يا الله
رقم العضوية : 60554
تاريخ التسجيل : 31Jan2010
المشاركات : 2,471
النوع : ذكر
الاقامة : KAFR EL SHEIKH & MANSOURA
السيارة: SUNNYنبيتىEx automatic 2010
السيارة[2]: NUBIRA 2001 AUTO BLACK
دراجة بخارية: لا
الحالة :
بسم الله الرحمن الرحيم
لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي.. ما زلت أذكر تلك الليلة .. بقيت إلى آخر الليل مع الشلة في إحدى الاستراحات..
كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ.. بل بالغيبة والتعليقات المحرمة كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم.. وغيبة الناس..وهم يضحكون
أذكر ليلتها أني أضحكتهم كثيراً.. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد.. بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه... أجل كنت أسخر من هذا وذاك.. لم يسلم أحد منّي أحد حتى أصحابي.. صار بعض الناس يتجنّبني كي يسلم من لساني.
أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق... والأدهى أنّي وضعت قدمي أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول... وانطلقت ضحكتي تدوي
في السوق..
عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة.. وجدت زوجتي في انتظاري كانت في حالة يرثى لها.. قالت بصوت متهدج:
راشد... أين كنتَ ؟
قلت ساخراً: في المريخ.. عند أصحابي بالطبع .......
كان الإعياء ظاهراً عليها... قالت والعبرة تخنقها:
راشد… أنا تعبة جداً ..... الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا
سقطت دمعة صامته على خدها... أحسست أني أهملت زوجتي.. كان المفروض أن أهتم بها وأقلل من سهراتي.... خاصة أنها في شهرها التاسع .
حملتها إلى المستشفى بسرعة.. دخلت غرفة الولادة... جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال.. كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر.. تعسرت ولادتها. فانتظرت طويلاً حتى تعبت.. فذهبت إلى البيت وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني.
بعد ساعة.. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ذهبت إلى المستشفى فوراً.. أول ما رأوني أسأل عن غرفتها.. طلبوا مني مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي.
صرختُ بهم: أيُّ طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني سالم.
قالوا، أولاً راجع الطبيبة
دخلت على الطبيبة. كلمتني عن المصائب ....... والرضى بالأقدار . ثم قالت: ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر
خفضت رأسي.. وأنا أدافع عبراتي.. تذكرت ذاك المتسوّل الأعمى الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس.
سبحان الله كما تدين تدان ! بقيت واجماً قليلاً. لا أدري ماذا أقول... ثم تذكرت زوجتي وولدي ... فشكرت الطبيبة على لطفها ومضيت لأرى زوجتي ..
لم تحزن زوجتي.. كانت مؤمنة بقضاء الله... راضية. طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس.. كانت تردد دائماً،
لا تغتب الناس ..
خرجنا من المستشفى، وخرج سالم معنا. في الحقيقة، لم أكن أهتم به كثيراً. اعتبرته غير موجود في المنزل. حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها. كانت زوجتي تهتم به كثيراً، وتحبه كثيراً. أما أنا فلم أكن أكرهه، لكني لم أستطع أن أحبه !
كبر سالم.. بدأ يحبو كانت حبوته غريبة.. قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي... فاكتشفنا أنه أعرج. أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر. أنجبت زوجتي بعده عمر وخالداً.
مرّت السنوات وكبر سالم، وكبر أخواه. كنت لا أحب الجلوس في البيت. دائماً مع أصحابي. في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم
لم تيأس زوجتي من إصلاحي. كانت تدعو لي دائماً بالهداية. لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة، لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته.
كبر سالم وكبُر معه همي. لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين. لم أكن أحس بمرور السنوات. أيامي سواء عمل ونوم وطعام وسهر.
في يوم جمعة، استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً. ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي. كنت مدعواً إلى وليمة. لبست وتعطّت وهممت بالخروج. مررت بصالة المنزل فاستوقفني منظر سالم. كان يبكي بحرقة!
إنها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي منذ كان طفلاً.. عشر سنوات مضت، لم ألتفت إليه. حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل. كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة.. التفت ثم اقتربت منه. قلت: سالم! لماذا تبكي؟!
حين سمع صوتي توقّف عن البكاء. فلما شعر بقربي، بدأ يتحسس ما حوله بيديه الصغيرتين. ما به يا ترى؟! اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول: الآن أحسست بي. أين أنت منذ عشر سنوات ؟! تبعته ... كان قد دخل غرفته. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه. حاولت التلطف معه .. بدأ سالم يبين سبب بكائه، وأنا أستمع إليه وأنتفض.
أتدري ما السبب!! تأخر عليه أخوه عمر، الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد. ولأنها صلاة جمعة، خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل. نادى عمر.. ونادى والدته.. ولكن لا مجيب.. فبكى.
أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين. لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه. وضعت يدي على فمه وقلت: لذلك بكيت يا سالم
قال: نعم ...
نسيت أصحابي، ونسيت الوليمة وقلت: سالم لا تحزن هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟
قال: أكيد عمر ...... لكنه يتأخر دائماً
قلت: لا .. بل أنا سأذهب بك
دهش سالم .. لم يصدّق. ظنّ أني أسخر منه. استعبر ثم بكى. مسحت دموعه بيدي وأمسكت يده. أردت أن أوصله بالسيارة رفض قائلاً: المسجد قريب...
أريد أن أخطو إلى المسجد
إي والله قال لي ذلك.
لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد، لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والندم على ما فرّطته طوال السنوات الماضية. كان المسجد مليئاً بالمصلين، إلاّ أني وجدت لسالم مكاناً في الصف الأوّل. استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي... بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه
بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفاً. استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدت أن أتجاهل طلبه، لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره. ناولته المصحف ... طلب مني أن أفتح المصحف على سورة الكهف. أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس تارة ... حتى وجدتها.
أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة .... وعيناه مغمضتان ... يا الله !! إنه يحفظ سورة الكهف كاملة!!
خجلت من نفسي. أمسكت مصحفاً .. أحسست برعشة في أوصالي... قرأت وقرأت.... دعوت الله أن يغفر لي ويهديني. لم أستطع الاحتمال ...... فبدأت أبكي كالأطفال. كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة .... خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي.
تحول البكاء إلى نشيج وشهيق ....
لم أشعر إلا بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عني دموعي. إنه سالم !! ضممته إلى صدري... نظرت إليه. قلت في نفسي.... لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى،
حين انسقت وراء فساق
يجرونني إلى النار.
عدنا إلى المنزل. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم، لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد. هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد. ذقت طعم الإيمان معهم. عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا. لم أفوّت حلقة ذكر أو صلاة الوتر... ختمت القرآن عدّة مرّات في شهر. رطبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس. أحسست أني أكثر قرباً من أسرتي. اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي. الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم. من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها. حمدت الله كثيراً على نعمه.
ذات يوم .... قرر أصحابي الصالحون أن يتوجهوا إلى أحدى المناطق البعيدة للدعوة. تردّدت في الذهاب. استخرت الله واستشرت زوجتي. توقعت أنها سترفض... لكن حدث العكس !
فرحت كثيراً، بل شجّعتني. فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً وفجوراً.
توجهت إلى سالم. أخبرته أني مسافر فضمني بذراعيه
الصغيرين مودعاً...
تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف، كنت خلال تلك الفترة أتصل بزوجتي وأحدّث أبنائي. اشتقت إليهم كثيراً ..... آآآه كم اشتقت إلى سالم !! تمنيت سماع صوته... هو الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت. إما أن يكون في المدرسة أو المسجد
ساعة اتصالي بهم.
كلما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه، كانت تضحك فرحاً وبشراً، إلاّ آخر مرّة هاتفتها فيها. لم أسمع ضحكتها المتوقعة.
تغير صوتها ..
قلت لها: أبلغي سلامي لسالم، فقالت: إن شاء الله وسكتت
أخيراً عدت إلى المنزل.. طرقت الباب. تمنيت أن يفتح لي سالم، لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره. حملته بين ذراعي وهو يصرخ: بابا ... بابا ... لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت.
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ..
أقبلت إليّ زوجتي ... كان وجهها متغيراً. كأنها تتصنع الفرح.
تأملتها جيداً ثم سألتها: ما بكِ؟
قالت: لا شيء ..
فجأة تذكرت سالماً فقلت .. أين سالم ؟
خفضت رأسها.. لم تجب. سقطت دمعات حارة على خديها...
صرخت بها ... سالم! أين سالم .؟
لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد يقول بلغته: بابا ... ثالم لاح الجنة ... عند الله
لم تتحمل زوجتي الموقف. أجهشت بالبكاء. كادت أن تسقط على الأرض، فخرجت من الغرفة.
عرفت بعدها أن سالم أصابته حمى قبل موعد مجيئي بأسبوعين فأخذته زوجتي إلى المستشفى .. فاشتدت عليه الحمى ولم تفارقه حتى فارقت روحه جسده
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف .... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال،
نادي ... يا الله
لقد اراد الله سبحانه وتعالى ان يهدي والد سالم على يد سالم قبل موت سالم
فيا الله ما ارحمك
لااله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
لاتنسونا من صالح الدعاء
وقد ذكرها الشيخ خالد الراشد كثيرا.... ويُقال انها قصته الشخصية
رقم العضوية : 23085
تاريخ التسجيل : 24Oct2008
المشاركات : 27,771
النوع : ذكر
الاقامة : Giza
السيارة: لايوجد حالياً
السيارة[2]: Opel Vectra A Sport 2.0L M/T
دراجة بخارية: هوندا 1000
الحالة :
يا الله
لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين - اللهم اصرف مقتك و غضبك عنا و اعنا على ذكرك و شكرك و حسن عبادتكلو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموتمحمد الطنانى
رقم العضوية : 82436
تاريخ التسجيل : 01Dec2010
المشاركات : 1,167
النوع : انثى
الاقامة : مدينة نصر
السيارة: FIAT TEMPRA
السيارة[2]: FIAT TIPO
دراجة بخارية: لا يوجد
الحالة :
الله .قصة جميلة جدا فيها عبر كتيرة اوى .
جزاك الله كل خير يا دكتور احمد وبارك الله فيك .
اللهم انك تعلم سري و علانيتي فاقبل معذرتي و تعلم حاجتي فأعطني سؤالي و تعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي،اللهم إني أسالك إيمانا يباشر قلبي و يقينا صادقا حتي اعلم انه لن يصيبني إلا ما كتبته علي و الرضا بما قسمته لي يا ذا الجلال و الإكرام
رقم العضوية : 391
تاريخ التسجيل : 01May2007
المشاركات : 1,216
النوع : ذكر
الاقامة : cairo
السيارة: non
السيارة[2]: peug
دراجة بخارية: non
الحالة :
فى هذه الحياة من يمرون كنسيم الفجر الذى يوقظ النائم من سباته
و المولى عز وجل يرسل الينا رسائله ولكن لمن يعقل
قال تعالى فى سورة التوبة
( أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون)(126)
تقبل تحياتى
رقم العضوية : 60554
تاريخ التسجيل : 31Jan2010
المشاركات : 2,471
النوع : ذكر
الاقامة : KAFR EL SHEIKH & MANSOURA
السيارة: SUNNYنبيتىEx automatic 2010
السيارة[2]: NUBIRA 2001 AUTO BLACK
دراجة بخارية: لا
الحالة :
رقم العضوية : 14408
تاريخ التسجيل : 08Jul2008
المشاركات : 96
النوع : ذكر
الاقامة : cairo
السيارة: mitsubishi lancer2005
السيارة[2]: peugeot 405
الحالة :
بارك الله فيك
رقم العضوية : 34925
تاريخ التسجيل : 08Mar2009
المشاركات : 1,404
النوع : انثى
الاقامة : https://t.me/pump_upp
السيارة: 84474662669
السيارة[2]: lanos Model 99 1.6 16 v
دراجة بخارية: N/A
الحالة :
يا الله... بجد فعلآ القصة أثرت فيا جدآ جدآ
https://t.me/pump_upp
رقم العضوية : 391
تاريخ التسجيل : 01May2007
المشاركات : 1,216
النوع : ذكر
الاقامة : cairo
السيارة: non
السيارة[2]: peug
دراجة بخارية: non
الحالة :
رقم العضوية : 6657
تاريخ التسجيل : 29Feb2008
المشاركات : 1,734
النوع : ذكر
الاقامة : الزقازيق - فلل الجامعة
السيارة: السن 24سنة
السيارة[2]: اتباعت الحمد لله
دراجة بخارية: لا يوجد
الحالة :
قصة في منتهى الروعه .......... جزاك الله خيرا يا دكتور أحمد
Live Free Or Die Tryin'
رقم العضوية : 3848
تاريخ التسجيل : 25Dec2007
المشاركات : 3,011
النوع : ذكر
الاقامة : Heliopolis
السيارة: ربنا يبارك في الاولي
السيارة[2]: Mazda 3 - 2008
دراجة بخارية: لا امتلك
الحالة :
جزاك الله خيرا يادكتور
المفضلات