الموضوع: مين فيهم الاخ غير الشرعي

يحكى ..أن شيخ إحدى القبائل كان قد رزق بثلاثة أولاد ذكور.. وقد أطلق على كل منهم إسم "محمد " وكان يشك في نسب أحدهم إليه..ويخالجه ظن بأنه ليس من صلبه..ولما دنت منيته..أحضر أولاده الثلاثة وقال لهم : لقد تركت لكم ثروة كبيرة..ولكن اثنين منكم فقط يستحقان أن يرثا..أما الثالث فلا حق له بذلك..وأقول لكم : محمد يرث و محمد يرث و محمد لا يرث..
توفي الرجل..وترك الأولاد في حيرة ما بعدها حيرة..ومضى عليهم وقت طويل وهم لا يعرفون تفسيرا لتلك الوصية..ولا كيف يوزعون التركة..وراحوا يجوبون أحياء العرب المختلغة..علهم يلاقون من يحل لهم هذا اللغز المحير..وبعد طول انتظار..نصحهم أحد العارفين بان يتوجهوا إلى أحد شيوخ القبائل المجاورة..وسوف يجدون عنده الحل..
توجه الأخوة الثلاثة إلى تلك القبيلة..وعندما وصلوا سألوا عن الشيخ..فدلهم الناس إلى بيته..وهناك رحب بهم الشيخ..وقدم لهم القهوة العربية كما هي عادات العرب الجميلة (آنذاك)..ولما أرادوا أن يعرضوا عليه أمرهم..طلب إليهم أن يتمهلوا حتى يأخذوا حق الضيافة..فهم قادمون من مكان بعيد..ولا بد من أن يكونوا جوعى..
نادى الشيخ على أحد الرعاة..وطلب إليه أن يقوم بإعداد الغداء للضيوف..فقام الراعي بذبح أحد الخراف..وتم تجهيز الطعام..وإحضاره إلى الخيمة التي ينزلون فيها..وما أن وضع الطعام حتى قال لهم الشيخ : هيا وتناولوا طعامكم..وسوف أحضر لكم بعد قليل..وغادر الخيمة حتى يفسح المجال لهم لتناول الطعام..
وقف الشيخ بجانب الخيمة..ليتسمع إلى ما قد يعلقون به على الضيافة..فسمع أحدهم يقول : يبدو أن هذا ليس لحم خراف..بل يبدو وكأنه لحم كلب..وقال الثاني : يبدو أن راعية البيت..أو التي أعدت الطعام تمر بحالة النفاس"الولادة الجديدة"..وقال الثالث : يبدو أن معزّبنا(الشيخ) هو إبن حرام..
وبعد قليل عاد الشيخ اليهم وقال لهم: لقد استمعت إلى كل ما قلتموه..فأخذوا يتطلعون إلى بعضهم وهم خائفون..وخجلون من هذا الموقف المحرج..فقال لهم الشيخ : لا تثريب عليكم اليوم..وعليكم الأمان من الله..ولكن لا بد لكل منكم من البوح بما دعاه إلى أن يقول ما قاله.
قال الأول : يا طويل العمر..من المعروف أن لحم الخراف يكون طبقة حمراء..تغطيها طبقة واحدة من الشحم..أما هذا اللحم فهو من عدة طبقات..وكل منها مغطى بطبقة من الشحم..وهذا لا يكون إلا في لحم الكلاب.
وقال الثاني: يا طويل العمر..من المعروف أن المرأة التي وضعت حديثا..وأنها ما تزال في فترة "النفاس"..تتوقف عندها حاسة الذوق عن العمل..ولا تعود تميز طعم الأشياء..خاصة فيما يتعلق بالملح..وإن طعامها الذي تعده سيكون إما مالحا..أو دالعا(ماسخا)..وهذا هو طعام اليوم..
وقال الثالث : لم أقصد يا طويل العمر من قولي شيئا..وإنني أعتذر عما بدر مني من قول..محاولا أن يتملص من شرح ما دعاه إلى ذلك القول..ولكن الشيخ أصر على موقفه..وأنه لا بد من الإفصاح عن مكنون صدره..فقال : يا طويل العمر..والله رأيتك وأنت تسير في المراح(مكان مقيل الحلال) تتلفت يمنة ويسرة..وتكثر من التلفت خلفك..وتمشي مشية المتوجس خيفة من شيء ما..وهذه الحركات لا يقوم بها إلا إبن الحرام..
استمع إليهم الشيخ..وطلب منهم الانتظار قليلا حتى يعود..ونادى على الراعي وسأله عن الخروف الذي قدمه للضيوف..فقال الراعي: هذا الخروف ماتت امه لحظة ولادته..وعرضناه على الكثير من النعاج والشياه..ولكن لم تقبل أن ترضعه أي منها..وعرضناه على الكلبة"فلانة" والتي كانت قد ولدت حديثا..فاقبلت عليه..وارضعته..حتى كبر وكان أن ذبحناه اليوم.
وتوجه الشيخ إلى زوجته..والتي كانت قد وضعت حديثا..وأنها ما تزال "نفساء"..وسألها عن صحة ما قيل من تعطل حاسة الذوق عند مثلها..فأكدت له صحة ذلك..وبقي عليه موضوع شائك..وفيه قدر كبير من المساس به شخصيا..فتوجه من فوره إلى أمه( والده متوفى)..وسألها عن الأمر..فاحتدت..وثارت ساخطة..مستهجنة كيف ان ابنها يريد أن يلصق بها هذه الوصمة..ولكن الشيخ بقي على موقفه..وهدد أمه بأنه سيقتلها إن لم تعترف له بالحقيقة..وتحت إصرار الشيخ..والتهديد والوعيد..نكست العجوز رأسها..وتحدّرت الدموع من عينيها..وفي حال من الذل والانكسار طلبت الأمان من ولدها..فأمنها على نفسها..فقالت : إعلم يا ولدي..أن أباك (رحمه الله )كان قد خرج مع بعض أتباعه في رحلة للصيد والقنص..والتي كانوا يغيبون فيها عن المضارب فترة طويلة..وخلال تلك الفترة..نزل عندهم ضيفا أحد شيوخ القبائل المجاورة..وعزمت عليه أن يبقى بضيافتهم عدة أيام لعل زوجها الشيخ يعود من رحلته تلك..وكان ذلك الشيخ شابا على قدر كبير من الوسامة والجمال..وكانت هي صغيرة السن..فوقع هواه في نفسها.. وقد راودها عن نفسها(..وما اجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)..وكان ما كان..وحملت بولدها الشيخ ( سفاحا)..أي أنه كان (إبن حرام فعلا)..
عاد الشيخ من فوره إلى الخيمة التي ينزل فيها الضيوف..وأخذ مجلسه بينهم..وبعد لحظات من الصمت حسبوها دهرا قال: أنت يا محمد(صاحب الخروف) يحق لك أن ترث..وأنت يا محمد ( صاحب حاسة التذوق) من حقك أن ترث..أما أنت يا محمد( صاحب موضوع إبن الحرام) فإنه ليس من حقك أن ترث شيئا..وسأله الشاب: لماذا يا طويل العمر؟ قال : لأنك(البعيد) إبن حرام..ولأنه فعلا لا يعرف إبن الحرام إلا إبن الحرام الذي على شاكلته.
وهكذا عاد الأخوان..وتقاسم اثنان منهما التركة..بينما أخوهم الثالث عاد بخفي حنين..وبقي منزويا يداري خجله وعاره

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mahmoudysf

ي
وهكذا عاد الأخوان..وتقاسم اثنان منهما التركة