خدوا شوية القصص القصيرة دي من خيااااااااااالي
...
( أصبعان)
أصبعان صغيران , تشابكا في ذلك الشارع الجانبي في المدينة الكبيرة
الفتى والفتاة بعيدا عن الأعين الفضولية , يسرقان لحظة من عمر الزمن , متشابكي الأصابع , يتهامسان , يضحكان ببراءة طفل يضحك للمرة الأولى
الفتى في عامه الجامعي الثاني , والفتاة في العام الأخير من الثانوية العامة , إجتمع القلبان بلاموعد
كانت النظرة الأولى بينهما وكفى , ليعرف الشاب أنها أميرته , ولتعرف هي أنه فارسها
يسيران وقد أوشكت أنوار النهار على المغيب , يتجولان بين واجهات المحلات التجارية , فقط ليرى كل منهما وجه الأخر منعكسا في الزجاج , أو هكذا أظن أنا الراوي
شاب رشيق يرتدي بدلة سوداء , يمسك بيد فتاة أكثر رشاقة ترتدي الفستان الأبيض , تمثالان بواجهة ذلك المحل ذي الواجهة الزرقاء ,على وجه الفتاة ترتسم إبتسامة ماتلبث إلا أن تصبح ضحكة فرحة وهي تشد على أصابع فتاها وهما يتأملان البدلة والفستان
الأصبعان المشتابكان وقد باتا خمسة أصابع متعانقة , تتأمل الفتاة الفستان الأبيض بفضول , بينما الفتى يتأمل وجه فتاته منعكسا على الواجهة الزجاجية
"حلو الفستان؟" يقولها الفتى مبتسما , تتعلق الفتاة في ذراعه الفتية كطفلة وتقول "ده هيبقى فستان فرحي "
يزفر الفتى في الواجهة الزجاجية , ويكتب أحرفهما الأولى (أ) و(د)
" طيب تعالي" يقول الفتى , ويجذبها من يدها , "يامجنون" تقولها الفتاة وهي تلحق بيدها إلى داخل محل ملابس الزفاف .
متلاصقين , يقفان في باحة المحل المرتفع سقفه لأمتار عديدة , كقزمين في عالم ماوراء الخيال , عينا الفتاة حائرة بين المعروضات من ملابس الزفاف والحلي كأي فتاة أخرى
يتقدمان لصاحبة المتجر , ويطلبان بأدب قياس بعض الملابس
يختار كل منهما ماإختارته عيناه , دقيقتان تمر
يعود الفتى من القسم الخاص بالرجال في المتجر , ينتظر الفتاة لتخرج من بروفة الملابس , تبرز يد الفتاة من خلف الستارة , لتسحبها ببطء لتظهر ملامحها ثم ماترتديه
"إيه رأيك؟" تقولها الفتاة وقد إرتديت فستان الزفاف كاملا بكل حليه وزينته
يرتجف قلب الفتى وهو يرى فتاته في الثوب التي طالما حلم به لها
تقترب الفتاة, تعدل هندام بدلته السوداء التي إرتداها , وتعيد ربط رابطة العنق مرة أخرى , تتأبط ذراعه ويواجها سويا المرآة الكبيرة على الحائط المقابل
"عريس زي القمر , وعروسة هي القمر نفسه" تقولها صاحبة المتجر مبتسمة بلا رياء
يغادران المحل بعد أن نال كل منهما نظرة من المستقبل القريب , ليلة زفافهما
.....
سنوات
.....
رجل كان يوما فتى , بيده اليمنى خاتم , يتأهب للتحرك لليد الأخرى ,الأصدقاء والأقارب حوله , أغنيات الفرح تعلو في ذلك الشارع الكبير أمام ذلك (الكوافير) الشهير , منتظرا عروسه تخرج , عناق الأصدقاء والأحباء لاينتهي , بعض الشباب المتحمس من الأقارب يرقص مع اغنيات الفرح , تعطلت الحركة تماما, رغم ذلك لم يغضب أصحاب السيارات المتوقفة , بل تعالت أصوات أبواق السيارات بأسلوبها المميز في الأفراح , إحتفالا بعرس شاب وشابة لايعرفونهما
تخرج العروس , مزمار يعلو بين الحضور , وطبول تدق , وزغاريد تعلوها زغاريد , يتقدم العريس يمسك بيدها , يسيران نحو الباب المفتوح للسيارة المزينة بقلبين, وأولى أحرف إسميهما(أ) و(س)
ينطلق الموكب الكبير
تتجاذب العروس كلمات مع صديقتها بالكرسي امامها , ومع ظلام السيارة من الداخل , لم ترى العروس زوجها وهو يمد يده ليرخى رابطة عنقه قليلا ,وينزع تلك السلسلة الفضية عن عنقه المعلق بها حرف ( د ) ,و صورة فتاة كانت يوما جواره بمحل واجهته زرقاء
ينظر لعروسه بجواره , يتأمل جانب وجهها وهي تحادث صديقتها , وتعود عينيه لتلقي نظرة أخيرة على الصورة الصغيرة بيده اليسرى, ويفتح نافذته المجاورة و
" فتحت الشباك ليه,الجو برد" تقولها العروس بدلال , فيخفي مابيده بين أصابعه ويبتسم , ويتبادلان حديثا بلامعنى , قبل أنا تجاذبها صديقتها أطراف الحديث مرة أخرى
يعود الفتى يلقي نظرته الأخيرة على مابيده , وتسقط منه قطرة مؤلمه حجبتها ظلمة السيارة , ويلقيها من النافذة
يضيق صدره شيئا فشيئا كلما إبتعدت السيارة عن الصورة الملقاة على الطريق بين إطارات السيارت القادمة خلفه
" قف ياأيمن " يصرخ في سائق السيارة الذي إندفعت قدمه بلاتفكير تكبح السيارة, يفتح بابه ويركض خلافا لإتجاه السيارات المسرعة حتى كادت أن تدهسه إحداها , حتى وجد ماألقاه , أدركه أصدقائه وقد هالهم مافعله صديقهم في ليلة زفافه
"خير ؟؟" تنطلق الكلمة من عدة أفواه صديقة وغير صديقة بدهشة وقلق
كان قد أخفاها بين أصابعه قبل أن يدركه الأخرون , إستدار لمن حوله
ولم يجب
....
الليلة الأولى
يودع صاحبيه قبيل شروق الشمس معلنة نهاية يومه
يتحرك بسيارته ببطء على ذلك الطريق الزراعي الصامت إلا من نباح كلب هنا يجاوبه آخر هناك , مع سيمفونية كاملة لصرصور الحقل المصري
بعين لاترى ماأمامها , تبدأ الدمعة الأولى من عينيه طريقها على وجهه لتهبط على شفتيه تاركة الطعم الملحي المر على شفتيه
وتتلوها الدمعة الثانية والثالثة
يضرب مقود السيارة بيديه بغضب قبل أن تنفجر الدموع من عينيه , ويبكي بكاء طفل فقد دميته الأثيرة التي لايعرف سواها
يتوقف بجانب الطريق, ويهبط ليجلس على الأرض الترابية على حافة الحقل المبلل نباته بقطرات الندى البيضاء اللامعة
لم يأت بباله يوما أن يحدث هذا
إنها اللعنة الأبدية لمن يقدر لهم السقوط في بحر العشق , والخروج منه وحيدا بلا رفيقته التي ألقت به في ذات البحر أول الأمر
والأمر
أن تخرج هي من ذات البحر , برفيق آخر
والأكثر مرارة
أنه لم يستطع إغماض عينيه لحظة , وهو يراهما سويا
اليوم كانت خطبتها
أصر صاحباه على إصطحابه خارج القرية في ذلك اليوم
وبلا وعي ..يمر بسيارته مع صاحبيه أمام بيتها
البيت الذي لم يمر به أحد , مثلما مر هو
كانت تقف بشرفتها بإتفاق مسبق بينهما , ليرفع عينيه إلى عينيها المبتسمة له
كان قلبه لايكف عن الدق على جدار صدره كلما مر ببيتها ا
أنوار تعلو البيت الكبير, يراها كئيبة رغم كونها أنوار الفرح
سيارات كثيرة أمام البيت , زغاريد النساء وأغنيات تعلو من الداخل
ينتفض قلبه كما كان ينتفض كلما مر من هنا
لكن تلك المرة تختلف
إنتفاضة الألم تختلف حتما عما سواها
يراها بعين خياله تجلس جوار ذلك الآخر , يراها تميل عليه وتهمس له بكلمات لم يسمعها خياله
يراها ترقص بين الفتيات
يراها ترقص بين يدي الآخر
يعلو صوت نبضه في أذنيه , حتى بات لايسمع ماحوله
يسرع بسيارته للهروب من أمام البيت الذي يضم أناس سعداء
يهرب وكأنه يهرب من الجحيم ذاته
يمر اليوم بطيئا قاتلا , كان مع صديقيه, وكيانه كله كان بمكان آخر
مكان به فتى وفتاة ,وأناس سعداء
تنتهي خواطره بأقدام صرصور الحقل يتسلق ساقه الصامتة
يتأمل الفتى ذلك الصرصور الوحيد , ويدفعه عنه برفق
الليل بدأ يجمع أدواته ليرحل لمكان آخر , والفتى مازال جالسا على حافة الحقل , تتجمع قطرات الندى على وجهه
إنه العام الرابع الأن منذ أن كانت له , ولم تعد كذلك
حاول مرات ومرات أن يحرق تلك الذكرى من كيانه , لكن كل مرة بلاوعي يجد نفسه كلما أراد أن يرسم شيئا , وجد نفسه يرسم صورتها التي رسمها مئات المرات
والتي سيرسمها مرات أخرى
..........
2.وجهة نظر ,, آخر الليل
كورنيش النيل
معبد العشاق , الحقيقيون منهم والزائفون الباحثون عن متعة وقتية
أضواء المدينة الساهرة تضئ شمال القارة بأكلمه , أو هكذا يتخيلها الناظر من أعلى
أضواء سيارات تتلاحق , ضحكات مسموعة , وهمسات غير مسموعة على ضفة النهر العريق
مراكب صغيرة راقصة على الماء الامع تحت أضواء المدينة
زحام مألوف من براعم صغيرة , وزهور أوشكت على الرحيل , وزهور أخرى لم تدرك أنها تخطت عمر البراعم
كان هناك
يقف أسفل كوبري قصر النيل , متدثرا بالظلمة الصديقة التي ألفها من زمن
يراقب الزحام بعينيه العجوزتين ,باحثا عن لاشئ سوى المزيد من الهروب من شئ لايعلمه
ربما هو الزمن الذي لايزيده سوى كهولة وضعف
يتراجع قليلا للوراء حتى لا تقع عليه أضواء سيارة قادمة , يلامس ظهره الحائط البارد الرطب
يرتعش جسده رعشة خفيفة , ويتذكر الأن أنه لم يأكل منذ فترة طويلة
بل يتذكر أكثر
اليوم الأخير له في حياته التي يعرفها, واليوم الاول في حياته التي لم يعرفها بعد
يوم ضاعت من عقله معان لأشياء لطالما آمن بوجودها
صورة ضبابية لفوهة السلاح القاتل , ترتفع في يد زميل مهنته القديم , يدفع قاتله الحميم ويهرب من المكان
طوال سنوات عمله التي لم يعرف سواها منذ خطى خطواته الاولى , سنوات عمره التي أفناها في خدمة القانون والحفاظ على الامن
سنوات العمر التي كلما زادت , إعتبرها شرفا لايضاهيه شرف في الحفاظ على الأمن
العمر الضائع بلارفيق أو من يحمل إسمه من بعده
باع السنوات الأجمل من عمره , ليخدم القانون
ليقتله القانون لسبب لم يعمله أبدا
لعنة الله على كل شئ
جوع يصرخ من بطنه الخاوية, يؤلمه
تدور عيناه باحثة عن مايؤكل
شطيرة مهترئة ترقد على الجهة الأخرى من الطريق
وإن إعتاد الجوع , فلم يعتد أبدا لقمة ذليلة ترقد على الجانب الآخر من الطريق
الألم يتزايد مع نظراته إلى الأفواه الماضغة التي تعبر أمامه لأناس لايعرفون أنه كان حاميهم ذات يوم
ألم البطن يجب كل الأحاسيس الأخرى
تنتصر الشطيرة على الجانب الآخر من الطريق
يمد رأسه من مكمنه المظلم , ليرى طريقه جيدا إلي هدفه
ويركض عابرا الطريق
.....
صوت إرتطام مدوى للسيارات المسرعة على طريق الكورنيش
عندما توقف سائق السيارة الأجرة فجأة
وهبط منها يبصق ويلعن كل مايعرفه
ليمسك بالكلب العجوز الراقد أسفل السيارة يحتضر , ويلقيه على جانب الطريق
ويبصق مرة أخرى
ويعود لسيارته ويرحل
.......
1.وجهة نظر (أرض العمالقة)
"مازلت صغيرا"
كانت تلك كلمات الوالد ذي الشارب الاكبر في القبيلة ,يبتلع الإبن الكلمات في غضب مكتوم , لم يعد يرى نفسه ذلك الصغير , أحلامه نضجت كأحلام الكبار في قبيلته , حلم بنفسه يخرج للصيد ,حلم بنفسه يخوض ماخاضه الأقوياء من قبيلته
وحلم أيضا بها
هي التي أسلم لها قلبه اليانع
يخرج من حضرة أبيه صامتا , وقد إستقر في نفسه ماإستقر
...
إنتصف الليل
وغابت شمسه التي يعرفها , بيد واحد من هؤلاء العمالقة التي لطالما قتلوا من قبيلته الكثير من ذكورها وإناثها وأطفالها بلاتمييز
أساطير عن قدرات هؤلاء العمالقة , وقصص من عادوا من أرض العمالقة ليرووا أهوال لم يستطع عقله أن يستوعبها
لماذا سيطر العمالقة على أرضهم , وتركوا لهم بضع أجزاء قذرة يحييوا فيها
تلك أرضه التي لم يعرف سواها
أسطورتهم بدأت عندما أتى الأجداد من ذلك الجب المظلم من الأرض , التي صارت ملكا للعمالقة , لايسمح لهم حتى بالمرور منها
لماذا كتب عليهم أن يحييوا في عالم مظلم
لماذا؟
ينفض عن نفسه تلك الخواطر ليحسم موقفه مما هو على وشك فعله
يقف الأن على حدود أرضهم التي يعرفها , يقف في الظلام على مخرج الكهف
"لايأتي العملاق إلا مع الشمس"
تدوي في أذنه كلمات شيخ من شيوخ القبيلة , ممن خبروا العمالقة
الشمس غير موجودة
إذن فهو آمن
يداعب شاربه الصغير, منتشيا بخواطره التي يراها كأحلام, عندما يعود ليحكي لهم كيف أنه ذهب لأرض العمالقة, وعاد
سيحكي لهم عن شجاعته التي لم يسبقه إليها إلا قليلون
وسيحكي لها أيضا
ومع الخاطر الأخير , ملء صدره بالهواء وخطى أول خطوة يعرفها خارج الكهف
لايتردد, مدفوعا بحماسة مراهق
سيصعد حتى تعانق أنامله الشمس
كان هذا حلمه منذ عرفت خلايا مخه البيضاء كيف تنسج حلما
سيصعد
ينظر حوله في عصبية , ويبدأ التسلق في بطء خائف
ويعلوا
وكلما علا , زادت سرعته في الصعود, وسقط منه خوفه شيئا فشيئا من عليائه
تزداد حماسته حتى تبلغ الشمس
الشمس
قد صار أقرب إليها كثيرا
عندما يعود, سيحكي لهم كيف أنه الأفضل , فهو الوحيد الذي تحسس قرص الشمس الدافئ
شمس بلانور أمامه, تتزايد سرعته مع إقتراب حلمه
خطوات ويصلها
...
يمضغ الأستاذ عبدالودود شفتيه الجافتين , وقد أرقه حلقه الجاف
فينهض متثاقلا من سريره , يرتطم بالحائط مرة أو مرتين قبل أن يصل للمطبخ
يمد يده نحو مفتاح الإضاءة
و
...
ضوء غامر يغمر الفتى الصغير فجأة
تضئ الشمس
"لا يأتي العملاق إلا مع الشمس"
كلمات الشيخ تخترق خلايا مخه مرة أخرى
الأن يقف في منتصف أرض العمالقة, ينتفض جسده في رعب , عندما أضائت الشمس , ليظهر معها العملاق
الهروب
الخاطر الأول والأخير
وبرعب , يهرب من مكانه قبل أن يتحقق حلمه
تبا للأحلام الأن
إركض لأجل حياتك
...
يضئ الأستاذ عبد الودود مصباح المطبخ
ليطالعه ذلك الصرصور الصغير , يجري على الحائط
وبلاتردد , وبسرعة رجل إعتاد على الأمر
يخلع نعله , ليهبط بها على ذلك الصرصور الوقح
ليترك بقعه من أحشاء بيضاء على الحائط
يعيد نعله لقدمه مرة أخرى في رضا , يجرع بضع جرعات من الماء , ويعود لنومه
...
المفضلات