السلام عليكم
.
خواطر من إنسان فاتر
.
الأخرون
.
كان الصباح الفترة الأكثر قسوة في النهار كله.. الرغبة العاتية للبقاء في الفراش ولتحترق روما .. فليس ذلك في جدول أعمالي اليوم
وكأي بيت مصري في تلك الفترة ( بداية التسعينات ) لابد من إذاعة القرآن الكريم صباحا او أغنية أم كلثوم الصباحية الشهيرة .. الوالدة بنشاط حقيقي تتحرك بين المطبخ وبين السفرة ذات المقاعد الستة وبين المكواة
لينتهي المشهد بي وإخوتي وأبي على (طبلية) الإفطار رغم وجود السفرة الأنيقة التي لم نستخدمها إلا للضيوف أو المذاكرة .. فوالدي من أصل ريفي بأي حال
ولتجلس أمي لثانية واحدة معنا..وتنطلق لتفعل شيئا لابد أن نسيانه كارثة
المريلة الصفراء .. والبنطلون أسفلها .. والحقيبة على الظهر تعلوها صورة (مازنجر) أو ( كابتن ماجد) الأبطال المطلقين لتلك الفترة
.
عمو(زينهم) جارنا الأنيق جداا .. الطويل جداا
أول من يقابلني صباحا خارجا مع أبي للمدرسة حيث نفترق أسفل العمارة كل لطريقه
كان ( آخــر )
كان ليس أنا .. كان طويلا بشكل مفرط.. رأسه خالية من الشعر .. أجده عيبا
أنا لست كذلك ولن أصير كذلك .. خصلات شعري الناعمة تزيد ثقتي بنفسي .. فأنا لست كـ(حسام) صديقي ذي الشعر المجعد
.
إلى أنا أصل للمرحلة الثانوية
كان يقيني يزداد إنني عندما ألتحق بالجامعة .. سأكون نسخة كاملة من الوسيم جداا (طوم كروز) بطل سلسلة أفلام المهمة المستحيلة
خصلاتي الناعمة .. جسدي الرياضي..أنفي الأكبر قليلا من الوضع الطبيعي .. لكن لايهم
سأصير (طوم كروز ) حتما .. وستلقي الفتيات أنفسهن تحت قدمي يطلبن كلمة
.
كان (ومازال) الكل بالنسبة لي .. آخرون
ليسو أنا
أبي بسنواته الأربعين .. أصلع الرأس للمنتصف .. نحيل الجسد يطارد لقمة العيش بإصرار
لن أصير كذلك .. سأصلح مليونيرا كذلك الوسيم في المسلسل العربي..وحتما سأمتلك سيارة بي إم .. لاأقلق من هذا أبدا
هذا السائق (عم عباس) بزوجاته الأربعة وأنفه الضخم..ليس أنا ولن أكون مثله أبدا
هذا المدرس (أستاذ إبراهيم) مدرس اللغة العربية الغير مهاب من طلابه .. الذي لم يعرف أن الأقماع الدوائية .مكانها ليس الأذن . ولست امزح حقا فهو من قال هذا على سبيل الغباء
لن اكون مثله أبدا
سأصير الكائن الأجمل .. والأفضل
هذ العجوز السائل أنفه بشكل مقرف على سجادة المسجد..منحني الظهر .. مجعد الوجه
لا أبدا
لن أكون مثله يوما.. عندما أشيخ ..قطعا سأكون كـ(هوجان) الذي بلغ من عمره مابلغ .. ولاتبدو عليه طعنات الشيخوخة أبدا
عندما سأتزوج.. لابد وأني سأتزوج فتاة لاتقل جمالا عن ( سلمى حايك ) .. فانا ( طوم كروز) او صائر لأكون كذلك
...
..
.
العام الثامن والعشرون من عمري
ولم أصر (طوم كروز).. ومقدمة رأسي تنذر يصلع هو قادم
وتزوجت سلمى حايك من غيري .. ياللخسارة .. خسارتها هي طبعا
ولو عشت لأبلغ الشيخوخة .. سأصير كالعجوز بالمسجد..ولن أصير هوجان للأسف
.