لهذا أحببت البرادعي...خواطر شخصية متجددة
(1)
عندما ظهر البرادعي على الساحة السياسية المصرية تسائل البعض "لماذا لا ينضم لأي حزب من الأحزاب حتى يستطيع ترشيح نفسه طالما هو جاد في الأمر بالفعل؟"، وكان جوابه عليهم بسيطاً ومنطقياً ويكشف عن أنه حقاً رجل مباديء لا رجل مناصب، أجاب البرادعي أن الوضع القائم أصلاً خاطيء وأنه لن يشارك في "تمثيلية"، وأنه لا يهتم بأن يترشح هو شخصياً قدر اهتمامه بأن تزال القيود من الدستور ويصبح بإمكان أي مصري أن يترشح...أثار هذا حنقي وقتها لأنني لم أتخيل ولم أستوعب أن ننجح في ظل نظام مثل هذا أن نعدل دستوراً فصل على مقاس الأب وابنه، فما بالك بإسقاط النظام نفسه!
كانت فكرة انضمام البرادعي لأي حزب سياسي وليكن حزب الوفد مثلاً ثم ترشحه كعضو في هيئته العليا (وقد عرض عليه الوفد وأحزاب أخرى ذلك بالفعل) هي في تصوري المخرج الوحيد من هذه المعضلة ولهذا حيرني منطقه وقتها، وعلى الجانب الآخر كان النظام أيضاً مصاباً بنفس الحيرة، فهو لا يعرف كيف يتصرف مع رجل بهذه المكانة الدولية المرموقة ويطالب بهذا المطلب، وخرج فتحي سرور في حوار شهير مع المصري اليوم ليجس النبض على ما يبدو ويرى إن كان بوسع النظام أن يسكت البرادعي بمنصب حزبي أو حكومي ما، ودعاه للانضمام للحزب الوطني وشق طريقه من هناك! وقد رد بلال فضل على دعوة سرور بمقال ساخر رائع عن تخيله لحال مصر تحت قيادة البرادعي بعد أن ينضم للحزب الوطني ويتشرب أساليبه.
كان هذا بداية ما أسميته شخصياً بـ"نبوءات البرادعي"، ومنها ما قاله لاحقاً عن أنه إذا سد النظام منافذ التغيير فلن يجد الشعب بديلاً عن النزول إلى الشارع، وإذا نزل مليون شخص إلى الشارع سيسقط النظام! وهذه سأتناولها في خاطرة لاحقة، لكن لأختتم هذه الخاطرة، إقرأ معي هذا الاقتباس البديع من حواره مع المصري اليوم قبل عودته إلى مصر بأسابيع لتعرف كيف كان يفكر الرجل وقتها:
"أنا رجل قانون، والقانونى لا يدخل منافسة أو عملية سياسية فى إطار يفتقد الشرعية، وثمة فارق كبير بين الجانب القانونى المتوفر للدستور، والجانب الشرعى.. والدستور المصرى يفتقد الشرعية الدستورية لأنه يحرم أغلبية المواطنين من حقهم فى المنافسة على منصب رئيس الجمهورية"
محمد البرادعي - ديسمبر 2009