحات البحرية إلي محافظة المنيا إداريا، مطالبين بانضمامهم إلي محافظة ٦ أكتوبر الجديدة، ورددوا شعارات: "أكتوبر يا بلاش.. المنيا ماتنفعناش"، وذلك قبل الصدامات التي وقعت أمس.
وإثر ذلك، حضر مساء الجمعة إلى مدينة الواحات مندوب من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء واللواء عبد الوهاب خليل حكمدار محافظة الجيزة، حيث اجتمعوا مع أهالي المدينة وأعضاء المجلس المحلي في محاولة لإقناعهم بجدوى القرار، لكنهم لم يستجيبوا لذلك، وهو ما دفع قيادة أمنية إلى تهديد الأهالي: "إما تفضوا الاعتصام بطريقة سلمية أو أفضه أنا بطريقتي الخاصة"
وكان الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء وأحمد عز، أمين التنظيم بالحزب الوطني قد عقدا اجتماعا بمقر رئاسة الوزراء مع اثنين من أعضاء مجلس الشعب عن دائرة الجيزة وعضو المجلس المحلي للوصول إلى حل للأزمة. وبعد ساعتين من الاجتماع، حاصر الأمن المعتصمين وأطلق عليهم الأعيرة النارية وقنابل مسيلة للدموع.
كما أبدى سكان مراكز العياط وأطفيح والصف والقرى التابعة لها، غضبا شديدا جراء قرار بنقل تبعيتها لمحافظة الفيوم، معربين عن تضررهم الشديد من القرار، ما دفعهم إلى صب جام غضبهم على المجالس المحلية ووجهوا لها اتهامات بالتواطؤ والصمت حياله.
ووفقا لخبراء التنمية المحلية، فإن قرار استحداث محافظتي حلوان والسادس من أكتوبر سيحمل الخزانة العامة أكثر من ملياري جنيه، كما أنه سيسبب إرباكا في عدد من المحافظات المتاخمة لهما.
وانتقدوا القرار لكونه جاء "متسرعا ودون دراسة متـأنية"، مشككين في جدواه، وأن يؤدي إلى تحقيق التنمية الاقتصادية التي بررت بها الحكومة القرار الجمهوري، وأشاروا إلى أن القرار سيمثل فرصة لعدد محدود من مستثمري الأراضي الفضاء.
وعبر منتقدون عن مخاوفهم من تداعيات قرار تحويل مدينة السادس من أكتوبر إلى محافظة، وأن يشكل نافذة جديدة للفساد والمخالفات في قطاع المباني، لاسيما وأن الاشتراطات التي تضعها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة كانت تحد بشكل قوي من عمليات تسقيع الأراضي والاستيلاء عليها لبيعها بأسعار فلكية.
وأعربوا عن خشيتهم من أن يسهل هذا التحول مهمة رجال الأعمال الراغبين في الاستيلاء على الأراضي المملوكة للدولة بطريقة وضع اليد، وأن يؤدي إلى تصاعد حركة البناء بعيدا عن اشتراطات وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وانتقد الخبراء عدم الاستعانة بخبراء التخطيط العمراني، والاكتفاء فقط بمهندسي هيئة المساحة والمحليات.
وعلى عكس ما أثاره القرار من غضب في الواحات وسكان العياط والصف وأطفيح، أبدى سكان حلوان سعادتهم من تحولها إلى محافظة، بعد سنوات من المطالبة بذلك، آملين أن يؤدي هذا التحول إلى زيادة الاهتمام ورفع مستوى الخدمات بها.
وكشفت مصادر مطلعة عن وجود بعد أمني يقف وراء القرار الجمهوري الخاص بتحويل منطقة حلوان إلى محافظة جديدة، رغبة من الدولة في تخفيف حدة الضغوط الأمنية عن العاصمة، وإبعاد المشاكل الخاصة بالمنطقة عن سلطتها، حيث يشكل هذا الأمر عبئا ثقيلا على الأجهزة الأمنية بالمحافظة في ظل تصاعد حركة الاحتجاجات والإضرابات العمالية.
ولم تستبعد المصادر أن يكون القرار رغبة من الدولة في تخفيف حدة الضغوط على محافظ القاهرة، وتفريغه لمشاكل العاصمة التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى المدينة الأكثر تلوثا ومعاناة بين عواصم دول العالم