ليلة أخرى .. قصة قصيرة
ليلة أخرى
حرارة الصيف طاغية على كل شئ آخر
بعض الماء يرطب حرارة جسدي
ألعن كل شئ عندما فتحت الصنبور ليصدمني الخواء وصوت هواء متحشرج يخرج من الصنبور الخالي من الماء
وينقطع التيار الكهربي
لعنة الله على كل شئ
.
ظلام وصمت
أغلق على نفسي الباب الزجاجي للصيدلية مضطرا رغم حرارة الجو
وأرتدي (بنطال برمودة) قصير للغاية وأجالس (الميني لاب) خاصتي
أملا بعودة الكهرباء قبل وفاة البطارية به
.
طرقات على الباب
أتفحص القادم من خلف الزجاج على ضوء كشاف صغير
شابان في العشرينات من عمرها .. لاتبدو عليهم ملامح البراءة
أتحسس مقبض (المطواة) الضخمة التي هي رفيقتي في الصيد .. وأفتح نصلها لتشعرني برودتها بدفء محبب وهو الأمن
أفتح الباب لهما
الظلام وضوء الكشاف يلقي ظلال مرعبة على وجه القادمين وكأنهما رسولا الموت جاءا للحصاد
يتحدثان .. ويتفحصا المكان بعينيهما بينما يتحدثان
وبينما أنا أتابع حركات أيديهم متوقعا الأسوا ويدي قريبة من صديقة الصيد ذات النصل الكبير
.
ينتهي حديثهما بأن يطلبا مساعدة عاجلة لسيدة مريضة بأطراف القرية
الساعة الأن الثالثة من صباح اليوم التالي والظلام وإنقطاع الكهرباء أمر مخيف
.
تأمرني نفسي برفض طلبهما
يأمرني عقلي برفض طلبهما أيضا
يأمرني قلبي بمساعدة المريضة
لعنة الله على القلب المسيطر على الحواس الأخرى
.
أتحسس النصل الحاد بجيبي مرة أخرى وأخرج معهما ومعي كل مايلزم للسيدة المريضة من أدوية محتملة
.
يسير الفتيان ذوي الملامح الشيطانية عن اليمين وعن اليسار
يتوهم عقلي معركة وهمية بيني وبينهما إن حدث ماتوقعته
في الظلام .. أتابع حركات أجسادهم وأيديهم
طريق ينتهي لطريق ينتهي لطريق
إبتعدت كثيرا عن الصيدلية .. إتجهنا لأطراف القرية بالفعل . الزراعات قريبة
ننتهي لشارع احاله التيار المقطوع والظلام إلي قبر محتمل
.
يطلب مني الشابان مرافقتهما إلي داخل الشارع المظلم
أتحفز قليلا
تلك الملامح الشيطانية لاتلوي خيرا
تضئ نافذة أرضية من آخر الشارع ويخرج طفلان إلى الشارع يستقبلا القادمين
يخف توتري قليلا
.
ينتهي الامر إلي المنزل .. إلي السيدة المريضة
وحشد من البشر محيط بها
" الدكتور أحمد جه " ينطقها أحد الحاضرين
ينفرج الحشد لأتقدم للمرأة ..ينفرج الحشد للدكتور المرتدي بنطال البرمودة القصير والـ ( تي شيرت)
إحترام بالغ على الوجوه .. ينسحب الفتيان ذوي الملامح الشيطانية يقفان بالخارج كحارسين
أفحص المرأة لأعرف علتها .. محلول وريدي يحوي أمبولات
يسري المحلول الوريدي وتسري معه الحياة بجسد المرأة المصابة ببدايات جلطة أعرفها جيدا من خبرات سابقة ومن دراسة
ينتعش الجسد المريض قليلا
يسرع أفراد من الحشد المجتمع .. زجاجة مياه غازية توضع بيدي اليمنى
وكوب شاي يوضع بيدي اليسرى .. وهناك من يقسم أن (اكل لقمة) على قد ماقُسم
وهناك من أقسم أنني (اجدع) واحد في البلد دي
وإمرأة خمنت إنها إبنة المريضة العجوز .. تقبل رأسي
إحساس بالتضائل يشملني
إطمئن للإشارات الحيوية للمريضة
وأرحل
يودعني الجمع بعد انا حاول البعض عبثا إعطائي ثمن الكشف المنزلي كأي طبيب
غير أنني أقسمت أن لايدخل جيبي .. سوى ثمن العلاج فقط
أعود بصحبة الشابين
أجلس وحيدا بالصيدلية منتظر الكهرباء
تعود الكهرباء مرة أخرى
ترتسم إبتسامة عريضة على وجهي مع عودة المراوح للعمل
.
تلك قصة من شهور
الكائنان الشيطانيان أمسكتهما الشرطة منذ أيام بتهمة سرقة
والمرأة ماتت منذ أسابيع قليلة جراء الإهمال في علاجها من جلطة حذرت منها
تلك كائنات لاتستحق