الموضوع: منقول : العريان يقول : الإخوان سيعارضون الجيش إذا تبني ''الدستور أولا''

الإخوان سيعارضون الجيش إذا تبني ''الدستور أولا''

الدكتور عصام العريان

كتب - سامي مجدي:
كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً حينما وصلت إلى البناية رقم 20 الواقعة بشارع الملك الصالح بحي منيل الروضة؛ حيث مقر حزب ''العدالة والحرية''، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والذي كان مقراً للجماعة نفسها قبل تدشين مقرها الجديد بمنطقة المقطم شرق القاهرة.
وما أن ترجلت من السيارة حتى لمحت الدكتور عصام العريان، نائب رئيس ''حزب الإخوان''، قادماً من الشارع الخلفي، انتظرته حتى صعد إلى مقر الحزب بالطابق الثاني من البناية، وتبعته وما هي إلا ثوانٍ معدودة حتى أذن لي بالدخول لنبدأ على الفور في الحوار..
بدأ الحوار بسؤال عن رؤية الدكتور عصام العريان لمستقبل أم الدنيا على ضوء الوضع الراهن، حيث قال، بنبرة متفائلة واثقة ''الحديث عن مستقبل مصر يبدأ بالحديث عن الماضي والحاضر، وبكل المقاييس سيكون المستقبل أفضل لعدة أسباب أولها عناية المولى عز وجل التي ساهمت بشكل واضع في انجاح ثورة 25 يناير، وكذلك دور الجيش والتفاف الشعب ووحدة القوى السياسية التي نأمل أن تستمر وتتجاوز الانقسامات الحالية''.
وحذر القيادي بجماعة الإخوان المسلمين من الثورة المضادة و''محاولات الوقيعة'' بين الشعب والجيش وبين القوى السياسية وبعضها البعض، موضحاً أن قوى الثورة المضادة تتمثل بقايا النظام البائد، ورجال الأعمال الذين لهم مصالح ضخمة في افشال الثورة، إضافة إلى قوى اقليمية ودولية لا تريد لهذه البلد أن تُبنى على أسس سليمة، وهذه القوى – كما يقول العريان وهو يشير إلى مقالة بمجلة ''نيوزويك'' الأمريكية عنوانها ''كيف خسرت أمريكا من ثورة مصر'' – مولت النظام السابق، وأسست قواعد استخبارية لحسابها في مصر واليمن وليبيا وسوريا، كما أن لدينا إسرائيل ''الخاسر الأكبر من الثورة المصرية''.
بالنسبة للانفلات الأمني الحاصل وعدم عودة جهاز الشرطة للعمل بكامل طاقته حتى الآن، وصف العريان انهيار جهاز الشرطة في الثورة بهزيمة 1967، وقال ''جهاز شرطة أصيب في مقتل أشبه بالهزيمة العسكرية التي كانت في سنة 1967 للجيش، فجهاز الشرطة بقيادة مباحث أمن الدولة أصبح خلال العشر سنوات الأخيرة أصبح مكرساً لخدمة فكرة التوريث''.
وبنبرة تحدي واضحة، شدد نائب رئيس حزب العدالة والحرية على استحالة تغيير المسار الذي حدده الإعلان الدستوري بإجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل ثم انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور الجديد. وقال '' البلد لها خط مستقيم وخريطة طريق واضحة لكن هناك من يريد أن يعرقل التقدم وفق هذا الخط؛ فهناك إعلان دستور بُني على استفتاء رسمي له مشروعية السيادة، ولايمكن لأي شيء ولا مية مليون توقيع ولا مظاهرات ولا أي جهد يلغوا نتيجة الاستفتاء.. وما يلغيه هو استفتاء جديد الذي هو ضرباً من ضروب المستحيل لأن معناه عودة العجلة إلى الوراء''.
وزاد قائلاً ''شعارات الثورة كان بينها ''الجيش والشعب ايد واحدة''، ونحن (الإخوان المسلمين) انتقدنا المجلس العسكري كثيراً ومازلنا، ونقول له إذا غير في خريطة الطريق التي حددها الإعلان الدستوري سنكون أول من يقف ضده، وجوهر الاستفتاء موجود في الإعلان الدستوري، رغم بعض التغييرات في المواد التي تم استفتي عليها''.
ولفت العريان أن السبيل الوحيد هو الاتفاق بين القوى والأحزاب السياسية لتلافي أي خلافات، ووضع ''ملامح نهائية للوثيقة الحاكمة لتصرفات تلك القوى في الانتخابات القادمة''، ومناقشة كافة المقترحات وبحث المخاوف الأمنية والاقتصادية.
وقال ''أنا اعيش في منطقة شعبية (ناهيا – بولاق) وأعمل في مستشفى خيري بهذه المنطقة؛ قبل 25 يناير كان هناك خناقات بين بلطجية كل أسبوع، وأنا اقول أن هذا كله قل جداً بعد 25 يناير''.
وأرجع الدكتور عصام العريان تضخيم حالة الانفلات الأمني إلى أن وسائل إعلام تعمل على تضخيم الأمور، وقال ''هناك إعلام يريد أن يضخم ويصدر كل فترة فزاعة جديدة، بدأنا بفزاعة الإخوان ثم فزاعة السلفيين، فالاقتصاد ثم الأمن، ثم الدستور أولاً'' فكل فترة تخرج علينا صيحة ينفخ فيها إعلام ملك مجموعة من رجال الأعمال لا أدري ما الذي يدفعهم لهذا؟ هل هم خائفون على مصالحهم الاقتصادية؟، هل يريدون تقديم الولاء للمجلس العسكري، مثلما كانوا يقدموا الولاء للرئيس مبارك ونظامه ومولوه من أموال الشعب المصري؟''.
واتهم القيادي الإخواني جميع من أعلنوا نيتهم الترشح للرئاسة بأنهم ''عايشين في وهم أن مبارك رحل وسيأتي مكانه مبارك جديد، ويدرون أن الرئيس الجديد لازم يمشي في الشارع والأسواق و(يتشتموا)''.
كما اتهم فقهاء دستوريين مثل (ثروت بدوي، إبراهيم درويش، ونور فرحات) بأنهم يحاولون أنفسهم على الثورة، وقال ''لدينا ترزية قوانين ودساتير خدموا السادات وعبد الناصر ومبارك وتاريخهم معروف، فأنا رأيت ثروت بدوي في مكتب رفعت المحجوب وهو وإبراهيم درويش ونور فرحات (كان يعمل في مكتب فتحي سرور في قضايا الدعارة والمخدرات) كانوا مساعدين لفتحي سرور وصوفي أبو طالب فهم سدنة النظام القديم يريدون ان يفرضوا نفسهم على الثورة، على النظام الجديد، وأقول لهم استحوا وكفوا عن تخريب البلد باسم الدستور والقانون لأن ملفاتكم معروفة وتاريخكم معروف وأعمالكم مسجلة''.
ورأى أن التخوف من سيطرة الإخوان المسلمين على البرلمان القادم وأن يكون الدستور بـ ''المزاج''، بأنه تخوف في محله، مؤكداً أنه لا يجوز أن يكون هناك دستور على هوى أحد فلابد أن يكون بتوافق شعبي، وهذا مايسعى غليه حزب الحرية والعدالة ونجتمع بالائتلاف السياسي الذي يتشكل وسيصدر وثيقة ستكون مرجعية لإعداد برنامجه الانتخابي وبرنامجه للحكم إذا فاز''، مشيراً إلى هذا الائتلاف يضم أحزاب من كافة القوى الموجودة إسلامية وقومية وليبرالية وقديمة وجديدة، وأن حزب العدالة الحرية لم يوجه الدعوة لحزب المصرين الأحرار لأنه اعلن أنهى لم يشارك وقاطع الوفد لأنه وضع يده في يد الإخوان.
وشدد على أنه لا خوف على المبادئ الأساسية ولا الدستور؛ فالخلاف سياسي في المقام الأول؛ حيث أن الناس (القوى السياسية) خائفة من نسبة تمثيلها بالبرلمان والإخوان لايريدون سلطة ولا حكم، معتقداً أنه لامبرر لهذه الخوف. وقال ''الحل الوحيد هو توقف تلك القوى عن الكلام الانتقال للعمل، والنزول للناس في المحافظات، فالقاهرة تمثل 30% من مصر وهناك 80% خارجها''.
وقال ''لسنا طلاب سلطة، فالسلطة في هذه الأوقات مغرم وليست مغنم، والبديل هو سلطة ائتلافية واسعة تتحمل المسؤولية بتمثيل شعبي واسع، ومن ثم تقدر تخاطب الشعب، وطموحنا كإخوان أقصاه الحصول على 30 أو 35% من مقاعد البرلمان''.
وحول طروحات المواد فوق الدستورية، ومدنية الدولة وهويتها، قال الدكتور عصام العريان إن الشعب وحده هو صاحب الدستور، مطالباً الجميع بالجلوس على مائدة واحدة ويقولو ماذا يريدون ونقول نحن (الإخوان المسلمين) ونطرح ذلك على الشعب وننظر ماذا يقرر. وأكد أنه لا خلاف على دولة المصريين جميعاً، فالنظام السياسي ديمقراطي والشريعة الإسلامية هي مرجعية الدولة. وقال ''الذين كانوا يعارضوا الشريعة الإسلامية قبل الاستفتاء عادوا بعد ذلك ووافقوا على مبادئ الشريعة الإسلامية وهي التي تكفل حقوق المصريين وهذا المعنى قاله البابا شنودة نفسه''.
وبالنسبة لإضافة فقرة إلى المدة الثانية من الدستور تتيح لغير المسلمين الاحتكام لشرائعهم في الأحوال الشخصية، قال الدكتور عصام العريان إن ''الذي يضيف (مواداً وفقرات على الدستور) الشعب والجمعية التأسيسية هي التي ستقرر كل شيء ولا مانع من إضافتها حال اقرارها''.
وأعرب نائب رئيس حزب العدالة والحرية عن شعوره بأن هناك قلق إقليمي من محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، كما أن الجيش يستشعر الحرج ايضاً ''لأن مبارك ربى هذه الناس وخدم البلد وقاتل''. وقال إن الاتهام الأكبر لمبارك والأخطر من الخيانة العظمى هو بيع القرار المصري، وتسليمه للصهاينة، وهذه المحاكمة ستفتح ملفات كثيرة''.
وتحدث الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب العدالة الحرية عن نظام الحكم، وقال إن ''الحزب يؤيد نظاماً مختلطاً بين البرلماني والرئاسي، على أن تصل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لمعادلة توافقية بنظام برلماني قوي وفي الوقت نفسه تحتفظ للرئيس بصلاحيات تجعل وضعه معقول''.
في رده على موقف حزب الإخوان من تولي المرأة أو القبطي رئاسة الجمهورية، شدد العريان على أنه ليس من حق أحد أن ينزع حق أي مصري أو مصرية من ممارسة صلاحياته كمواطن، حتى لو لم ينص على ذلك في الدستور''.
وبالنسبة لمسألة استقلال حزب العدالة والحرية عن الإخوان المسلمين وما يقال بأن الانفصال شكلي فقط، شدد الدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب، والذي اختير هو والدكتور محمد مرسي والدكتور سعد الكتاتني ليكونا على رأس الحزب، على أن الحزب مستقل إدارياً ومالياً وتنظيمياً عن الجماعة. وقال ''قرارات الحزب تنشأ منه، إلا أن هناك علاقة تشاور وتنسيق ومرجعية مع الجماعة، والفارق الجوهري هو أن الحزب يعمل في مجال التنافس الحزبي السياسي، فيما تعمل الجماعة في مجالات واسعة كهيئة إسلامية شاملة، والاثنان (الحزب والجماعة) يعملان وفق المرجعية الإسلامية الوسطية''.
ورد العريان على أمر أن إعلان خوض الحزب انتخابات البرلمان المقبلة على 50% من المقاعد تم من مقر الجماعة وليس الحزب، بأن ذلك جاء ''لأن 70% من مؤسسي الحزب أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن أن ميقات تأسيس الحزب لم يمنحهم الفرصة لتقديم طرحهم للانتخابات، وبالتالي التزموا بقرار الجماعة التي جاءوا منها؛ وهو نفس الأمر بالنسبة لتعيين رئيس الحزب ونائبه من قبل الجماعة وليس انتخابهم من قبل أعضاء الحزب''، مشيراً إلى أن مرحلة الانتخاب ستأتي بعد أن يستكمل الحزب بناء مؤسساته''.
ويرى العريان وحزبه أن هناك مخرجين لمسألة تصدير الغاز المصري لإسرائيل التي هي جريمة ارتكبها النظام السابق في حق مصر أولهما ''إجرائي يتمثل في النظر في الاتفاقيات أسعار الغاز العالمية والاتفاقية، ودراسة تبعات وقف تصدير الغاز حال إلغاء الاتفاقية، وثانيهما علاج واقعي، كما يقول العريان، وهو وقف تصدير الغاز عن طريق تفجير الأنبوب باستمرار، كما هو حاصل الآن. وهذا الحل أسهل وتلك حلول تلجأ إليها الدول أحياناً. وقال ''هذا إجراء تعطيلي أشبه بمناوشات الحروب''.
كما رأى نائب رئيس حزب العدالة والحرية أن ''إرادة الشعب هي الفيصل في اتفاقية السلام الوقعة مع إسرائيل؛ ولو رفضها الشعب فيجب احترام إرادته؛ فكامب ديفيد معاهدة بين طرفين، وكل المعاهدات تخضع لمراجعات''.
والمعروف أن جماعة الإخوان المسلمين ترفع شعار ''الإسلام هو الحل'' في أي انتخابات تخوضها، إلا أن حزب العدالة والحرية لم يؤكد أو ينفي بشكل قاطع أنه سيستخدم نفس الشعار في انتخابات البرلمان القادمة. وقال العريان ''الإسلام هو الحل كان شعاراً في مرحلة تحدي واثبات هوية، واعتقد أن الحزب لديه تحدٍ أكبر هو تحمل المسؤولية مع أحزاب وقوى سياسية أخرى''.
وقال ''الإسلام هو الحل ليس سعاراً دينياً بحكم القضاء، وتقدير استخدامه سياسي، وبالنسبة للأخوة المسيحيين والليبراليين والعلمانيين فالإسلام ضمانة لهم، فرأس الكنيسة (البابا شنودة الثالث قال من قبل على فضائية ''أون تي في'' إن الإسلام يعطيني حقي في الأحوال الشخصية''.
وأرجع العريان أمر اختيار شعارات الانتخابات إلى الائتلاف السياسي الذي يعمل حزب العدالة والحرية على تكوينه بحيث يمثل كافة التيارات السياسية ليبرالية وإسلامية وقومية ويسارية، حسبما قال العريان، مشيراً إلى احتمالية أن يكون ''الإسلام هو الحل'' ضمن تلك الشعارات وإن لم يؤكد استقرار الحزب عليه حتى الآن.
وبشأن تصريحات الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، بأنه سيأخذ أصوات الأخوان كلها بما فيها المرشد العام، قال العريان متسائلاً ''لا أدري كيف يجزم الدكتور عبد المنعم بذلك، وأنا لا أتصور أن يكمل (أبو الفتوح) لنهاية (سباق الرئاسة)، كما أرى أن كل الأسماء المطروحة حالياً ليست هي الأسماء الحقيقية التي ستكون في ورقة الاقتراع؛ فالرئيس القادم لمصر لم يطرح اسمه بعد، وسيكون من يختاره الائتلاف السياسي وسيكون مفاجأة للجميع''.
وأصر الدكتور عصام العريان على أن حزب الحرية والعدالة لم يختار مرشحاً رئاسياً يدعمه، وأن هدف حزبه هو تشكيل ائتلاف سياسي للحصول على أغلبية مقاعد البرلمان ومن ثم تشكيل ''حكومة وحدة وطنية''، ثم يأتي بعد ذلك مسألة اختيار رئيس توافقي''.
وشخص العريان المتخصص في أمراض الدم والتحاليل الطبية مشكلة مرشحي الرئاسة الحاليين في اعتمادهم على ''الكاريزما'' وقال ''وكأن الكاريزما هي التي تخلب لب المواطنين، وهي التي تؤدي إلى الرئاسة ويعتمدون على الآلة الإعلامية، ومن نزل منهم للبلد وراح الصعيد الناس قابلته مقابلة وحشة، فأي رئيس لابد أن يعتمد على قوة سياسية تسانده وليس على كاريزمته''.
وفي نهاية حديثه مع ''مصراوي'' وجه الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب العدالة والحرية، كما يحب الآن أن يلقب، رسالة للدكتور محمد البرادعي قال فيها ''أوجه رسالة للدكتور البرادعي من هنا.. نحن في انتظار تهنئتك التي تأخرت كثيراً بحزب الحرية والعدالة''.

لن يتم ذلك وبيننا الأيام الانتخابات أولا كما قرر الشعب