الموضوع: اتوقفت في عباس العقاد بسبب الزينون و الفيميه

ارجع ضابط
الكاتب
عمر طاهر
Thu, 28/04/2011 -

(1)
منذ أسابيع وأنا أترك سيارتى كل ليلة فى شارع قصر العينى مركونة صف تانى، وأدعو الله أن أصحو فى اليوم التالى فأجدها «متكلبشة».
(2)
لأول مرة منذ فترة طويلة أمر بلجنة شرطة فى وقت متأخر، كنت أقود سيارتى وأجرى مكالمة موبايل فى الوقت نفسه، قلت لمحدثى على الطرف الآخر الجملة التى كادت أن تصدأ بفعل الركنة «اقفل علشان داخل على لجنة»، أيقظت الجملة بداخلى شعورا بقدر من الإثارة، كنت بحاجة للتعامل مباشرة مع رجل شرطة بعد الثورة، كان تدفق السيارات عبر الحواجز بطيئا.. أمنت على الحزام وجهزت الرخص، حاولت أن أكون شخصا يثير الاشتباه حتى تطول بينى وبين الضابط الـ«هات وخد وجاى من فين».. لكن أقصى ما حصلت عليه كان نظرة نصف فاحصة وإشارة «اتفضل».. كانت اللجنة فيما يبدو مجرد تأدية واجب فأصبت بالإحباط.
(3)
فى بداية عملى بالصحافة كنت أحيانا أصطدم برؤسائى مدفوعا بجنون عظمة الواردين جديدا على المهنة، فكنت أعاقبهم بأن أنتحى جانبا (طب مش شغال)، كنت أعتقد أنها ستكون ضربة موجعة لهم أن أحرمهم من قلمى، والحقيقة أنه لم يحدث أبدا أن تأثرت المهنة بغيابى، فى المقابل كنت ألاحظ أثناء توقفى عن العمل تغييرات نفسية فى طبيعتى وفى كيمياء مخى، الأفكار التى كنت أطاردها أصبحت تمر أمامى وأقابلها ببلادة، الانفرادات التى يحلم بها أى شخص تتوسل لى أن أنفرد بها فلا أهتم، حالة من التوتر والأرق تسيطر على حياتى، تسوء حالتى النفسية بمرور الوقت إلى أن أتخذ قراراً بأن أعالج نفسى بفعل أمر بسيط «لو سمحت ارجع صحفى تانى».
(4)
لذلك أقولها لك يا صديقى «ارجع ضابط»، صحيح نحن بحاجة إليك «لكن مش هوه ده الموضوع»، الموضوع أنك تضيع من بين يديك أحلى سنوات عمرك المهنية، تتخذ موقفا سيؤثر بالسلب على لياقتك الذهنية والنفسية، تتحاشى مهنتك بطريقة ستجعلك قريبا تتحاشى الحياة كلها، لو كنت ضابط بالصدفة هاقولك ماشى..
لكن صبرك على كل ما ذقته من أول الـ45 يوماً بتوع الكلية حتى هذه اللحظة يدل على أنك تحب هذه المهنة ومتمسك بها، لمصلحة من إذن تهدر تجربة حياتك وانت واخد جنب؟
أعرف أن الأجواء بها قدر من السماجة تجاه الشرطة.. صدقنى هى مسألة وقت.. لكن هذا الوقت يجب أن يمر فى تفاعل حقيقى الهدف الرئيسى منه أن تعيد صياغة سمعة الداخلية.. أنت مسؤول عن محاربة زملائك الذين يضعوننا فى اختيارين كلاهما مر (يا تبقى الداخلية ناس ظالمة يا تبقى ناس مالهاش فيها).. جزء كبير من شرف مهنتك أن تطهرها.
(5)
أنت لا تعاقبنا يا صديقى بتنحيك جانبا.. أنت تعاقب نفسك، وإذا كنت تهدف من تراخيك أن تقتنص منا اعترافا بأننا «مديونين ليك» فكن واثقا أن تراخيك هذا وبمرور الوقت سيحولك فى نظر البعض إلى «ديون معدومة».
(6)
صديقى.. منذ أسابيع وأنا أترك سيارتى كل ليلة فى شارع قصر العينى مركونة صف تانى، وأدعو الله أن أصحو فى اليوم التالى فأجدها «متكلبشة».. وهذا بالمناسبة ليس تحديا لكننى أحلم باللحظة التى سأكتشف فيها أنك «رجعت ضابط».