لطائف القران والدقة المبهرة (لمسات بيانية )
ما دلالة التعريف والتنكير في كلمة بلد
بين الآية في سورة البقرة )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَابَلَدًاآَمِنًا) وسورة إبراهيم وَإِذْ قَالَإِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَاالْبَلَدَآَمِنًا( ؟
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
هاتان الكلمتان وردتا في آيتين في موضعين مختلفتين: الآية الأولى في سورة البقرة قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)). الآية الأخرى في سورة إبراهيم (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)).
في الآية الأولى )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَابَلَدًاآَمِنًا) لو نظرنا في الإعراب: الإشارة هذا إلى أي شيء؟ (هذا) هو يشير إلى شيء. كلمة (هذا) صارت المفعول الأول لفعل (إجعل) و(بلداً) المفعول الثاني و (آمنا) صفته، أي صيّره بلداً إذن لم يكن بلداً (إجعل بمعنى صيّر) إذن هو أشار إلى موضع المكان أو الوادي الذي وصفه في آية أخرى (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)) فاجعل هذا بلداً، ثم وصف البلد بأنه آمن فكلمة (آمنا) ستكون صفة للبلد. فإذن ما كان بلدأً لأنه لو كان بلداً كيف يجعله؟ لم يكن فيه عناصر البلد. هذا كان في أول السُكنى في بداياته: إسماعيل u كان قد شبّ حديثاً عن الطوق وبدأ الناس يجتمعون حول إسماعيل وأمه والماء الذي ظهر فما كان بلداً فكأنه قال: إجعل هذا الموضع بلداً.
في الآية الثانية المكان صار بلداً وصار فيه ناس بل أكثر من ذلك جاء إليه من يعبد الأصنام وسكن مع هاجر ولذلك انظر إلى الآية الثانية (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا) صار بلداً. البلد صارت بدلاً من (هذا) المفعول الأول و(آمناً) صارت المفعول الثاني يعني جعلتُ البلد آمناً صار المفعول الثاني بعد أن كان صفة في الآية الأولى. (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) معناه أن هناك في البلد من القبائل أو من الأعراب الذين سكنوا مع هاجر كانوا يعبدون الأصنام فلا يريد أن ذريته يتأثرون بهؤلاء. فخلاصة الأمر إذن لما قال : إجعل هذا بلداً آمناً لم يكن قد تأسس البلد فلا بد أن يقول (بلد) وبعد أن أسس البلد وصار بلداً أشار إليه بالتعريف. الطلب في الآية الأولى أن يجعل هذا المكان غير ذي الزرع بلداً بصفة الأمن وفي الآية الثانية إنصب الطلبعلى الأمن ودفع عبادة الأصنام. ليس هذا فقط ولكن انظر إلى رحمة الله سبحانه وتعالى في الآية الأولى أنه رب العالمين مؤمنهم وكافرهم يرُبّهم ويرعاهم لكن يُثيب المحسن يوم القيامة ويعاقب المسيء. إبراهيم u أراد الرزق للمؤمنين (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) فبِمَ أُجيب؟ (قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِير) حتى الكافر (فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّار). الله تعالى رحمته في الدنيا وكرمه شامل للمؤمنين ولغير المؤمنين لكن دلّهم على طريق الخير ودلهم على طريق الشر ثم يحاسبهم كل بحسب عمله فهذا سر إستعمال النكرة مرة والمعرفة مرة أخرى في موضعين مختلفين والله أعلم. كلمة بلد الموضع الذي يسكن فيه جمع من الناس غير كلمة قرية ومدينة. يمكن للقرية أن تسمى بلداً أو المدينة تسمى بلداً أي المكان الذي يجتمع فيه الناس.
الموضوع منقول من مصادر مختلفة جزا الله دكتور فاضل السامرائى والمذيع محمد خالد والكاتب الاضلى للموضوع خيرا وبأذن الله سوف اقوم بوضوع لمسات اخرى