المكان
طريق الصالحية الجديدة المتفرع من طريق الإسماعيلية الصحراوي.

الزمان
الخميس 11 أغسطس 2011 الساعة السادسة والنصف قبل مدفع الإفطار بربع الساعة تقريبا

الحدث
3 سيارات في وضع الإنتظار علي جانب الطريق, فيما تفرق راكبي تلك السيارات حولها للإطمئنان علي سلامة بعضهم البعض. وبعض السيدات في حالة بكاء هيستيرية وعدد من المارة والركوب يتساءل عن سبب الهرج والمرج الحادث علي جانب الطريق.

المنظر يوحي بالرهبة ولكن علي الأقل – وهذا ما خفف عن المجموعة الكثير من الحزن – أن جميعنا لم نصب بأي سوء, ولا حتي خدش واحد يذكر. الأطفال والعجائز وجميع من كانوا معنا لم يحدث وأن تألموا للحظة. علي الأقل جسديا.

التفاصيل
الطريق هادئة والجو بارد بعض الشيء. الشمس في مرحلة الزوال, والأفق مفتوح أمامك بلا أي عوائق أو مطبات أو رادارات وهو حلم أي سائق مسافر لكي تعتصر قدمه دواسة الوقود وينطلق بسرعة تفوق كل السرعات التي انطلق بها من قبل.

كنا مندفعين بسرعة تتجاوز المائة كم / ساعة ومدفوعين برغبة عارمة في الوصول قبل أذان المغرب, وخصوصا أنه لم يتبق من المسافة التي تفصلنا عن المنزل سوي حوالي 20 كم. والتسلسل كان كالتالي: سكودا أوكتافيا A5 2011 في المقدمة كانت تقل أختي وزوجها وطفلين بعمر التاسعة والخامسة, ثم البريليانس خاصتي Fsv 2011 بعدها مباشرة وفي المؤخرة شاهين حمراء موديل 96 كانت تقل والدي وأخي الذي كان يبذل جهدا واضحا في اللحاق بالموكب المسافر معظم الرحلة علي متوسط سرعة قدرها 120 كم / ساعة

الباقي طبعا أنتم تعرفونه جيدا, أو أمكن لبعضكم تخمين ما قد حدث وهو كالأتي: مطب مفاجئ ... فرامل شديدة من سرعة 90 تقريبا ... السكودا توقفت تماما أمامي قبل المطب بأمتار قليلة ... أنا كذلك قمت بالضغط بكل قوتي علي الفرامل في محاولة لتفادي الكارثة ... أمسكت بالمقود جيدا وبكلتا اليدين تفاديا لأي إنفجار قد يحدث في أي من إطاراتي الأربعة, فيما أحس بنبضات قوية متتابعة تحت قدمي اليمني مصدرها بلا شك الفرامل ال ABS وهي تقوم بعملها جيدا في محاولة لمنع مقدمة سيارتي من التحطم أو علي الأقل من تحطيم مؤخرة السكودا.

طبعا هناك دور للطرف الثالث – السيارة الشاهين – في هذه المسرحية الهزلية لم أغفله مطلقا, وإن كان معظمكم قد أدرك الأن ما هية دوره في القصة. الحقيقة أن هذا الطرف الثالث لم يكن ليرضي بأن يلعب دورا أقل من دور البطولة, وتعويضا لما فاته من أحداث طوال الرحلة, وإصرارا علي الظهور في الكادر بأي شكل من الأشكال فقد قام هذا الطرف الثالث بلعب المشهد الرئيسي من الرواية وبطريقة تثير الإعجاب.

كثير منا يدرك جيدا أن القادمون من الخلف هم الأكثر خطورة في مجال كرة القدم, ولكن ما لا تعلمونه جيدا أن المقولة نفسها تنطبق علي مجال قيادة السيارات أيضا. مع الأخذ في الإعتبار أن القادم من الخلف لن يكون شخصا هذه المرة بل كتلة من الحديد والشحم تزن طنا علي الأقل وتمشي علي أربع عجلات وبمكابح تقليدية ضعيفة لا تكفي لتفادي الحادث الواقع علي بعد ما يقرب من العشرين مترا أمامها, ويعيقها عن التوقف أيضا الكثير من الحصي والرمل الناعم المفرود علي مساحة واسعة قبل وبعد المطب مسببا ما يمكن أن أسميه أنا الزحف العظيم.

ونظرا لأنني أعشق النهايات المفتوحة لأنها تترك المجال لخيال القارئ لتصوير ما لا يمكن تصويره بالكلمات, فاسمحوا لي أن أترككم مع محاولة تخيل باقي المشهد وبمساعدة بعض الصور التي قد أرفقتها.