ال128 والمصريين- قصة حب عمرها اكثر من 30 سنة
[frame="7 80"]
تم اختيار هذا الموضوع كافضل موضوع لشهر مايو 2009
[/frame]
من اكثر السيارات التى ساهمت فى كتابة تاريخ مصر المعاصر السيارة فيات 128، سيارة كل المصريين فى الربع الأخير من القرن العشرين
Nile Motors
قبل الحديث عن ال 128 فى مصر دعونا نلفى نظرة على ال128 عموما باعتبارها نقطة تحول فى تاريخ صناعة السيارات على مستوى العالم
Nile Motors
قبل عصر ال128 كانت كل السيارت تقريبا دفع خلفى، باستثناء موديلات قليلية من ستروين ورينو كانت مبنية على تكنولوجيا معقدة جدا لم يكتب لها الإستمرار تتمثل فى محرك مثبت بطول السيارة وجيربوكس فى مقدمة المحرك يحول الحركة من حركة طولية الى حركة عرضية تغدى العجلات
Nile Motors
قدمت فيات للعالم تصميمها الثورى-الذى تزامن مع تصميم السيارة مينى جونيور، المبنةي تقريبا بنفس التصميم- المتمثل فى محرك مثبت بعرض السيارة وجيربوكس موجود على يسار المحرك ينتهى بمخرج يخرج منه محورين جر غير متساويين فى الطول يغذيان العجلات-كانت فيات من آوائل من جرؤ على تقديم هذا التصميم العجيب أنذاك، والذى صار هو تصميم كل السيارات تقريبا فى الوقت الحالى
Nile Motors
خلق هذا التصميم اول سياره جر امامى ناجحة وادى الى ميزات كثيرة ربما ان اهمها توفير الكثير من مساحة السيارة لإستخدام الركاب، ورأينا كيف ان هذا التصميم وفر حتى مساحة كبيرة فى غرفة المحرك حتى انه امكن وضع الإطار الإحتياطى بها، مع ملاحظة ان صالون ال128 كان يماثل فى الحجم صالونات سيارات اكبر منها كثيرا من ذوات الجر الخلفى، اما بالنسبة للمحرك فقد كانت ال 128 من أوائل السيارات التى حصلت على محرك ذو كامة علوية SOHCفى العالم وهذا ايضا اعطاها ميزات رائعة فيما يخص هدوء المحرك والسرعة القصوى
Nile Motors
حصلت الفيات 128 بهذا التصميم الثورى على جائزةcar of the yearلعام 1970
كما انه بعد نجاحها عالميا بدأت شركات كثيره تستوحى تصميمها لإنتاج موديلات جديدة، ربما كان اشهرها على الإطلاق فولكس فاجن التى قررت فى اوئل السبعينات التخلى عن رأئعتها البيتلز بعد نجاح دام 30 سنة وتقديم بديل عصرى، ولذلك فقد إستوحت تماما تصميم ال128 الجديد انذاك ، لتنفيذ السيارة جولف عام 1975والتى جائت ترسيخا لفكرة الجر الأمامى ودفعا لها خطوة اخرى على طريق النجاح،
Nile Motors
أنتهت المفاوضات بين فيات ونصر للسيارات لإنتاج الموديل 128 فى نهايه عام 1971، وتم عمل حفل لبدء إنتاج السيارة تصدرته تورتة كبيرة على شكل سيارة 128 كنت احتفظ بصورة لها حتى وقت قريب ولكن ضاعت منى للأسف، وظهرت السيارة 128 فى السوق فى بدايات عام 1972
Nile Motors
كان الحال فى مصر كما لا يخفى على الجميع آنذاك لا يسر عدو ولا حبيب، سيناء محتله، عبد الناصر الذى نصبه المصريون انذاك ابا روحيا لهم قد اختفى عن الساحة، لا توجد اى تباشير امل بتحقيق نجاح فى مسألة إسترداد الأرض، القوة العاملة من الشباب كلها على الجبهة فى سيناء، كان هذا الجو العام من الإحباط وضيق ذات اليد سببا فى تاجيل نجاح ال128، الى جانب نفور المصريين الكارهيين للتغير بطبعهم من الجديد المتمثل فى فكرة الجر الامامى والشكل المختلف عما الفوه،
Nile Motors
ظلت مبيعات ال128 قليلية وانحصرت فى الغالب فى إحتياجات الجيش والشركات والتاكسى، فين حين كان المصريون فى ذلك الوقت يفضلون الحصول على 1100 مستعملة ، ومن كان منهم يستطيع السفر للخارج كان جل همه هو العودة بسيارة فولكس واجن بيتلز، التى كانت سيارة المصريين المفضلة فى سنوات النكسة
Nile Motors
مع غروب شمس العام ال1973 وعودة الإبتسامة الى وجه مصر بعد حرب أكتوبر، بدأت الرغبة فى الحياه تعود للمصريين، ومع قرارات الأنفتاح وإعادة فتح فناة السويس، واستثمارات البترول فى مصر وسفر المصرين الى بلاد البترول، انتعشت مبيعات ال128 ، التى كانت فى ذلك الوقت قد نحجت فى تكوين سمعة رائعة كسيارة سابقة لعصرها من خلال تجربة من اشتروها وخاصة سائقى التاكسى، كانت ال128 تتميز عن الأجيال السابقة من السيارات بهدوء محركها الذى يعود الى التصميم ذو الكامة العلوية، كما تميزت بسرعة قصوى تصل ال 160 كيلومتر فى الساعة لم تكن معتادة من مثل هذة السيارات انذاك، ولذلك فقد بدأ المصريون الذين نفروا منها فى البداية يلتفون حولها ويقبلون عليها،
Nile Motors
مع كل العوامل السابقة ومع ظهور الشكل الجديد من ال128 الذى عرف فى مصر ولازال يعرف بذلك الإسم "المعدل" والذى التصق بال128 ذات الفانوس الامامى المربع ولم يطلق على غيرها، تحولت ال128 الى علامة نجاح لاى فرد من افراد الطبقة المتوسطة، حيث ان الكثيرين فى تلك الفترة قد انتقلوا من فئة راكبى الإتوبيس الى فئة راكبى السيارات، وكان جل هم اى رجل من الطبقة المتوسطة يجد فى جيبه بعض الجنيهات الفائضة شهريا ان يقوم بحجز ال128
فى نهايات السبعينات واجهت ال128 هجمه شركة من الإتجاهين الشرقى والشمالى حيث كان العائدون من الشرق من دول البترول يفضلون الإتيان بسياراتهم-التى كانت فى الغالب يابانية مثل الداتسون 120Y والتويوتا كورولا الفديمة- من حيث يعملون، كما ان التجار المصريين فى هوجة الإنفتاح عرفوا طريقهم الى الشمال الى مدينة انتويرب البلجيكية والتى كانت تمثل سوق السيارات المستعملة فى اوروبا وقامو بإغراق السوق المصري بسيارات اوروبا المستعملة(ولنا حكاية قادمة مع سيارات انتيورب)، مما ادى الى تراجع مبيعات ال128 والسيارات الأخرى التى كانت تنتجها شركة النصر ورغم ذلك فإن السيارة ظل لها عشاقها وظل طابور الحجز موجودا ولكن مع وجود بدائل اخرى كثيرة
Nile Motors
مع نهاية العام 1981 وحادث المنصة الذى راح ضحيته الرئيس السادات صاحب قرارات الإنفتاح، بدأت مصر فى التراجع بشدة فى سياساتها الإنفتاحية وظهرت آلاف الضوابط على استيراد السيارت المستعملة من الخارج ، ادت الى توقف هذة التجارة عمليا، عادت سيارات شركة النصر لتصبح هى الحل الوحيد المتاح للركوب
Nile Motors
والنتيجة الحتمية المعروفة هى رداءة جودة المنتج التى بدأت تظهر شيئا فشيئا مع السياسات الإحتكارية، وفى ذلك الوقت تحولت علاقة المصريين بال128 الى نوع من (لا احبك ولا اقدر على بعدك) وخاصة بعد ان جرب الكثير منهم سيارات اوروبا المستعملة من طرازات افخم، وبعد القفزات المتوالية لسعر ال128 من اربعة آلاف جنيه فى عام 1979 حتى وصل سعرها الى 18 الف جنيه عام 1986، ولم يكن السعر هو كل شئ حيث كان الحصول عليها يستلزم الحجز لمدة تزيد احيانا عن السنة، او الدفع بالدولار لتخفيض مدة الحز لى ستة شهور، وحيث ان القانون كان يمنع تداول العملة الأجنبية فى مصر وحيث ان الشركات الصناعية كانت تحتاج الى الدولارات لشراء العملة الصعبة، فقد لجأت الشركات الصناعية مثل نصر للسيارات وإيديال والنصر للتليفزيون إلخ الى خدعة عجيبة ، حيث قاموا بفتح مكاتب لهم فى دول الخليج للمصريين لحجز منتجاتهم والدفع هناك بالدولار والإستلام هنا بعد طابور حجز اقصر،فكانت اسهل طريقة "لمصرى" يعيش فى "مصر" للحصول على سيارة 128 مصنعة فى "مصر "هو ان يكلف زوج خالته الذى يعمل فى "السعودية" بجز السيارة من هناك بالدولار " الأمريكى"
Nile Motors
منذ العام 1984 كانت فيات قد توقفت عن انتاج ال128 ،ولكن نجت شركة النصر فى عقد أتفاق مع شركة زاستافا- التى تحول اسمها لاحفا الى يوجو- اليوجوسلافيه(صارت صربية بعد تقسيم يوجوسلافيا)،للصول على أجزاء السيارة 128، وفى منتصف العام 1988 تم عمل تعديل محدود فى السيارة 128 حيث ظهرت بمحرك 1300 بدلا من 1100 وجيربوكس ذو خمسة نقلات وتعدلات طفيفة جدا فى شكل الكبوت وزجاج الابواب
Nile Motors
فى العام 1992 وبعد إشتعال الحرب على الأرض اليوجوسلافية بين جمهوريات الصرب والجبل الاسود والبوسنة والهرسك بدا واضحا توتر العلاقات المصرية مع الصرب لمساندة مصر لقضية البوسنة والهرسك مما عرقل توفير لوازم انتاج ال128
فى تلك الفترة ظهر عدد من مجلة الاهرام الإقنصادى على غلافه صورة كاريكاتورية لل128 تحاول الفرملة ويد عملاقة تشير لها بالوقوف ، والتعليق: "مصير ال128 فى يد مجلس الأمن"
توقف انتاج ال128 فى عام 1992 لظروف الحرب، وكانت شركة النصر انذاك فى بداية قصتها من الدوجان والشاهين(دول لهم قصة تانية)، كما ظهرت لاول مرة فى مصر سيارة مجمعة محليا قطاع خاص(السوزوكى سويفت)، مما ادى الى اختفاء ال128 من خطوط الإنتاج فى مصر، وبدا كأن تلك الملحمة التاريخية قد وصلت الى كلمة النهاية
Nile Motors
ولكن بعد اربعة سنوات وبعد نهاية الحرب، عادت شركة النصر لتعلن عن طرح موديلات جديدة من ال128 عام 1996، لم يكن السعر منافسا فى البداية مما ادى الى عدم بيع اعداد كبيرة من ال128 ولكن مع عام 2000 انخفض السعر بشدة لمنافسة الكيا برايد لها، وكانت ال128 تباع انذاك ب24 الف جنيه، ومع ذاك بدا واضحا ان حبيبة المصريين العتيدة قد فقدت عرشها لصالح فتيات كوريا الرشيقات
Nile Motors
فى خلال العامين التاليين من 2000 وتى 2002 قفزت اسعار كل السيارت لأعلى بسبب الإرتفاع الجنونى فى سعر الدولار مما فقز بسعر ال128 الى 33 الف جنيه، ولم يكن الإقبال عليها شديدا فتوقف أنتاجها للمرة الثانية عام 2002، وللمرة الثانية اعتقد جميع المصريين ان هذة هى النهاية الحزينة للسيارة التى نافست طبق الفول المدمس على حب الشعب المصرى
ولكن كالعنقاء التى تبعث من الرماد، عادت شركة النصر للسيارت فى اواخر عام 2005 لتعلن عن فتح باب الحجز لسيارات 128 جديدة بيدأ تسليمها فى مارس 2006 ، فيما عبرت عنه إحدى مجلات السيارات بهذة الجملة البليغة: "سيارة الشعب المصرى تعود للشعب المصرى"، وتباع بسعر منافس جدا وضعها من جديد على قائمة المنافسة، ولكن على ارخص سعر، حيث ان ال128 بشكل او بآخر قد اصبحت حاليا out of date، ومع ذلك فهى لا تزال وستبقى طويلا سيارة يمكن الإعتماد عليها فى ان تحملك من المنزل الى العمل بكفاءة تامة وبدون أعطال
Nile Motors
تم التثبيت بمعرفة الإدارة