و هل بعدك في النساء أحد ؟؟؟؟ !!!
عرفتها صغيرة في الثالثة عشر تأتي لزيارة أبيها وراء القضبان
و كنت أنا فتى في العشرين كنت أصغر من طالتهم المحنة الطويلة
لم تكن في عيني أكثر من طفلة بريئة
مرت الأيام وصارت عروساً و إذا بأبيها يخطبني لها
قلت : أأفعل و أنا وراء القضبان؟
قال: تفعل
و إنفرجت الأزمة و زالت الغمة و ما نسيت كلمات أبيها
فاتحت أمي
قالت: و مالنا و الغريبة؟
بنت خالك أولى بك تعرفنا و نعرفها و تنسيك هذا الطريق الذي أرتنى أياماً صعبة
قلت : لا يا أمي ... أريد من تعينني على الطريق
قالت : إذا أنت وشأنك
.................................................. ..
ذهبت إليها ... نظرت في عينيها أطرقت خجلاً
سألتها أترضين بي زوجاً ؟؟
قالت : إرتضاك أبي
قلت: أنا يوم معك و أيام وراء القضبان
قالت : لهذا إرتضيتك
قلت : أنا مطارد
قالت : و لم ؟؟
قلت : لأنني على الحق
قالت : عرفته فإلزمه
قلت : قد يعدموني
قالت : و ماذا جنيت؟
قلت : أقول ربي الله
قالت : فطريقك طريقي و تسبقني إلى الجنة
قلت : أمي لا تحبك
قالت : أستعين بالله وأصبر
توكلت على الله و عقدت عليها
قلت لها : أنا لا اعرف كلام الغزل
قالت : عيناك تقول الكثير
قلت : يا بنت الناس مازلنا على البر .. حياتي صعبة
قالت : بل نحن في عرض البحر ... أحب حياتك
قلت : محن كثيرة
قالت : فمن لها غيري
............................................
تزوجنا حملت بطفل ... و ما أسعدنا بهذا ... و حدثت المحنة
و جرجروني أمامها مكبلاً ... ترقرق الدمع في عينيها
قلت : ألم أقل لك ؟؟
قالت : قيدك كأنه حول رقبتي ... إثبت فإنك على الحق
ذهبوا بي لمكان بعيد ... و كانت تأتيني كل زيارة
و ما بين زيارة و زيارة تتحايل لتأتيني أو حتى تنظر إلي من بعيد
قلت: لها قد ثقل حملك و الطريق شاق إستريحي
قالت : و هل من راحة إلا في جوارك؟؟
شاء الله أن كانت مشقة الطريق سبباً لوفاة جنينها
زارتني
قالت : أضعت أمانتك
قلت : مشيئة الله
.................................................. ..*
و إنفرجت المحنة و مرت الأيام و لم يرد الله حمل آخر
و كانت المفاجأة
لن تكوني أمًا يومًا ما
قالت لي : تزوج
فلم أجبها
كررتها
قلت: و من قال لك أنني لم أتزوج ؟
زاغت عيناها قالت بصوت متحشرج منذ متى ؟؟
قلت : من قبل أن أتزوجك و لدي من البنين والبنات
قالت : أنت تمزح
قلت : لا و الله قد تزوجت هذه الدعوة و بنيها كلهم بني
قالت : أربيهم معك
قلت هكذا أريدك
أتيتها يوما فرحاً و قلت : حبيبتي في يدي عقد عمل سنسافر و نبتعد عن
الخوف و القلق نظرت إلي في صرامة
و قالت : ما على هذا إتبعتك
قلت : فعلام إذن
قالت : على الجهاد و الإبتلاء والصبر ... فإن فعلنا نحن ... فمن للصبر و الثبات ؟؟؟
قلت : أحبك أحبك أحبك
و تأتي المحنة و أُسحب وراء القضبان ... و هذه المرة لا أدرى كم تطول
قلت لها : هذه المرة قد تطول ... أنت يا بنت الناس في حل
قالت : كلا لا تكمل ليتني مكانك
قلت : قد أعدم
قالت : تسبقني للجنة
قلت : شرطي أن تتزوجي
قالت : و هل في الرجال بعدك
.................................................. ......
أراها في الزيارة تلو الزيارة تذبل فأسألها
تقول من قلقي عليك
داهمها المرض الخبيث ... و لم تخبرني و لم تتخلف زيارة واحدة
أكره هذه
الأسلاك تمنعني أن ألمس يدها
أقول لها إكشفي وجهك أريد أن أراك
تقول الناس من حولنا ينظرون
و إذا هي تخفى عنى الحقيقة ... فوجئت يوماً بزيارتها في غير الموعد
مأمور السجن يتلطف معي .. و كأنه يخفى شيئاً .. زيارة من غير سلك
أخيرا ألمس يدك .. إنظر لوجهك
ماذا أين وجهك لم يعد له معالم ؟؟
يعصر الألم قلبي ... ماذا هناك ؟؟
قالت : من حقك أن تعرف .. أيامي صارت معدودة .. أأنت راض عني ؟
و أخبرتني بالحقيقة ... و ثرت و بكيت ... لماذا أنا آخر من يعلم؟
و ما كان يجديك أن تتألم ؟
أنا الآن هنا أطلب رضاك .. لا أدري هل تراني بعد اليوم أم لا ؟
لا لا ... سأحطمك أيتها القضبان ... أكرهكم أيها الطغاة
شدت على يدي مودعة
قالت : أنت لها
أتذكر لعل الله يبدلك من هي خير مني
لم تسعفني الكلمات .. لم أعد أرى .. أبتلع دموعي حارة .. مارة في حلقي
تلاشت من أمامي
و فى نفس اليوم أتاني نعيها
لم يتحمل جسدها الهزيل مشقة الطريق آه ما أقسى المحنة
جادوا
على بالسماح بحضور جنازتها
مشيت فيها محمولا كشيخ هزيل
دس أخوها بيدي خطاباً منها توصيني بالصبر
وتترك لي أسماء زوجات قد اختارتهم لي ... مزقت الورقة .. و عدت لزنزانتي
و قلت في نفسي و هل بعدك في النساء من أحد ؟!؟!؟