جلست أفكر وأتفحص حال الأمة الإسلامية العربية، وما آل ومايزال مستمراعليه حالها من تخلف وانحطاط، وبدأت ألتمس الأعذار لنا، أو لنقل أعدد أسباب هذا الخلل وأوجه الإختلاف بيننا وبين الأمم المتقدمة، مما هو ظاهر وبين كالعامل المناخي والجغرافي وحقيقةأننا كنا تحت رحمة الإستعمار والإحتلال لمدة طويلة.
لكن كلما فكرت في عامل إلا وخطرببالي مثال شبيه له من الدول المتقدمة، فاليابان كانت تحت رحمة احتلال واستعمارأقسى مما قاسته الدول العربية مجتمعة، إذ منع عنها التسلح ودمرت بناها التحتية، ومع ذلك نهضت بعد مدة قصيرة لتصبح واحدة من أقوى دول العالم!، وهاهي ألمانيا، التي دمرت عن بكرة أبيها في الحروب العالمية ودكت دكا، قد عادت وبعد مدة قصيرة من دمارها إلى طليعة الدول المتقدمة صناعيا وسياسيا واقتصاديا ..
وبالتالي، لم أجد لناعقبة ومشكلا سوى أنفسنا، نحن ، نعم: أنا وأنت!..
الإمام الحسن البصري، رحمة الله عليه، له مقولة سديدة في هذا الصدد، يقول: كأني بالإسلام يأتي يوم القيامة على هيئةرجل، يتصفح وجوه الخلائق، فيقول يا رب هذا نصرني وهذا خذلني ..
الخلاصة أن موقفك من الإسلام يحتمل أمرين إما أن تكون ناصرا معزا بانيا أو تكون خاذلا مذلاهادما، ليست هناك أي منطقة رمادية، فإما أن تعيش حياتك بالإسلام وللإسلام وإما أن تعيشها بالإسلام لغير الإسلام. فإن كان أكبر همك وظيفة أو زوجة أو مال أو شأن أوعبث، فإن هجرتك إلى ما هاجرت إليه..
يقول أينشتاين في قول حكيم، والحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها فهو أحق بها: الشر ينتصر ويستفحل ليس لقوة وكثرة الأشرار، بل لقلة حيلة وسلبية الأخيار..
نعيد صياغة القولة فنقول:"نفسية ووضعية الجمودوالتخلف الفكري والسياسي والإقتصادي والإجتماعي تقوى وتستفحل، ليس بسبب ظروف خارجيةوقساوة العوامل والمؤامرات المحاكة ضدنا، بل بسبب تواني وجمود وسلبية صناع الحضارة"
ولا أرى خيرا من المسلمين وأولى وأحق منهم بهذه المسؤولية، فكل واحد منا يجب أن يقف وقفة محاسبة ليحاسب نفسه قبل أن يحاسب يوم القيامة حيث لااستدراك ولا تصحيح، أهو من صناع الحضارة وخدام الإسلام؟ أم هو ممن يخذل الإسلام ويقف في طريق حضارته؟
الموضوع خطير ليس فقط لتداعياته بل إن خطورته تكمن في كونه مما لا ينتبه إليه، فالفهم العامي للإسلام ينحصر في الصلاة والصيام والزكاةوالحج، والحقيقة أن الإسلام رسالة صلاح وإصلاح، فالمسيحيون وضعوا مفهوم البعثة أوالمهمة التي يقوم بها المبشرون والمبشرات وهي خرجة "دعوية" لنشر مفاهيم المسيحية،أتعرفون ما الفرق بيننا وبينهم في هذه الفكرة؟؟
هو أولا أنها في الإسلام ليست إبداعا بشريا تجميليا وتحسينيا للدين، بل هي أصل منصوص عليه في القرآن والسنة،
وثانيا هو أنها في الإسلام ليست مهمة محدودة بمجال جغرافي وحيز زمني، بل هي رسالةحياة تلازم المسلم أينما حل وارتحل، فكل منا يحمل مسؤولية أن يكون صالحا مصلحا، وأن يعيش حياته بالإسلام وفي الإسلام وللإسلام.. ويصنع حضارة الإسلام ...
المفضلات