الموضوع: حدث قبل منتصف الليل (( قصة حقيقية بقلم شاهد عيان))

قصة حقيقية

المكان : قرية ميت أبوعربي-الزقازيق
الزمان:13/11/2011
التوقيت : مابين الساعة الــ 8 إلي الساعة 8:30 مساءا




ليلة روتينية كأي ليلة أخرى في الشتاء البارد
لم تتجاوز عقارب الساعة رقم ثمانية بعد , يقف أمام محل عمله (الصيدلية) يتابع المارة بملل
تلمع السماء ببريق رعد لايسمع صوته , ومضات تضئ مساحات الفراغ وتختفي
وتبدأ قطرات ضعيفة تسقط
يرفع وجهه للسماء يستقبل قطرات الماء الباردة على وجهه
طالما أحب المطر
تلمع السماء مرة أخرى , بهزيم رعد مدوي
وتبدأ قطع ثلجية تتساقط ثم تتزايد
يركض المارة طلبا لملجأ من المطر وقطع الثلج
يختفي من بالشارع
يقف وحيدا يتأمل السماء الغاضبة في رهبة
تغشاه برودة قارسة , يتراجع قليلا للداخل , يحتويه جيب هواء دافئ بعيدا عن الهواء الضارب بالخارج
تتراقص قمم الأشجار ويكسو الطين والماء كل شئ
وينقطع التيار الكهربي
ظلام دامس لايقطعه سوى الهزيم المدوي , والومضات المخيفة في السماء الخالية إلا من قمر تكاد تخفيه السحب الثقيلة
وحيدا في الظلام المحيط , يراقب السماء بقلب مرتجف
كم هو ضعيف الإنسان , يجول الخاطر برأسه
دقيقة وإنتهى كل شئ صامتا كما بدأ
لامخلوق
ظلام وصمت وقطرات تتساقط من وجهه المبلل .. وضوء شمعة
ينتظر قليلا رزقا لم يقدر له أن يأتي
ملل يتبعه ملل
الساعة لم تتجاوز الثامنة والنصف , يقرر غلق الصيدلية باكرا لتكن المرة الأولى أن تغلق أبوابها في تلك الساعة المبكرة من الليل
يتصل بصديق له في المدينة القريبة
تدوي طلقات نارية من مكان بعيد
قد صار هذا روتينا , إن لم يكن من سارق ما , فهو من صاحب مزرعة قريبة إعتاد إطلاق النار في الهواء ليعرف الناس أن يحمل سلاحا
يركب سيارته ويمشي ببطء في مستنقع الماء والطين
كيلومترين فقط ويخرج للطريق الرئيسي حيث الماء والطين أقل مايمكن
يغشاه نور مبهر لسيارة قادمة كأن راكبها لايرى الطريق , سيارة قادمة بسرعة لم يشهدها ذلك الطريق أبدا حتى وهو جاف
تكاد ترتطم به السيارة , يميزها أنها سيارة (لانسر شارك)
يميزها من مصباحها الأمامي المميز وجسدها الذي يظهره ضوء القمر قليلا
تتبعها سيارة نصف نقل بيضاء , يميزها كما ميز سابقتها
السيارتان تنهبان
الطريق كأن راكبيها لايباليان بحياتهما
يكمل طريقه حتى كاد يصل للطريق الرئيسي
الظلام محيط , يميز منه بصعوبة سيارة (ميكروباص) تسد الطريق
ظلال بشرية في ضوء القمر تلتف حول رجل يقف بصعوبة
طريق مقفر , وطلقات نارية منذ دقائق , وأشباح مظلمة وسيارة بمنتصف الطريق
إنه الشعور بالخطر
تتسارع دقات قلبه مع بداية إفراز الأدرينالين بعروقه
مع إقترابه , يشعل النور المبهر لسيارته ليكشف حقيقة الأمر قبل أن يقترب
وعلى ضوء سيارته
يميز وجوها يعرفها بين الواقفين .. فيتوقف بجانب الطريق
الرجل الواقف بصعوبة , تشي ملابسه بثراء ويسر حال ,
كتفه الأيسر صنبور دموي مفتوح لأخره , يصرخ بهيستريا وكلمات لاتميز مايقصد بها " البنت .. فلوسي .. هاتوهاااالي ..خدوها .. أبوس إيديكم "
كلمات تخرج من الرجل الموشك على الجنون
كلمات لك أن تتخيلها عندما تعلم
أن السيارة (الانسر) هي سيارته , والنص نقل ورائها هي سيارة سارقيه
أوقفوه منذ دقيقتين لا أكثر
وأصابوه بجرح ناري في كتفه اليسرى عندما قاومهم على سبيل منعه من مقاومتهم أن يأخذوا ماأرادوا
وليس هذا كل شئ
الذي دفع بالرجل المصاب للجنون , هو أن سارقيه أخذوا سيارته , وإبنته الشابة التي لم تتم عامها الثامن عشر بعد
صرخات الرجل الذي بلغ حافة الجنون بالفعل
يخاطب سائق الميكروباص بكلمات متقطعة ونظرات مقهورة
" أنا عندي مصنع ومبسوط, هاتلي بنتي ياأسطى وهكتبلك المصنع"
ويخاطب آخر
" إطلع وراهم وهاتلي بنتي ,وهديك كل جنيه عندي"
ويخاطب آخر مقبلا يده
"هاتولي بنتي وأنا أعيشلكم خدام طول عمري"
وينقض على جسدي يقبل يدي وكتفي
"إديني عربيتك أروح ألحق بنتي , وهديك إلي إنت عاوزه"
لم ير من الواقفين(منهم أنا) إلا العجز والرؤوس المنكسة التي خلت من معنى كلمة لم نعرفها .. الرجولة
فيسقط مغشيا عليه
دقائق وتصل سيارة الإسعاف , لتنقل الرجل للمستشفى القريب
نصف ساعة مرت قبل أن تظهر سيارات الشرطة التي لم يفد وجودها الأن بأي شئ إلا توثيق الحادث بسطور على ورقة تلقى في درج مهمل


ولله الأمــــــــــــــــر