حبيت انقلكم مقالة رائعة ل (الحبيب على الجفرى) بعنوان (نصيحة محب)




إلى إخوتى الذين اختاروا خدمة الإسلام من خلال العمل السياسى فى اليمن ومصر والسودان وليبيا وتونس والمغرب وغيرها من البلاد..

بحرص الناصح وحرقة المحب.. أقول لكم:

أنتم ذاهبون..

والشباب الذين لا يروق لكم فكرهم أو تصرفاتهم هم القادمون..

وأنتم تتحملون جانباً من المسئولية عن مستقبل تعاملهم مع الإسلام..

وذلك بحسب تعاملكم معهم اليوم..

وتقدير آدميتهم..

واحترام عقولهم..

ومقابلتهم بصدق المحبة..

وحسن التفهّم لما عندهم من هموم ومطالب..

فاتقوا الله فى الحكم على هؤلاء الشباب..

فلولاهم لما سُمع لكم اليوم صوت.. وإن وقفت معكم قوى الشرق والغرب..

لا تحكموا على نيّاتهم ومقاصدهم.. ولا تجزموا بمآلاتهم..

ففى ذلك منازعة ظاهرة لخصائص الربوبية..

ولا تمنُّوا على الله باستقامتكم.. فتزدروهم بمعاصيهم وتحقروهم بهيئاتهم..

فهذا كِبرٌ يبغضه الله ويقصِم صاحبه.. وإن كان عابداً أو مجاهداً..

ولا تركنوا إلى ضجيج من يهتف لكم فليسوا لكم بناصحين..

ولا تغترّوا بدولة سلطانكم.. فهى حتماً تدول..

{وتلك الأيام نداولها بين الناس}

فرِّقوا بين اجتهاداتكم السياسية.. ومخاطبة الناس باسم الله..

ليس فصلاً للدين عن الحياة.. فهو الحياة..

ولكن حتى لا يُشاب دين الله المعصوم بدَخَل اجتهاداتكم السياسية..

فهى جُهدٌ بشرى يعتريه الصواب والخطأ..

وأُذكّركم هنا بما أورده الحافظ ابن القيم فى إعلام الموقِّعين من قول سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه لرجل رفع مسألته إلى القضاء أيام خلافته:

ما صنعت؟

فقال الرجل: قَضى عليٌّ وزيدٌ بكذا

فقال عمر: لو كنت أنا لقضيت بكذا

قال الرجل: فما يمنعك والأمر إليك؟

قال: لو كنت أردُّك إلى كتاب الله أو إلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لفعلت..

ولكنى أردُّك إلى رأيى.. والرأى مشترك..

فلم ينقُضْ قضاء عليٌ ولا رأى زيد بالرغم من أنه أمير المؤمنين..

تأملوا جواب سيدنا على رضى الله عنه عندما سُئل عن سيرهِ إلى معركة صفّين:

هل كان بعهد عهده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أم برأى رآه؟

قال: بل رأيٌ رأيتُه..

فلم يَنسب قتاله لمن خرجوا عليه بسيوفهم إلى النبى صلى الله عليه وآله وسلم..

بالرغم من أنه ولى أمر المسلمين واجب الطاعة..

وأن الذين خرجوا إلى قِتاله متأولين يمكنه وصفهم بالبغاة..

فالله الله فى أنفسكم وفى الشباب وفينا..

واعملوا على أن يبقى معنى هذه الآية سارياً فى من يخلُفكم:

{والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم}

وأهمس فى أذن الشباب الذين يشعرون بالتضرر من المسار المذكور:

الإسلام أكبر منى وممن يرى أنه يدعو إلى نصرته..

وهو طريق صلة قلوبكم بربكم القريب الكريم.. الغفور الرحيم..

فلا تعرفوه بنا.. بل اعرفونا به..

ولا تقيسوا شرعته السمحة من خلال تصرفاتنا وأخلاقنا..

بل قيسوا تصرفاتنا من خلال شرعته وخُلق نبيه العظيم..

لا تجعلوا من أخطائنا حجاباً يشوِّش صلتكم بالله.. فليس لكم سواه..

وهو نعم الصاحب فى السفر.. ورحلة كفاحكم سفر شاق..

فالجأوا إليه تجدوه أقرب إليكم من أنفسكم وأحنّ عليكم من أمهاتكم..

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.