http://www.almesryoon.com/ShowDetail...D=52298&Page=1
اعتبرت القانون "مؤامرة" من رجال الأعمال ضد المواطن.. "هآرتس" تنصح المصريين بعدم شراء "حقيبة الإسعاف" وأن يدفعوا الغرامة للحكومة
كتبت : نادين عبد الله (المصريون) : بتاريخ 8 - 8 - 2008
اعتبرت صحيفة"هآرتس"الإسرائيلية أن قانون المرور الجديد لم يهدف في المقام الأول إلي تنظيم حركة السير والتقليل من معدل الحوادث التي انتشرت كالطاعون في مصر ووضعتها علي رأس قائمة دول الشرق الأوسط من حيث ارتفاع معدلات حوادث السير، وإنما جاء لخدمة شرذمة قليلة من المستوردين الذين سوف يستفيدون بالضرورة من البند الذي يشترط وجود حقيبة إسعافات أولية في كل سيارة، وبالتالي سيكون من الأفضل للسائق أن يدفع الغرامة للحكومة عن أن تذهب أمواله إلي جيوب رجال الأعمال، ولاسيما في الوقت الذي تزايدت فيه حساسية المواطن المصري العادي من رجال الأعمال ولم يعد يري فيهم سوي أداة لاستغلاله وأفساد حكومته.
حيث ألمحت الصحيفة إلي أن أي شخص معتاد علي استقلال القطارات كوسيلة مواصلات في مصر يعرف ظاهرة اكتظاظ الآف المواطنين في عربات الدرجة الثانية والثالثة التي عادة ما تتسم بالقذارة والمقاعد غير المريحة كما أنها تتطلب مجهودا بدنيا غير عادي للإنتقال بين العربات المزدحمة، فضلا عن رائحة الطعام التي تنتشر في جميع جنبات القطار.
وأكدت الصحيفة علي أن القطارات المصرية المكتظة بالراكبين دائما ما كانت مصدرا للكوارث الكبرى وأخرها الحادثة التي وقعت الشهر الماضي والتي أدت إلي مصرع 40 شخصا في تصادم بين قطار وشاحنة علي طريق مرسي مطروح الأسكندرية.
وأبرزت الصحيفة أن حوادث السير قد ازدادت مؤخرا حتى أنها أصبحت كالطاعون في مصر، ففي العام الماضي لقي أكثر من 8000 مواطن مصرعهم خلال حوادث سير، وفي السنوات القليلة الماضية لقي حوالي 6 ألاف شخص مصرعهم وأصيب حوالي 30 ألف من جراء الحوادث نفسها، هذا هو الواقع في مصر فحركة المرور هناك تعمل في ظل نظام داخلي خاص بها دون أن تخضع لقوانين الدولة أو قوانين الطبيعة.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية انه عادة ما تري أربعة أو خمسة سيارات يكتظون في طريق لا يسمح سوي بمرور ثلاث سيارات فقط، كما أن القيادة السريعة والمتهورة قد أصبحت جزءا من الحامض النووي للمصريين، كما أن أصوات أبواق السيارات التي انتشرت بشكل مزعج حتى أصبحت أشبه بالحفلات الموسيقية الصاخبة ليست سوي نتيجة طبيعية للاستنفاذ الهائل الذي يشعر به السائقين نتيجة العمل لفترتين في اليوم الواحد.
وألمحت "هآرتس"إلي حقيقة هامة وهي أن الحكومة المصرية تعرف جيدا ان حوادث السير تؤثر علي شكل العلاقة بين النظام والمواطنين أكثر مما تفعل السياسة الخارجية أو العلاقات مع إسرائيل ، وخاصة بعد الانتقادات التي وجهها المواطنون للحكومة وهيئة السكة الحديد بعد حادثة القطار التي وقعت عام 2002 والتي أجبرت الرئيس حسني مبارك علي اتخاذ خطوة غير معتادة بطلب الاستقالة من وزير النقل ورئيس مجلس إدارة السكة الحديد.
وأشارت الصحيفة أن الحكومة المصرية قد قامت باعتماد قانون المرور الجديد الذي دخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع والذي ينص علي عقوبات تصل إلي السجن ستة أشهر وغرامة 2000 جنيه ( أي حوالي أربعة أضعاف متوسط الأجور) لمن ينتهك هذا القانون الجديد الذي وضع خصيصا لمنع الوقوف في منتصف الطريق أو في الأماكن التي تعيق حركة المرور، وتنص أقصي أحكام هذا القانون علي أن يتم تحويل سيارات التاكسي التي تجاوز عمرها 20 عاما والتي من المستحيل أن تجد سيارات تاكسي أحدث من ذلك إلي خردة أو إلي سيارات خاصة علي أحسن تقدير.
وأوضحت الصحيفة أن هذا القانون يبدو ظاهريا كمحاولة تدريجية وإن كان مشكوك فيها لتغيير ثقافة القيادة التي وضعت مصر علي رأس دول الشرق الأوسط من حيث ارتفاع معدلات حوادث السير بها، والسبب هو ان هذا القانون يتضمن بندا مشبوها سبق وأثار انتقادات قاسية في الصحافة المصرية التي قوضت الثقة في نوايا الحكومة، وهذا البند المذكور يلزم جميع السائقين بتجهيز أنفسهم بحقيبة الإسعافات الأولية، والمشكلة هي ان تكلفة هذه الحقيبة أكثر من 150 جنيه مصري، وبالتالي فإنه بتزود 4 مليون سيارة بهذه الحقيبة، فأنه ليس مستغربا أن تثار الشكوك أن يكون هذا القانون قد وضع بهدف منح مزيد من الأرباح الضخمة لعدد قليل من المستوردين.
وأشارت الصحيفة إلي أن هذا البند من القانون الجديد الخاص بالإسعافات الأولية قد أعاد إلي أذهان السائقين المصريين القانون الخاص بربط أحزمة المقاعد مما أدي إلي ارتفاع سعر هذه الأحزمة إلي أربعة أضعاف حتى أن بعض السائقين قد لجئوا إلي حيل عديدة للتغلب علي شراء هذه الأحزمة وأشهرها حيلة رسم حزام علي القميص أو التي شيرت في محاولة لخداع الشرطة.
وأوضحت الصحيفة أن دكتور محمود عبد المقصود الأمين العام لنقابة الصيادلة قد نصح السائقين بعدم شراء حقيبة الإسعافات الأولية قائلا"أنه من الأفضل للسائقين عدم شراء هذه الحقيبة ودفع الغرامة، لأن هذه الأموال سوف تذهب للحكومة ومنها للمواطنين بدلا من أن تذهب مباشرة إلي جيوب رجال الأعمال".
حيث أبرزت الصحيفة أن كراهية رجال الأعمال قد أصبحت اتجاها سائدا علي نطاق واسع في المجتمع المصري، حيث أصبح المصريون يرون فيهم أداة لسرقة الجمهور وإفساد الحكومة والاستمتاع بمنافع كبيرة علي حساب المواطنين الفقراء.
وأشارت الصحيفة انه في الأسبوع الماضي عندما ذكرت هيئة السكة الحديد عن عزمها تركيب عربات خاصة لرجال الأعمال مجهزة بمقاعد مريحة ووصلات كمبيوتر وهواتف وكذلك خدمات تقديم طعام متميزة بأسعار مرتفعة، واستخدمت مصطلح "قطار رجال الأعمال"للتعبير عن هذه الخدمة فإن هذا المصطلح قد تسبب في حدوث حالة من التمرد بين الركاب حيث طالبوا بتغيير هذا الاسم إلي "القطار الذهبي"أو "القطار الماسي"وليس "قطار رجال الأعمال"، فهذا الاسم من شأنه أن يثير العنصرية والتمييز ضد الفقراء.
وأوضحت الصحيفة أنه علي الرغم من أن شرطة المرور قد وجهت صعوبة كبيرة في أن تشرح للمواطنين ماهية القانون الجديد وعلي ماذا يشترط بالضبط وكيف سيتم رصد الانتهاكات وما الأمور التي ستمثل انتهاكات بموجب القانون الجديد، إلا أن الشعور السائد هو أن القانون الجديد مجرد مؤامرة من جانب الحكومة وقطاع الأعمال ضد المواطن بدلا من محاولة لمنع حوادث المرور.
المفضلات