مصر تسعى لإزاحة سيارات الأجرة العتيقة عن طرقها 8/19/2008 307 Pm


اضغط هنا لتكبير الصورة
تاكسي من طراز عتيق بأحد شوارع العاصمة المصرية القاهرة يوم 12 أغسطس آب. تصوير: عمرو دلش - رويترز


القاهرة (رويترز) - تريد الحكومة المصرية من فوزي زيوار (49 عاما) التخلي عن سيارته الأجرة..

لكن زيوار ذا الشعر الأشيب لن يتخلى عن سيارته الهيونداي بوني الكورية الجنوبية التي صنعت قبل 27 عاما.

يجني زيوار 600 جنيه مصري (112 دولارا) شهريا حيث يجوب شوارع القاهرة في سيارته التي يكسو الفينيل مقاعدها بطلائها الأبيض والأسود المتقشر والتي تخلو أبوابها ونوافذها من المقابض أو حواجب الشمس. ويتجاوز هذا المبلغ ما يجنيه من عمله في القطاع الحكومي أثناء النهار.

توقفت هيونداي عن انتاج سياراتها من طراز بوني قبل نحو 20 عاما وتحتفظ بواحدة منها الان في متحف في العاصمة الكورية الجنوبية سول. لكن سيارة زيوار ما زالت تعمل بقوة وتصارع الفوضى في شوارع القاهرة وتقل السائحين الى الاهرامات اذا حالفه الحظ ذات يوم.

يقول زيوار بفخر "لا تتعطل الا مرتين في الاسبوع... لن أغيرها ما لم يجبروني على هذا."

وبموجب قانون أقر في وقت سابق هذا العام لن تجدد السلطات التراخيص لأي سيارة أجرة يتجاوز عمرها العشرين عاما وربما تكون هذه هي الاغلبية في شوارع القاهرة الملوثة المزدحمة.

أما أسطول السيارات من لادا 1300 روسية الصنع وداتشيا 1300 الرومانية التي ترجع الى حقبة الحرب الباردة وسيارات شاهين التركية فقد لا يحكم الشوارع بعد الآن في القاهرة حيث يدفع الركاب أجرة جزافية مقابل توصيلهم بسيارات لا تعمل عداداتها.

ويقول مساعد أول وزير الداخلية للشرطة المتخصصة اللواء شريف جمعة الذي يشرف على المرور لرويترز ان سيارات الاجرة الموجودة على الطريق تعمل على مدار 24 ساعة يوميا منذ 23 عاما حيث يقودها سائقان أو ثلاثة في دورات عمل متعاقبة.

وأضاف أن أجهزة التعليق بهذه السيارات متهالكة ومن الممكن أن تنفصل عجلات القيادة عنها مما يؤدي لحوادث.

وتعكس مساعي التخلص من سيارات الاجرة القديمة نزعة أوسع نطاقا نحو تحديث السلع الاستهلاكية في اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان حيث افتتحت مراكز تسوق كبرى بأموال قادمة من الخليج.

ومع معدل نمو اقتصادي يبلغ سبعة في المئة في العام يحقق تجار التجزئة وأصحاب شركات التنمية العقارية وصناع السيارات والبنوك مكاسب قياسية اذ ينفق المصريون مزيدا من الاموال ويشترون منتجات جديدة ما كانوا يستطيعون تحمل تكلفتها من قبل.

تقول منة صادق المحللة في بنك بلتون فاينانشال الاستثماري المصري "نرى الكثير من الجيل الاكبر سنا يحتفظون بمواقد وثلاجات (برادات) عمرها 20 عاما اشتروها حين تزوجوا... لكن هذا يتغير الان."

وتقول الحكومة المصرية التي تجري اصلاحات اقتصادية الى جانب تطبيق مبادئ السوق الحرة منذ عام 2004 ان سيارات الاجرة القديمة الى جانب تسببها في كثير من الحوادث تتعطل بمعدلات كبيرة مما يؤدي الى اختناقات بالطرق تضر بقطاع الاعمال بشكل عام.

وتنبعث من هذه الطرق كذلك سحب سوداء أثناء تحركها بصخب في شوارع المدينة مما يسهم في طبقة من الضباب الدخاني تستقر فوق ما يظهر في سماء القاهرة من ماذن وأبراج سكنية تعلوها أطباق استقبال القنوات الفضائية.

وقال سايمون كيتشن الخبير الاقتصادي في المجموعة المالية-هيرميس اكبر بنك استثماري في مصر "قانون المرور تأخر طويلا... هناك الكثير من العربات العتيقة على الطرق وهذا يعوق الاداء الاقتصادي."

لكن اقناع أصحاب سيارات الاجرة العتيقة في القاهرة بتسليم مفاتيح سياراتهم قد يكون مسألة تتطلب حذرا حيث يتزايد الاستياء بسبب أسعار الغذاء الملتهبة.

ويخرج الاف الموظفين الحكوميين الى الشوارع ليلا لتحسين دخولهم الهزيلة من خلال قيادة سيارة أجرة في بلد يعيش نحو خمس سكانه على أقل من دولار في اليوم.

ويقول احمد سعيد (41 عاما) وهو يضع يديه على عجلة قيادة سيارته من طراز فيات 124 التي ترجع الى عام 1972 "هذا قمع... سيذبحوننا. كيف سأطعم أولادي.."

ويضيف سعيد وهو اب لخمسة ابناء أنه لن يستطيع تحمل مبلغ السبعين الف جنيه الذي يقدر أنه سيحتاجه لشراء سيارة أحدث حتى لو حصل على القرض الذي تقول الحكومة انها ستمنحه للسائقين لشراء سيارات جديدة.

ويقول خالد الخميسي مؤلف كتاب "تاكسي.. حواديت المشاوير" الذي صدر عام 2006 ان عدد سائقي سيارات الاجرة في القاهرة زاد زيادة كبيرة في التسعينيات حين سمحت الحكومة بتحويل اي سيارة الى سيارة أجرة وأعطت تصريحا للبنوك بتقديم قروض لشراء السيارات.

ويضيف الخميسي أن الكثير ممن يعانون من البطالة في مصر حصلوا على قروض لشراء سيارات أجرة مما رفع أعداد سيارات الاجرة الى نحو 80 الفا.

واشترى زيوار سيارته البوني عام 1995 مقابل مبلغ 12 الف جنيه لادراكه أن راتبه من وزارة التضامن الاجتماعي التي يعمل بها والبالغ 500 جنيه شهريا لن يكفي لاعالة ابنائه الخمسة.

ويقول ان شراء سيارة جديدة لن يكون فكرة جيدة لأن الركاب سيرفضون أن يدفعوا له أي أموال اضافية.

ويتضمن قانون المرور الجديد اجراءات أخرى مثل رفع قيمة الغرامات على خرق قواعد المرور والسماح بسير عربات الاجرة ذات العجلات الثلاث المعروفة باسم (التوك توك) والتي يشيع استخدامها في اسيا.

وربما يقتضي الامر اكثر من زيادة قيمة الغرامات لتغيير سلوكيات سائقي السيارات في القاهرة الذين لا يلتزمون باشارات المرور الا في وجود رجل الشرطة ويتنقلون من حارة مرورية الى أخرى دون سابق انذار.

وتصل الغرامة الى 500 جنيه بل وقد يصل الامر الى عقوبة السجن عن ارتكاب مخالفات مثل تجاوز السرعات المقررة وتناول الطعام او الشراب اثناء القيادة او جلوس طفل في المقعد الامامي وكلها ممارسات شائعة.

وقال سائق سيارة لادا عمره 48 عاما "من المؤكد أن هذا لن يجدي." وأضاف أن الغرامات ستقتصر على الفقراء على الارجح وسيسمح للاغنياء بالافلات من العقوبة "فالكل يلعب بالقانون هنا."

من ويل راسموسن