الموضوع: كيف تصبح مقنعاً >>>>>>>>>>>>

بسم الله الرحمن الرحيم


البعض يقول بأن الإقناع ملكة أو موهبة، يولد بها المرء ويرثها عن آباءه، ويساعده عليها المجتمع،


والبعض يرفض هذا الأمر فيقول بأن الإقناع مهارة قابلة للتعلم لمن ليست عنده،



اخترت لك في هذا المقال 11 مبدأ يجب أن يكونوا في الشخص المقنع، سواء أكان مسئول مبيعات أو محاور صحفي أو إعلامي أو سياسي، أو أي مكان يحتاج منك إلى طاقة الإبداع.
فلنبدأ ..


1- الهدف.



يجب أن يكون لك هدف خاص .. رؤية خاصة .. حلم تراه بعينيك وتسعى إلى تحقيقه .. والسؤال الذي يدور بذهنك: هل يرتبط الهدف بالإقناع؟


بالتأكيد .. وبصورة مباشرة أيضاً .. فمن يرى هدفه أمامه ويسعى لتحقيقه فهو يعمل على الوصول إليه بكل الطرق، ولا يفتأ عقله يبحث عن مخرج من كل عقبة تقابله، ويتخطاها ولا يرى أمامه إلا هدفه .. قوة إيمانه بهدفه وإيمان الناس به هو المحرك الذي يدفعه إلى بذل الجهد للوصول إلى هدفه.


2- المصداقية.



المصداقية ترجمة لمدى إيمانك بهدفك .. فالشخص المؤمن بهدفه لا يحتاج إلى التمثيل ليقنع من أمامه بفكرته ووجهة نظره، ورأس المصداقية في آية واحدة من آي القرآن الكريم في سورة الصف تقول:

”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٢﴾ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٣﴾ )” الآيات.


وذات يوم اشتكي العبيد في الكوفة إلى الإمام (الحسن البصري) إمساك أسيادهم لهم، وقبض أيديهم عن عتقهم أو حتى مكاتبتهم. فذهبوا إليه جميعاً وطلبوا منه أن يحث الناس على عتق العبيد، لأن الكوفة كلها تسمع لـ (الحسن البصري) وتتأثر وتستجيب لحديثه، فطمأنهم وأخبرهم أنه سيتحدث بشأن قضيتهم.
وانتظر جموع العبيد (الحسن البصري) أن يتحدث عن مشكلتهم في خطبة الجمعة، ولكن لم يتحدث .. فتعجب العبيد، وقالوا ربما نسي .. وانتظروه في الخطبة التالية أن يتحدث عن هذا الأمر، فلم يفعل .. والخطبة التالية والتي تليها .. أيضاً لم يفعل. وحينما يئسوا منه في الخطبة الخامسة، فوجيء الناس بـ (الحسن البصري) يتحدث عن عبيد الله في أيدي عباد الله، وأن الإسلام جاء ليحرر العبيد من الأسر وليس مداً لهذه العادة .. وقال خطبة عصماء في هذا الشأن، لم يسمعها من سمعها وعنده عبد إلا وسارع بإعتاقه لوجه الله.


فتعجب العبيد الذين حدثوه المرة الأولى مرة أخرى، وجاءوا إليه مرة أخرى يسألونه متعجبين: يا إمام .. لماذا تأخرت علينا كل هذه المدة وتركتنا في الأسر وكنت تستطيع عملها من أول مرة؟

فبماذا أجابهم الإمام العظيم؟

أجاب (الحسن البصري) قائلاً: “حينما حدثتموني لم أكن أملك عبداً، ولم أرد أن أأمر الناس بمعروف لم أفعله، ولم يكن لدىّ مال لشراء عبد، فانتظرت حتى أتاني مال، واشتريت عبد، وتركته في خدمتي بضعة أيام، حتى أشعر بمدى حاجتي له، وحينما تأكد في قلبي مدى احتياجي له، قمت بعتقه، ثم قلت هذه الخطبة”.
(الحسن البصري) لم يدع الناس إلى ما لا يفعله، حفاظاً على مصداقيته أمام الله، وحتى يخرج كلامه من قلبه ويصل إلى قلب الناس من أقصر الطرق. وهذا هو طريقك في البحث عن المصداقية .. اجعل أفعالك ترجمة لأقوالك.


3- قوة الشخصية والثقة بالنفس.



الناس لا تلتفت إلى ضعيف الشخصية، ولا تستمع إلى حديث من شخص ضعيف الثقة بنفسه .. وضوح هدفك ومصداقيتك مع نفسك هما العاملان المؤثران على قوة شخصيتك وثقتك بنفسك .. نحن هاهنا نكمل حديثنا عن الهدف والمصداقية ليس إلا، ولكن مفتاح قوة الشخصية هو الثقة بالنفس .. وقوة شخصيتك هي ما سيعينك على تجاوز الأزمات وأنت مرفوع الرأس.


4- الصبر والحلم والتأني.



جاء يوماً وفد إلى النبيّ – صلى الله عليه وسلم – ليدخلوا في الإسلام، وكان فيهم (الأحنف بن قيس)، وحينما وصلوا إلى المسجد، نزلوا من على دوابهم وأسرعوا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – احتراماً وتقديراً له، إلا (الأحنف) نزل عن دابته بهدوء، وعقد بخطام الناقة في النخلة، ورص متاعه عليها، ثم قدم إلى النبي.

قال فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – معجباً بصنيعه: ” إن الله قد أودع فيك صفتان يحبهما الله ورسوله .. الحلم والأناة” الحديث أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

الحلم هو ما يعينك على الصبر، والصبر يعلمك التأني في الأمور كلها، ولن تبلغ هدفك إلا بعزم صبرك، وإنما تُبنى الجبال من صغير الحصى.




5- القدوة.



إياك في يوم من الأيام أن تفقد القدوة من عيون الناس .. هناك دوماً من ينظر إليك على أنك قدوة، بدءاً من أبنائك وحتى مرؤوسيك، وأحياناً زملائك في العمل .. ومن ينظر إليك كقدوة يقلدك – أحياناً – بدون وعيّ، فأنت الآن مسئول عن نفسك وعن هؤلاء أمام الله أولا عن مصير من يتخذك قدوة، ثم أنت مسئول عن الجميع أمام المجتمع، فاحرص على بناء نفسك جيداً وتصقيل أخلاقك بكل ما هو مرغوب مجتمعياً .. القدوة لا يحتاج إلى أي طاقة إقناع في الواقع، فيكفي فعله دون قوله ليتبعه الناس.


6- الانفتاح وسعة الصدر.


يجب علىّ; التعامل مع جميع الفئات بنفس رحابة الصدر، مع اختلاف الطريقة بالطبع .. وأن يكون لديك استعداد دائم لاستيعاب الأيدلوجيات المختلفة.



7- الدفء.



الناس لا تحب التعامل مع ذوي الوجوه الضخرية، أو من يتكلفون الابتسام لنيل غرض ما، وعادة ما تكون واضحة فيمن يفتعلها .. هل فكرت يوماً أن تتصل بعميل وتسأله بصدق: كيف حالك؟ وبدون أي مقابل، أو غرض مادي.


والمثل مع الأصدقاء والمعارف والجيران وزملاء العميل وغيرهم .. حتى لو كنت حازماً في العمل .. هذا في العمل فحسب، ولكنه لا يطغى على شخصيتك وعلى آدميتك، فتنسى أنك أنت أيضاً تحتاج إلى الكثير من الدفء والمشاعر الصادقة من بعض الناس .. هل تعلم مصير من يقضي على مشاعره أو يوأدها دائماً في مهدها؟


بعد فترة من الزمن سيتحول إلى آلة تحمل ملامح البشر، وسيفقد الثقة والإيمان بأي حوادث عارضة يمر بها الإنسان سواء أكانت مفرحة أم محزنة .. وسيتجنب الناس الحديث معك عن أحزانهم وأفراحهم وحياتهم الشخصية، فضلاً عن الاقتناع بك.

8- الاحترام والاهتمام.




ليس معنى كوني مقتنع برأيي الخاص (س) أن رأيي الآخر (ص) خطأ .. ليس عكس الصواب خطأ في أغلب الأحوال، بل ربما يكون صواب آخر،


فلا تأخذ رأي الآخرين على محمل العدائية، بطريقة تفقد معها احترامهم الداخلي لك، وثقتهم فيك.


الحياد أفضل وسيلة في عالم الإقناع .. لقد جلست يوماً مع ملحنين ومؤلفين أغاني، وكنت أتابع ما يفعلونه بتفتح، ولم أجد في داخلي ذرة واحدة من الإيمان بما يفعلونه، فتصنيفه عندي مخالف للشرع من أبسط الطرق،

ولكن احترام الذوات يختلف كثيراً عن احترام الأفعال، وإظهار الاهتمام يجذب القلب، والقلب يجذب الأذن، والأذن تستمع إلى الحديث الهاديء الراقي المفعم بالاحترام، وربما أدى ذلك إلى الإقناع والتغيير.


أبدي اهتمامك بمن تحدثه، وزد من ذلك الاهتمام كلما كان الشخص قريباً منك، بدءاً من عميل تتعامل معه بصورة هامشية، حتى زوجتك وأبناءك، مروراً بزملائك في العمل .. إظهار الاهتمام بعفوية وصدق يجذب إليك مشاعر الآخرين واقتناعهم الكلي بك، ولا سيما الاقتناع بآرائك.


9- الاهتمام بقضايا المجتمع.



إن أسوأ شخص رأيته في الأيام الماضية – مروراً باحداث 25 يناير – في رأيي الشخصي هو من كان يحيا في دنيا أخرى غير الدنيا التي نحيا فيها .. ولن أقول في دولة أخرى، فقد كان العالم كله يتابع ثورة الشباب، واحتلت أخبار الثورة المصرية الخبر الأول في كل صحف العالم ..

ولكن انظر إلى ذلك الشخص العجيب الذي لا تستطيع تصنيفه بشرياً أو إنسانياً، والذي لا يعنيه أمر الثورة من قريب أو بعيد سلباً أو إيجاباً، طالماً هو بخير أحواله مستقرة.


لقد خرج في ثورة الشباب مختلف مستويات الشعب المصري، فمنهم الكادح الذي ضاق بالعيش، ومنهم من يحيا على حافة الهاوية، فلا يقترض قرشاً ولا يدخر قرشاً، ومنهم شباب في مستويات اجتماعية لا تتصور أن يأتي منهم مثل هذا التصرف قبل 25 يناير، ومنهم من كان خارج مصر قبل الثورة، وجاء خصيصاً للمشاركة فيها، وأبرز مثال على هذا، الشاب العاشق لوطنه .. (وائل غنيم).


(وائل) مدير تسويق منتجات جوجل في الشرق الأوسط، يستطيع الحياة والموت وهو في رغد من العيش، وليحترق البلد بمن فيه .. ولكنه كان يحلم بمصر الحرية، فسعى لمصر الحرية، ونال عسيلة مصر الحرية هو ومن تبعه.

الناس لا تحترم من يبدي تجاهلاً بقضايا المجتمع، حتى لو كانت مباراة ودية للمنتخب مع منتخب جيبوتي .. اجعل نفسك في قلب الأحداث، حتى لا يشعر الناس أنك من كوكب آخر غير الكوكب الذي يعيشون عليه. معرفتك بقضايا المجتمع وتكوين رأي واضح فيها – سواء أكان إيجابياً أو سلبياً – يضعك دوماً على المجك مع من حولك، ويجعل لك مكاناً بينهم.


10- العفوية.



لا تمثل على روحك .. وأنا هنا لا أقول لا تمثل على الناس، فربما كنت ممثل جيد .. ولكن لا تمثل على روحك فحسب وهذا كافي لدعم مصداقيتك ..

لا تضحك بتكلف، لا تبتسم بتكلف، لا تحزن بتكلف، لا تجامل بتكلف .. اجعل تصرفاتك طبيعية .. كًل حينما تجوع، واشرب حينما تعطش، واجلس حينما تتعب .. افعل كل ما يحلو لك بدون أن يشعر الناس أنك تراعي مظهرك أمامهم بصورة فجة.


ولا أقصد بالعفوية أن تكون فظاً لا تراعي ما تقول أمام من تقول، ولكن أن تُشعر الناس أنك تتصرف معهم كما تتصرف مع إخوانك وأصدقائك وزملائك، وكأنك في بيتك، هذا يعطي الكثير من الألفة في التعامل.


حينما تتحدث لا تتفخم في الحديث وتكون شديد الحرص على ألفاظك .. اجعل ألفاظك دارجة عفوية بعض الشيء .. هذا يصنع نوع من الألفة بينك وبين محدثك ويقصر طريقك إلى قلبه.


11- المراقبة والتطوير المستمر.



هي الصفة العامة التي أنصح بها كل الناس في كل مجال .. راقب نفسك وأدائك وتطورك، واعمل على التطوير والتغيير من نفسك إلى الأحسن دوماً .. راقب نفسك بعيون الناس وفي ردود أفعالهم، واجعل من نفسك حكماً على نفسك قبل أن يتهامس الناس من وراء ظهرك بعيوبك.
لقد انتهيت .. هذه هي خلاصة ما أعلم عن فن الإقناع حتماً هناك الكثير مما يمكن إضافته وأتمنى أن تضيف أنت أيضاً لي الكثير حتى استزيد.




الموضوع منقول