حديث انت ومالك لابيك فيه كلام كثير لاهل العلم لمن يذكر الحديث على اطلاقه فمنهم من ضعفه اساسا وقال لا يصح ومنهم من قال بالنسخ اصلا وهو كلام ابن حزم رحمه الله لان اية المواريث قسمت نصيب كل واحد فليس للاب حرية التصرف فى مال ابنه بحال من الاحوال لان هذا تضييع لحق باقى الورثة وهو قول وجيه جدا ومن صحح الحديث لم يجعله على اطلاقه بل جعل له شروط مقيدة لارتباط الامر باحاديث اخرى مثل لا ضرر ولا ضرار وغيرها
فلا يجوز للأب أن يتملك شيئاً من مال ولده ويتصرف فيه ببيع ونحوه إلا بشروط:
الشرط الأول: ألا يكون في أخذه ضرر على الولد، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد، أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه، فإن ذلك لا يجوز للأب، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
الشرط الثاني: أن لا تتعلق به حاجة الابن، فلو كان عند الابن بيت يحتاج إليه لسكنه أو تأجيره للنفقة فليس له أن يتملكه ويتصرف فيه بأي حال.
الشرط الثالث: أن لا يأخذ المال من أحد أبنائه ليعطيه لابن آخر، لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء، ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ولأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما أخذه ومع عدمها، صغيراً كان الولد أو كبيراً، بشرطين: أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضرَّ به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر، نص عليه أحمد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى.
الشرط الرابع: أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد جاء مصرحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ(الشورى: من الآية49)، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. رواه الحاكم والبيهقي.
والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 2564، وقال: وفي الحديث فائدة فقهية هامة وهي أنه يبين أن الحديث المشهور أنت ومالك لأبيك، ليس على إطلاقه، بحيث إن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء، كلا وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه. والله أعلم.
المفضلات