وقفت الطفلة الصغيرة في نافذة منزلها تنظر نحو الشرق
لم تكن هذه هى وقفتها الأولى
و لن تكون الأخيرة
انها تنتظر في النافذة في هذا الوقت من كل يوم
تنظر نحو الشرق
عند هذه الأشجار
انها تنتظر ان يأتي والدها في موعده المحدد
يستقبلها بابتسامته
يحملها
يقبلها على خديها
تحمل ثيابها عبق العطر الذى يضعه
تنظر إليها والدتها ضاحكة من أين لك بهذا العطر الجميل
تنظر لوالدتها وهى تمسك بيد والدها و تبتسم
لكن منذ فترة لم يعد اباها يأتى فى نفس الوقت
لكنها تنتظره
كل يوم ستنتظره
الى ان يأتى
ان حياتها تمر فى انتظار
لكن اقسى ما يضايقها هم اولئك البخلاء
ذلك الجار الذى كان يهابه الجميع
لا تعرف ماذا يعمل
لا تعرف عنه الا جانبه المنتفخ دوما
لا تعرف عنه الا خشونة طباعه
لا تتذكر منه الا قوله امشى يا بت الله يخرب بيت ابوك مطرح مراح
كذلك ذلك التاجر صاحب المحل الضخم فى شارعهم
لا تعرف منه غير قسوة الطبع
لا تتذكر منه الا قوله اللى زى ابوك هم اللى وقفو حالنا
تسمع عباراته
تتجمد الدموع فى عينيها الصغيرتين
تعدو عائدة الى منزلها
ترتمى فى سريرها
تغمض عينيها
يأخذها النوم الى عوالم بعيدة
عالم جميل
ترى والدها مبتسما
تعدو نحوه
يحتضنها
و يقبلها
تنظر اليه
ما اجمل وجهه
ما اطيب رائحته
متى تعود يا أبى
اننى حزينة لغيابك
ينظر اليها
حبيبتى لا تحزنى
هكذا هى الحياة
تشكو اليه قسوة البخلاء
ما اقسى هولاء البخلاء يا أبى
ما اقسى هولاء البخلاء
تنتبه من حلمها وهى لاتزال تردد نفس العبارة
بينما هى تستشعر اثر قبلة والدها على خديها
و اثر عطره على ثيابها