الأخ العزيز / سمعة ..
اتضحت لي وجهة نظرك تماماً في الفقرة الأخيرة في رسالتك والتي أود أن أوضح لك فيها بعض المفاهيم التي على أساسها جاء هذا الخلط بين مفهوم الربح والفائدة الربوية ، واسمحلي أن أعرض بعض التوضيحات في النقاط التالية .
1. الخلاف في جوهره مرجعه التوافق اللفظي بين فكرة الفائدة بمعنى الربح والربح الذي نقصده بمعنى الربا .. وهو نابع من الخلط بين تعريف العمليتين بمعنى واحد .. وهما مختلفان ,, ولأوضح فكرتي أكثر إليك هذه الأمثلة والتوضيحات .
أ) عملية الربا هي عملية إقراض والإقراض يكون في المال سواء كان نقداً أم مثلاً أما عقود المعاوضات فهي ليست ذات محل في الربا .. يعني ببساطة سلفت حد ألف جنيه لازم ترجع ألف جنيه ولو زادت تبقى ربا ، سلفت حد كيلو سكر لازم يرجع كيلو سكر بنفس الجودة والوزن ولو زاد يبقى ربا .... أما عقود المعاوضات فتعني وجود سلعة وثمن ، والإسلام سمح باختلاف الثمن حتى لو كانت السلعة واحدة ، ولو كان البائع والمشتري هما هما .. وهو أمر نجده في كل يوم وحين ، فحين تنزل لشراء موبايل من عبد العزيز بألف جنيه من نفس المحل ، وترجع له آخر النهار عايز تشتري واحد تاني ممكن يزود أو يقلل عليك زي ما هو عايز ، ويا ترضى يا ماترضاش .. هذا عقد معاوضة في صيغة البيع لا شيء فيه .
ب) البيع ينبغي أن يكون فيه انتفاء للجهالة ، ولا يجوز أن يتقلب السعر وفق تقلب السوق بعد العقد .. يعني البائع بيقدر ظروف السوق المستقبلية ويحدد السعر على أساسها ويقول الثمن النهائي للسلعة للمشتري فإن وافق تم العقد ولا يجوز لأي منهما الرجوع في بيعه إلا بموافقة الآخر .. وهذا أمر نراه كثيراً فتجد السلعة التي على وشك النفاد من السوق يغلو سعرها حسب تقدير البائع للموقف ، وكم من بائع خسر بتقديره الخاطئ وكذلك الحال بالنسبة للمشتري أيضاً ..
وعلى هذا فإن البيع بالتقسيط لا دخل للمشتري فيه بتحديد الثمن ، عليه إما القبول أو الرفض ، وعلى البائع تقدير الموقف ، فحين يرتضي البائع بسعر أعلى من سعر السوق المعلن على أن يجعله على أقساط فقد لزمه هذا السعر إذا وافق عليه المشتري دون زيادة ولا نقصان ، وهي هنا ليست عملية إضافة فائدة على مال ، ولكنها عملية إنشاء عقد يحمل سلعة أيا كانت وثمناً أيا كان ، وطالما تم الرضا لزم العقد ، وأكرر كم من بائع فسد تقديره فخسر فلم يلزم المشتري شيئاً ، وكم من مشتر ساء تقديره فخسر فلم يلزم البائع شيئاً ... ومدار المسألة سهل وبسيط ومثالها موجود ، حين تنزل سيارة جديدة أو الطلب عليها متزايد ، فتحجزها لدى الوكيل لتستلمها بسعرها الرسمي بعد عدة أشهر ، وتجد معرضاً يبيعها أغلى من ثمنها الرسمي بعدة آلاف ، لو ارتضيت واشتريت فهل وقعت في الربا ... كلا على الإطلاق لقد باع لك سلعة أنت ترغبها بسعر ارتضيته ، وقدر السوق فحسب ثمن تعجيل البيع لك وفائدته الواقعة عليك في شكل نقود زائدة ، والمسألة تمت برضائكما ... فلا خلاف على حل هذه المسألة .. أرجو أن تكون الصورة اتضحت .
2. البعد الثاني للخلط يأتي عند مقارنة عمليات البنوك بعمليات البيع أو التداخل بين الأمرين .. فتجد المعرض يحيلك لبنك ، أو بنك يرسلك لمعرض ، أو معرض يتفق معك ويبيع قرضك للبنك ، أو بنك يبيع لك قبل امتلاك السيارة ودخولها في حوزته ....الخ وهذا التداخل الحاصل في السوق يؤكد على ضرورة أن توضح كل حالة على حدة لمن يريد شراء السيارة بالتقسيط لمعرفة إذا كانت ربوية أم لا ..
وكما ذكرت في رسالتي حول دور البنك والمعرض . ففائدة المعرض صاحب التقسيط المباشر تدخل تحت صنف البيع لا الإقراض ، بينما المعرض المتعامل مع البنك له حالات ذكرت في الموضوع المشار إليه .
المهم في هذه الفكرة لا تقس التقسيط الذي هو بيع بالربا الذي هو تجارة في المال قائمة على إقراض مال بمال يزيد عند تأجيل السداد .. حيث هنا لا يوجد إقراض ولا توجد زيادة عند تأجيل السداد .
كذلك فإن القياس الذي ذكرته حول ما يفعله المعرض بوضع النقود في بنك أو غير ذلك هذا لا شأن لنا به طالما كان عقدنا حلال ، فلو وضع الثمن في بنك أو اشترى به أسهم في البورصة ، أو خسرها في القمار كل هذا شأنه هو لا نحن يقول تعالى : " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم "
أرجو أن تكون الفكرة وضحت .. وأنا جاهز لأي سؤال أو استفسار آخر ..
تقبل خالص مودتي
المفضلات